شخصيات من الحرمين الشريفين(46) أُمُّ هانئ (1)

نوع المستند : مقالة البحثية

المؤلف

محقق وباحث دینی

المستخلص

سيدة قرشية هاشمية ، فتحت عينيها في مكة ، في بيت يُعدُّ من أرقى بيوت قريش ، وفي بيئة علم وشعر وأدب وشجاعة وضيافة ، فتشبعت بقيم هذا البيت ، وأعراف هذه  البيئة وآدابها حتى غدت امرأةً جليلةَ القدر ، قويّةً في شخصيتها ، حكيمةً في مواقفها ، رشيدةً في آرائها .. ثمَّ  مسلمة صحابية فاضلة فمهاجرة ، لها مواقف خالدة ، حظيت بمشهور الأخبار أن يكون بيتها موضع انطلاقة معجزة عظيمة ، تحدّث عنها التنزيل العزيز في الآية الأولى من سورة الإسراء :
   (سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ).
لتخلُد بخلودها، وتُذكر كلما قُرئت السورة مع التدبّر والتأمل في الآية المذكورة، فلقد ارتبط  اسم هذه السيدة وبيتها بهذه المعجزة؛ معجزة الإسراء، وهو ما عليه مصادر التاريخ والتفسير والحديث من أنَّ رسول الله9 أُسري به من بيتها على أصحّ الأقوال ، وحظيت أيضاً باحترام وتقدير رسول الله9
فمَن هي هذه السيدة الصالحة التي اختصّت بذلك من دون النساء الصالحات والصحابيّات الجليلات على كثرتهنَّ ؟!

إنّـَها أمُّ هانئ

ولدت في مكة المكرمة قبل البعثة النبويّة الشريفة، ولعلّه بأربع وثلاثين سنة أي 576 م لأبوين هاشميين؛ فأبوها أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي،... يقول ابن هشام:

فرسول الله9 أشرف ولد آدم حسباً، وأفضلهم نسباً من قبل أبيه وأُمّه. 

 وبلا أدنى ريب أنَّ هذا النسب وذاك الحسب في أشرفيته وأفضليته يحظى بهما أبوطالب  وأولاده أيضاً، ويكفيه فخراً أنّه رضوان الله عليه عمُّ النبيِّ، عمُّ رسول الله9 وكفيله وحاميه والمدافع عنه وعن رسالة السماء التي أُنيطت به9 بشيراً ونذيراً، تبليغاً ورحمةً وكافةً للناس، فلطالما ذبَّ عنه أعداءه ومناوئيه؛ لكونه كان سيدًا شريفًا ذا مكانة ووجاهة في قومه قريش، فهو من كبار ساداتهم وأبرز عظمائهم،  فكان مطاعًا مهيبًا، منيعًا عزيزًا فيهم، وفوق هذا  لإيمانه بأحقيّة رسول الله9 ورسالته المباركة، وأنَّه لم يأتِ من السماء إلّا بالحقّ والحقّ وحده وبالهدى.

إذن فقد كان السند الواعي والحقيقي لرسول الله9 من كبرياء قريش؛ من بطشها وأذاها، حتى ترك رحيلُه إلى ربِّه  في السنة العاشرة للبعثة النبويّة أي قبل ثلاث سنوات من الهجرة رسولَ الله9 يتحمل ما تنوء بحمله الجبال! خاصةً وقد أعقب رحيلَ عمّه رحيلُ شريكة حياته ونصيرته أُمّ المؤمنين خديجة الكبرى3، فما كاد9  يخفّ حزنه على عمّه رضوان الله عليه حتى فجع بموتها فسمّي عام الحزن!

وأما أمُّها فهي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، فهي المكيّة، الهاشميّة أباً وأُمًّا، وإن تعوّد بنو هاشم أن يصهروا إلى أُسرٍ غيرهم، وكلُّ أولاد أبي  طالب منها، ويبدو أنَّه لم يتزوج غيرها. أسلمت فكانت من السابقات إلى الإسلام، أسلمت فكانت من المهاجرات الأول إلى المدينة المنورة، وهي بدريّة أيضاً... وكانت محلَّ تقدير واعتزاز ومحبّة عند رسول الله9 وكيف لا تحظى بهذه المنزلة، وهو القائل عنها: «أُمّي بعد أُمّي التي ولدتني»؟!

مثمّناً رعايتها له، شاكراً معروفها معه طيلة سبعة عشر عاماً، فقد كانت تُفضّله على أولادها الأربعة أيما تفضيل، فتركت في حياته آثاراً طيبة، جعلته يُلبسها قميصه بعد وفاتها، ويضطجع معها في قبرها حتى التفت إليه الصحابة، وقالوا له:

ما أريناك يا رسول الله صنعت هذا!

فقال9: «إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبرّ بي منها، وإنما ألبستها قميصـي؛ لتكسى من حلل الجنة، واضطجعت معها؛ ليُهوّن عليها»!

  اختلف في اسمها بين خمسة أسماء، فاختة وهو الأشهر، وهند كما قيل، وحجّة من قال: إنَّ اسمها هند، قول زوجها هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم حين هرب إلى نجران، وأسلمت أُمُّ هانئ زوجته، فبلغه إسلامها، فقال (الطويل):

أشاقتك هندٌ أم أتاك سؤالها

كذاك النوى أسبابُها وانتقالها

أو : وانفتالها. 

أما كنيتها أمّ هانئ؛ وهاني ابنها الأكبر، فتكاد تكون موضع اتفاق بينهم؛ وقد اشتهرت وعرفت بها. ولم ينادِها رسول الله9 إلّا بها.

أما أخوتها فأكبرهم طالب وبه كنّي أبوه، ولم يرد له ذكر إلّا أنه أخرجه مشـركو مكة كرهاً إلى وقعة بدر الكبرى، وفي خبر أنَّه سأل الله تعالى أن يكون مغلوباً لا غالباً... ولما انتهت المعركة بانتصار المسلمين وهزيمة المشركين، لم يعثر عليه لا أسيراً ولا قتيلاً، فلعلّه، وكما في بعض الأخبار، ترك المعركة وعاد إلى مكة مع من عاد، وبقي فيها قليلاً، وتوفي إما في مكة، أو  في طريقه إلى الشام أواليمن أو غرق في البحر، ولم يعقّب فانقطع نسله.

عقيل، وكنيته أبو يزيد، أعلم قريش بالأنساب وبأيام العرب، أُخرج كرهاً من قبل مشركي مكة إلى بدر الكبرى، وأُخذ أسيراً وأُطلق بعد أن دفع العباس فديته، وأسلم. وقيل: إنه أسلم قبل  صلح الحديبية، توفي سنة ستين هجرية.

جعفر، وكنيته أبو عبدالله، ذو الهجرتين، وذو الجناحين، وهو المعروف بأنه الطيار ذو الجناحين، يطير بهما في الجنة حيث يشاء؛ وذلك بعد استشهاده في مؤتة سنة 8 هجرية.

والإمام عليٌّ7، ابن عمِّ رسول الله9 وربيبه وأخوه، وأول من آمن به، ووصيّه، وصهره، زوج ابنته سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء3، وأبو الحسنين8، وحظي بأنَّه الإيمان كلّه، مقابل الشرك كلّه، وهو واحد من خمسة أهل الكساء:؛ نزلت فيهم آياتا التطهير والمباهلة، وآية المودّة... ولرسول الله9 فيه أقوال؛ منها: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنه لا نبيّ بعدي»... «من كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه...»!  وأول أئمة المسلمين من أهل البيت:، ورابع الخلفاء بعد رحيل رسول الله9 إلى ربِّه... قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين حتى أعلنها صريحةً مدويّةً: «فزتُ وربِّ الكعبة»، حين استشهد في محرابه بالكوفة سنة أربعين هجرية ... فولد7 في محراب واستشهد في محراب، فكانت حياته بين محرابين إيماناً واعياً، وجهاداً متواصلاً، وعلماً نافعاً، وإماماً للمتقين وسيداً للعارفين...! 

ومما لا شك فيه أنَّ الأخيرين؛ أي كلاً من الإمام عليٍّ7 وجعفر رضوان الله عليه يُعدّان من أبرز أسرة أبي طالب بن عبد المطلب.

ويٌقال: إنَّ لها أخاً اسمه طليق، وطليق هذا مختلف في نسبته لأبي طالب، قيل: أمّه أمة لبني مخزوم غشيها أبوطالب فحملته، فادعاه، وادعاه أيضاً رجل آخر من حضرموت، وأرادوا بيعه من الحضرمي، وقيل: أمّه علة وهي أمّ الحويرث بن أبي ذباب بن عبد الله بن عامر بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بن مرة. درج ومات صغيرًا، وليس له عقب.

أما شقيقاتها:

فلأمِّ هانئ شقيقتان: جُمانة، وأسماء. وفي قول: أعقب أبو طالب إضافةً إلى أمِّ هاني (هند أو فاختة) جُمانةَ وأمَّ طالب (رَيطة).

ولربما كانت ـ والكلام للشيخ الكرباسي ـ  ولادة فاطمة بنت أسد لبناتها على شاكلة أبنائها، كلّ عشر سنوات، وذلك بولادة كلّ منهن بعد كلّ واحد منهم بخمس سنوات، فتكون ولادة أُمّ هانئ عام 48 قبل الهجرة، وجُمانة عام 38 قبل الهجرة، وريطة عام 28 قبل الهجرة، وأسماء إن ثبت أنها ابنته عام 18 قبل الهجرة.

وفي طبقات ابن سعد: وذكر أنه كان لأبي طالب من البنات أمّ هانئ وجمانة وريطة، ولعلّ ريطة هي أمُّ طالب كما سمّاها محمد بن عمر في كتاب طعم النبيِّ9، أنه أطعم أمَّ طالب بنت أبي طالب في خيبر أربعين وسقًا. وأمُّ ولد أبي طالب كلّهم الرجال والنساء فاطمة بنت أسد. ما خلا طريق بن أبي طالب.

جُمانة بنت أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمية القرشية بلا خلاف بينهم، وأمُّها فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، ولدتها في مكة سنة 38 قبل الهجرة النبوية المباركة؛ وهي الابنة الثانية لأبي طالب بعد أمّ هانئ، تزوجها ابن عمّها أبوسفيان المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، وكان أخاً لرسول الله9 من الرضاعة، أرضعته حليمة أياماً وكان له ترباً... فأنجبت له جعفر بن أبي سفيان، وعبد الله بن أبي سفيان، وعاتكة. وفي قول: إنَّ والدة عبد الله بن أبي سفيان هي فغمة بنت همّام بن الأفقم.

أسلمت جُمانة وهاجرت، وأطعمها رسول الله9 من خيبر ثلاثين وسقًا. وقد ذكرها ابن إسحاق فيمن قسم له النبيّ9 من خيبر ثلاثين وسقاً.

قال ابن عبد البرّ: ذكر ابن إسحاق أنَّ النبيَّ9 أعطاها من خيبر ثلاثين وسقًا، ولم يكن ليعطيها إلّا وهي مسلمة. فيما زوجها لم يُسلم، وظلَّ مدافعاً عن عبادة الأصنام، حتى مكث عشرين سنة مناوئًا لرسول الله9 محارباً له؛ لم يتخلّف عن أي وقعة لقتال المسلمين حتى فتح مكة أو قبيلها، فأسلم واعتذر إلى رسول الله9 فحسن إسلامه وثبت في حنين، وتوفي في المدينة سنة 26 هجرية.  

وفاتها: عدد ممن ترجم لحياتها لم يذكر وفاتها، فيما آخرون ذكروا، ولكنهم  اختلفوا في وقتها، فإما في حياة النبيِّ9 وهذا يتعارض مع ما إذا صحّ  من أنَّ بعض التابعين: كعطاء، ومجاهد، وابن كثير، وغيرهم يخرجون إلى التنعيم، على مشارف مكة المكرمة من خيمتها للاعتمار، وهو ما أخرجه الفاكهي في كتاب مكة من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، قال: أدركت عطاءً ومجاهداً وابن كثير وأناساً؛ إذا كان ليلة سبع وعشرين من رمضان، خرجوا في التنعيم واعتمروا من خيمة جمانة وهي بنت أبي  طالب.

خاصةً إذا عرفنا أنَّ عطاءً ولد سنة سبع وعشرين، وقد سُئِل عن موعد مولده قال: لعامين خَلَوا من خلافة عثمان، وتوفي سنة أربع عشرة ومائة و قيل: مات سنة خمس عشرة ومائة. وأنَّ مجاهداً ولد سنة إحدى وعشـرين وتوفي سنة 104هجرية، وأما ابن كثير، فقد ولد سنة 45 هجرية وتوفي سنة 120هجرية. فمعناه أنَّها عاشت بعد رسول​الله9 ولم تتوفَّ في حياته9. وإما أنَّها تُوفيت بعد عام 40 أو60هجرية.

وسيأتينا آخر المقالة عما قيل من دورٍ لها في واقعة الطف؛ كربلاء الإمام الحسين7. فإن صحَّ فوفاتها بعد 61 هجرية.[1]

زواج  أُمِّ هانئ :

   كادت أن تكون زوجةً لرسول الله9 عبر فرصتين أو ثلاث فرص، فتكون أُمًّا للمؤمنين، وذلك حين خطبها9 مرّتين وفي الثالثة عرضت نفسها عليه9 لولا آية الهجرة ،كما ذكرت بعض مصادر التاريخ.

الأولى: خطبها قبل البعثة النبوية المباركة من عمِّه أبي طالب، فاعتذر كما في كتاب المحبر؛ وتحت عنوان: «وممن لم يتزوجها أمّ هانئ، وهي هند بنت أبي طالب»، وكان9 خطبها في الجاهلية إلى أبي طالب، وخطبها هبيرة بن أبي وهب بن [عمرو بن] عائذ بن عمران بن مخزوم. فزوج هبيرة. فقال له9: «يا عم! أزوجتَ هبيرةَ وتركتَني؟» فقال: «يا ابن أخي! إنا قد صاهرنا إليهم، والكريم يكافئ الكريم.[2]

وكما عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس، قال: خطب النبيُّ9 إلى أبي طالب ابنته أُمَّ هانئ في الجاهلية، وخطبها هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم. فتزوّجها هبيرة.

فقال النبيُّ9: يا عم زوّجتَ هبيرةَ وتركتني؟ فقال: يا ابن أخي، إنّا قد صاهرنا إليهم، والكريم يُكافئ الكريم![3]

وهكذا ذكره الحافظ في الإصابة 8 : 317  بالسند نفسه. وغيرها من المصادر.

وقد ناقش بعضهم في السند المذكور، فعدَّه سنداً تالفاً؛ (هشام متروك، وأبوه متهم بالكذب وخاصة فيما يرويه عن أبي صالح، وأبو صالح لم يرَ ابن عباس...).[4]

ولم أعثر على هذا الخبر فيما تيسّر لي من مصادر شيعيّة.

إذن تمَّ زواجها من هبيرة بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم .. ولم تتزوج غيره حتى توفيت.

الثانية: وحتى لما خطبها رسول الله9 مرّةً ثانية بعد أن انفصلت عن زوجها بسبب كفره وإسلامها، ولكن هذه الخطبة انتهت كما هو معنى كلامها؛ باعتذارها بوجود أولادها، وقد لا تستطيع التوفيق بين حقّهم وحقِّ الزوج، وعذره9 إياها.

فعن كتاب المحبر: فولدت لهبيرة هانئاً ويوسف وجعدة. ثم أسلمت، ففرق الإسلام بينهما. فلما جاء الإسلام، خطبها النبيُّ9 إلى نفسها، فقالت: إن كنتُ لأحبّك في الجاهلية، فكيف في الإسلام! ولكني امرأة مصبية، وأكره أن يؤذوك! فقال9: «خير نساء ركبن المطايا نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده»!

وكذا قال ابن سعد: ثُمَّ أَسْلَمَتْ، فَفَرَّقَ الإِسْلامُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ هُبَيْرَةَ، فَخَطَبَهَا رَسُولُ  اللهِ9 إِلَى نَفْسِهَا. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأُحِبُّكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَيْفَ فِي الإِسْلامِ؟ وَلَكِنِّي امرأة مُصبية (أي: ذات صبية) وَأَكْرَهُ أَنْ يُؤْذُوكَ! فَقَالَ رَسُولُ الله9: «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْمطَايَا نِسَاءُ قُرَيْشٍ. أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ»!

وفي رواية أخرى، أنها قالت: يا رسول الله9، لأنت أحبُّ إليَّ من سمعي وبصري، وحقُّ الزوج عظيم، فأخشى إن أقبلتُ على زوجي أن أضيع بعض شأني وولدي، وإن أقبلتُ على ولدي أن أضيع حقَّ الزوج! فقال رسول الله9: «إنَّ خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على بعل في ذات يده». قيل: إنَّ أمَّ هانئ لما بانت عن هبيرة بإسلامها، خطبها رسول الله9 فقالت: إني امرأة مصبية. فسكت عنها.[5]

 وفي الكافي: عن أبي بصير، عن أحدهما8، قال: خطب النبيُّ9 أمَّ هاني بنت أبي طالب، فقالت: يا رسول الله، إني مصابة في حجري أيتام، ولا يصلح لك إلّا امرأة فارغة! فقال رسول الله9: «ما ركب الإبل مثل نساء قريش؛ أحناه على ولد، ولا أرعى على زوج في ذات يديه»!

أقول : كلمتها (في حجري أيتام) ولا يوصف الطفل بأنه يتيم إلّا لأنه فقد أباه قبل البلوغ، فيما الذي فرّق بينها وبين هبيرة هو إسلامها لا وفاة زوجها هبيرة الذي مات في نجران بعد أن فرَّ.[6]

ومدحُ نساء قريش، الوارد في هذه الأخبار، تكرر أيضاً في عدّة روايات أُخر عن رسول الله9 بعيداً عن أُمّ هانئ، منها: عدة من أصحابنا، عن الحارث الأعور قال: قال أمير المؤمنين7: قال رسول الله9: «خير نسائكم نساء قريش، ألطفهن بأزواجهن وأرحمهن بأولادهن، المجون لزوجها الحصان لغيره، قلنا: وما المجون؟ قال: التي لا تمنع».

عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله7، قال: قال رسول الله9: «خير نساء ركبن الرحال نساء قريش؛ أحناه على ولد وخيرهن لزوج»!

الحانية أي المشفقة على زوجها وأولادها، قال الجزري: الحانية التي تقيم على ولدها لا تتزوج شفقةً وعطفاً ومنه الحديث في نساء قريش: أحناه على ولد وأرعاه على زوج! و(أحناه) في النهاية: الحانية التي تقيم على ولدها، ولا تتزوج شفقةً وعطفاً، ومنه الحديث في نساء القريش: «أحناه على ولد وأرعاه على زوج». إنما وحد الضمير في أمثاله ذهاباً إلى المعنى تقديره: أحنى من وجد أو خلق أو من هناك. وهو كثير في العربية ومن أفصح الكلام.

المجون: الصلب الغليظ، ومن لا يبالي قولاً وفعلاً.[7]

وفي الثالثة: عرضت نفسها عليه9 في وقت لم يجز له نكاحها؛ لعدم كونها من المهاجرات، كما في الآية: (ياأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ا للاَّتِي هَاجَرْنَ  مَعَكَ).[8]

فأحلّ الله له9 بنات عمّه وعمّاته وخاله وخالاته، الـمهاجرات معه منهنّ دون من لم يهاجر منهنّ معه.

ففي خبر: ... فلما أدرك بنوها، عرضت نفسها عليه9 فقال: «أما الآن فلا؛ لأنَّ الله أنزل عليه: (... ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ) ولم تكن من المهاجرات».[9]

أولادها :

اختلف في عدد من ولدتهم أمُّ هانئ بنت أبي طالب بين ثلاثة وأربعة بنين: هانئ وبه كانت تُكنى، وعمراً وجعدة ويوسف. ولدت أربعة بنين: جعدة وعمرًا وهانئًا ويوسف، فيما يقول صاحب المحبر: فولدت لهبيرة هانئاً ويوسف وجعدة. وفي قول: أربعة بنين أحدهم جعدة.

فيما ذكر كلٌّ من ابن منده وأبي نعيم: جعدة بن هبيرة بن أبي وهب ابن بنت أُمِّ هانئ. وهذا القول يردّه ابن الأثير قائلاً: أما قول ابن منده، وأبي نعيم: إنَّ جعدة هو ابن بنت أمّ هانئ، هذا وهم منهما، وليس بابن ابنتها، إنما هو ابنها لا غير، على أنَّ أبا نعيم يتبع ابن منده كثيرًا في أوهامه، والله أعلم.

أقول: ولأنَّ جعدة كان أبرز أولادها، نقف عنده قليلاً، فهو ابن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي. وهو القائل من الطويل:

أبي من بني مخزوم إن كنت سائلاً

و من هاشمٍ أُمّي لخير قبيل

فمن ذا الذي يَبأى ( يبهى)  عليَّ بخاله

كخالي عليٍّ ذي الندى وعقيل؟!

يبأى : يفخر.

صحبته لرسول الله9

اختلف في صحبته بين قائلٍ بها، وبين  قائلٍ بالرؤية، وثالث قال بأنه من التابعين، وهذه بعض أقوالهم: ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرسول9، فقال: جعدة بن هبيرة المخزومي. يُقال: إنه ولد على عهد النبيِّ9، وليست له صحبة، نزل الكوفة.

في الإصابة: ولد على عهد النبيّ9، له رؤية بلا نزاع، فإنَّ أباه قتل كافراً بعد الفتح. وقال ابن منده مختلف في صحبته، وقال البخاري: له صحبة. وفي قول آخر ذكره البخاري وأبو حاتم وابن حبان في التابعين. وقال ابن حبان: لا أعلم لصحبته شيئاً صحيحاً اعتمد عليه.وقال البغوي: ولد على عهد النبيِّ9 وليست له صحبة. وفي تهذيب التهذيب: جعدة بن هبيرة له صحبة، و ذكره البغوي في الصحابة لكن قال: يقال إنه ولد على عهد النبيّ9 وليست له صحبة، وعن أبي داود لم يسمع من النبيّ9 شيئاً.

وأما ابن أبي الحديد فيقول عنه:.. وهو من الصحابة الذين أدركوا رسول الله9 يوم الفتح مع أُمّه أمّ هانئ بنت أبي طالب، وهرب أبو هبيرة بن أبي وهب ذلك اليوم هو وعبد الله بن الزبعرى إلى نجران.

وقال الحاكم في تاريخه يقال: إنَّ له رؤية.  فيما قال الآجري: قلت لأبي داود: وجعدة بن هبيرة له رؤية؟ قال: لم يسمع من النبيّ9 شيئاً - قلت - أما كونه له رؤية فحقٌّ؛ لأنه ولد في عهد النبيِّ9، وهو ابن بنت عمّه، وخصوصية أمّ هانئ بالنبيّ9 شهيرة. وقال العجلي: مدني تابعي ثقة... وذكره العسكري فيمن روى عن النبيّ9 مرسلاً ولم يلقه.

أما عن منزلته :

عند الإمام عليٍّ7 وأنَّه من أصحابه، فهو أمر معروف لم يُختلف عليه، فقد روى الكشي في ترجمة محمد بن أبي بكر بسنده عن الصادق7 قال: «كان مع أميرالمؤمنين7 خمسة نفر، وكانت ثلاث عشرة قبيلة مع معاوية، وعدَّ من الخمسة جعدة بن هبيرة المخزومي. قال: وكان أمير المؤمنين7 خاله، وهو الذي قال له عتبة بن أبي سفيان: إنما لك هذه الشدّة في الحرب من قبل خالك، فقال له جعدة: لو كان خالك مثل خالي لنسيت أباك»! 

والخمسة هم كما في رواية عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله7 يقول:«.. فأما الخمسة فمحمد بن أبي بكر أتته النجابة من قبل أمّه أسماء بنت عميس، وكان معه هشام بن عتبة بن أبي وقاص المرقال، وكان معه جعدة بن هبيرة المخزومي،  ومحمد بن أبي حذيفة ابن عتبة بن ربيعة والخامس سلف أمير المؤمنين7 ابن أبي العاص بن الربيعة».

وقال الشيخ الطوسي في رجاله:.. في أصحاب عليٍّ7 جعدة بن هبيرة المخزومي ابن أخت أمير المؤمنين7، أمّه أمُّ هانئ بنت أبي طالب.

وإضافةً إلى كونه كان فقيهاً، كان شريفاً، كان شجاعاً، كان شاعراً، نزل عليٌّ7 بالكوفة على جعدة، وأنه ولّاه خراسان. ففي أسد الغابة، قال هشام الكلبي: جعدة بن هبيرة ولي خراسان لعليٍّ، أما  ابن أبي الحديد فيقول عنه: وأما جعدة بن هبيرة، فهو ابن أخت أمير المؤمنين7، أمّه أمُّ هانئ بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وأبوه هبيرة بن أبي وهب... وكان جعدة فارساً شجاعاً، فقيهاً، وولى خراسان لأميرالمؤمنين7... نصّ على عدالته ووثاقته حينما أمره الإمام7 بالصلاة فجر اليوم الذي ضربه ابن ملجم، بعد أن قالت له أمّ كلثوم: مر جعدة فليصل بالناس،  قال: نعم مروا جعدة فليصل بالناس، وأنَّه صلّى الغداة بالناس بعدما أُصيب الإمام7.

يقول الشيخ المامقاني عنه: «... ومن لاحظ شدّته في حرب صفّين مع خاله7، ومقاماته مع معاوية بعد عام الجماعة، يعرف قوّة إيمانه، ونصرته لأهل البيت:، فلا أقل من حسنه، بل يمكن إثبات وثاقته وعدالته من توليته أمير المؤمنين7 إيّاه خراسان قبل حرب صفّين، و شدّة حبّه7 له؛ لعدم تعقّل توليته7 غير العدل الثقة الأمين على رقاب الناس وأموالهم، وأعراضهم وأحكامهم، وقد حظى عنده7 بعد صفّين لمّا رأى من بسالته وثباته، وشدّة شكيمته... إلى أن يقول: حصيلة البحث لم أجد مغمزاً في المترجم، ومواقفه المشرفة تحت راية خاله العظيم صلوات الله و سلامه عليه، وأقواله المخرسة لأعدائه، وتفانيه في الولاء لإمام زمانه، و حبّ أميرالمؤمنين7 له، وتقديم أميرالمؤمنين7 عند ما ضربه الملعون ابن ملجم لإكمال الصلاة، و شدّة اهتمامه7 به... كلّ ذلك يجعله فوق مرتبة الوثاقة، فالحكم بوثاقته وجلالته هو المتعين».

معجم رجال الحديث: جعدة بن هبيرة المخزومي، يقال: إنه ولد في عهد النبيّ9، وليست له صحبة، نزل الكوفة، من أصحاب رسول الله9، رجال الشيخ؛ وذكره في أصحاب علي7 قائلاً: ابن أخت أمير المؤمنين7، أمّه أمّ هاني بنت أبي طالب7. وروى الكشي في ترجمة محمد بن أبي بكر بسند قوي، عن عبد الله بن سنان، قال: «سمعت أبا عبد الله7 يقول: كان مع أمير المؤمنين7 من قريش خمسة نفر... وكان معه جعدة بن هبيرة المخزومي، وكان أمير المؤمنين7 خاله، وهو الذي قال له عتبة بن أبي سفيان: إنما لك هذه الشدة في الحرب من قبل خالك. فقال له جعدة: لو كان لك خال مثل خالي لنسيت أباك».

ودارت مناظرة في وقعة صفين بين الاثنين، عتبة بن أبي سفيان وجعدة بن هبيرة، لا تخلو من الصراحة والمفاخرة، وفيها من الحقّ والباطل شيء نافع نوجزها، وقد ابتدأها نصر بن مزاحم يصف جعدة قائلاً: وكان لجعدة في قريش شرف عظيم، وكان له لسان، وكان من أحبّ الناس إلى عليٍّ7. ثمَّ يقول: فغدا عليه عتبة فنادى: أيا جعدة، أيا جعدة! فاستأذن عليًّا7 في الخروج إليه، فإذن له، واجتمع الناس لكلامهما. فقال عتبة: يا جعدة، إنه والله ما أخرجك علينا إلّا حبُّ خالك... وإنا والله ما نزعم أنَّ معاوية أحقّ بالخلافة من علىٍّ لولا أمره في عثمان. ولكن معاوية أحق بالشام لرضا أهلها به فاعفوا لنا عنها، فوالله ما بالشام رجل به طرق، إلّا وهو أجد من معاوية في القتال، ولا بالعراق من له مثل جد علّي في الحرب، ونحن أطوع لصاحبنا منكم لصاحبكم، وما أقبح بعليّ أن يكون في قلوب المسلمين أولى الناس بالناس، حتى إذا أصاب سلطاناً أفنى العرب.

فقال جعدة: أما حبّي لخالي، فوالله أن لو كان لك خال مثله لنسيتَ أباك، وأما فضل عليٍّ7 على معاوية، فهذا ما لا يختلف فيه اثنان. وأما رضاكم  اليوم بالشام، فقد رضيتم بها أمس فلم نقبل. وأما قولك إنه ليس بالشام من رجل إلّا وهو أجد من معاوية، وليس بالعراق لرجل مثل جد عليّ، فهكذا ينبغي أن يكون، مضى بعليّ يقينه، وقصر بمعاوية شكّه، وقصد أهل الحقّ خير من جهد أهل الباطل. وأما قولك نحن أطوع لمعاوية منكم لعليّ7، فوالله ما نسأله إن سكت، ولا نرد عليه إن قال. وأما قتل العرب فإنّ الله كتب القتل والقتال، فمن قتله الحقّ فإلى الله.

فغضب عتبة وفحش على جعدة، فلم يجبه وأعرض عنه وانصـرفا جميعاً مغضبين... وتهيأ جعدة بما استطاع فالتقيا، وصبر القوم جميعاً، وباشر جعدة يومئذ القتال بنفسه، وجزع عتبة، فأسلم خيله وأسرع هارباً إلى معاوية، فقال له: فضحك جعدة، وهزمتك (ويهزمك) لا تغسل رأسك منها أبداً. قال عتبة: لا والله لا أعود إلى مثلها أبداً، ولقد أعذرت، وما كان على أصحابي من عتب ولكن الله أبى أن يديلنا منهم فما أصنع! فحظى بها جعدة عند عليٍّ7.

فقال النجاشي: فيما كان من شتم عتبة لجعدة شعراً (ثلاثة عشر بيتاً)، منها:

إنَّ شتمَ الكريم يا عتبَ خطبٌ

فاعلمنه من الخطوب عظيمُ

أمُّه أمُّ  هانئ وأبوه

من معد ومن لؤي صميم ...

وقال الشنيٌّ في ذلك لعتبة في (اثني عشر بيتاً) كان منها :

ما زلــتَ تنظر في عِطفيك أُبَّهةً

لا يرفعُ الطرفَ منك التّيهُ والصّلفُ...

حتى لقيتَ ابن مخزوم وأيّ فتًى

أحيا مآثرَ آباءٍ له سلفوا.[10] 

الإسراء :

قدّمتُ ذكر الإسراء المبارك على ذكر إسلامها؛ لأنَّه يمكن أن يكون خير دليل على سابقيتها لاعتناق الإسلام، وأَنَّه وقع في مكة قبل الهجرة النبويّة إلى يثرب؛ المدينة المنوّرة بنور رسول الله9 حين حلَّ بها!

وقد ذكرت جميع المصادر هذه الحادثة، وأغلبها ذهب إلى أنَّ رسول الله9 أَسرى اللهُ عزَّ وجلَّ  به من بيت أُمِّ هانئ، فإن صحَّ هذا، فقد دلّ على سموِّ هذه المرأة الصالحة ومنزلتها الكبيرة في السماء وفي عين النبيِّ9 وبين الناس، ولا غرابة أن تُكرمها السماء بأن تكون انطلاقة هذه المعجزة الخالدة من بيتها؛ بل كما كانت دارها منطلقاً لرحلته كانت مستقراً لعودته9 حتى تكون أول من يسمع حديث الإسراء والمعراج من الفمِّ الطاهر لرسول الله9 ولتُسجل لها منقبة تكشف عن عظيم ثقته9 بها، وجلالة مكانتها عنده، وتضاف إلى ما تحمله من مناقب جليلة وذات طيبة ونسب رفيع وأسرة زكية، فهي ابنة سيد البطحاء وابنة عمِّ سيد البشـر وأخت سيد الأوصياء..!

فآية الإسراء: (سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ).[11] آية مكيّة في سورة مكيّة، تُخبرنا بأعظم حدث حيث كمال قدرته عزَّ وجلَّ وجلالة حكمته، تجلّتا في انبثاق إسراء أعزّ خلقه وأفضلهم: (مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا) مقدمةً لعروجه9 إلى ما فوق السموات كما في سورة النجم، فكانت له9 منقبةً عظيمةً ومعجزةً مباركةً خالدةً.

وأهمّ شيء علينا الانتباه إليه، ونحن نقرأها بتدبّر أن الله عزَّ وجلَّ حصـر ذلك الإسراء بإرادته ونسبه إلى قدرته، وهو دليل على أنّ هذه الحركة المباركة لرسول الله9 بين المسجدين ولخارقيتها المذهلة للمسافة وللوقت، لا تتمُّ ولا يكتمل إنجازها بدءًا واستمراراً وانتهاءً إلّا بقوّته وقدرته وحكمته سبحانه وتعالى، وليس لبشرٍ مهما أُوتي من علمٍ وقدرةٍ أن يقوم بها، فهي أكبر من قدرات البشر، بل وعصية على التفكير والتخطيط لها، وبعيدة كلّ البعد حتى عن مجرّد تصورها، ثمّ اكتملت بالمعراج إلى حيث السموات العلى؛ ليُشكّلا معاً معجزةً اختصت السماءُ بها رسول الله9 وجعلته يتفرّد بها دون غيره من أنبياء ومن رسل على عظم قدرهم وجلالتهم وقربهم من الله تعالى، وما أحسن ما قاله ابن إسحاق: كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه، عن عبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري،... وأمّ هانئ بنت أبي طالب، ما اجتمع في هذا الحديث، كلّ يحدث عنه بعض ما ذكر من أمره حين أُسري به، وكان في مسراه9 وما ذكر منه بلاء وتمحيص، وأمر من أمر الله في قدرته وسلطانه. فيه عبرة لأولي الألباب، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن بالله وصدق. وكان من أمر الله سبحانه وتعالى على يقين. فأسرى به سبحانه وتعالى كيف شاء ليريه من آياته ما أراد. حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم، وقدرته التي يصنع بها ما يريد.

وما أجلَّ ما ذكره القشيري:.. ويقال أخبر عن موسى7، حين أكرمه بإسماعه كلامه من غير واسطة، فقال: (وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا)،[12] وأخبر عن نبينا9 بأنه (أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ)، وليس مَنْ جاءَ بنفْسِه كمنْ أَسْرَى به ربُّه، فهذا مُتَحَمِّلٌ وهذا محمول، هذا بنعت الفَرْقِ وهذا بوصف الجمع، هذا مُرِيدٌ وهذا مُرَادٌ!.. ثم أراه من آياته تلك الليلة ما عَرَفَ به صلوات الله عليه أنه ليس أحدٌ من الخلائق مثْلَه في نبوّته ورسالته وعلوِّ حالته وجلال رتبته.[13]

هذا وإن وصِفَ كلٌّ من الإسراء والمعراج بالمعجزة؛ لكنهما ضمّا معاجز أُخر(لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ)، من عجائب صنعنا وحقائق قدرتنا في السموات والأرض وما بينهما، وجاء9 منهما بما رآه من مشاهد الآخرة، وبأحكام عباديّة وعقائديّة ومواعظ ومفاهيم وآداباً ... ولعلَّ بذلك تحققت حكمة الإسراء!

وبعيداً عن الأخبار والأقوال المختلفة في مكان انطلاق الإسراء من مكة المكرمة، فإنَّ  ظاهر الآية المباركة بل صريحها: (سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمسْجِدِ ٱلأَقْصَا)، واضح في تحديد انطلاق الإسراء من المسجد الحرام، وجعلت غايته المسجد الأقصى؛ ليبدأ9 من هناك معراجه9 إلى ذلك العالم الغيبي حيث السموات العلى، وحيث سدرة المنتهى.

وقد راحت هذه المرأة الصالحة، تُحدّثنا عن انطلاقة هذه المعجزة من بيتها وهو قول أكثر المفسرين «أنه أُسري به من بيت أمّ هانىء»، وروي عنها وعن غيرها أنَّ الحرم كلَّه مسجد... وأنَّ النبيَّ9 كان في منزلها ليلة أسري به.

الطبرسي: وقال أكثر المفسرين أسري برسول الله9 من دار أمِّ هانىء أخت علي بن أبي طالب، وزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي، وكان9 نائماً تلك الليلة في بيتها، وأنَّ المراد بالمسجد الحرام هنا مكة، ومكة والحرام كلّها مسجد.

في كتاب «السيرة النبوية»، لابن هشام في حديثه عن الإسراء والمعراج أنَّ النبيَّ9، قد أسرى الملائكة به من بيت «أمّ هانئ» وجاء عن محمد بن إسحاق أنه ما بلغه عن «أمّ هانئ» أنها كانت تقول: ما أسرى برسول الله إلّا وهو في بيتي، نام عندي تلك الليلة في بيتي، فصلّى العشاء، ثم نام ونمنا، فلما كان قبيل الفجر أهبنا رسول الله، فلما صلّى الصبح وصلينا معه، قال: «يا أمَّ هانئ، لقد صليتُ معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي، ثم جئتُ بيت المقدس، فصليتُ فيه، ثم قد صليتُ صلاة الغداة معكم الآن كما ترين».

ولأمّ هانئ، بعد أن سمعت من فمه الطاهر المبارك حديث الإسراء والمعراج، وكانت بذلك أول من سمعته، موقفها حين ظلّت مشدودةً إلى قلقها عليه9، وحين أبدت تخوفها من تكذيب قومه له بسبب غرابة الواقعة، ولم تكتفِ بذلك، حتى أخذت بردائه9 كما حدّثت قائلةً: ثم قام ليخرج، فأخذتُ بطرف ردائه، فتكشف عن بطنه كأنه قبطية مطوية (ثوب من ثياب أهل مصر) فقلت له: يا نبيَّ الله، لا تحدث بهذا الناس، فيكذبوك ويؤذوك! قال: «والله لأحدثنهموه». قالت: فقلت لجارية لي حبشية: ويحك! اتبعي رسول الله9 حتى تسمعي ما يقول للناس، وما يقولون له. فلما خرج رسول الله9 إلى الناس، أخبرهم فعجبوا، وقالوا: ما آية ذلك يا محمد؟ فإنا لم نسمع بمثل هذا قطّ!

قال: «آية ذلك أنى مررت بعير بنى فلان بوادي كذا وكذا، فأنفرهم حسّ الدابة، فندَّ لهم بعير (شرد ونفر) فدللتهم عليه، وأنا موجه إلى الشام. ثم أقبلت حتى إذا كنت بضجنان.[14] مررت بعير بنى فلان، فوجدت القوم نياماً، ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشئ، فكشفتُ غطاءه وشربتُ ما فيه، ثم غطيتُ عليه كما كان، وآية ذلك أنَّ عيرهم الآن تصوب من البيضاء، ثنية التنعيم، يقدمها جمل أورق (لونه بين السواد والغبرة)، عليه عرارتان إحداهما سوداء، والأخرى برقاء».

قالت: فابتدر القوم الثنية، فلم يلقهم أول من الجمل كما وصف لهم، وسألوهم عن الإناء فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءًا ماءً ثم غطّوه، وأنهم هبوا فوجدوه مغطًى كما غطّوه، ولم يجدوا فيه ماءً. وسألوا الآخرين، وهم بمكة، فقالوا: صدق والله، لقد أنفرنا في الوادي الذي ذكر، وندَّ لنا بعير، فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه، حتى أخذناه.

سيد قطب: ومما يلاحظ بمناسبة هذه الواقعة، وتبين صدقها للقوم بالدليل المادي الذي طلبوه يومئذ في قصة العير وصفتها أنَّ الرسول9 لم يسمع لتخوف أمِّ هانىء رضي الله عنها من تكذيب القوم له بسبب غرابة الواقعة. فإنَّ ثقة الرسول9 بالحقّ الذي جاء به، والحقّ الذي وقع له، جعلته يصارح القوم بما رأى كائناً ما كان رأيهم فيه. وقد ارتد بعضهم فعلاً، واتخذها بعضهم مادة للسخرية والتشكيك.

ولكن هذا كله لم يكن ليقعد الرسول9 عن الجهر بالحقّ الذي آمن به.. وفي هذا مثل لأصحاب الدعوة أن يجهروا بالحقّ لا يخشون وقعه في نفوس الناس، ولا يتملقون به القوم، ولا يتحسسون مواضع الرضى والاستحسان، إذا تعارضت مع كلمة الحقّ تقال كذلك يلاحظ أنَّ الرسول9 لم يتخذ من الواقعة معجزة لتصديق رسالته، مع إلحاح القوم في طلب الخوارق، وقد قامت البينة عندهم على صدق الإسراء على الأقل، ذلك أنَّ هذه الدعوة لا تعتمد على الخوارق، إنما تعتمد على طبيعة الدعوة ومنهاجها المستمد من الفطرة القويمة، المتفقة مع المدارك بعد تصحيحها وتقويمها. فلم يكن جهر الرسول9 بالواقعة ناشئاً عن اعتماده عليها في شيء من رسالته، إنما كان جهراً بالحقيقة المستيقنة له لمجرد أنها حقيقة.[15]

دار أُمّ هانئ :

كتب لها أن تكون أول امرأة تسمع حديث الإسراء والمعراج لرسول الله9 ولبيتها أن يكون موضعاً طيباً لانطلاقة الرحلة المعجزة ذهاباً واستقبالاً، انطلق منها رسول  الله9 في إسرائه ونزل فيها من معراجه، وصلّى وأكل  فيها في فتح مكة، كما عليه أكثر الأخبار والأقوال، وظلّت ذكراها تتجدد كلّ عام مقترنةً بذكرى الإسراء والمعراج حتى يومنا هذا وستبقى، حين حظيت بهذا الشرف، شرف إسرائه9 من بيتها وفرج له سقفه، ليتمَّ معراجه نحو السماء...، وتاريخيًّا كانت هذه الدار مباركة، فهي موضع أول بئر حفرت بمكة، حفرها جدُّها الرابع قصـي، وما أن زاد محمد المهدي العباسي سنة ١٦٤هجرية زيادته العظيمة في المسجد الحرام، حتى دخلت هذه الدار وبئرها فيه، ومن هذا يتضح أنَّ دارها التي كان النبيّ9 فيها ليلة أسري به ليست بعيدة عن المسجد الحرام، بل هي بجواره ذلك الوقت  فعلى هذا كانت دار أمّ هانئ، بجوار المسجد الحرام في ذلك الوقت، فيكون محلها اليوم حصوة باب الوداع، فيكون بين دار أمّ هانئ و بين الكعبة المشـرفة نحو أربعين متراً تقريباً. والله تعالى أعلم.

فقد قال عنها الأزرقي في تاريخه وفي عدّة مقاطع متباعدة من كتابه: «وكانت بئر قصي بن كلاب الأولى التي احتفرها في دار أمّ هاني ابنة أبي طالب. كان موضعها في دار أمّ هاني بنت أبي طالب بالحزورة، الحزورة وهي كانت سوق مكة، كانت بفناء دار أمّ هاني ابنة أبي طالب التي كانت عند الحناطين، فدخلت في المسجد الحرام، كانت في أصل المنارة إلى الحثمة.

كان يقال لها العجول (من العجلة ضد البطء) (بئرالعجول: كانت بباب رواق أم هانئ، ثم دخلت الدار والبئر في المسجد في زيادة المهدي)، وكانت العرب إذا قدمت مكة يردونها، فيسقون منها ويتراجزون عليها؛ قال قائل فيها:

أروى من العجول ثمت انطلق

إنَّ قصيًّا قد وفى وقد صدق

     بالشبع للحي وري المغتبق...

دار أمّ هانئ بنت أبي طالب التي عند الحناطين عند المنارة، فدخلت في المسجد الحرام حين وسعه المهدي في الهدم الآخر سنة سبع وستين ومائة... ثم بنى منحدراً حتى دخلت دار امّ هاني بنت أبي طالب، وكانت عندها بئر جاهلية، كان قصي حفرها، فدخلت تلك البئر في المسجد، فحفر المهدي عوضاً منها البئر التي على باب البقالين، الذي في حدّ ركن المسجد الحرام اليوم...».[16]

وهذا ما ذكره المؤرخ محمد طاهر الكردي تحت عنوان: تحقيق موضع دار أُمّ  هاني بمكة، يقول: الذي دعانا إلى العناية بتحقيق موضع دار أمّ هانئ أخت علي بن أبي  طالب رضي الله تعالى عنهما، هو اختلاف العلماء في أنَّ النبيَّ9 هل أسري به من المسجد الحرام أو من بيت أمّ هانئ بنت أبي طالب رضي الله تعالى عنها، فقد جاءت أحاديث صحيحة في هذا وذاك؟ فأردنا أنَّ نتحقق موقع بيت أمّ هانئ بمكة وبعده عن المسجد الحرام في زمنه9 الذي مساحته هي مساحة دائر المطاف الذي حول الكعبة المشرفة. ثمَّ يقول: فإنَّ في معرفة مكان دارها جملة فوائد...

ويواصل كلامه إلى أن يقول: وبعد التأمل فيما نقلناه هنا من الكلام، ومراجعة ما طالعناه من الأبحاث العديدة، عرفنا موضع دار أمّ هاني مما يأتي:

1- من قول الإمام الأزرقي المتقدم في الجزء الثاني من تاريخه : 188حيث يقول: ولهم أيضاً دار أُمّ هانئ بنت أبى طالب التي كانت عند الحناطين عند المنارة، فدخلت في المسجد الحرام حين وسعه المهدي في الهدم الآخر سنة سبع وستين ومائة أو (164هجرية).

2- ومن قول الفاسي المتقدم في الجزء الأول من كتابه شفاء الغرام حيث يقول عن الحزورة: وكان عندها سوق الحناطين بمكة، وهي في أسفلها عند منارة المسجد الحرام التي تلي أجياد.

3- ومن الخريطة التي وضعناها في بيان الزيادات المطبوعة في كتابنا «مقام إبراهيم7» : 91 من الطبعة الأولى.

فمن هذه الأمور الثلاثة، ظهر لنا تماماً ما لا يقبل الشك؛ أنَّ دار أُم هانئ رضي الله تعالى عنها، واقعة بالضبط عند منارة باب الوداع في عصـرنا الحاضر؛ لأنها هي المنارة المعنية في العبارة المتقدمة، فمحلها في ذلك الزمن هو محلها اليوم لم يتغير، والحزورة واقعة عندها، وكذلك سوق الحناطين. ومن نظر إلى خريطة زيادات المسجد الحرام الموجودة بكتابنا المذكور «مقام إبراهيم7» والموجودة أيضاً في هذا التاريخ، علم يقيناً أنّ المنارة المذكورة تقع في آخر توسعة المهدي، من ركن المسجد الحرام الجنوبي المقابل لأجياد، فدار أمّ هاني كانت عند هذا الركن، ثم دخلت في توسعة المهدي المذكور مائة وأربع وستين من الهجرة.

وفي محل المنارة، أي في موضع دار أُمّ هانئ حفر قصي بن كلاب البئر التي يقال لها العجول... فتكون المسافة بين الكعبة شرفها الله تعالى وبين دار أًمّ هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها120متراً بالضبط على التحقيق الذي عملناه، وهي نفس المسافة بين الكعبة وبين الحزورة، وهي نفس المسافة أيضاً بينها وبين البئر التي كان حفرها قصـي بن كلاب، ثمَّ دفنت ودخلت مع دار أمّ هاني في توسعة المهدي.[17]

  وقد حُكي عن حسين شافعي، أُستاذ التاريح في جامعة أُمِّ القرى أنَّه قال: الكلام عن عمود أمّ هانئ بالمسجد الحرام أخذ منحًى غريباً وبعيداً من الواقع، ولا بدَّ من ذكر أصل هذا المكان في كتب التاريخ المكي القديم منها والحديث والأصل في هذا الأمر يعود إلى دار أمِّ هانئ بنت أبي طالب التي أسلمت يوم فتح مكة المكرمة، وروت أحاديث عدّة عن النبيِّ محمد، وزوجها هو هبيرة بن عمرو المخزومي، وأخوها الخليفة علي بن أبي طالب... أم ّهانئ توفيت بعد عام50 للهـجرة، ‏وبقيت دارها إلى عهد الخليفة المهدي العباسي، حينها رأى توسعة المسجد الحرام للمرة الثانية من الجهة الجنوبية سنة 164للهجرة، فاضطر إلى هدم البئر الموجودة بقربها وإدخالها ضمن توسعته، ‏وعرف الباب المجاور لدارها في المسجد الحرام بباب أمّ هانئ تخليداً لذكرها... وأنَّ الباب الذي أطلق عليه اسم أمّ هانئ عُرف بمسميات عدّة عبر العصور التاريخية، منها باب أبي جهل والملاعبة، وكذلك باب الفرج والشريف، لكن أشهرها باب أمّ هاني.

 ذكروا هذا الكلام عنه، ولم يبينوا مصدراً له...

وتحت عنوان: إعادة عمود أمّ هانئ إلى موضعه بالمسجد الحرام  الثلاثاء 24 نوفمبر2020. فيصل السلمي، مكة المكرمة.

أعادت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي العمود القديم، والذي يطلق عليه البعض (عمود أمّ هانئ) إشارة إلى موضع دار أمّ هانئ بالمسجد الحرام بجوار باب الملك عبد العزيز، حيث أسري بالنبيّ9 منه إلى بيت المقدس، ومن ثمَّ عرج به إلى السماء، وقد رفعت رئاسة شؤون الحرمين العمود التاريخي قبل سنوات ضمن مشروع توسعة المطاف، وحافظت عليه وأعادته إلى موضعه بعد انتهاء أعمال التوسعة.

وأوضح الباحث في التاريخ المكي الدكتور سمير برقة لـ «مكة» أنَّ العمود الذي تمّت إعادة وضعه في توسعة المطاف يمثل رمزية للبقعة والمكان الذي كان فيه دار أمّ هانئ، والذي بدأت منه رحلة الإسراء.

وأمّ هانئ واسمها فاختة بنت أبي طالب وقيل: هند، هي أخت سيدنا عليّ، وبنت عمّ النبيّ9 ويبعد بيتها عن الكعبة120متراً، جهة باب الوداع، كما أفاد بذلك المؤرخ محمد طاهر الكردي المكي في كتابه (التاريخ القويم).

أقول: هذه الدار حظيت بكلّ هذه البركة والخلود، بفضل إسراء النبيّ9 منها، واكتسبت اهتماماً عظيماً من دون الكثير من دور مكة التي اندثرت وضاعت معالمها وإن عظم أصحابها وأهلها، ولتبقى هذه الدار قبلةً للوافدين!

وللبحث صلة تأتي في العدد القادم إن شاءالله تعالی

 

[1]. انظر في هذا كله: السيرة النبوية، لابن هشام1: 110،2: 271 ؛ الإصابة في تمييز الصحابة؛ الاستيعاب في معرفة الصحابة: أمُّ هانئ، جمانة ؛ الطبقات، لابن سعد1: 121،122،4 : 49ـ 51، 8: 48، 8 :151 ؛ أسد الغابة، ابن الأثير5 : 624، 423:3ـ424،2: 287 ؛ أنساب الأشراف، للبلاذري2: 23، 42، 43، 69،71،77 ؛ وانظر في العدد الخاص بالإمام عليٍّ7 العدد 14 ؛ والعدد 18 : 122أبو طالب مأوى الرسول والرسالة ؛ أعيان الشيعة، للسيد محسن الأمين4 : 219؛ معجم أنصار الحسين7، (النساء) محمدصادق الکرباسي ؛ سير أعلام النبلاء، للذهبي : 118فاطمة بنت أسد ؛ جمهرة النسب، لابن الكلبي 1: 128؛ والمعارف، لابن قتيبة :120، 156، 207ـ208 ؛ شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد1: 15؛ بحارالأنوار 19: 59 ؛ وانظر في إسلام زوج جُمانة: المغازي للواقدي 2 : 807ـ809 وفيه كلام طويل.

 

[2]. كتاب المحبر، محمد بن حبيب البغدادي، المتوفى245هجرية:97ـ98. بلا سند .

 

[3]. طبقات ابن سعد 8 : 120 .

 

[4]. انظر: لسان الميزان، لابن حجر العسقلاني 6 : 196 رقم 700 .

 

[5]. كتاب المحبر، محمد بن حبيب البغدادي: 98 ؛ الطبقات 8 : 120؛ سير أعلام النبلاء: الصحابة: أُمّ هانئ .

 

[6]. الفروع من الكافي، للكليني 5: 326 ـ327 باب: فضل نساء قريش رقم 3 .

 

[7]. بحار الأنوار، للمجلسي43: 17، ح15، باب :2 ؛ الفروع من الكافي، للكليني5 هامش 326 رقم2، باب فضل نساء قريش، وهامش الصفحة .

 

[8]. سورة  الأحزاب : 50 .

 

[9]. الطبقات لابن سعد 8 : 151ـ153، وغيره . 

 

[10]. أُسد الغابة، لابن الأثير ؛ الإصابة في تمييز الصحابة ؛ الطبقات لابن سعد ؛ كتاب المحبر، للبغدادي (ت245هـ) :97ـ 98 ؛  الاستيعاب، لابن عبد البر1: 241 رقم 224:جعدة ؛ شرح نهج البلاغة؛ لابن أبي الحديد10: 77ـ78 ؛ أعيان الشيعة، محسن الأمين 4: 78 ؛ الاختصاص، للشيخ المفيد :70 وهامشها ؛ رواه الكشي في رجاله: 42 ؛ خاتمة مستدرك الوسائل؛ للشيخ النوري 7 : 215 رقم 390 ؛ بحار الأنوار، للعلامة المجلسي 42 : 226 ؛ 38 ؛ تنقيح المقال، للمامقاني14 : 345ـ351 ؛ معجم رجال الحديث، للسيد الخوئي4 : 364-365 رقم 2105جعدة بن هبيرة ؛ وقعة صفين، لابن مزاحم : 463ـ466 .

 

[11]. سورة الإسراء : 1.

 

[12]. سورة الأعراف: 143 .

 

[13]. السيرة النبوية، لابن هشام : الإسراء ؛ تفسير لطائف الإشارات، القشيري (ت 465 هـ ) .

 

[14]. انظر كتاب معالم مكة التاريخية والأثرية 1 : 159 ، ضجنان .

 

[15]. مجمع البيان، للطبرسي ؛ السيرة النبوية2: 268ـ273 ؛ في ظلال القرآن، سيدقطب : الآية .

 

[16].  أخبار مكة، للأزرقي 1: 122وهامش الصفحة ؛2 : 81، 215، 234، 292، 294 .

 

[17]. التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم، الكردي محمد طاهر1 : 359ـ363 تحقيق موضع دار أمّ هاني بمكة؛ باختصار .