دور العلّامة السيّد شرف الدین العاملی وجهوده العالمیة فی سبیل القضاء علي جریمة هدم بقاع البقیع

نوع المستند : مقالة البحثية

المؤلف

دکتوراه في التاریخ الإسلامي ؛ مدیر وحدة درسات البقیع في معهد الحجّ والزیارة .

المستخلص

لقد درسنا في هذا المقال رسائل العلّامة السید عبد الحسین شرف الدین حول هدم البقیع و استخرجنا منها دوره الرشید في ردّ فعل علماء الشیعة ضدّ هذه الکارثة العظیمة و دوره في نشر أخبار الهدم و توحید صف المسلمین في التندید بهذه الجریمة و مساعیه في إستنفار جیوش المسلمین لمکافحه آل سعود یترأسهم جیوش الیمن و یساندهم کلّ من  العراق و إیران.
 لقد حقق شرف الدین؛ أهدافه في هذا الصدد إلّا الأخیر الذي لم یحظ بالنجاح لإعتماده  علی الحکومات الیمنیة و الإیرانیة و العراقیة.
 لقد سردنا رسائل شـرف الدین في هذا المقال علی حسب الترتیب التاریخي، الرسائل و المکتوبات التي نشرت في الصحف أو أرسلت إلی الشخصیات العلمیة و السیاسیة في العالم الإسلامي في هذا المجال ، و درسناها حسب أسلوب البحث التاریخي.
 
 

الكلمات الرئيسية


شنّ السیّد شرف الدین هجوماً عنیفاً ضدّ جریمة هدم قباب الأئمة: و الصالحین في الحرمین الشریفین لا سیما في البقیع ، بعد تسلّط الوهابیة علی الحرمین في سنة1344ق ، فبذل جهده في المکاتبة و المناقشة و المراسلة مع ممثّلي الحکومة السعودیة و اللجان المنددة لهذه الجریمة في غایة حزنه و غضبه کي یقنع السعودیین للإقلاع عن ذلك و یثیر غضب المسلمین لکي یمنعوهم من الاستمرار بهذه المأساة و لقد سبق منّا کتابة مقال عن السيّد شرف الدین و الحجّ و الحرمین ، لکنّه لم یتسع البحث لما أدّاه من النشاط بالنسبة لهدم البقاع المنوّرة في الحرمین الشـريفين ، فوکّلنا الأمر إلی هذا المقال و قد جمعنا فیه کلّ ما حصلنا علیه من آثار شرف الدین في هذا المضمار ، من موسوعة الإمام شرف الدین جهده الذي قرب لنا البعید و سهل علینا الصعب ، راجین المولی القدیر أن یکون خدمة في سبیل القضاء علی هذه الجریمة و استمرارها ، نظراً إلی أهمیته دراسةً ، مثل هذه المواقف الباسلة من عالم جلیل مصلح ، لتنقیح مسألة البقیع و بلوره مدی شعور المسلمین تجاه هذه الجریمة البشعة.

یجدر بالذکر أنّه لم یسبق تألیف مصنف بالنسبة لمواقف العلّامة شرف الدین تجاه مسألة البقیع و إن کانت هناك عدّة نشاطات بارزة في مجال دراسة تاریخ هدم البقیع دون الإهتمام بالنسبة لموقف السیّد فیه ، و هذا ما وجّه تألیف هذا المقال المخصّص لنشاطات شرف الدین في هذا الصعید دون غیره من التألیفات کمقال الشیخ رضا الأستادي في مجلة: «کتاب الشیعة العدد 16»، حول هدم البقیع ، و کتاب: «هدم البقیع وإعادة بناءه»، للسیّد علي قاضي عسکر ، اللذين لم یشیرا إلی دور شرف الدین في هذه المسألة إلّا عابرة سریعة و بالأسف الشدید لإ نجد إهتماماً بهذه المسألة حتی في ما ألّف حول ترجمة شرف الدین ، حتی ما ألفّه بنفسه و سمّاه بـ: «بغیه الطالبین»، و ذلك لتأخیر هذه الجریمة عن کتاب ترجمته.

بعد دراسة ما بذله شرف الدین من الجهد تجاه هذه الجریمة النکراء ، بإمکاننا أن نصنف نشاطاته في هذا المضمار علی أصعدة أربعة:

  1. 2. توعیة الرأي العام و أخباره بالنسبة إلی هذه الکارثة و ضرورة القیام للقضاء علیها ، و إزاحة الستار عن حقیقته البشعة حالما استصغرها الکثیر من نخب العالم الإسلامی و حکّامهم ، و احتسبوه جنایة یسیرة و اختلافاً طائفیاً ، فقد بذل ما عنده من الفصاحة في الکلام و متانة الکتابة و لوعة القلب تجاه هذه الجریمة في بیاناته و رسائله التي بثّها في العالم الإسلامي بکلّ ما استطاعه ، حتی وضعها العالم الإسلامي في موضعها الحقیقي و ثار تجاهها بکلّ القوی و أقامت الدنیا علیها کسیل عارم سیقضي علی سمعة الإسلام و آثار الشریعة في مهبط الوحي و التنزیل و کنارٍ متأججٍ ستضرم بفسطاط الأمة الإسلامیة ، و تجعلها شیعاً تقتل بعضها بعضاً بذریعة الکفر و الشرك ، فالتاریخ یصدّق ما قد رآه شرف الدین و ما کان یتکهنه بالنسبة إلی مفاسد الوهابية.
  2. و في الخطوة الثالثة حاول شرف الدین قطع مادّة السعودیین الذین کانوا یرتزقون من الحجّ و الحُجّاج ، فعمد إلی قادة المسلمین فحرّصهم علی تعطیل الحج و قطعه کي یجبر السعوديين علی الکف عن استمرار هذه الجریمة البشعة و قد أجابوه بالرحب و السعة في عدد من البلدان.
  3. أما الخطوةالرابعة فلم یحظ بالفوز و هي تجنید کلّ من إمام الیمن الزیدي و ملك إیران و ملك العراق للقضاء علی الحکومة السعودیة بالقوّة العسکریة کما سیفصّل.

و في هذا المقال ندرس ما کتبه شرف الدین في مسألة هدم البقاع علی التوالي التاریخي و ننتقل بعد هذه الدراسة إلی مدی نجاحه في هذه الجهود الخالصة.

محرّم سنة 1345هـ. ق.

لقد کتب شرف الدین أوّل رسالة حول هدم البقیع في محرّم سنة 1345 ق. (بعد ثلاثة أشهر من حادث الهدم) خطاباً إلی علماء الأمّة ، فأخبرهم عن عمق الفجیعة و تفصیل ما جری عبّر عن الإحتجاج العام و الإقدام بالحلّ الوحید للمسلمین أمام هذه الجریمة. یستفاد من هذا الکتاب أنّ شرف الدین کان یعتبر کأحد المصادر المعتمدة لأخبار الهدم في المدینة عند علماء العراق و إن کانوا یستشفون بعض الأخبار المتسربة من شتّی الطرق لهذه الکارثة الألیمة ، فقد أرسل مرزا علي أکبر الهمداني القاطن في المدینة تلغراماً إلیهم قبل شهرین ، في ذي الحجة سنة1444هـ.ق. بواسطة الحاج عبدالرحیم الإصبهاني الساکن في الشام الذي سأل منه إبلاغ الخبر إلی النجف الأشرف و طهران فتسبقهما بغداد بالخبر و انتقل منها إلی النجف الأشرف و وصل إلی ایران عبر تقریر القنصولیة الإیرانیة بالنجف الأشرف. (وثیقة رقم: 183).

فهذه الرسالة تبیّن لنا إهتمام شرف الدین البالغ في توطید العلاقات بینه و بین علماء الأمة في العراق ، لکونهم حلقة وصل إلی علماء الشیعة في إیران و سائر البلدان الإسلامیة في سبیل توظیف إمکانیاتهم لمناهضة الوهابیة مثل هند و مصـر و الشام و سواحل البحر و بلاد إفریقیا... (وثیقة رقم: 15) و (وثیقة رقم: 171).

لقد ذکّر شرف الدین العلماء سُنَّة و شیعة بدورهم الرائد و القیادي في المجتمع حینما افتتح رسالته إلیهم بصفات هکذا:

«السلام عليكم قبلة آمال المؤمنين ، و وجهة رجاء أهل الدين ، و مراد أماني‏ الأمّة، و حديث أحلامها في كشف هذه الغمّة»،[1] و استمر شرف الدین في کلامه المحزون کمن هتك حریمه بین یدیه و فجع بأقرب ذویه کی یستثیر العواطف المدفونة في أعماق قلوب المسلمین قبال آل بیت الرسول: فیقول:

«إنّ نكبة البقيع تدهش الألباب ، و تهدّج الأصوات ، و تعتقل الألسن و الأقلام ، و تعقل الأيدي و الأرجل ،... عذيري اللّه منه عدوّاً لآل محمّد مجلّخاً و ناصباً لشيعتهم مكلّحاً ، غليظ الكبد ، جافي الطبع ، خشن الجانب ، فظّ الأخلاق ، ذا حقد و حسيكة، و غلّ و إحن ، كأنّ في صدره وغراً ، و كأنّ في كبده جمراً، و له رأس تنزو فيه سورة النصب و الأنف يرعف بالغضب و القلب ينغل بالعداوة و الحقد و الضلوع تنحني على غمر و الكبد تلظّى و تسعر حنقاً من أعلام العقيان في سامراء و الكرخ و الحائر و كوفان ، و قد استشـرفت لها نفسه ، و اشرأبّت إليها أطماعه ، فهو ينصب لها الحبائل، و يتربّص بها الدوائر ، نعوذ باللّه من دوائره و حبائله ، دوائر و حبائل تتزايل منها المفاصل و قد أضمر (شَيْئاً  إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا).[2] . [3]

و عندما یصل إلی صمت نخب المجتمع الإسلامی قبال هذه الجریمة یحتج علیهم مع بالغ الأدب و في ستار الکنی حیث یقول:

فلا عجب إذا من سدنة الدين ، و حفظة الشـرع و أعلام الأمّة ، و سفرة الأئمّة ، أن غرق صوتهم فلم يعجّوا و تلجلج منطقهم و يراعهم ، فلم يضجّوا ، و لم يحتجّوا ، و لا غرو إن أخذت النكبة بأفكلهم ، فارتعشوا و اصطكّت قوائمهم ، فلم يقوموا لها و لم يقعدوا ، و أخذ الحزن بكظمهم فلم يتنفّسوا.

لا تفنيد بذلك عليهم و هم المولّهون ، و لا تنديد بهم و هم المدلّهون ، و لا جناح عليهم ، فإنّهم وقيدوا الجوانح ، و لا تثريب ، فإنّهم مضطربوا البال ، لا غضاضة عليهم إذا استكانوا للوجد و أخلدوا إلى الشجون.

فربّ رماد تحته جمر

و الأمر يحدث بعده الأمر

نَعم ، قد يراهم العدوّ بإذلين له منارهم ، مبيحين له ذمارهم ، و يظنّ أنّ الشوكة منهم محضورة و الظفر متعلّق و الخدّ ضارع و الحدّ كليل ، فلا يقف عندها على حدّ ، و لا يلوي بعدها على أحد.[4]

و یستمر شرف الدین باستغاثة و استنجاد من البلدان الإسلامیة و حکامها بالتمسك إلی روح الحماس و غیرتهم ، و بما أنّ من أهداف السیّد من هذه الرسالة المعلنة إبانة الخطر و الحذر منه للمسلمین و بالنظر إلی موالاتهم لرسول و آله: یقول:

عذيري الله منه عدوّاً لآل محمد مجلّخاً ، و ناصباً لشيعتهم مکلّحاً ، غليظ الکبد، جافي الطبع ، خشن الجانب ، فظّ الأخلاق ، ذا حقد و حسيکة ، و غلّ و إحن ، کأنّ في صدره وغراً ، و کأنّ في کبده جمراً ، و له رأس تترو فيه سورة النصب و الأنف يرعف بالغضب و القلب ينغل بالعداوة و الحقد و الضلوع تنحني علی غمر و الکبد تلظّی و تسعر حنقاً من أعلام العقيان في سامراء و الکرخ و الحائر و کوفان و قد استشرفت لها نفسه ، و اشرأبّت إليها أطماعه ، فهو ينصب لها الحبائل ، و يتربّص بها الدوائر ، نعوذ بالله من دوائره و حبائله ، دوائر و حبائل تتزايل منها المفاصل و قد أضمر (شَيْئًا إِدًّا ٭ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا).[5]

و يستمرّ شرف الدين باستغاثة و استنجاد من البلدان الإسلامية و حکّامها بالتمسك إلی روح الحماس و غيرتهم هکذا:

«يا لله و لشعائره و مشاعره ، أين الملوك و الأمراء؟ أين العلماء و الزعماء؟ أين السراة الكماة؟ أين الحماة الاباة؟ أين شمّ العرانين لا يعنون لقهر؟ أين أهل النفوس العزيزة لا يصبرون على خسف؟ أين أحلاس الخيل و مساعير الوغى؟ أين مانعوا الحقائق و سقاة الحتوف؟ أين شاهنشاه إيران الذي لا يقرع له مروة و لا تفصم له عروة ، و لا يوطأ له حمى ، و لا يستباح له ذمار؟ أين إمام بيت الوحي و عيصه الأشبّ في اليمن؟ و أين أسود عرينة و ليوث غيلة من كلّ فارس بهمّه و خوّاض غمرة و ابن كريهة و كبش كتيبة»؟[6]

کان شرف الدین یحذّر المسلمین من أثر الفتوحات المتواصلة التي حصلت لآل سعود في نفوس الملوك الإسلامیة لاسیما إمام الیمن فتطرق إلی أسباب هذه الفتوح و التی یعتبر شرف الدین من أهمها ضعف النفس و الطمع المسیطر علی حاکم الحجاز و لاترجع إلی قوة السعودیین الوهابین فقال:

«أين هؤلاء الأبطال عن هذا النجدي اللئيم و العتل الزنيم ، فقد تلحّز فوه لابتلاع يمنهم ، و طمح ببصره إلى أقطار جزيرتهم ، و عقد غيب ضميره على الغدر بإمامهم ، و سلك في مماكرته كلّ طريق ، لكنّ مصرعه تحت مطمعه إن شاء اللّه تعالى ، فإنّ أكثر مصارع الرجال تحت بروق الآمال ؛ و الإمام أعزّه اللّه لا يبالي بهديده و نديده ، و لا يفايش تهديده و وعيده ، ولا يراه».[7]

إنّ روح الحماس الموجودة في الشیعه الزیدیة و انتساب ملك الیمن إلی رسول الله و قرب الیمن إلی الحرمین و ماسبق منها من الخلافات الحدودیة مع السعودیین کانت من العوامل التي جعلت شرف الدین یأمل بمکافحة الیمن مع آل سعود في سبیل البقیع و جعله أیضاً لیبذل جهداً بالغاً لتحقیق هذا الهدف ؛ فمن جانب کان یدعو الشخصیات و الجمعیات إلی السعي في هذ المضمار و من جانب آخر کان یراسل الإمام یحیی لیحثّه علی هذا الأمر و کان یطلب من علماء إیران و العراق أن یطالبوا ملکیهما بمساعدة الإمام یحیی في مکافحة الوهابیة ، الأمر الذي لم یر وجه الشمس و سنتکلم عن أسباب فشله ؛ فقد أشار بهذا المنشود في بیانه و قال:

«صريمة محكمة و قد أظلم الجوّ بينهم و بين هذا المارق ، و أغبر أفق السياسة بينهما، و لا أرى ابن رسول اللّه و بقيّة الأئمّة من آله الطاهرين: إلّا و قد عقد على عداوة عدوّ اللّه صريمته ، و ضرب على منابذته أطنابه ، و تلك فرصة يترصّدها أولو الهمم و العزائم ممّن تصبو نفوسهم إلى خطير المساعي ، و تنزع هممهم إلى بلوغ الأماني ، و تطمح أنظارهم إلى إنقإذ الحرمين و مشاعر اللّه تعالى و حجّاج بيته الحرام، فإنّه لا منقذ لهم سوى صارم سطوة هذا الإمام ، و بأس جنوده المظفّرة و قد يرى الإمام ذلك على حبل ذراعه و يأخذه على ضمانه.

فمن غير سدنة الدين يركب في هذه المهمّة ظهور العوائق ، و من غيرهم يتخطّى إليها رقاب الموانع ، و من أولى منهم بخوض اللجج و سفك المهج في هذا السبيل ، و من غيرهم تلقى إليه مقاليد الأمور ، و يستسلم إليه بالثقة ، فلا يحدج بسوء.

و قد أوينا منهم أيّدهم الله إلى ركن منيع ، و أنزلنا آمالنا منهم منزل صدق ، و نزعنا إليهم برجائنا ، و رفعنا إليهم حاجتنا ، فإن أفلحنا نشـرنا على آلائهم رياط الحمد ، و نطنا شكرهم قلائد في الأعناق و الذي نتوقّعه منهم أعزّهم اللّه تعالى ، إنّما هو السعي في ‏رسوخ قواعد المودّة و توثّق عرى المصافاة بين دولتي الإيمان في اليمن و إيران ، حتّى يكون بينهما عقد لا ينقض و عهد لا يخفر ، فيقتسمان الوفاء و يتساهمان في مهمّتهما الصفاء ، و لعلّ الإمام يغزو بأبطاله و الشاه يمدّه بعتاده و ماله و المؤمنون عندئذ في أقطار الأرض لا يألون جهداً و لا يدّخرون وسعاً ، فهذا أمر له ما بعده ، رمقتكم فيه الأبصار ، و امتدّت به إليكم الأعناق ، و لا يمكن الوصول إليه إلّا بإرهاف العزم و نفوذ الهمّة و الوقوف على ساق و اختلاف ممثلّي العلماء إلى عاصمتي إيران و اليمن و سائر مدنهما ، و تبادل الوفود الإيرانيّة و اليمنيّة بين طهران و صنعاء حتّى تعقد آمال المؤمنين بالفوز ، و تذيّل مساعيهم بالنجح ، و يكون الشكر لكم أ يّها القوّامون بأمر  اللّه خالدا إن شاء اللّه تعالى».[8]

و في الأخیر فإنّ شرف الدین يعلن العالم الإسلامي بالنسبة إلی خطر الوهابیة و حصائد الصمت في قبالها في تلك الأیام المصیریة التي لم تصلب جذور الوهابیة في العالم الإسلامی و کان بإمکان المسلمین إقتلاعها في أوانها و یتکهن أنّ بقاء هذه الشجرة الخبیثة یورث العالم بأسره القتل و الخزي و المجازر البشعة بذریعة التوحید و مع رنة التکبیر ، الأمر الذي بدی صدقه في أیامنا بظهور الدواعش و أخواتها الذين شوّهوا سمعة الإسلام المحمدي في العالم و جعلوا التکبیر و الإسلام في صفّ الإجرام و الإغتیال و المذابح الدمویة ؛ فقد قال في ختام رسالته هذه:

« أما و شرف البقيع و حرمة مشهده الرفيع و قدس ضرائحه الطاهرة ، و عصمة أرواح حلّت بفناء بقعته الزاهرة ، و رزيّتنا العظمى بعاصفة عصفت بيثرب ، فارتجّ لها المشرق و المغرب ، لئن رضينا بهذا الخسف و استسلمنا لهذا الهوان ، ليتشوّفنّ عدوّ اللّه إلى المطامع البعيدة ، و ليكلّفنّ المؤمنين بعدها بخطّة شديدة ، و ليلاقنّ منه برحاً بارحاً، و ليقاسنّ نصباً ناصباً ، و ما وقعة الحرّة إلّا دون آماله ، نعوذ باللّه من خبث شنشنته و لؤم قذاله و سباله. و عريضتي هذه تتوسّل إلى ساداتنا و مو الينا بأسباب الأمل و تنادي: (حيّ على خير العمل ، حيّ على خير العمل).(وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِلى‏ عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏).[9]

25ربيع الأوّل سنة: 1345هـ. الهيئة العلمية في النجف الأشرف.

کتبت الهیئة العلمیة في النجف الأشرف کتاباً إلی العلّامة شرف الدین ، تلبیة لندائه في 25ربيع الأوّل سنة: 1345هـ. و هم الشیخ جواد نجل المرحوم صاحب الجواهر1‏، و الشیخ مهدي الخراساني ‏، و الشیخ حسين الحسني الجيلاني الغروي ‏، و الشيخ عبدالكريم الجزائري ‏، و الشیخ مشكور بن الشيخ محمّد جواد1، و السید محمّد الموسوي الخلخالي کتبوا:

بسم اللّه الرحمن الرحيم‏

«المولى الأجلّ و الكهف الأظلّ ، مروّج الأحكام ، ملاذ الأنام ، حجّة الإسلام و المسلمين السيّد عبدالحسين شرف الدين أدام اللّه ظلّه.

أعزّ اللّه بك الدين ، و رفع كيان المسلمين ، ونصـر بك شريعة جدّك سيّد المرسلين و السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته.

و بعد ؛ تلقّينا كلتا صرختيك الخاصّة و العامّة بالترحاب و التعظيم ، و تناولناهما بيمنى الإجلال و التكريم ، فتليت آياتهما على الملأ بلسان شكرك و جميل ذكرك ، فكان لدويّهما وقع و أيّ وقع أثّر في أعماق القلوب ، فأقام و أقعد.

و لعمر اللّه لقد وجب علينا معاشر أهل الإيمان و ذوي المحبّة لأهل البيت: الرفيع رفع أعلام الشكر ، و نشر رياط الحمد و الثناء على تلك الآلاء ، و مدّ أكفّ الابتهال إلى اللّه سبحانه و تعالى بدوام بقائك عَلَماً و حصناً و ملجأً ، نشهد لقد أبليت بلاءً حسناً ، و نهضت بأمر كبير ، و أرشدت برأيك الصائب و نظرك الثاقب إلى وجهة الأمر و بابه الذي يؤتى منه ، فشكر اللّه سعيك ، و شدّ أزرك ، و أعلى كلمتك ، و وفّقنا لمعاضدتك و المضيّ في سبيل نجدتك ، و ها نحن حاشدون متأهّبون مستعدّون نبذل النفس و الجهد ، و نستفرغ الوسع و النقد في هذا السبيل ، و لقد طرقنا لهذه الكارثة الممضّة أبواب مظانّ النجح و الفلاح في إيران و الهند و الأفغان ، و على اللّه التوفيق.

ننتظر إقداماتكم المتوالية ، و إمدادنا بآرائكم الصائبة ، و إطلاعنا على خططكم المتّخذة تجاه هذه المهمّة ، و ذلك بتوسّط الآيتين البالغتين الشيخ الميرزا حسين و السيّد أبي الحسن أدام اللّه ظلّهما ، قدّمنا سابقاً مناشير ، المرجو نشـرها و السلام عليكم وعلى كافّة إخواننا المؤمنين ، و رحمة الله و بركاته».[10]

و استمر هذا الرّدّ و وصل الدور إلی مراجع النجف آيت الله النائيني و السيد أبي الحسن الإصفهاني في أوّل رجب سنة 1344 هـ. ق، کما سیأتی.

2 جمادى الأولى 1345هـ. بيان القارعة ، ما القارعة

لکن هذه الردود لم ترض شرف الدین و لم تبلغ المستوی المطلوب الذي کان یتوقعه، لهذا بعد ثلاثه أشهر من تلك الرسالة أي في جمادی الأولی سنة1345هـ، أصدر بیاناً عاماً في جریدة الحسام اللبنانیة کي تنشر لبانات صدره إلی مجتمع المسلمین عامة کي یجد من یلبیه من صمیم قلبه و یجلب مساعدة الرأي العام في منشوده ، فحاول وقع هذا البیان في أذن السامعین بتسمیتة بیان القارعة ما القارعة؟ التي لها دوي خاص في أذن السامعین و یجعلهم یتابعون بیان هذا المصلح العظیم الذي کتب فیه: القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة؟ يوم انخلعت بفاجعة البقيع قلوب المؤمنين ، و اقشعرّت لهولها جلود العالمين ؛ و ارتعشت بها فرائص الإسلام ، و طاشت لها عقول الأنام.

قارعة يا لها من قارعة ، عصبت (فِي بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ)، فنسفت ضراح الإمامة ، و طمست ضرائح القدس و الكرامة ، و نقضت محكمة التنزيل، و مطاف جبرائيل و ميكائيل.

حلّ ما لا تبرك الإبل على

مثله يوماً ولو زيدت عقالا

فكلّ مسلم بعدها مباح الذمار ، مُوَسَّم الثالث بالعار ، مخطوم ببرّة الهوان ، ملقى في مراغة الخسف و حمأة الإمتهان ، أو يرتق اللّه هذا الفتق ، و يرأب هذا الصدع ، و يجبر كسر المؤمنين ، فقد رهقهم من هذه القارعة ما ضاق به وسعهم ، و عجز عنه ذرعهم، و لا غرو أنّ هتك الجزع حجب قلوبهم ، فأماثها كما يماث الملح في الماء ، فإنّ الذي بعد هذه القارعة لأدهى و أطمّ.

و لئن عفّرنا الخدّ ، و أعطينا الضيم عن يد ، و لم تأخذنا حفيظة و لا عزّة نفس ، لتكوننّ هذه القارعة فاتحة فتوحات الويل و الثبور ، و مقدّمة المثلات من فاقرات الظهور ، و بائقات الدهور ، حسبنا اللهُ و نعم الوكيل نعم المولى و نعم النصير.

إنّ هؤلاء النجديّين قد هتكوا ستر الحشمة ، و أبرزوا صفحة الوقاحة و كشفوا وجه العداوة لأنبياء اللهِ و أوليائه ، و وقفوا في محو آثارهم و إطفاء أنوارهم على ساق، و جلحوا في ذلك تجليح الذئب ، و أرصدوا الأهب لحرب اللّه عزّ وجلّ ، و إطفاء نوره من مشكاته، و أشرجوا صدرهم على الحنق من رسول الله9 ، و طووا كشحاً على الحزازات من دينه القويم ، و صراطه المستقيم ، فهم يسـرون حسوا في ارتقاء ، و يدبّون له الخمر و الضراء ، فما أكبر كلمتهم في شريف رمسه و ضريح قدسه. (كَبُرَت كلِمَةً تَخرجُ مِن أفوَاههِم إن يَقوُلونَ إلّا كَذِباً)، (وَإنَّهم لَيقولُونَ مُنكراً مِنَ القُول وَ زوُراً)، فما أمضّ و ما أوجع ، و ما أكظّ و ما أفجع ، و ما أمرّ و ما أفظع ، و ما أدهى و ما أشنع ، ما همّوا به و تأهّبوا إليه.

همّوا و ما أدراك بما همّوا ، همّوا بنقض رواقه الأرفع ، و تقويض سرادقه الأمنع ، تلك و اللّه القارعة الكبرى و الطامّة العامّة.

وا محمداه! أين أهل الحفائظ من أمّتك؟ أين أهل التمسّك بالعروة الوثقى من ولايتك؟ أين الذين أنقذتهم من الحضيض إلى الأوج بنبوّتك؟ أين الذين وسعتهم برحمتك ، و أسبغت عليهم من نعمتك؟

وا محمداه! أين حفاظ الجار ، و مانعو الذمار من فتيانك؟ أين حماة الحريم من غلمانك؟

وا محمداه! أين اسودك في الوقائع؟ و أين السقاة من رجالك للحتوف؟ و أين الحماة من أبطالك للحقائق؟ و أين اباتهم للضيم؟

وا محمداه! أين أهل الحميّة الإسلاميّة و الغيرة المحمّديّة ليروا هذا النجدي و حثالاته الأَذناب إخوان البول على الأعقاب ، ينزون على منبرك المقدّس نزو القردة ، يردّون الناس على أعقابهم القهقرى ، فيلزمونهم برفض الجدث الأقدس ، و خفض قبّة الفلك الأطلس ، أرفع معاهد النبوّة ، و أمنع معالم الرسالة ، و أعزّمهابط الملائكة و التنزيل ، و أشرف محلّ يستوجب التعظيم و التبجيل؟

هذه باكورة أعمال النجدي في الحجاز قبل أن تستتبّ له. و قبل أن يرسخ له فيها قدم و هذه فاتحة فتوحاته على المسلمين و قد دعاهم ليشتوروا في خدمة الحرمين و حجّاجهما ، و ليأتمروا في شؤون الحجاز و مهمّات المسلمين ، و قبل وصولهم كانت القارعة ، و ما أدراك ما القارعة؟ الأمر المهول الذي طاشت به العقول.

هذه قوارع النجدي و هو يصانع المسلمين و يداجنهم ، فيمسح رؤوسهم ملقاً ، و يقتل منهم في الذروة و الغارب مذقاً ، طمعاً منه بالخلافة الإسلاميّة و الامبراطوريّة العربيّة ، فما الظنّ به إذا نشط من عقاله و ساق العرب بعصاه ، فأخفر ذمّتهم ، و انتهك حرمتهم ، و لم يرع لهم آصرة و لم يراقب فيهم إلّا ولا سبباً، فلا طائل ثمّة و لا نائل ، إلّا تحكّم الغبيّ و الجاهل من كلّ جافّ الطبع ، فظّ الأخلاق لا تأخذه رأفة ، و لا تثنيه آصرة ، حتّى يجعل المسلمين مثلة للناظرين ، و مثلاً واحدوثة في الغابرين.

ما أغرى هؤلاء بالطامة تلو الطامة ، و لا طوع لهم البائقة إثر البائقة ، و لا أرهف عزمهم لإيقاع الخطب على الخطب ، و لا استفزّهم لسحق المسلمين و محق معالم الدين، إلّا إغضاء المسلمين المرّة بعد المرّة على قذاهم ، و صبرهم التارة بعد التارة على ضيمهم، ينزل بهم كلّ يوم من صواعقهم و بوائقهم ما لو نزل بالطود لكان عنها منفوشاً ، فلا ينبض للحميّة فيهم عرق ، و لا تندى منهم جبهة بعرق ،  فمرحوا بذلك طاغين ، و سرحوا باغين ، و اختالوا بطراً ، و طاشوا نزقاً و أشراً ، و عتوا عتوّاً كبيراً: (وَ أَصَرُّوا وَ اسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً)، (وَمكرُوا مَكراً كبّاراً).

أيقرع النجدي مروّة النبيّ9، و ينقضّ مرّة السلف و الخلف من أمّته «وهي خيرُ أمّةٍ أخرجت للناس»، فيخفض جانبه الرفيع ، و يبيح البقيع من حماه المنيع ، بمرأى من المسلمين و مسمع و منتدى و مجمع ، و هم أهل العدد و العدّة ، و اولو الأداة و القوّة، فما هذه ‏الغميزة ، و ما هذه السنّة ، وا مصيبتاه! وا محمّداه! ليت السماء أطبقت على الأرض ، و ليت الجبال تدكدكت على السهل.

أيلجّ الوهابيّون في هذه الجهالة و يتمادون في هذه الضلالة ، و يركبون متن هذا الغرور، و يمضون على غلوائهم في هذا الطغيان ، و يسترسلون في الوقاحة ، و يتباعون في التهجّم على حرمات اللّه و شعائره ، و تسوّل لهم أنفهسم محو المشاهد المقدّسة و الضـرائح المعظّمة من جديد الأرض ، و يمنّيهم غرورهم بالخلافة الإسلاميّة و الإمبراطوريّة العربيّة ، فيضـربون على ذلك أطنابهم ، و يلقون عليه جرانهم ، استخفافاً بالملّة ، و استضعافاً للأمّة ، و لا وازع لهم من ملوكها و أمرائها و لا رادع ، و لا قارع لهم من أهل الطول و الحول و لا قامع ، و لا حابس لعنانهم ، و لا رادّ لعرامهم ، و لا كافّ لشي‏ء من عاديتهم ، هذا هو الخسف و الصغار ، هذا هو العار و النار و بئس القرار ، معرّة و الله دهماء و سوءة شنعاء ، مل‏ء الأرض و السماء ، و خزي لا ترحضه السنون ، فإنّا لله و إنّا إليه راجعون.

أما و مجد الروضة الطاهرة ، و أنوار القبّة الزاهرة و قدس الضـريح المفدّى ، و شرف المنبر الأعلى ، و ما بينهما من جنّة المأوى ، و دارى بقعة في البقيع وارت سادات الورى ، لئن أغضى المسلمون على هذا القذى ، و شربوا هذا الكأس على الشجى ، و لم تأخذهم حفيظة ، و لا حميّة ، و لا أنفة ، و لا عزّة نفس ليذوقنّ وبال تفريطهم كالمهل مرّاً حرّاً و ليجنن ثمره ذعافاً ممقراً ، و ليتّجر عن الأسف غصصاً ، و ليجرضن بريقهم كمداً ، ثمّ لا يجديهم قرع السنّ ، و لا عضّ البنان ، و لا أكل الشفتين ، و لا اليدين ندماً.

إنّ الوهابيّين قد أجمعوا على سلب الحرّيّة المذهبيّة في الحجّ و الزيارة ، و عقدوا عزائمهم من صميم قلوبهم على ذلك ، و بيّتوا إلزام الحجّاج كافّة بالمذهب الوهابيّ ، و حكّموا في تنفيذ قرارهم هذا صوارمهم المسلولة و بنادقهم المصوّبة ، فأيّ سماء تظلّ‏ العرب و المسلمين؟ و أيّ أرض تقلّهم مع هؤلاء و لا سيّما إذا ما استتبّ لهم ما تشوّقوا إليه ، و اشرأبّت له مطامعهم؟

(رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ‏).[11].[12]

20 جمادى الاولى سنة 1345هـ. ق. مکاتبه مع الإمام یحیی الزيدي إمام اليمن:

بعد سبعة أشهر من هدم البقیع ، أرسل السيّد شرف الدین رسالة إلی الإمام یحیی فأطراه فیها و ذکّره بإنتسابه إلی رسول الله9 و حثّه إلی مکافحة الوهابیة و أبدی إستعداده في مساندته و في هذا السبیل لشرف الدین شرف طرح فکرة إتحاد الدول الإسلامیة ضد الوهابیة لأوّل مرّة علی مسامع الرأي العام الإسلامي حسب هذه الرسالة إلتي إبتدأها ، قال فیها:

أدام الله ظلّك ، إمام بيت الوحي و البقيّة من العترة الطاهرة: و الثقل الذي جعله رسول الله9 قدوة لأولي الألباب ، إذ قرنه بمحكم الكتاب.

فأنتم سفن النجاة ، إذا طغى زخّار الفتن ، و أمان الأمّة إذا ماجت المحن ، و نجوم الهداية إذا أظلم ، ليل الغربة ، و باب حطّة يأمن من دخلها ، و العروة الوثقى لا انفصام لها ، صلوات الله و سلامه عليكم كلّما هوت أفئدتنا إليكم.

مولاي ، شيعتكم في أقطار الأرض تستغيث بجلالتكم ، طامحة بأبصارها إلى عرش إمامتكم و قد تمزّقت لفائف قلوبها ، و تقطّعت نياط أفئدتها ، ممّا طرق مشاعركم الحرام ، و شعائركم العظام ، و حاق في حرميكم الأمنعين ، و بلديكم الأمينين من فواقر الظهور ، و فظائع الأمور ، و فجائع الدهور ، حيث طلع قرن الشيطان من نجد ، فعصفت عواصف فتنته بمكّة و يثرب ،  فارتجّت بذلك أرجاء المشرق و المغرب‏ ، و لا عجب أن اضطربت الحواسّ ، و اقشعرّت بفاجعة بقيعكم جلود الناس ، فإنّها العاصفة التي عصفت بدين الإسلام و البائقة التي طرقت فناء جدّك سيّد الأنام.

و نحن طوع أمرك و نهيك ، لا ندّخر وسعاً و لا نألو جهداً ، فقل تسمع ، و مر تطع.

نسأل الله أن يثبّت قدمكم ، و يرفع في عامّة الجزيرة علمكم و السلام عليك يا ابن رسول الله و على آبائك منقذي الخلق و الأئمّة بالحقّ ، و رحمة الله و بركاته.

و قد سبق أنّ طرح شرف الدين في رسالته ، کان فکرة الإتحاد بین البلدان الإسلامیة، و بیان القاعدة بما رحب به علماء العراق ، فأرسل هذه الرسالة إلی الإمام یحیی و قد أشار فیها إلی الحدیث النبوی الشریف حول خروج قرن الشیطان من النجد وطبقه علی الوهابیة:

عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ9 اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا، قَالُوا: وَ فِي نَجْدِنَا ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله ، وَ فِي نَجْدِنَا ، فَأَظُنُّهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَ الْفِتَنُ ، وَ بِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ».[13]

أوّل رجب 1345هـ. الرسالة إلی مراجع النجف الأشرف: آيت الله النائيني و آيت الله السيّد أبي الحسن الإصفهاني

لقد مرّ أنّ الهیئة العلمیة في النجف الأشرف طلبوا من شرف الدین أن یکاتب المراجع مباشرة و یستنجدهم في هذه العویصة و یبدوا من الرسالة هذه أنّه قد أرسل إلی مراجع النجف رسالة لم نعثر علیها قبل هذا التاریخ ففي مقدمه هذه الرسالة یشید بدور المراجع العظام و یمدح مکانتهم و یشکر جمیل إجابتهم لدعوته و ردّهم لرسالته و یخصّ بالشکر النائیني لموقفه في مساندة ما ذهب إلیه شرف الدین من إقامة العزاء الحسیني و بعد ذلك یشير إلی کارثة هدم البقاع في البقیع و یقول:

يا له من خطب قرعت قارعته شعائر اللّه العظام و مشاعره الحرام في البلدين الأمينين و الحرمين المنيعين ، و حقّت حاقّته في بقعة البقيع ، و عصفت عاصفته في ذلك المشهد الرفيع ، فنسفت طور النور و البيت المعمور ، و نقضت محكم الكتاب المسطور في رقّ منشور ، و عتت على مهبط الوحي و  التنزيل ، و مختلف جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل ، معقل الملائكة المقرّبين و مهوى أفئدة الخلف و السلف من كافّة المسلمين ، فجدع بذلك أنف العزّ ، و هدمت شرفات الشـرف ، و لانت قناة الدين ، و ذلّت أعناق المؤمنين.

فهل ترى المسلمين (يا إمامهم) يرضون بهذا الهون و يخلدون إلى هذا الدون شأن من هو خامل الحسّ ، ضعيف النفس ، لا يربأ عن الدنيّة ، و لا يأنف من الخسف. معاذ اللّه أن يهتضم جانبهم ، و هم أولو المنعة و الحفائظ ، و حاشا للّه أن يستباح ذمارهم بمرأى منهم و مسمع و هم ذوو الجانب الأعزّ الأرفع.

و لن يقيم  على خسف  ألمّ   به

إلّا الإذلّان عير الحيّ و الوتد

هذا على الخسف مربوط برمّته‏

و ذا يشجّ  فلا يبكي له  أحد

نعم ، كان البعض منهم قد ركن أوّلا إليه ، و علّق بعض آمال الإسلام و العرب عليه ، ثمّ لمّا كان منه في الطائف و مكّة واحد و المدينة وجدّة ما كان ، و عرفوه خبًّا خبيثًا خدّاعاً مماكراً لفظوه لفظ النواة ، و نبذوه نبذ الحصاة ، فهم ينعون عليه جرائمه، و يفنّدون أفعاله و أقواله ، و يندّدون به كلّ تنديد و قد وهت بينه وبين مصر أسباب المودّة ، و احتجّ حجّاجهم عليه بفظائعه و فجائعه ، و أشرب الأشراف العلويّون في سنغافورة و حضرموت و جاوة بغضه ، و طووا على البراءة منه أحناء صدورهم ، و لهم أولياء أشدّاء لا يستهان بهم ، و أظنّ الأفغانيّين قد جاشت صدورهم من هذا المارق غيظاً ، و فارت‏ منه قدورهم غضباً و  قد انفصمت العروة بينه و بين كثير ممّن كان يؤثره بإعزازه ، و يصغي إليه بودّه ، و أغبر الجوّ بينه و بين أصحابه في الهند ، و فسدت ذات بينهما ، و قرّر مسلمو الهند إنقإذ الحجاز من يده ، باستنجاد إيران و اليمن و أفغان و سائر بلاد المسلمين ، و منعوا الحجّ مادام متغلّباً على الحجاز منعاً باتًّا ، و بلغوا من الجهد في تحقيق هذه المقرّرات كلّ مبلغ ، فأحسنوا في ذلك ـ إن استقاموا عليه ـ و أجادوا إلى الغاية.

و ليت المسلمين عامّة و الإيرانيّين و العراقيّين بالخصوص يقومون بهذه النهضة ، ذودا عن قبلتهم التي تهوي إليها أفئدتهم ، و يولون شطرها حيث ما كانوا وجوههم ، و يعتقون من النار بحجّها رقابهم ، و مدافعة عن ضريح نبيّهم الأقدس ، و قبّة فلكه الأطلس ، أرفع مهابط الوحي و التنزيل ، و أمنع معاهد التعظيم و التبجيل ، و ليت حكومة إيران أعزّ اللّه جانبها وجّهت إلى ما قرّره مسلمو الهند عزيمتها ، و عقدت على إمضائه في مقرّراتها الرسميّة نيّتها ، و استنجدت بعامّة المسلمين في مهمّتها ، و اتّخذت اليمن من حلفائها و أوليائها ، كما رفعناه سابقاً إلى سدنة الدين و خزنة الوحي المبين ، فإنّهم متّعنا اللّه بجميل رعايتهم و جليل عنايتهم لأولى الناس بتقرير ما قرّره المسلمون في الهند و  إنّما نرجو ذلك أوّلاً و بالذات من مولانا أيّده الله ؛ إذ هو إمام الكلّ في الكلّ، و بقوله يكون العقد و الحلّ ، و لو صدع به لكان لفتواه أثر لا تؤثّره أفواه المدافع ، فإن كان أعزّه اللّه لا يحرز ذلك ، فإنّ بعض الحكماء يقول:

على المرء أن يسعى بمقدار جهده

و ليس عليه أن يكون موفّقا

أمّا إخواننا في الهند ، فإنّ لهم همّة بعيدة المرمى ، و نفوس عبقريّة رفيعة المصعد ، و من وقف على مفاوضاتنا الخطّيّة الباهرة مع هذا العاتي الظلوم ، و مناقشاتهم إيّاه الحساب بكلّ دقّة و احتجاجهم عليه ببوائقه بكلّ رباطة جأش ، و هم إذ ذاك في دار سلطته ، يعلم أنّ الهمم العالية منتهية إليهم ، و الأنوف الحميّة مقصورة عليهم ، فالرجاء أن‏ لا تفوتنّكم مولاي عزائم هؤلاء الأبطال ، فإنّهم يخدمون أفكاركم الثاقبة في هذه المصيبة الراتبة.

و لله مفاوضاتهم ما أكبر خطرها ، و أشرف أثرها ، مثّلت للعالم أنّ هذا المارق إنّما هو عامل بريطاني في الجزيرة العربيّة كادح ، و سيف للإنكليز مسلول ، على الإسلام و العرب قاطع ، و أوقفت العالمين على خبث سيرته و لؤم سريرته ، بتمثّل فظائعه قالباً حسّيّاً ، و تجسيم فجائعه شخصاً مرئيّاً ، فإذا هي محسوسة ملموسة ، فمن كان بين جنبيه مثل نفوسهم فليحيى ، و إلّا فالموت أجدر و القبر أستر و قد سنحت الفرصة التي يترقّبها ذوو الهمم ، و يترصّدها أولو العزائم ، بانتقاض الأطراف على هذا الهاتك لحرمات الله ، المستبيح لمحرّماته ، العابث بشعائره ، المستأثر بمشاعره ، المتأهّب لسحق المسلمين ، و القائم على ساقه في محق معالم الدين.

فأين عنه اليوم كلّ جادّ مجدّ ، دائب السعي ، مرهف العزم ، نافذ الهمّة ، نهّاض بأموره ، قائم على ساقه ، يصرخ باسمكم في الإسلام صرخة تتجاوب بصداها أقطار المسلمين ، و تتبادل بها وفودهم بين عواصمهم ، و يختلف ممثّلو العلماء إلى أمرائهم و ملوكهم ، و تجوب دعاتهم أمصارهم و فجاجهم العميقة ، تستثير عواطف أهل القبلة ، و تستنهض همم أهل الملّة ، لإنقإذ معاهد النبوّة ، و مشاهد الرسالة ، و مختلف الملائكة، و مهبط الوحي و التنزيل ، من أيدي هؤلاء الذين لا يرون لها حرمة ، و لا يرقبون فيها إلّاً و لا ذمّةً ، فإن كان هذا كلّه و إلّا:

فلا صلاة ولا بيت يحجّ له

ولا كتاب ولا فرض ولا سنن

فقد أشار فیه إلی المفاوضات الفاشلة التي جرت بین شریف علي و آل سعود و أخبرهم ما بذل الحشود المسلمة في سبیل القیام بوجه الوهابیة ، و یطلب من المراجع أن یطالبوا حکومتي إیران و العراق لمساندة الیمن في المناضلة مع آل سعود و أن یشاطروا مسلمي الهند في تحریم الحجّ بهدف الضغط الإقتصادي علی السعودیین.

و في ختام الرسالة یشیر إلی دور بریطانیا في دعم السعودیین و صمتهم أمام جرائمهم ضدّ المسلمین و الإسلام و حذر المراجع بکلّ حماس في الجملات الأخیرة.[14]

25 رجب ، رسالة الهیئة العلمیة في النجف إجابة علی رسالة شرف الدین

قد أرسلت الهیئة هذه الرسالة ردّاً علی مراسلات شرف الدین السابقة فشکرته علی نشاطاته في هذا السبیل و أخبرته عما نفذت الهیئة في النجف الأشرف لتحقیق المنشود و أشار فیها بالتواني و الوهن الموجود في تنفیذ مقترحات السید شرف الدین و أنّ هذه الإقتراحات أثارت نقاشات واسعة في الحلقات العلمائیة الموجودة في النجف و لما حصل إجماع في المسألة. ما إستخدمه کاتبوا الرسالة في صدر الرسالة من ألقاب تکریم لشرف الدین توحي مکانته المرموقة في أعین الکاتبین الذین هم من علماء النجف و نخبه حیث خاطبوه بـ:

«ملاذ الشيعة و ركن الشـريعة ، الصـراط الأقوم و العماد الأعظم ، حجّة الإسلام و المسلمين السيّد عبدالحسين شرف الدين أدام الله ظلّه.

نرفع التحيّة بلسان الإجلال و الاحترام مبتهلين لعزّته تعالى بدوام مجدكم و تأييد جدّكم في نصرة شريعة جدّكم9. و بعد ؛ تلقّينا كتابكم المجيد فرتّلنا آياته ترتيلاً ، إكباراً و إعظاماً و تبجيلاً ، و لقد رأينا من كلمتكم المرفوعة إلى الآيتين وجه الحيلة في إرغام النجدي ، فطرقنا بابي الآيتين جماعة و فرادى راجين العمل بهذه الكلمة التي أشغلت فراغ قلب سامعيها ، و كلّ أضحى يهتف بمل‏ء فيه فيها.

و بعد المفاوضات الكثيرة و الجلسات المتعدّدة ، غاية ما تحصّل من إقدامهما في هذا الأمر أدام الله ظلّهما ، ما حرّراه و علّقاه عليه ، و لقد تقدّم ذلك في البريد السابق ، سعينا في العراق بما أشارا إليه و على الله التوفيق.

و أنتم بحمد اللّه معقد الآمال ، ومحطّ الرجاء في بذل الجهد في الاستيثاق من علماء إخواننا السنّيّين في مصر و سوريا بإقدامهم في هذا الباب ، بعد إقدام أعلام الشيعة في العراق ، نسأله تعالى أن يتمّ ذلك قريباً بيمن مساعيكم.

المرجوّ اطّلاعنا على تفصيل ما أحدث هذا المارق جديداً في المدينة المنوّرة ، حيث لم نر ما نعتمد عليه في هذه المسألة سوى إشعاركم المجمل المحيل على التفصيل في عددي الجوائب و هي لم تصل إلى هذا التاريخ».

و السلام عليكم و على من يلوذ بكم

من إخواننا المؤمنين، ورحمة الله وبركاته.

الهيئة العلميّة في النجف الأشرف‏

الأحقر حسين الحسني الجيلاني الغروي

الأحقر مشكور الشيخ محمّد جواد‏

محمّد عليّ آل بحر العلوم

 جواد نجل المرحوم صاحب الجواهر «قدس سرّه‏».[15]

12 شعبان المعظّم 1345هـ.

رسالة للجامعة العلميّة في كربلاء المشرّفة :

لقد تابعت الجامعة العلمّية في کربلا و التي تشکلت من أعلام کربلا الذین رفعوا رسالتهم إلی السیّد شرف الدین بهذه الألقاب: الأحقر يحيى اليزدي الزرندي ‏؛ الأحقر محمود الزنجاني ‏؛ الحاجّ هادي الحسيني الخراساني ‏؛ الحائري الكشميري عفي عنه ‏؛ عليّ بن زين العابدين ‏؛ عليّ الشاهرودي‏ ؛ محمّد تقي الطباطبائي‏ ؛ عبدالحسين الشيرازي‏ ؛ محمّد عليّ القمّي عفی عنه ‏؛ محمّد باقر الرضوي الحائري الكشميري‏ ؛ مجد العلماء ؛ محمّد حسين الرضوي الكشميري‏ ؛ عبدالحسين آل صاحب الرياض قدس‏سرّه الطباطبائي.

الهیئة العلمیة النجفیة أرسلت إلی شرف الدین بعد عشرة أیام الرسالة التالیة التي شارکت الرسالة النجفیة في المضمون و تزید علیها في إقتراح تعیین السید محمدعلي نجل السید شرف الدین کالواسط بینه و بین علماء العراق. فقالوا:

«سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ، نعزّيك يا حجّة الشيعة الغرّاء ، و محجّة الشريعة البيضاء في الإسلام بهدم أركانه القويمة و الكتاب و نسخ آياته المستقيمة ، لله صبرك يا عزّ الدين ، و غياث المؤمنين ، و أعزّ الله نصرك ، و عظّم أجرك في هذه المصيبة التي انفصمت لها عرى الإسلام ، و انفصمت بها ظهور الأنام ما لها من الفضائع المرعشة لقلوب المسلمين و الفجائع المدهشة لعقول العالم ، عمدت رقباء الشرع الشريف إلى بدر سماء عزّه ، فمحقوه و طمسوا أنواره ، و إلى أوثق أركان الدين الحنيف ، فسحقوه و درسوا آثاره ، نحروا الإسلام بسهم بعض منتحليه إسماً ، لا و الله العظيم لم ينل منه سهماً ، و لا يعرف منه أثراً و لا رسماً ، فعملت قطاعاتهم في بيوت أذن اللّه أن ترفع و يذكر فيها اسمه ، فوضعوها هدماً ، و جالت عمّالاتهم في روضة البقيع فضيّعوها ردماً ، فتهدّمت و الله أركان الهدى ، و انطمست و اللّه أعلام التقى، و انفصمت العروة الوثقى ، تكاد السماوات يتفطّرن منه ، و تنشقّ الأرض ، و تخرّ الجبال هدّاً ، هدموا بيوت النبوّة ، و ردموا ديار الرسالة ، فإنّا لله و إنّا إليه راجعون ، يا لثارات الدين و تراث الشرع المبين ، و يا لله و المسلمين و المؤمنين لقطع يد هذه الطاغية و الفئةالباغية ، همج رعاع ، رعاة الإبال ، و شرّاب الأبوال ، و سرّاق الأقوال:(الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً وَ أَجْدَرُ أن لا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ الله‏).[16]

و لقد وقع ما أنبأ لسان الوحي الإلهي فيما أخبر9 عن أريضة نجد أنّ هناك الزلازل و الفتن ، و بها يطلع قرن الشيطان ، و لكن إنّ كيد الشيطان كان ضعيفاً.

و إنّكم يا بني عبدالمطّلب ما عاداكم بيت إلّا و قد خرب ، و لا عاداكم كلب إلّا و قد جرب ، و الحمد لله تعالى و له الشكر.

إنّ فرج الله قريب إن شاء الله ، سيـسرّكم سرّ العالم الإسلامي ، فإنّه فيما استطلعناه من المفاوضات و المراجعة المتواردة منذ شهور فيما بين هذه الجامعة العلميّة في هذه العتبة السامية و بين سائر المراكز الإسلاميّة هند و بلاد إيران و غيرها و ما اتّفقت عليه آراء الجوامع الإسلاميّة فيها أ نّها بصدد تحصيل الرابطة العامّة و الاجتماع الاتّحادي بين جميع فرق المسلمين نصرهم الله على قمع أصول هذه الطاغية ، و استئصال شأفتها، و تطهير الحرمين الشريفين من لوثها ، و تأسيس المؤتمر الإسلامي فيهما ، فنرجوا بفضل الله و رحمته أن ينصر المسلمين ، و يبصّرهم في الاستعداد بكلّ ما استطاعوا من قوّة ، و نحن نشكر مساعيكم الجميلة قديماً و حديثاً ، و ننتظر المفاوضات النافذة في ناحيتكم بين سائر حجج الإسلام و عمدة الأعلام ، و عامّة الزعماء و الأعيان ، بل قاطبة العالم الإسلامي في سوريا و مصر و فلسطين ، و بناءاً على ذلك قرّر انتداب نجلكم ملاذ الأنام و ثقة الإسلام السيّد محمّد عليّ أيّده اللّه ممثّلاً من قبلنا في الأقطار الثلاث و قد حملناه مفاوضات شفاهيّة يرفعها لخدمتكم و ترون رأيكم الصائب فيها.

و عوداً على بدء ننتظر ما يكون في هذا الباب ، و نحن مستعدّون لمعاضدتكم بكلّ‏ما لدينا من قوّة و اللّه هو مولانا و رسوله و جبريل و صالح المؤمنين و الملائكة بعد ذلك ظهير. و الحمد للّه ربّ العالمين و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته».[17]

15 شعبان. رسالة الهيئة العلمية في النجف و مرجع الشيعة آيت الله النائيني

و بالتزامن مع الجامعة کربلا العلمیة و الهیئة العلمیة النجفیة أرسل آیت الله النائینی مرجع النجف الأشرف في منتصف سنة 1344هـ. ق. رسالة إلی السيّد شرف الدین التي توحي بأنه کان یوجد ثمة تردد في إختیار الردّ المناسب من جهة علماء النجف و کان یشمل علی مطالبة مناقشات أکثر لکي یستقر علی موضع واحد و موثر فقال:[18]

بسم الله الرحمن الرحيم‏

«منار الشرع الرفيع ، و حصن الدين المنيع ، ملاذ الأنام حجّة الإسلام و المسلمين السيّد عبدالحسين شرف الدين أدام الله ظلّه.

نحيّيك بألسنة الشكر لمساعيك ، تلك المساعي المحمودة المشهودة في إعزاز الدين الحنيف و الشرع الشريف ، نحيّيك بأفئدة تهوي إليك ، سلام الله عليك و شكر سعيك، و قدّره لك اولو الألباب ، و لا زلت معقد الآمال و محطّ الرحال في كلّ معضلة و ملمّة، عظّم اللّه لك الأجر بما أصيب به بيت اللّه الحرام الأرفع ، و حرم جدّك الأمنع ، و مشاهد أبنائه و خلفائه الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين ، من هتك الحرمات ، و استباحة المحرّمات أيّدك الله بالنصر و ظهور الأمر بنيل الأمنيّة ، ألا و هي رفع غائلة الإسلام ، و كفّ يد تلك الحامية المشؤومة ، و هو أكرم مسؤول.

و بعد ؛ فقد قرّر بعد الجلسات الكثيرة و الاجتماعات المتو الية استطلاع آراء العالم الإسلامي في وجه الحيلة لدفع هذه الطامّة الكبرى التي مني الإسلام بها ، و لا شكّ أنّ ببقائها انطماس أعلام الدين ، و اندراس معالم الشرع المبين لنكون بذلك على بصيرة من الأمر ، و كتلة واحدة ، فنقوم بوجه ذلك التيّار الجارف ، تيّار قرن الشيطان ، تيّار الإثم و العدوان و معصية الرسول.

و بناءاً على ذلك أوفدنا إليكم ثقتنا المعتمد العلّامة ثقة الإسلام شبلكم الأجلّ السيّد محمّد عليّ ليمثّلنا بما نحن عليه من الحيرة و الدهشة ، و يفرغ عن لساننا الشكوى لكم و لكافّة الحجج و عامّة الزعماء و الأعيان في عاملة ، و لقاطبة العالم الإسلامي في سوريا و مصر من جرّاء تلك الحوادث و الفظائع المؤلمة بل المهلكة ، و ثانياً ليطلعنا على رأيكم الصائب و رأي الحجج و العالم الإسلامي في سوريا و مصر ، و على خططكم المسدّدة الناجزة في هذا الباب.

و هناك مفاوضات يعرضها إليكم شفاها ، فترون رأيكم فيها إذ الأمر إليكم.

هذا ، و نحن بمعونة الله تعالى مستعدّون لمعاضدتكم و المضـيّ في سبيل نجدتكم لا نأل جهداً ، و لم ندّخر وسعاً و قد آن وقت العمل ، و نضج السنبل في العالم الإسلامي بما طرق سمعه ، فأصماه من استثارة الرأي العامّ و الاستصـراخ نظماً و نثراً ، فالعمل العمل و الوفود الوفود ؛ إذ بها النجح إن شاء اللّه تعالى بربط الأقطار الإسلاميّة بسلسلة واحدة ، و عندها الصرخة في وجه تلك الفظائع و اللّه تعالى من وراء ذلك مؤيّداً و ناصراً و هوحسبنا و نعم الوكيل ، نعم المولى و نعم النصير. بالأمس وصلت رزمتا المفاوضات الهنديّة و وزّعت. و السلام عليك يا ابن رسول الله و نائب خليفته و رحمة الله و بركاته».

13شعبان سنة 1345هـ. الهيئة العلميّة في النجف الأشرف‏

الأحقر مشكور الشيخ محمّد جواد

الأحقر محمّد الموسوي الخلخالي

الراجي محمّد رضا آل ياسين

الراجي من آل كاشف الغطاء الهادي بن العبّاس

الأحقر باقر القاموسي

الأحقر مهدي الخراساني

محمّد عليّ آل بحر العلوم

جواد نجل المرحوم صاحب الجواهر قدس‏سره

الأقلّ عبدالكريم الجزائري

الأحقر عليّ بن إبراهيم القمّي1345هـ. ليت الانتباه كان قبل عامين

الأحقر صدر الدين الموسوي

الأحقر عبدالرضا آل المرحوم الشيخ راضي قدس‏سره

الأحقر حسين الحسني الجيلاني الغروي

باسمه تعالى الأحقر عليّ الأصغر الحسيني الشهرستاني.‏

و النائینی أیدّ الرسالة و أکّد بمضمونه بالنص التالی:

بسم الله الرحمن الرحيم‏

«بعد السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، فإنّ الأمر كما كتبته الهيئة العلميّة المعظّمة ، و ننتظر الاطّلاع على ما يستقرّ عليه رأي العالم الإسلامي في دفع حاكمية هؤلاءالمارقين على حرم الله تعالى و حرم رسوله صلّى اللّه عليه وآله الطاهرين و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته».[19]

الأحقر محمّد حسين الغروي النائيني‏

15شعبان 1345هـ.

18 شعبان سنة 1345هـ. الإخبار و إعطاء معلومات جدیده حول جرائم الوهابیة و إنکار هدم الحرم النبوي الشریف

و في رسالة أرسلها شرف الدین إلی ابنه السیّد محمدعلي الذي نصب کواسطة بینه و بین علماء العراق و مراجعها ، أجاب علی إلتماس الهیئة العلمیة النجفیة حیث سئلوه عن معلومات أکثر حول هدم المسجد النبوي الشریف و أخبره عمّا نفذوه في سبیل تحقیق المنشود حول البقیع ، حیث کتب إلیهم:

«...أخذت كتابك الحافل ، بما لك من الهمم و الفضائل ، مع كتب الآيتين و الحجّتين أدام الله وارف ظلالهم ، ثمّ وافانا كتابكم الآخر مع كتاب الهيئة العلميّة أعزّها الله تعالى ، فسرّني ما ذكرتموه من النهضة ، و ساءني عدم ترتّب شي‏ء مّا من الآثار عليها ، فكأ نّا لم نصنع شيئاً. و زادني همّاً و غمّاً و كرباً أ نّكم استشعرتم من كتبي ما لا نشعر به و فهمتم منها ما لا تدلّ عليه بواحدة من الدلالات استشعرتم منها تعرّض الوهابيّين (بالهدم) للحرم النبوي أعزّه اللّه تعالى و حماه ، الأمر الذي لم يقع إلى الآن منهم ، و إن كان متوقّعاً في المستقبل ؛ لكونه من الواجبات عندهم بحكم الضرورة من مذهبهم ، لكنّهم أخّروه إذ لم تستتبّ لهم أسبابه و إنّما تستتبّ بتمويت عواطف المسلمين شيئاً فشيئاً و قد جرّبوا العواطف ، فخرّبوا أوّلاً مقام حبر الأمّة و ابن عمّ نبيّها9 ، و فعلوا في الطائف ما فعلوا من القتل الذريع و النهب الفظيع ، و ارتكبوا فيها ما ارتكبوا من الفظائع و الفجائع ، فلم ينتطح في ذلك عنزان ، فثنّوا بتدمير المشاهد و المعاهد و بعض المساجد بمكّة المعظّمة ، فلم يروا قامعاً و لا وازعاً فهدّموا مقام سيّد الشهداء في أُحد ، و مقام أمّ البشـر في جدّة ، فلم يجدوا حابساً لعنانهم ، و لا رادّاً لعرامهم ، فجاؤوا بها في البقيع سواء شنعاء ، مل‏ء الأرض و السماء ، و متى هدأت الأجراس ، و خفقت الأنفاس ، وثبوا على الضريح النبوي لا محالة ، لا يرتاب في ذلك أحد ممّن يعرف الوهابيّين أو يعلم الضروريّات من مذهبهم و قد استاؤوا من طاغيتهم ببقاء القبّة النبويّة ، و احتجّوا عليه في ذلك بأشدّ لهجة ، فاضطرّوه إلى الذهاب في هذه الأيّام إلى نجد لإقناعهم في إرجاء هدمها إلى‏أجل قريب ، إذ ليس في وسعه مصادرة الأمّة عامّة في هذه الأحوال المضطربة ؛ فالمسجدان الأقدسان لم يتغيّر منهما شي‏ء عمّا كانا عليه ، فما أدري كيف استشعرتم من كتبي ما استشعرتموه ، و دونكم صورة ما رفعناه إلى الآيتين ، فأمعنوا النظر فيها تعلموا عدم دلالتها على شي‏ء ممّا استشعرتموه ، و لو كان الضريح النبويّ ممسوساً لكانت اللهجة في كتبنا غير ما سمعتم ، كما لا يخفى.

أمّا الحكم بعدم الحجّ ما دام هذا المارق متغلّباً على الحجاز فذلك موكول إلى رأي الآيتين ، و منوط بتكليفهما الشرعي ، و هما أعرف بالأحكام و أرأف بالإسلام ، و ما كان لأحد أن يكرههما عليه أو يضطرّهما إليه ، فلا تتعرّض لما لم يكن راجحاً في نظرهم».[20]

18شعبان استفسار ردّ فعل العراق و إیران عن السیّد صدرالدین الصدر عبر الرسالة

إنّ هذه الرسالة تشتمل علی تبیین الوهابیة من حیث الماهیّة و الفکر و إظهار شرف الدین یأسه من قبل علماء الشام ؛ و آماله بالنسبة إلی ما یأمل فعله في هند و الیمن و استفساره عمّا سیکون ردّ البهلوي في إیران فکتب:

«تشرّفت بكتابكم و فزت بفصل خطابكم ، فشكراً شكراً ، و حمداً و ثناءاً و برّاً ، بادرت إلى المهمّة فكاتبت فيها مصـراً ، فأنا أنتظر الجواب ، و دعوت علماء سوريا إليها وحدوتهم عليها ، فاعتذروا بالخوف من معرّة الثوّار ، و زعموا أنّ زعماء الثورة إنّما هم من دعاة هذا المارق ، و أ نّهم قد ألقوا مقاليدهم إليه ، و علّقوا في ثورتهم كلّ الآمال عليه ، و بالغوا في الاعتذار بهذا و نحوه كلّ المبالغة ، فكلامهم و إن كان لا يخلو من الحقيقة في الجملة ، إلّا أنّ المانع لهم إنّما هو الإثم الذي باء به العرب دون غيرهم من المسلمين ، و امتاز به القطر الشامي على سائر البلاد العربيّة ، ألا و هو الانحراف عن أميرالمؤمنين7 و الوغر الكامن في صدورهم من أبنائه المعصومين: و الحقد لأوليائهم و الودّ لأعدائهم.

فهم لا يجتمعون مع أوليائهم في معروف ، و لا يفترقون عن أعدائهم في منكر ، تلك شنشنة العرب منذ كانت بدر واحد و الأحزاب و السقيفة و الشورى و الجمل و النهروان و صفّين و رزيّة الطفّ ، و ما بعدها بالتسلسل إلى أن كانت فاجعة البقيع التي «يشيب لهولها فود الرضيع» و قد قام اليوم من بقيّة الأمويّين ثلّة يدعون إلى سلفهم ، يريدون‏ ليعيدوها أمويّة يزيديّة ، فهاموا في أودية محالّهم ، و تسكّعوا في مفاوز ضلالهم ، و ركبوا رؤوسهم في البغي ، و بسطوا أعنّة أقلامهم في الغيّ ، فخطّ «كرد» معاوية بل قرد يزيد بيده الأثيمة ما خطّ في «خطط الشام» المنتشـر في هذه الأيّام و قد كانت بيني و بينه وغاً ، قطعت فيها وجهته ، فأخذته من بين يديه و من خلفه لكنّه ممّن: (خَتَمَ اللهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ عَلى‏ سَمْعِهِمْ وَ عَلى‏ أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلهَـُم عَذابٌ عَظِيمٌ).[21]

و أنشب العقور «النشاشيبي» أظفاره ليمزّق مرائر المؤمنين ، و يفري قلوب أهل الدين ، و لو كبحوه بردّ أباضيته و فضحوه بتزييف أضاليله لما اقتحمتهم عيون النواصب ، و لا استخفّ بالافتراء عليهم كلّ كإذب ، لكنّهم أمدّوا المفترين في طغيانهم و أملوا لهم «بالسكوت عنهم» في بهتانهم و قد بلغت القحة في نواصب سوريا أن أعلنوا اليوم تفضيل معاوية ، و بذلوا نفوسهم في سبيل فئته الباغية ، فطاشت «نصول» سهامهم ، و سفهت عقول طغامهم ، و كانوا في ذلك كالباحث عن حتفه بظلفه و الجادع مارن أنفه بكفّه.

إنّ اليأس من القطر الشامي لإحدى الراحتين ، و إن أظهر الشيوخ من علمائه ما أظهروه من المحافظة على أسباب صداقتنا لأمور سياسيّة اضطرّتهم إلى ذلك ، و لا أثر لهم في مهمّتنا أصلاً ، و إنّما الأثر للعراق و إيران و الهند و مصر و اليمن و أفغان.

أمّا العراق و إيران فالأمر فيهما سهل الملتمس قريب المنال إن شاء الله تعالى.

و أمّا أبطال الهند فسيتلقّون أوامر سدنة الدين في هذه المهمّة بسعة ذرع و شهامة طبع ، و هم فيها على جمام من أنفسهم ، و نشاط من عزائمهم ، فليكلّفوا بنشر هذه الدعوة في مصر و أفغان و تركستان و غيرها من بلاد أهل السنّة ، فإنّ كلامهم مع السنيّين أنجع ، و هم لهم أطوع.

و أمّا اليمن فقد اعتقدت عداوة هذا المارق ، و اشربت بغضه من أوّل أمره ، و ازداد الشرّ بينهما احتداماً ، بسوء ما صنع أخيراً في العسير ، حيث ضمّها «وهي قطعة من اليمن» إلى جناحه ، و ضمن لحكّامها الأدارسة حمايتها من الإمام يحيى بقوّة سلاحه ، و ما كان الإمام ليعنو لهذا القهر و هو أحمى أنفاً ، و أمنع ذماراً ، و لا ليطمئنّ إلى هذه الغضاضة و هو أكثر مالاً ، و أعزّ نفراً ، فالحرب بينهما ممّا لابدّ منه ، و ستدور رحاها بأقطاب اليمن أسود الوقائع ، و سقاة الحتوف ، فتطحن بسرّ آل محمّد9 هذه المارقة من أعدائهم إن شاء الله تعالى.

إنّ ظلام جوّ السياسة في الجزيرة بين شيعة اليمن و هذا المارق لفرصة يترصّد أولو الهمم سنوحها ، و يترقّب ذوو العزائم اغتناها ، و ما هي إلّا بريد الظفر و رائد النجح بحول اللّه تعالى و قوّته.

فأين من يعرف حقّ الفرص من كلّ يقظان الجنان ، قائم على ساقه ، يوصل حبل إيران بحبل اليمن ، و يشدّ عروة الشاه بعروة الإمام ، ليكون بينهما عهد لا يخفر ، و عقد لا ينقض ، و جلالة ملك العراق أولى من جلالة الشاه بذلك لو لم تمنعه السياسة البريطانيّة.

أمّا الشعب العراقي و الإيراني ، بل عامّة الشيعة أينما كانوا ، فلا مندوحة لهم عن التمسّك بعروة الإمام و الاتّصال بحبله ، إذ ليس لمهمّتهم سواه ، فليركبوا إليه ظهور الآمال ، و ليتوسّلوا لديه ببذل نصرتهم له بالأموال ، و ليرهفوا عزائمه لأخذ ثأره ، و رفع ما خفضه الناصب من مناره ، فإذا حمي الوطيس ، و احتدم الخميس فعليهم أن يمدّوهم حينئذ بالنفس و النفيس ، فإنّه الأمر الذي له ما بعده ، و لعلّ سدنة الدين و خزنة الشرع المبين لا يتوقّفون في صرف السهم الأقدس من الخمس إلى إنقإذ مشاعر  الله و شعائره عزّ وجلّ.

و ليتني وقفت على الحال في تبادل المخابرات في هذا الشأن بين العراق و اليمن و إيران و  الهند و مصر و أفغان ، فعسى أن يكون كلّ من هذه الأقطار أوفد وفده إلى القطر الآخر ، و عسى أن تكون ممثّلو العلماء قد اختلفت إلى ملوك الإسلام و زعماء المسلمين ، و عسى أن تكون دعاة أهل النهضة جابت الأمصار ، و وصلت في دعوتها الليل بالنهار ، فاستثارت عواطف أهل القبلة ، و استفزّت حفائظ بني الملّة ، و لعلّ سدنة الدين أيّدهم الله كلّفوا جلالة ملك العراق بمؤازرتهم سرّاً في هذه النهضة و لو بما يلزم لها من المادّيّات ، و ما المانع من نهوض حكومة إيران في واجبات هذه القارعة، و هل قرّرت ـ يا ترى ـ في دوائرها الرسميّة أمراً نشيم منه مخايل الرجاء؟ و هل جوّ السياسة البهلويّة في بلهنية وصفاء؟ ألتمس تفصيل ذلك كلّه ، راجياً رفع عريضتي هذه إلى كلّ من الآيتين ، ثمّ إلى قدوتنا المولى آية اللّه الخال الأعظم جعلت فداءه. و أعيذكم بالله أن تشغلكم الشواغل عن هذا الخطب الهائل ، حاشاك من ذلك و قد قلت فيه ، و لله درّك من قائل:

و سوف تكون فاتحة الرزايا

إذا لم نصح من هذا الهجوع».‏[22]

 27 شعبان ؛ جواب ثلاثة من أعلام النجف إلی شرف الدین

لقد کتب السید محمّد مهدي الموسوي الخراساني

و محمّد مهدي الصدر‏

الشیخ عبدالحسين آل ياسين هذه الرسالة:

«عماد الملّة و الدين ، و كهف الشـرع المبين ، و منار الهدى المستبين ، حجّة الإسلام و المسلمين ، سيّدنا السيّد عبدالحسين شرف الدين دام ظلّه و علا محلّه.

أمّا بعد ، فلمّا كان من الواجب اللازم الذي لا محيد عنه لكلّ مسلم أن لا يقف تجاه هذه الكوارث العظام و الفظائع الجسام التي قام بها طغاة نجد و عبدة الشيطان في الحرمين الشريفين مهبط الوحي و التنزيل و كنز العرفان و التأويل ، و ما أنزلوه بالمشاعر المباركة و الشعائر المقدّسة من الهتك و التحقير و التخريب و التدمير إلّا وقفة الهائج‏المائج ، وقفة المدافع المناجز ، وقفة البطل المقدام و الأسد الضـرغام ، لتلافي الأمر و إرجاع عادية النجديّين إلى نحورهم. كيف ، و لا يمكن القرار و الصبر على بعض هذه الفجائع لمن له أدنى شعور ديني أو عاطفة إسلاميّة.

و أنت يا بن رسول الله9 لك السبق في مثل هذه الحلبات و هذه مساعيك العظيمة و أعمالك الجسيمة و نهضاتك الكبرى التي لا زلت تدأب بها في سبيل حماية حوزة الدين المنيع ، و إعزاز مقامه الرفيع ، و إعلاء كلمته و تشييد مآثره و مشاعره، لتشرق في سماء الإسلام اليوم كالقمر البازغ ، فتبعث إلى قلوب المسلمين بأشعّتها الذهبيّة من بوارق الفلاح و النجاح ما ينعش الآمال و هي رمام ، فنسأله تعالى شأنه أن يمدّكم بنصره و ظفره و تأييده و تسديده.

و ها نحن أيضاً قد شاركناكم في بعض الأعمال الصالحة التي تبادر إلى الذهن لزومها و أهمّيّتها ، و حيث إنّ ارتباط الأقطار الإسلاميّة بعضها ببعض و اطّلاع كلّ قطر على حال الآخر و استطلاع الأفكار و الآراء و توحيد الغاية و العمل و الضـرب بيد واحدة على وتيرة واحدة ، أنجع في طلب المقصود و أبلغ في الوصول إلى الغاية المنشودة ، لهذا انتدبنا إليكم المعتمد الثقة ، ثقة الإسلام شبلكم الكريم السيّد محمّد علي دام عزّه ليكون واسطة تربط سوريا بالعراق ، فتجتمعا معاً ، و تتفاهم فيما هو الراجح الناجح من الإقدامات التي توجب كسر شوكة طغاة نجد و إخراجهم من الحرمين الشريفين ، و أن يعرض لديكم ولدى سائر حجج سوريا و زعمائها و كافّة مسلميها ما عليه العراق و العراقيّون من المضض و الآلام ، و ما اتّخذه أولو الأمر فيه من بدء المسألة و إلى الآن ، من الإقدامات التي ترجّح في الذهن صلاحها ، و أن يطلعنا على آرائكم الصائبة و أفكاركم حول هذه المسألة العظيمة ، و يكون ذلك مشفوعا بآراء و أفكار سائر الحجج و أولي النظر هناك ، و أن يبيّن لنا الخطط التي وضعتموها للسير عليها في مقام العمل.

و لا شكّ بأ نّنا بعون الله و قوّته مستعدّون لمعاضدتكم و مساعدتكم و المضيّ في‏سبيل نجدتكم بما أوتينا من حول و طول ، غير وانين و لا متسامحين ، بإذلين في ذلك السبيل كل مرتخّص و غال من النفس و النفيس و الله تعالى يمدّكم و يمدّنا ، و يمدّ كلّ ناهض من المسلمين بكلّ تأييد و تسديد ، فإنّه قريب مجيد ، و من يتوكّل على الله فهو حسبه ، حسبنا الله و نعم الوكيل و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته».[23]

إنّ مضمون هذه الرسالة یظهر أنّ ردّ فعل علماء الشام و  وجهة نظر شرف الدین بالنسبة إلیه لم یصل إلی الهیئة العلمیة للنجف و کان لهم لحدّ تاریخ هذه الرسالة حسن ظن بعلماء الشام قبال هدم قبور البقیع.

دراسة إنجازات شرف الدین في سبیل مناهضة هدم البقیع :

في هذه الحصّة ندرس نتائج مساعي شرف الدین التي بذلتها في سبیل مکافحة جریمة هدم البقاع و التي تحصی في أربعة أصعدة و هي:

الأول: إعطاء المعلومات و إخبار المجتمع حول الجریمة.

 الثانی: خلق إحجاج عام أمام هذه الجریمة في المجتمع الإسلامي و تشکیل مطالبة عامة لمکافحة الجریمة.

الثالث: تعطیل الحجّ و الإضراب عنه للضغط علی السعودیة.

الرابع: الهجوم العسکري و قلع مادّة فساد الوهابي عن الحرمین بتجنید جیوش الیمن و استظهار کلّ من دول ایران و العراق.

 الأول و الثاني: في مجال إعطاء المعلومات و خلق الاحتجاج العالمي ضدّ السعودیین

لقد نجح شرف الدين في خلق العلاقات الحسنة بینه و بین علماء البلدان الإسلامیة من أرجاء العالم الإسلامی کالهند و إیران و العراق فکلّ من الکتب المتراسلة المتراکمة بینه و بین هذه الجمعیات تدلّ علی هذا النجاح کما تدلّ المکاتبات الموجودة بین هذه الفئات و الجمعیات و بین مختلف الدول في هذا المضمار علی تحقق المطالبة العامة و الاحتجاجات المتأججة بین المسلمین التي کان لشرف الدین ید کبیرة فیها. نعم ، کما أنّ شرف الدین صریح بها آن علماء السنة الموالیة لآل البیت: کانوا یسایرونه في هذا الدرب ؛ و لکن علماء الشام الذین کانوا ینقصون المحبة لأهل البیت: آنذاك لم یشارکوه في الأمر بذرایع سیاسیة.

الثالث: في مجال تعطیل الحجّ و تحریمه

لقد منعت الحکومة الإیرانیة في سنة1345هـ. ق. الحجّ و لکن لم یطل المنع الّا سنة واحدة و إن کان له تأثیر حسب تقریر (حسین بیرنیا) القنصول الإیراني في مصر حیث یوکّد لو أنّ الحکومة الإیرانیة استمرت في هذا المنع و لو لسنة أخری ، کان له دوي آخر و کانت متمکنة من إکراه الحکومة السعودیة للخضوع أمام مطالبها التي منها منع الأذی عن الحجّاج الإیرانیین و ثانیاً التمکن من إعادة بناء البقاع المطهّره في البقیع.[24]

 کذلك في الهند و العراق عطّل الحجّ إحتجاجاً علی جرائم الوهابیة کما ینقل أحد العلماء (المرحوم السيّد أحمد الشبيري الزنجاني) حاول أن یحجّ من العراق في نفس السَّنة و لکن واجه تعطیل الحجّ حسب فتوی السيّد أبي الحسن الإصفهاني و الشيخ محمد حسين النائيني‏ (رحمهما الله)، فرجع إلی إیران و حجّ في العام القابل.[25]

یمکن الوصول إلی مدی أثر هذا الاحتجاج من ردّ فعل السلفیة و محامیهم کرشید رضا الذي عارض هذه الموقف بشدة بالغة و کتبوا عدّة مقالات و بیانات لتندیده و تخطئته و دفاعاً عن جریمة السعودیة النکرة ، إنّ رشید رضا حاول التندید بموقف العلماء و نسبهم إلی بثّ الفرقة و الفساد بین المسلمین. لقد نشرهذه المقالات في جریدة (کوکب الشرق) المصریة المورّخة 17شوال سنة1344هـ. ق.[26]

نعم ، هذا الموقف التندیدي من جانب موالي أهل البیت: فقد فعالیته بعد اکتشاف النفط في الجزیرة العربیة في سنة 1933م ، إذ سدّت الحکومة السعودیة خلتها و نفقاتها من طریق بیع النفط و استخلف هذا مقام الحجّ في توفیر المیزانیة السعودیة.[27] فانحسرت مکانة الحجّ الإقتصادیة لدی هذه الحکومة و إن بقیت مکانته الثقافیة و العالمیة علی حالها لدی الدول الإسلامیة.

الرابع: التجنید لإستیصال الحکومة السعودیة بالقوة العسکریة

کما مرّ کان معتمد شرف الدین في استخدام القوة العسکریة علی إقدام الإمام یحیی ملك یمن الذي صالح مع آل سعود وراء الکوالیس و لم یوفّق لهذا العمل بدلیل ضعف القوة العسکریة و التوافق مع بریطانیا فلم یرد جواباً إلی کتاب شرف الدین الذي أرسله إلیه في 20 جمادی  الأولی سنة 1345هـ. ق.(سبعة أشهر بعد الهدم).[28]

و ممّا تدلّ علی التوافق المذکور بین یحیی و انجلترا ، تلغرام أرسله القنصول الإیرانی إلی البلاط المورخ 9مرداد سنة1305الشمسية أنّ انجلترا وظف عامله في الیمن المسمّی بجنرال کلایتون أن یسعی في حصول علی توافق بین إمام یحیی و إبن سعود و أخبر أنّ ممثّل یحیی في مصر ، عبد الواسع ، صرّح للبریطانیین أنّ یحیی یمیل إلی عقد توافق بینه و بین السعودیین مثلما فعلته انجلترا مع السعود (وثیقة رقم: 159)، هذا التوافق مسبوق بتوافق آخر بین الإمام یحیی و انجلترا حول القضیة الیمینة حوالي سنة1337ـ 1339ق.[29] هذه الواجهة للملك الیمني في اتجاه معاکس تماماً لما کان یظهره من دعوته المجتمع الإسلامي إلی التوحید ضدّ غطرسة الإستکبار العالمي و ما أعلنه من البیان في سنة 1341ق.[30]

و في الواقع فإنّ الإشتباکات التي حصلت بین الیمن و السعودیة في سنة 1352ق. کشفت عن ضعف القوات الیمینیة و وهنهم أمام القوات السعودية و خطا الإعتماد علیهم. ففي هذه الإشتباکات التي لم تدم أکثر من شهر لم تستطع القوات الیمنیة القیام في وجه الهجوم السعودي أکثر من شهر و أجبروا بقبول الشـروط السعودیة لقرار وقف إطلاق النار ممایعتبر هزیمة سیاسیة نکرة علی الیمنین ، و أین هذا الجیش من إجتیاح الحدود السعودیة ، و الوصول إلی الحجاز و الحرمین و إخراجها من ید السعودیین ، کما کان العراقیون یدعون لهم حتی في أناشید مواکبهم في المحرم في العزاء الحسیني آنذاك.[31]

أمّا الظروف المسیطرة علی إیران في هذه السنوات أیضاً فإنها کانت ظروفاً صعبة، فالحکومة القاجاریة تتحوّل إلی الحکومة البهلویة ، و البلاد کلّها في وضعیة عدم الاستقرار و فقدان الأمن ، و أصبح رضاخان (سردار سپه) و بعد ذلك کرئیس الوزرا و ملك المستقبل یحاول السیطرة علی الأمور ، و إبداء وجهة مقبولة عن نفسه لدی الجمیع ، فلا تمکّنه الظروف هذه عن إهتمام أکثر إلی قضیة البقیع فضلاً عن تجنید القوی ، و المساندة للدولة الیمنیه في المواجهة العسکریة مع السعودیین.

هذا ، و نعلم ممّا أبدته بریطانیا للیمنيین أنها لا تسمح لرضا خان في خطوة أعظم مع مکانتها لدیه و لها أکبر فضل علی رضا خان في تولیتة منصة الحکم.[32] و  لم یستمر ما أبداها لرضا خان في بدایة حکومته في القضیة من نشر إعلان و تشکیل لجنة الحرمین ، و الإستنکار اللفظي للجریمة إذ بعد استوائه علی العرش الملکي ألقی البرقع عن وجهه و خالف ما کان یبدیه من الاهتمام بظواهر الشـریعة ، حیث منع الحجاب للنساء و قتل الجمعیة الغفیرة المجتمعة بالحرم الرضوي في مشهد ، و منع العلماء من لبس الزي الحوزوي التقلیدي بذریعة إتحاد الملابس و مظاهر الرجال و کذلك منعه من إقامة المجالس الحسینية ممّا أثار علماء الدین علیه و سبّب عکرة العلاقات بینهم ، و بالتالي عدم إهتمام حکومي بالنسبة لمسألة البقیع إلی نهایة الحکم الرضا خانی المرعب.

النتیجة :

یعتبر السید شرف الدین من أبرز الوجوه العلمیة و الثقافیة الذي بلغ جهده في سبیل مکافحة جریمة هدم بقاع البقیع علی ساحة تنویر الآخرین ، و توعیتهم في مواجهة الوهابیة و تشکیل جبهة متحدة لمطالبة منع الهدم و الضغط علی السعودیة بتعطیل الحجّ و محاولة السیطرة العسکریة علی الحجاز بالجیش الیمني و بمساندة الحکومتین العراقیة و الإیرانية و قد نجح في هذه المحاولات إلّا الأخیر لأسباب ، منها عدم مساعدة الظروف السیاسیة و الاقتصادیة المسیطرة علی هذه البلاد.

المصادر :

  1. وثائق مکتبة ایران الوطنیة حول البقیع التی توجد فی خزانة مکتبة الحجّ و الزیارة حوالی 200 وثيقة منها.
  2. الامين، محسن، أعيان الشيعة، دار التعارف للمطبوعات - لبنان - بيروت، الطبع: 1، 1403 هـ.ق.
  3. البخارى، محمد بن اسماعيل، صحيح البخاري، جمهورية مصر العربية، وزارة الاوقاف، المجلس الاعلى للشئون الاسلامية، لجنة إحياء كتب السنة، مصر ، القاهرة ، الطبع: 2، 1410 هـ.ق.
  4. چارلزملويل، پيتر اوري، گاوين، هامبلي، تاريخ ايران کمبريج، المجلد السابع القسم الثالث، ترجمه تيمور قادري، الثانی، اميرکبير تهران،1393
  5. الخليلى، جعفر، موسوعة العتبات المقدسة، الثانی، موسسه الاعلمي للمطبوعات، ‏بيروت، 1407 ق‏
  6. قاضى عسكر، السيد على، تخريب و بازسازي، مشعر، تهران، ايران، 3، 1386 هـ.ش.
  7. مجموعة المؤلفین، موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين، دار المؤرخ العربي، بيروت، لبنان، 2، 1431 هـ.ق.
  8. مجلة الحكومة الإسلامية، رقم 24، «ولايت در انديشه فقهى سياسى نائينى» بقلم السيد جواد الورعى.
  9. المحقق، علي  ، اسناد روابط ايران و عربستان سعودى، مرکز اسنا د وتا ريخ  ديپلما سي  [وزارت  امور خا رجه ]. مرکز الطبع ، 1379.
  10. محمد على، عبدالله، معجم المؤلفات الإسلامية في الرد على الفرقة الوهابية، مركز الزهراء الإسلامي، الاول، 1430 هـ.ق.
  11. المدني، سيدجلال الدين، تاريخ معاصر ايران، الثالث، انتشارات جماعة المدرسين، قم، 1369.
  12. الواسعى يمانى، عبد الواسع بن يحيى، تاريخ اليمن، مطبعه السلفيه‏٬ القاهرة، الأول، ق 1346
  13. الوردي، علي، لمحات اجتماعيه من تاريخ العراق الحديث ملحق الجزء السادس، قصة الأشراف و ابن سعود الثانی، بغداد: المکتبه الوطنيه،1980
  14. الهاجري ، يوسف، البقيع قصة تدمير آل سعود للآثار الاسلاميه في الحجاز، الأول ، مؤسسه البقيع لاحياءالتراث، لبنان، 1411 ق.

 

 

[1]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9: 424 .

 

[2]. سورة مريم : 89 ـ 90 .

 

[3]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9 : 424 .

 

[4]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9 : 424 .

 

[5]. سورة مريم : 89 ـ 90 .

 

[6]. نفس المصدر .

 

[7]. نفس المصدر .

 

[8]. نفس المصدر .

 

[9]. نفس المصدر .

 

[10]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9 : 426 .

 

[11]. سورة البقرة : 286 .

 

[12]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9 : 430 .

 

[13]. صحيح البخاري ‏2 : 245 .

 

[14]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9: 436 .

 

[15]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9: 437 .

 

[16]. سورة التوبة : 97.

 

[17]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9 : 438 .

 

[18]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9 : 440 .

 

[19]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9 : 442 .

 

[20]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9 : 447 .

 

[21].  سورة البقرة : 7 .

 

[22]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9 : 445 .

 

[23]. موسوعة الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين ‏9 : 449 .

 

[24]. المحقق، اسناد روابط ايران و عربستان سعودى : 73 .

 

[25]. مجلة (حكومت اسلامى)، العدد 24، «ولايت در انديشه فقهى سياسى نائينى» السيد جواد الورعي.

 

[26]. الأمین، أعيان الشيعة ‏12 : 45 .

 

[27]. الوردي، لمحات اجتماعية 6 : 348 .

 

[28]. موسوعة شرف الدين  9 : 430 .

 

[29]. الواسعي، تاريخ اليمن : 264 .

 

[30]. الواسعي، تاريخ اليمن : 266 .

 

[31]. الوردي، لمحات اجتماعية 6 : 343 .

 

[32]. المدني (تاريخ معاصر ايران) 2 :231؛ القادري (تاريخ ايران کمبريج) 7 : 146و187و335 .