حدود عرفات. مزدلفة. مني

نوع المستند : مقالة البحثية

المؤلف

المحقق الديني


الحمدلله ربّ العالمین والصلاة والسلام علی خیر خلقه محمّد وآله الطّیبین الطاهرین وصحبه المیامین.

إنّ البحث الذی نرید الکتابة عنه هو بحثٌ تاریخیٌّ جغرافیٌّ یکون موضوعاً لأحکام شرعیّةٍ کثیرة، ألا وهو تحدید (عرفات، مزدلفة، منی) وقد ذکر الفقهاء الأحکام الکثرة الواردة علی هذه الموضوعات الثلاثة، ولإن کان الموضوع قد حدّده الشارع المقدّس فی الروایات الواردة عن المعصوم (علیه السلام) ، إلاّ أنّ المصداق لهذا المفهوم لا بدّ من أخذه من أهل الخبرة فی تعیین ما حدّده الشارع، وعلی هذا فنحن بحاجة:

أوّلاً: إلی ما حدّده الشارع المقدّس کمفهوم لهذه الألفاظ الثلاثة.

وثانیاً: إلی تعیین هذه المواضع إمّا من شیاع أهل الخبرة إذا اختلفوا فی تعیین المصداق، أو لم یختلفوا حیث أنّه یفید علماً أو اطمئناناً.

ولا یخفی أنّ القاعدة عند الشکّ فی تعیین المصداق تقتضی الاقتصار علی القدر متیقّن؛ لقاعدة الاشتغال الیقینی الذی یستدعی الفراغ الیقینی، بمعنی أنّ مشکوک الموقفیّة أو الموضعیّة یوجب الشک فی الامتثال الذی حدّد فی هذه الأمکنة، فتجری القاعدة.

ولا بأس بالتنبیه إلی أنّنا لا نبخل ببعض الاشکالات والأبحاث الفقهیّة التی تتعلّق بهذه الدراسة. فنقول وبالله التوفیق.

أوّلاً - حدود عرفات:

إنّ عرفات منطقة تقع شرقیّ مکّة بحوالی ٢٢ کم وهی سهل واسع منبسط مُحاط بقوس من الجبال یکون وتره وادی عَرَفَة، فمن الشمال الشرقی یُشرف علیها جبل أسمر شامخ وهو (جبل سعد) ومن مطلع الشمس یشرف علیها جبل أشهب أقلّ ارتفاعاً من سابقه ویتّصل به من الجنوب وهذا یسمی (مِلْحه) ، ومن الجنوب تشرف علیه سلسلة لاطیة سوداء تسمّی (اُمّ الرضوم) أمّا من الشمال إلی الجنوب فیمرّ وادی عَرَفَة (١) .

۶٢وغیرها. فقالت الروایات وتبعها الفقهاء: بأنّ الحاج لو وقف "بنَمِرَة أو عَرَفَة، أو ثویة أو ذی المجاز أو بجنب الأراک أو غیر ذلک ممّا هو خارج عن عَرَفَة لم یجزه"، فمن الروایات:

١- صحیح معاویة بن عمّار عن الإمام الصادق (علیه السلام) قال: "فإذا أنتهیت إلی عَرَفات فاضرب قباک بنَمِرَة وهی بطن عُرَنَة دون الموقف ودون عُرَنَة. . . وحدّ عَرَفَة من بطن عُرَنَة وثویة ونَمِرَة إلی ذی المجاز، وخلف الجبل موقف" (٢) .

٢- خبر سماعة عن الإمام الصادق (علیه السلام) : "واتّقِ الأراک ونَمِرَة وهی بطن عُرَنَة، وثویة وذی المجاز فإنّه لیس من عَرَفَة ولا تقف فیه" (٣) .

٣- خبر إسحاق بن عمّار عن الإمام الکاظم (علیه السلام) . قال: قال رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلّم) : "ارتفعوا عن وادی عُرَنَة بعرفات" (۴) .

أقول: إنّ هذه الأماکن الخمسة هی حدود عَرَفَة من ناحیة الغرب (الحرم) وهی راجعة إلی أربعة کما هو المعروف من الحدود، لأنّ نَمِرَة هی بطن عَرَفَة کما روی فی حدیث معاویة المتقدّم عن الإمام الصادق (علیه السلام) .

شرح الألفاظ:

١- نَمِرَة:

بفتح النون وکسر المیم وفتح الراء المهملة (وهی بطن عُرَنَة) کما ذکرت الروایات المتقدّمة.

وقد ذکر ابن تیمیة عن نَمِرَة کانت قریة خارجة عن عرفات من جهة الیمن، فیقیمون فیها إلی الزوال کما فعل النبی (صلّی الله علیه وآله وسلم) ثمّ یسیرون منها إلی بطن الوادی، وهو موضع النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) الذی صلّی فیه الظهر والعصر وخطب، وهو فی حدود عَرَفَة لبطن عُرَنَة وهناک مسجد یُقال له مسجد إبراهیم، وانّما بُنی فی أوّل دولة بنی العبّاس".

وقال ابن القیّم: "نَمِرَة قریة غربیّ عرفات، وهی خراب الیوم، نزل بها النبی (صلّی الله علیه وآله وسلم) حتّی إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فرحّلت له، ثمّ سار حتّی أتی بطن الوادی من ارض عَرَفَة فخطب الناس، وموضع خطبته لم یکن من الموقف، فإنّه خطب بعُرَنَة، ولیس من الموقف، فهو (صلّی الله علیه وآله وسلم) نزل بنَمِرَة وخطب بعُرَنَة ووقف بعَرَفَة" (۵) .

والمُراد من المسجد الذی یسمّی مسجد إبراهیم فیما ذکره ابن تیمیة، هو المسجد القدیم الذی اختلف فیه أنّه من عرفات أو خارجها علی ثلاثة اقوال:

١- فقدذکر إمام الحَرَمین الجوینی والقاضی حسین والرافعی وجماعة من الخراسانیّین قالوا: إنّ مقدّم المسجد - القدیم - فی وادی عُرَنَة ومؤخّره فی عَرَفات، ویتمیّز ذلک بصخراتٍ کبار فُرِشت هناک.

Top of Form

۶٣٢- قال فی البحر العمیق نقلاً عن الطبرابلسی وغیره: "إنّ جمیع المسجد - القدیم - من عَرَفَة وإن جداره الغربیّ لو سقط، لسقط علی بطن عُرَنَة".

صرّح کثیرٌ من علماء الإسلام بعدم دخول المسجد القدیم فی عَرَفَة تبعاً للروایات المشتملة علی صفة حجّ رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) فقد روی معاویة بن عمّار حجّ النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) فقال: حتی انتهی إلی نَمِرَة وهی بطن عُرَنَة بحیال الأراک، فضرب قبّته وضرب الناس أخبیتهم عندها، فلمّا زالت الشمس خرج رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) ومعه قریش وقد اغتسل وقطع التلبیة حتّی وقف بالمسجد، فوَعَظ الناس وأمَرَهم ونهاهم، ثمّ صلّی الظهر والعصر بأذانٍ واحد وإقامتَین، ثمّ مضی إلی الموقف فوقف به" (۶) .

وقد قال الشافعی (وهو مکّی قَرَشی) فی اْلأُمّ: "وعَرَفَة ما جاوز وادی عُرَنَة الذی فیه المسجد، ولیس المسجد ولا وادی عُرَنَة من عَرَفَة".

وقال النووی فی الایضاح: "واعلم أنّه لیس من عرفات وادی عُرَنَة ولا نَمِرَة ولا المسجد المسمّی مسجد إبراهیم - یُقال له أیضاً مسجد عُرَنَة - بل هذه المواضع خارجة عن عرفات علی طرفها الغربیّ ممّا یلی مُزْدَلِفَة ".

أقول: إنّ القاعدة التی ذکرناها فی أوّل البحث فی خصوص ما إذا اختلف أهل الخبرة فی کون المسجد من عَرَفات أو خارج عنها، فإنّ المدار علی الشیاع الذی یفید الاطمئنان بأنّ المسجد لیس من عَرَفَة، علی أنّ ظاهر الصحیحة المتقدّمة أنّه خارج عن موقف عرفات، کما هو الأحوط لهذه العبادة العظیمة.

ومساحة ضلع هذا المسجد القدیم من مبتدئه من الناحیة الغربیّة إلی منتهاه من الناحیة الشرقیّة (مئة ذراع وثلاث وستّون ذراعاً) کما ذکره الأزرقی فی تأریخ مکّة، وأنّ مساحة ضلعه من رکنه الشمالی الشرقی إلی الرکن الجنوبی الشرقی (مئتان وثلاث عشرة ذراعاً) (٧) .

ولکن حصلت زیادات علی القدر القدیم للمسجد. فإن کانت هذه الزیادة لجهة المشرق فقد دخلت هذه الزیادة فی عَرَفَة کما قال البعض وهو القشیری، فقدقال: "والمسجد - أی القدیم - الذی یصلّی فیه الإمام الیوم یوم عَرَفَة هو فی بطن عُرَنَة فإذا خرج منه الإنسان یرید الوقوف فقد صار فی عَرَفَة".

ولکن إذا أخذنا بهذا القول الشائع والمشهور، وقلنا: إنّ المسجد القدیم لیس من عرفات، وقد صلّی النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) الظهر والعصر فیه، فسوف تواجهنا مشکلة ینبغی حلّها، وهذه الشکلة عبارة عن القول بعدم وجوب الوقوف فی عَرَفَة من أوّل الزوال إلی الغروب اختیاراً، بل یکفی الوقوف بعَرَفَة بعد الزوال بمقدار ما یغتسل ویصلّی ویخطب ویذهب إلی الموقف. بینما ذُکر أنّ وقت الاختیار فی الوقوف بعَرَفَة هو من زوال الشمس إلی غروبها وأنّ الرکن هو المسمّی وکأنّ هذا من البدیهیّات، فقد ذکر الشهید الأوّل والثانی فی کتاب اللُمعة الدمشقیّة وشرحها بأنّ من الواجبات "الوقوف بمعنی الکون بعَرَفَة من زوال التاسع إلی غروب الشمس مقروناً بالنیّة المشتملة علی قصد الفعل المخصوص متقرّباً بعد تحقّق الزوال بغیر فصل، والرکن من ذلک أمر کلّی وهو جزءٌ من مجموع الوقت بعد النیّة ولو سائراً، والواجب الکل" (٨) . وقد صرّح غیر واحدٍ من الفقهاء بذلک، بل فی المدارک نسبته إلی الأصحاب، فیجب مقارنة النیّة للزوال لیقع الوقوف بأسره بعد النیّة، وإلاّ فات جزءٌ منه، ثمّ لو أخّر أثم إلاّ أنّه یجزی کما صرّح به فی الدروس (٩) .

وهذه المشکلة وإن لم تُحلّ بناءً علی وجوب الوقوف من الزوال إلی الغروب، إلاّ أنّها لا تعیّن القول القائل بوجوب مسمّی الوقوف فی عَرَفَات فقط، فإنّ هذا القول یدفعه وجوب البقاء إلی الغروب وحُرمة الخروج من عَرَفات قبله، والکفّارة لِمَن تعمّد ذلک، ووجوب العَود إلی الموقف لو خرج إذا کانت الشمس لم تغرب.

وقد تحلّ هذه المشکلة بأحد حلَّین:

الحلّ الأوّل: (بناءً علی وجوب الوقوف ما بین الحدَّین) بقولنا: إنّ المراد من الوقوف فی عَرَفَة هو الوقوف العرفی الذی تکون مقدّماته المشرفة علی الوقوف محسوبة منه، وعلی هذا تکون مقدّمات الوقوف المشتملة علی الغسل والصلاة والخطبة والتهیّؤ للوقوف من الوقوف.

الحلّ الثانی: عدم وجود دلیل یثبت وجوب الوقوف ما بین الحدَّین، بل ذکر ذلک بعض الفقهاء، وأمّا الدلیل الذی ذکر لنا حجّ النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) فهو یدلّ علی أنّ الوقوف یکون بعد الظهر بساعة مثلاً إلی غروب الشمس، وهذا الحلّ الثانی هو الأوفق، إذ إنّ الحلّ الأوّل وإن کان یثبت أنّ مقدّمات الوقوف من الوقوف، إلاّ أنّه لم یثبت أنّ الوقوف کان فی عَرفات.

قرائن علی أنّ نَمِرَة من عَرَفَات:

وإلی هنا کنّا نؤیّد القول القائل بأنّ نَمِرَة هی خارجة عن حدود عَرَفَات کما ذکرت دلک الروایات، ولکنْ هناک قولٌ آخر یبیّن أنّ نَمِرَة من عَرَفَات لکنّها خارج موقف الدعاء، وسوف نذکر بعض القرائن علی ذلک:

١- ما قاله فی القاموس: "إنّها (أی نَمِرَة) موضعٌ بعَرَفات، أو المیل الذی علیه أقطاب الحَرَم" وحینئذ یکون المراد بمضیّه الرواح إلی الموقف، میسرة الجبل الذی یستحبّ الوقوف فیه.

۶۴ونَمِرَة داخلةٌ فی عرفات حیث إنّها واقعةٌ علی یمین مَن خرج مِن المأزمَین وأراد الموقف، وعلی هذا فیکون إطلاق عرفات علی ما بعد نَمِرَة فی بعض الأخبار لأجل أفضلیّة هذه القطعة، أو لکونه محلاً للاعتراف بالذنوب، لا أنّ عرفات هی هذه القطعة فقط.

٣- ما ذُکر من استجاب الجمع بین الصلاتَین بعَرَفَة، قال فی التذکرة: "ویجوز الجمع لکلّ مَن بعَرَفَة من مکّیٍ وغیره، وقد اجمع علماء الإسلام علی أنّ الإمام یجمع بین الظهر والعصر بعَرَفَة" (١١) . وعلی هذا یظهر أنّ صلاة النبی (صلّی الله علیه وآله وسلم) کانت بعَرَفَة، ویشهد لهذا ما رُویَ عن دعائم الإسلام عن الإمام الصادق (علیه السلام) عن علیّ (علیه السلام) : "أنّ رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) غدا یوم عَرَفَة من منی فصلّی الظهر بعَرَفَة، لم یخرج من منی حتّی طلعت الشمس" (١٢) .

کما یظهر من خبر جذاعة الأسدی معروفیّة إیقاع الصلاتَین بعَرَفَة فی ذلک الزمان حیث قال: "قلت للإمام الصادق (علیه السلام) : رجلٌ وقف بالموقف فأصابته دهشة الناس فبقی ینظر إلی الناس ولا یدعو حتّی أفاض الناس. قال (علیه السلام) : یجزیه وقوفه. ثمّ قال: ألیس قد صلّی بعرفات الظهر والعصر وقنت ودعا؟ قلت: بلی. قال (علیه السلام) : فعرفات کلّها موقف وما قرب من الجبل فهو أفضل" (١٣) .

۴- لقد ذکر بعض الفقهاء أنّ نَمِرَة من عَرَفَة، فقد قال الصدوق فی المقنع: "ثم تلبّی وانت مارٌ إلی عرفات، فإذا ارتقیت إلی عرفات فضرب خباءَک بنَمِرَة، فإنّ فیها ضَرَب رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) خباءه وقبّته، فإذا زالت الشمس یوم عَرَفَة فاقطع التلبیة وعلیک بالتهلیل والتحمید والثناء علی الله. . . ثمّ قال: إیّاک أن تفیض منها قبل غروب الشمس. . . ".

وقال ابن بابویه فی الفقیه: "فإذا أتیت إلی عرفات فاضرب خباءَک بنَمِرَة قریباً من المسجد، فإنّ ثمّ ضرب رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) خباءه وقبّته. . . ".

وفی المقنعة: "ثمّ لِیُلَبّ وهو غادٍ إلی عرفات، فإذا أتاها ضرب خباءه بنَمِرَة قریباً من المسجد، فإنّ رسول الله (صلّ الله علیه وآله وسلم) ضرب قبّته هناک. . . " (١۴) .

وقد ذکر عن بعض الحنفیّة: أنّه قیل حدّ عرفات ما بین الجبل المشرف علی بطن عرنة إلی الجبال المقابلة لعرنة ممّا یلی حوائط بنی عامر وطریق الحضّ. .

وعن الأزرقی: عن ابن عبّاس أنّ حدّ عرفات من الجبل المشرف علی بطن عرنة بالنون إلی جبال عرفات إلی وصیق إلی ملتقی وصیق ووادی عرنة.

وعن بعضهم أنّ مقدّم مسجد إبراهیم (علیه السلام) أوّله لیس من عُرَنَة ومقتضاه أنّ ما عدا الأوّل من عرفات فیمکن أن تکون صلاة النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) فیما کان منه من عرفات، ویشهد لذلک ما یُحکی عنهم من الجواب لأبی یوسف (عن إشکاله بمنافاة الصلاة للوقوف من أوّل الوقت إلی الزوال) بأنّه لا منافاة، فإنّ المصلّی واقف. وهذا کالصریح فی کَون المسجد من عرفة. وقد تقدّم منّا عن الرافعی الجزم بذلک مع شدّة تحقیقه واطّلاعة (١۵) .

أقول: إذا أخذنا بهذه القرائن علی أنّ نَمِرَة التی فیها المسجد الذی یُقال عنه أنّه مسجد إبراهیم، وقُلنا إنّ النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) قد صلّی فیه الظهر والعصر جمعاً، فیجب أن نفسر الروایات القائلة بذهاب النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) إلی الموقف بعد الصلاة، بإرادة موقف الدعاء فی میسرة الجبل الذی یُستحبّ فیه الوقوف أو التشاغل بما یقتضیه من الدعاء والتحمید والتمجید والتهلیل والتکبیر والدعاء لنفسه ولغیره ممّا جاءت به النصوص فی ذلک الموقف.

۶۵ولا بأس بالتنبیه فی آخر کلامنا عن نَمِرَة، بأنّ فی حدود عرفات یوجد جبل اسمه (جبل نَمِرَة) وهو غیر قریة نَمِرَة التی هی بطن عرنة وانّما عرّفه البلادی "بأنّه جبلٌ صغیر بارز تراه غربک وأنت واقفٌ بعرفة بینک وبینه سیل وادی عرنة، وإذا کنت تؤمّ عرفة عن طریق ضب تمرّ بسفحه الشمالی" (١۶) .

وهذا الجبل خارج عن حدود عرفة کما هو واضح.

٢- عُرَنَة:

- بضمّ العین المُهملة وفتح الراء المهملة وفتح النون - هی وادی ما بین عرفات والحرم عرضاً وهو حدّ عرفات من الناحیة الغربیّة، حیث یبتدئ من الجهة الشمالیّة من مُلتقی وادی وصیق بوادی عُرَنَة وینتهی من الجهة الجنوبیّة عندما یُحاذی أوّل سفح الجبل الواقع بین طریق المأزمین وطریق ضب والذی بطرفه الشمالی قریة نَمِرَة من الجهة الشرقیّة غربیّ الواقف هناک وغربیّ سفح الجبال التی فی منتهی عَرَفَة من الجهة الجنوبیّة الشرقیّة بخطٍ مستقیم، وقد قُدِّرت المسافة بین وصیق بوادی عُرَنَة من الجهة الشمالیّة إلی مُنتهاه من الجهة الجنوبیّة بخمسة آلاف متر (١٧) .

وبین وادی عُرَنَة المذکور وبین الموقف عَلَمان کبیران یقعان شمالی شرقی مسجد إبراهیم، وهما الحدّ الفاصل بین وادی عُرَنَة وبین عَرَفَة کما ذکر ذلک تقیّ الدین الفاسی فی کتابه (شفاء الغرام) حیث قال: "وکان ثمّة ثلاثة أعلام سقط احدها وهو الذی إلی جهة المغمّس وأثره بین ورأیت عنده حجراً مُلقیً مکتوباً فیه: أمر الأمیر الأصفهسلار الکبیر مظفّر الدین صاحب إربل حسان أمیر المؤمنین بإنشاء هذه الأعلام الثلاثة بین منتهی أرض عَرَفَة ووادی عُرَنَة، لا یجوز لحاجّ بیت الله العظیم أن یجاوز هذه الأعلام قبل غروب الشمس، وفیه کان دلک بتاریخ شعبان من شهور سنة (۶٠۵) ، ورأیت مثل ذلک مکتوباً فی حجرٍ مُلقیً فی أحد العَلَمَین الباقیَین، وفی هذَین العَلَمَین مکتوب: أمَرَ بعمارة عَلَمی عرفات، وأضاف کاتب ذلک: هذا الأمر للمستظهر العبّاسی، ثمّ قال: وذلک فی شهر. . . سنة أربع وثلاثین وستمئة " (١٨) .

وقد تقدّم منّا ذکر الحدیث عن النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) فی خبر إسحاق الذی یقول: "ارتفعوا عن وادی عرنة بعرفات" وهو یدلّ دلالة واضحة علی أنّ عرنة لیس من موقف عرفة، للأمر بالارتفاع عنه الذی لازمه النهی عن الإتیان بالوقوف فیه. وبعبارةٍ اخری أنّ وادی عُرَنَة لمّا کان ملاصقاً لموقف عَرَفَة، بل ومشابهاً له احتاج إلی أن یُنبَّه علی عدم إجزاء الوقوف فیه والأمر بالوقوف حین الارتفاع عنه.

Top of Form

۶۶أقول: إنّ الأحادیث المتقدّمة التی ذکرت أنّ عُرَنَة لیست من عرفات، قد شخّصت منذ قدیم الزمان بأعلام تفصل بین عَرَفَة ووادی عُرَنَة، وبهذا التحدید وبیان المصداق تخلّصنا من مشکلة التعیین التی لابدّ فیها من الرجوع إلی أهل الخبرة التی یضعف الاعتماد علیها کلّما تمادی الزمان.

إشکال فی تعیین صُغری عَرَفات:

قلنا فیما تقدّم إنّ الروایات التی ذکرت بأنّ عُرَنَة لیست من عرفات قد شخّصها المتقدّمون علینا بزمنٍ لیس بالقلیل، فقد ارتفع إشکال تحدید معنی عرفات من ناحیة المصداق، ولکن مع هذا بَقیّ إشکالٌ واحد هو: إذا کانت عُرَنَة هی وادی بین عرفات والحرم عرضاً، فینبغی أن یکون بانتهاء الوادی العرضی موقف عرفات، ولکنّنا نری الآن بین العَلَمَین الذین وضَعَهُما ملک إربل فی عام (۶٠۵) وبین مجری وادی عُرَنَة مسافة لا یقلّ عرضها عن مئة متر وهی مرتفعة عن وادی عُرَنَة، فکیف لا تکون داخلة فی موقف عرفة؟

الجواب:

أنّه لا بدّ من الرجوع فیه إلی أهل الخبرة، فقد ذکروا أنّ مجری وادی عُرَنَة آنذاک هو بدایة وضع الأعلام، ولکن بما أنّ سهول عَرَفَة کلّها رمالٌ تنتقل فقد تراکمت الرمال فی هذا الجانب من الوادی، وقد ذکر القاطنون فی تلک الأماکن بأنّ سیل الوادی قد یشتد فی بعض الأحیان فیعلو علی هذه الأتربة ویُزیلها (١٩) . وعلی هذا فیبقی أنّ حدّ عَرَفَة هو ما أثبت بواسطة الأعلام منذ قدیم الزمان وأنّ الأحکام الشرعیّة لا تتبدّل ولا تتغیّر بتراکم الأتربة فی أحد جانبیَ الوادی.

٣- ثَویَّة:

- بفتح الثاء وتشدید الیاء - لقد ذکر الطریحی فی مجمع البحرَین قول: "والثویّة: حدٌّ من حدود عَرَفَة، وفی الحدیث: لیست منها".

وقد ذکر فی کتاب المجاز بین الیمامة والحجاز ما نصّه: "عرفات: إذا ترک الطریق ثنیة (الجلُیلة) خلفه ووادی نعمان یساره، دلف إلی منطقة عرفات مارّاً بجنوبیّها غربیّها" (٢٠) .

وقاال البلادی فی (معجم معالم الحجاز) معرّفاً الجلُیلة - وهی بالتصغیر وتشدید الیاء المثنّاة - شِعب یسیل من جبل ملحة فیصبّ فی عرفة من الجنوب الشرقی مجتمعاً مع الأحموم، فی رأسه ریع (یعنی ثنیة) بهذا الاسم یطلعک من عرفة علی نعمان" (٢١) .

وقد ذکر محقّق کتاب هدایة الناسکین هذا الاستنتاج: "وهذا یعنی انّ هذه الثنیة أو الریع حد من حدود عَرَفَة، وعلیه فمن المظنون قویّاً أنّ کلمة (ثنیة) دخلها تحریف النسخ فعادت ثَویَّة" (٢٢) .

۶٧أدخله هذا الحدّ من حوائط ابن عامر وقریة عَرَفَة داخلٌ فی عرفات. وقد نقل الطبری فی القری نقلاً عن البلخی فی معرفة حائط بنی عامر فقال: "حائط بنی عامر غیر عُرَنَة، وبقربه المسجد الذی یجمع فیه الإمام الظهر والعصر، وهو حائط نخل وفیه عین تُنسب إلی عبدالله ابن عامر بن کریز، قلت: وهی الآن خراب". وقد شوهد أخیراً الآثار لتلک الحوائط من الجهة الجنوبیّة عندما کشفت الریاح من آثار المصانع والبرک الکبار والأساسات القویّة التی تشیر إلی أنّه کان فی الموضع المذکور قصورٌ وحوائط وجوابی واسعة تلیق بمکانة هذا الرجل الشهیر والذی قال ابن الأثیر عنه: "إنّه أوّل مَن اتّخذ الحیاض بَعَرَفَة وأجری فیها العین" (٢٣) .

وقال یاقوت فی (معجم البلدان) نقلاً عن البشاری: "قریة عرفة: قریة فیها مزارع وخضر ومباطخ وبها دورٌ حسنة لأهل مکّة ینزلونها یوم عَرَفَة والموقف منها علی صیحة" (٢۴) . فإذا کانت قریة عَرَفَة داخلة فی حدود عرفة. فالمراد من الموقف هنا هو الوقوف فی سفح الجبل للدعاء الذی یکون مستحبّاً.

۴- ذو المجاز:

قال الأزرقی فی أخبار مکّة: "وذو المجاز: سوقٌ لهُذیل عن یمین الموقف مِن عَرَفَة قریب کبکب علی فرسخ من عَرَفَة" (٢۵) .

وقال حمد الجاسر: "یسمّی المجاز الآن، وهو وادی عظیم یحفّ کبکب من غربیّه ثمّ یمرّ بعرفات، وفیه میاه ومزارع علی المطر، وسکّانه هذیل" (٢۶) .

وقد اختصره صاحب الجواهر بقوله: "وهو سوق کانت علی فرسخ من عرفة بناحیة کبکب" (٢٧) .

وفی الوافی: "وفی النهایة: ذو المجاز موضعٌ عند عرفات کان یُقام فیه سوقٌ من أسواق العرب فی الجاهلیّة، والمجاز موضع الجواز والمیم زائدة، سمّی به لأنّ إجازة الحاج کان فیه" (٢٨) .

أقول: إذا کان ذو المجاز هو السوق فهو بعیدٌ من عرفات ولیس حدّاً لها، وإذا کان هو الوادی العظیم الذی یمرّ بعرفات فتکون إحدی جهاته حدّاً لعرفات وهی الجهة الملاصقة لعرفات منه، ولمّا کان هذا الوادی شبیهٌ بعرفات نهی الشارع المقدّس عن الوقوف فیه.

۵- الأراک:

والمقصود به نعمان الأراک.

قال البلادی: "وادٍ فحل من أودیة الحجاز التهامیّة. . . وینحدر غرباً، فیمرّ جنوب عرفات عن قرب ثمّ یجتمع بعُرَنَة فیطلق علیه اسم عُرَنَة، یمرّ بین جبلَی کُساب وحَبَشی جنوب مکّة علی أحد عشر کیلاً، ویکون هناک حدود الحرم الشریف، ویتّسع الوادی بین کبکب والقرضة فیسمّی خبت نعمان لفیاحه وسعته" (٢٩) .

وقال الجاسر: "ونعمان: وادٍ عظیم یقطعه القادم من الطائف إلی مکّة من طریق کرا إذا أقبل علی عرفات، وهویحفّ جنوب عرفات، فیه مزارع ومیاه کثیرة" (٣٠) .

وقال فی مجمع البحرین: "الأراک کسحاب شجر یُستاک بقضبانه له حمل کعناقید العنب یملأ العنقود الکفّ، والمراد به هنا موضعٌ بعرفة من ناحیة الشام قرب نَمِرَة" (٣١) .

أقول: یبدو کما ذکرنا سابقاً أنّ الأراک لیس من حدود عرفة لعدم ملاصقته للحدود وإنّما نُهی عن الوقوف فیه وصرّح بعدم الإِجزاء لاحتمال الاشتباه فی الوقوف فیه.

وقد ذکر الدکتور الفضلی أنّ عین زبیدة الشهیرة تنبع منه (٣٢) .

والخلاصة: فعرفة من جهة الشمال الشرقی حدّها جبل سعد (جبل عرفات) .

ومن جهة الشرق سلسلة جبال.

وکذا من جهة الجنوب.

ومن الغرب وادی عُرَنَة.

وعلی هذا فسیکون ذو المجاز ( إذا لم یکن هو السوق) فهو حدّها من جهة الشمال الغربی.

وأمّا الأراک فهو لیس حدّاً لعَرَفَة کما هو واضح.

وجوه الجبال المحیطة بعَرَفَات داخلة فی الموقف:

قد یقال: انّ الجبال المحیطة بعرفات بما أنّها حدّ لعرفات فهی خارجةٌ عن الحدود فلا یجوز الوقوف بها، مثلها مثل الحدود التی ذکرت فی الروایة لعرفة فإنّها خارجةٌ عن الحدود.

ولکن نقول: إنّ الروایات التی ذکرت حدود عَرَفَة مثل (نَمِرَة وعُرَنة وثَویَّة وذی المجاز والأراک) قد صرحّت بخروجها عن عَرَفَة للنهی الذی ورد فی الوقوف بها أو الأمر بالاتّقاء.

أمّا الجبال المحیطة بعرَفَة فالمفهوم الارتکازی أن واجهاتها من عَرَفَة. بالإضافة إلی وجود القرائن الکثیرة الدالّة علی دخول واجهات الجبال فی عرفة منها:

١- موثّقة إسحاق بن عمّار، قال سألت الإمام موسی بن جعفر (علیه السلام) عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحبّ إلیک أم علی الأرض؟ فقال: "علی الأرض" (٣٣) . وواضح أنّ علی الجبل یکون محبوباً إلیه، إلاّ أنّ الأرض أحبّ إلیه، وهو معنی الجواز.

Top of Form

۶٨٢- صحیح معاویة بن عمّار عن الإمام الصادق (علیه السلام) فی حدیث قال: "وحدّ عَرَفَة من بطن عُرَنَة وثَویَّة ونَمِرَة إلی ذی المجاز، وخلف الجبل موقف" (٣۴) ومراده خلف الجبل الذی یکون وجهه إلی عرفات وهو یشمل کلّ ما یکون خلفه حتّی جهته التی تکون إلی عرفات.

٣- استحباب الوقوف فی مَیْسرة الجبل: ومعنی ذلک علی أکثر تقدیر کراهة الوقوف علی واجهة الجبل وهو معنی الجواز، فقد روی معاویة بن عمّار فی الصحیح عن الإمام الصادق (علیه السلام) قال: "قف فی میسرة الجبل، فإنّ رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) وقف بعرفات فی میسرة الجبل، فلمّا وقف جعل الناس یبتدرون أخفاف ناقته فیقفون إلی جانبه، فنحّاها، ففعلوا مثل ذلک، فقال: أیّها الناس إنّه لیس موضع أخفاف ناقتی الموقف، ولکن هذا کلّه موقف وأشار بیده إلی الموقف" (٣۵) .

۴- عدم وجود أی روایة ولو ضعیفة فی النهی عن الصعود علی واجهة الجبال سواء کانت فی عَرَفَة أو المُزْدَلِفَة أو منی، وما ذاک إلاّ لأوضحیّة جواز الوقوف علیها ودخولها فی الحدّ.

۵- ما قاله الماوردی عن الشافعی: "حیث وقف الناس من عرفات فی جوانبها ونواحیها وسهولها وبطاحها وأودیتها. . . إلخ" فإنّ هذا الکلام إذا ثبت تتمّ دلیلیّة بعدم الردع من قبل الإمام (علیه السلام) .

فتبیّن من هذه الأدلّة إجزاء الوقوف علی واجهة الجبل المطلّة علی عرفات أو منی أو مزدلفة علی کراهیّة فیها.

ثانیاً - حدود المزدلفة:

ویقال لها جُمَع (کما فی بعض مناسک الحجّ) .

ویقال لها المشعر الحرام، أو المشعر اختصاراً، أخذاً بقوله تعالی فإذا أفَضْتُمْ مِنْ عَرَفات فاذْکُروا اللهَ عِنْدَ المَشْعَرِالحَرام ولکن یُطلق المشعر علی نفس المسجد القائم فی المزدلفة، ویؤیّده العندیّة المذکورة فی الآیة، کما یطلق علی جبل قُزَح أیضاً، فقد ورد استحباب وطء الصرورة المشعر برجله، فقد حُکی عن الشهید الأوّل فی الدروس: "والظاهر أنّه المسجد الموجود الآن"، وورد استحباب الصعود علی قُزَح (بضمّ القاف وفتح الزای المعجمة) ، قال الشیخ الطوسی رحمه الله: "هو المشعر الحرام، وهو جبلٌ هناک یستحبّ الصعود علیه وذکر الله علیه" (٣۶) .

وعلی هذا الذی تقدّم یکون إطلاق المشعر علی المزدلفة کلّها إطلاقاً مجازیاً من باب تسمیة الشیء باسم الجزء.

وأمّا جمع: التی ضُبِطَت فی بعض مناسک الحجّ - بضمّ الجیم وفتح المیم -، فقد ضُبِطَت عند الجغرافییّن والبلدانییّن وأهل اللغة والمعاجم (بفتح الجیم وسکون المیم) فقد قال الشریف الرضی:

Top of Form

۶٩

احِبُّکَ ما أقامَ منی وجَمْع  وما أرسی بمکّة أخشباها 

وقد سمیّت بذلک لاجتماع الحجّاج فیها بعد الإفاضة من عرفات.

وأمّا تسمیتها بالمزدلفة: وبدون أل علی صیغة اسم الفاعل علی زِنَة (مُفْتَعِل) وقد جاءت هذه التسمیة من الازدلاف بمعنی التقدّم والإفاضة کما جاء فی حدیث معاویة بن عمّار عن الإمام الصادق (علیه السلام) : "وانّما سُمیّت مزدلفة لأنّهم ازدلفوا إلیها من عرفات" (٣٧) . ومقتضی مفاد هذا الحدیث أن یکون لفظها بصیغة اسم المفعول (مزدلَفة) بفتح اللام لأنّها اسم مکان.

حدود المزدلفة: لقد ذکرت الروایات حدود المزدلفة (بما بین المأزمین إلی الحیاض إلی وادی محسِّر" (٣٨) .

وفی زراة عن الإمام الباقر (علیه السلام) قال: "حدُّها ما بین المأزمین إلی الجبل إلی حیاض محسِّر" (٣٩) .

وقال الصادق علیه السلام فی خبر أبی بصیر: "حدّ المزدلفة من وادی محسِّر إلی المأزمین" (۴٠) .

وفی خبر إسحاق بن عمّار عن أبی الحسن (علیه السلام) : قال: "سألته عن حدّ جَمْع، قال: ما بین المأزمین إلی وادی محسِّر" (۴١) .

وفی صحیحة الحلبی عن الإمام الصادق (علیه السلام) فی حدیث قال: "ولا تجاوز الحیاض لیلة المزدلفة" (۴٢) .

شرح الحدود:

١- المأزمان: بکسر الزاء وبالهمز "ویجوز التخفیف بالقلب ألفاً"، وهما جبلان بینهما مضیق یدلف إلی عرفات، وهو حدّ المزدلفة من الشرق، فقد ذکر الجوهری: "أنّ المأزم: کلّ طریقٍ ضیّقٍ بین جبلَین، ومنه سمّی الموضع الذی بین جمع وعرفة مأزمَین". وفی القاموس: "ألمأزم ویقال له المأزمان مضیق بین جمع وعرفة وآخر بین مکّة ومنی". وظاهرهما: أنّ المأزم اسمٌ لموضعٍ مخصوص وإن کان بلفظ التثنیة.

حیاض مُحَسِّر (وادی محسِّر) : محسِّر - بضمّ المیم وفتح الحاء المهملة وکسر السین المهملة وتشدیدها - علی زنَة اسم الفاعل.

قال البلادی: محسِّر: وادٍ صغیر یمّر بین منی ومزدلفة ولیس منها، یأخذ من سفوح ثبیر إلی الأثبرة الشرقیّة، ویدفع إلی عرفة مارّاً بالحسینیّة، لیس به زراعة ولا عمران والمعروف منه ما یمرّ فیه الحاجّ علی طریق بین منی ومزدلفة، وله علامات هناک منصوبة" (۴٣) .

٧٠وقال ابن خمیس فی مجازه: "ومحسِّر: وادٍ یقبل من الشمال إلی الجنوب من فجٍ یفصل بین منی وجبالها وبین مزدلفة وجالها وهو منخفض یسیل علیه ما والاه منهما، وما یسیل من منی أکثر، وعرض وادی محسِّر خمسمئة وأربعون ذراعاً" (۴۴) ، أی ما یساوی ٢٧٠ متراً تقریباً.

وذکر فی وجه تسمیته بمحسِّر من التحسیر أی الإیقاع فی الحسرة أو الإعیاء، سُمّی به لأنّه قیل إن أبرهة أوقع أصحابه فی الحسرة أو الإعیاء لمّا جهدوا أن یتوجّه إلی الکعبة فلم یفعل" (۴۵) .

ثمّ إن الظاهر أنّ المراد من الحیاض هی وادی محسِّر لا أنّه مکانٌ آخرٌ من المزدلفة، وأنّ الحیاض جمع حوض وهو الوادی الذی قد یکون فیه مجموعة حیاض، وقد تقدّم من الروایات التعبیر (بحیاض محسِّر) فیکون التعبیر بوادی محسِّر بعد کلمة الحیاض فی بعض الروایات لبیان معنی الحیاض.

ووادی محسِّر هو حدود مزدلفة من ناحیة الغرب، فضفّة وادی محسِّر الشرقیّة هی الحدّ الفاصل بین مزدلفة ومنی.

أقول: هذا التحدید الذی ذُکر، هو تحدید للمزدلفة من ناحیة طولها.

أمّا تحدید مزدلفة العرضی، فیوجد جبلان کبیران مطلاّن علی المزدلفة أحدهما من الجهة الشمالیّة یقال له (جبل المزدلفة) ، والآخر من الجهة الجنوبیّة، وقد ذکرتهما صحیحة زرارة المتقدّمة عن الإمام الباقر (علیه السلام) بقولها إلی الجبل، والمراد به جنس الجبل هناک فیشمل الشمال والجنوب. إذن تبیّن أنّ ما بین حدَّی مزدلفة طولاً وما بین حدَّیها عرضاً من الشعاب والهضاب والقلاع والروابی ووجوه الجبال کلّها تابعةٌ لمشعر مزدلفة وداخلةٌ فی حدودها، فعن الإمام الباقر (علیه السلام) قال: "ووقف النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) بجمع، فجعل الناس یبتدرون أخفاف ناقته، فأهوی بیده وهو واقفٌ فقال: إنّی وقفت وکلّ هذا موقف" (۴۶) .

وعلی هذا التحدید لمزدلفة، فلا یجوز الوقوف فی المأزمَین وقبلها إلی عرفات ولا فی وادی محسِّر وبعده إلی منی، فإنّ هذه الحدود لیست من المزدلفة، فلا یجزی الوقوف فیها، وقد ورد فی صحیح هشام بن الحکم عن الإمام الصادق (علیه السلام) قال فی حدیث: "ولا تجاوز وادی محسِّر حتّی تطلع الشمس" (۴٧) .

وصحیح الحلبی عن الإمام الصادق (علیه السلام) قال فی حدیث: "ولا تجاوز الحیاض فی لیلة المزدلفة " (۴٨) .

وقد جوّزت الروایات الارتفاع إلی المأزمَین الذی هو حدّ المزدلفة خارجٌ عن المحدود عند الضرورة لازدحام الناس وضیق مزدلفة علیهم، فقد روی سماعة فی الموثّق قال، قلت للإمام الصادق (علیه السلام) : "إذا کثر الناس بجمع وضاقت علیهم کیف یصنعون؟ قال: یرتفعون إلی المأزمَین" (۴٩) .

ثالثاً - حدود مِنی:

٧١- بکسر المیم والتنوین -، سُمّیت بذلک لما یُمنی فیها من الدماء.

وقیل: إنّها سُمیت لما یُمنی فیها من الدعاء.

وقیل: لِما رُویَ عن ابن عبّاس: "أنّ جبرئیل (علیه السلام) لمّا أراد أن یُفارق آدم (علیه السلام) قال له: تَمَنَّ. قال: أتَمنَّی الجنَّة، فُسُمِّیت بذلک لأمنیته" (۵٠) .

وقیل: "سمّیت منی لأنّ جبرئیل أتی إبراهیم (علیه السلام) فقال له تمنَّ علی ربِّک ما شئت". فسُمِّیَت منی، واصطلح علیها الناس، وفی الحدیث "أنّ إبراهیم تمنّی هناک أن یجعل الله مکان ابنه کبشاً یأمره بذبحه فدیةً له" (۵١) . فأعطاه الله مُناه.

وقد اتّفقت الروایات علی أنّ حدّ مِنی من جهة الطول من العقبة إلی وادی محسِّر علی صیغة اسم الفاعل، فقد ذکر صحیح معاویة لأبی بصیر عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: "حدّ منی من العقبة إلی وادی محسِّر" (۵٢) . وجمرة العقبة هی حدّ منی من جهة مکّة، ووادی محسِّر حدّها من جهة مزدلفة، وهذا الحدّ قد ذکره المؤرّخون والجغرافیّون أیضاً. فقد قال الأزرقی فی أخبار مکّة بسنده عن ابن جریح: "قال: قُلت لعطاء بن أبی رباح، أین مِنی؟ قال: من العقبة إلی محسِّر، قال عطاء: فلا أحبّ أن ینزل أحد إلاّ فیما بیین العقبة ومحسِّر. . . " (۵٣) .

أقول: هذا الذی تقدّم هو حدّ لمِنی من ناحیة الطول، أمّا حدّها من ناحیة العرض، فهو ما بین الجبَلَین الکبیرَین بامتدادهما من العقبة حتّی وادی محسِّر، وقد ذکر الفاسی فی شفاء الغرام: "أنّ ما أقبل علی مِنی من الجبال المحیطة بها من کِلا جانبَیها فهو منها وما أدبر من الجبال فلیس منها" (۵۴) . وقد قال النووی فی المجموع: "واعلم أنّ منی شِعبٌ ممدودٌ بین جبَلَین أحدهما ثبیر والآخر الصابح. قال الأصحاب: ما أقبل علی مِنی من الجبال فهو منها وما أدبر فلیس منها" (۵۵) .

أقول: کأنّ مِنی لا تحتاج إلی أن تحدّد من ناحیة العرض لوجود هذَین الجبلَین الکبیرین المفروض أنّهما حدُّ للمنطقة، فکأنّ السؤال فی الروایات عن حدخاص من ناحیة مکّة ومزدلفة فذکرته الروایات.

العقبة هل هی من مِنی؟

الجواب: بقرینة اتّفاقهم علی أنّ (محسِّراً) لیس من مِنی، وإنّما هو حدّ لها فکذلک العقبة، لاقترانها هی اْلأُخری بأداة التحدید وهی (من) ، ولکن حکی عن بعض الفقهاء: أنّ العقبة من مِنی ولیست حدّاً لها.

وسُمّیت بالعقبة لأنّها مدخل مِنی من الغرب، وسُمّیت الجمرة هنا بجمرة العقبة.

٧٢مشکلة الذبح: وعلی ما تقدّم من حدود مِنی، تواجهنا مشکلة حالیّة بناءً علی ما اتّفقت علیه الإمامیّة من وجوب الذبح فی مِنی، حیث إنّ المذبح الذی أوجدته الحکومة السعودیّة یکون خارج مِنی حسب العلامات التی نصبت هناک، وتمنع الحکومة الذبح فی غیر هذه الأماکن التی أعدّتها

للذبح حتّی فی الأیّام اْلأُخری بعد یوم النحر وأیّام التشریق، فهل من مخرجٍ لهذه المشکلة العویصة؟

وتشتدّ هذه المشکلة علی الناس فیما إذا علمنا أنّ الذبح خارج مِنی لا یجزی، إذ لیس المورد من موارد التقیّة، فإنّ مورد التقیّة فیما إذا کان المکلّف غیر معروف المذهب، فلا یعمل بما هو الحقّ عنده خوفاً من الظالم، والواقع القائم الآن بخلافه تماماً، لأنّ المکلّف معروف المذهب، ومعلوم أنّه لا یعتقد صحّة الذبح خارج مِنی، وأنّه یرید الذبح فی مِنی، إلاّ أنّ المنع الحکومی الناشئ من أنّ من یخالف ویشقّ عصا طاعة ولیّ الأمر لا یجوز إقراره علی مخالفته من أیِّ مذهبٍ کان.

وعلی هذا یکون المورد إذا کان هناک إجبار علی الذبح فی المسلخ علی المکلّف، من باب ارتکاب أخفّ المحظورَین وأقلّ الضررَین یُریدُ اللهُ بِکُمُ الیُسْرَ وَلا یُریدُ بِکُمُ العُسْرَ ، وَما جَعَلَ عَلَیْکُمْ فی الدِّینِ مِنْ حَرَج ، فهو من باب قوله (علیه السلام) : "لإِن أفطر یوماً ثمّ أقضیه أحبّ إلیَّ من أن تضرب عنقی"، وأمّا إذا لم یکن إجبارٌ علی الذبح وذَبَحَ خارج مِنی فهو لا یجزیء أیضاً. وعلی هذا فیجب القضاء علی المکلّف لهذا النسک إذا تمکّن بعد ذلک فی بقیّه أیّام ذی الحجّة، أو أن یخلف ثمنه عند عدل لیشتری له هدْیاً ویذبحه فی شهر ذی الحجّة.

فهل توجد طریقة للتخلّص من هذه الطریقة وتقول بالاکتفاء بالذبح فی المذبح الحالی الذی هو خارج مِنی؟

الجواب: توجد عندنا روایات معتبرة تقول: إذا ازدحمت مِنی بالناس ارتفعت إلی وادی محسِّر، فیکون وادی محسِّر حکمه حکم منی، وحینئذٍ یکون الذبح فی المذبح الحالی مجزیاً، ففی معتبرة سماعة قال: "قلت للصادق (علیه السلام) : إذا کثر الناس بمِنی وضاقت علیهم کیف یصنعون؟ فقال: یرتفعون إلی وادی محسِّر. . . " (۵۶) .

فهل یمکن الاکتفاء بهذه الروایة للذبح خارج الحدّ والوقوف کذلک؟ !

إذا کان الجواب بالإیجاب فتنحّل مشکلة مهمّة.

والخلاصة لکلّ البحث: تمکن فی أنّ نَمِرَة التی هی (بطن عُرَنَة) هل من عرفات أو لا؟ وکذا مسجد إبراهیم القدیم الذی یکون فی نَمِرَة؟ فإن قلنا: انّها خارجةٌ من عرفات کما هو ظاهر الروایات التی شرحت لنا حجّ النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) ، وکذا بقیّة الروایات التی أخرجت نَمِرَة عن حدود عرفات، تواجهنا مشکلة أنّ الوقوف فی عُرَنَة لیس من الزوال إلی الغروب.

٧٣وإن قلنا: أنّ نَمِرَة من عرفات کما هو رأی یقال تخلّصنا من هذه المشکلة، ولکن تبقی مشکلة ثانیة وهی مخالفة ظاهر الروایات بل صریح بعضها، وأقوال أهل الخبرة الذین حدّدوا عرفات بإخراج نَمِرَة من عرفات لأنّها بطن وادی عُرَنَة وهذا الوادی کلُّه حدّ عرفات من جهة الغرب، وقد صرّحت الروایات بالارتفاع عنه.

أقول: ألا نحتمل وجود منطقة فی داخل عرفات کانت تسمّی نَمِرَة قد صلّی النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) فیها ووضع رحله؟ وأمّا قریة نَمِرَة التی هی بطن عُرَنَة فهی خارجةٌ عن حدّ عرفات، فإن ثبت ذلک انحلّت مشکلة عدم وجوب الوقوف من أوّل الزوال إلی الغروب فی عُرَنَة.

ویکون حکایة حجّ النبیّ (صلّی الله علیه وآله وسلم) مطابقة لوجوب الوقوف فی عرفة من أوّل الزوال إلی الغروب، وأمّا الموقف الذی یُذکر فی الروایات فالمراد به الوقوف فی سفح الجبل الذی یستحبّ فیه الدعاء والوقوف.

وإن لم یثبت ذلک، فلا بدّ من القول بعدم وجوب الوقوف من الزوال إلی الغروب بل الواجب هو الوقوف بعد الظهر بساعة إلی الغروب.

وأمّا بالنسبة للمزدلفة: فلا یوجد خلاف فی حدودها، وقد وقع تعیین هذه الحدود طبقاً لما قرّره الشارع المقدّس بین المأزمین ووادی محسِّر، وأمّا التحدید العرضی فهو الجبلان المطلاّن علیها من الجبهة الشمالیّة والجنوبیّة.

وأمّا مِنی: فأیضاً لا یوجد خلاف فی حدّها الذی هو من وادی محسِّر إلی العقبة طولاً وما بین الجبلین المطلّین علیها عرضاً، وقد عرضنا مشکلة الذبح التی هی مشکلة معاصرة لوجود المذابح خارج مِنی والحکومة السعودیّة تمنع من الذبح فی مِنی وأوجدنا حلاً قد یکون مقبولاً من الناحیة الفنّیّة.

وأخیراً نبتهل إلی الله سبحانه وتعالی أن یجعلنا من العاملین فی سبیل إعلاء دینه، وأن لا یحرمنا من الحضور فی هذه الأماکن المقدّسة، وأن یغفر لنا خطایانا وسیّئاتنا ویوفّقنا لما یحبّ ویرضی إنّه سمیعٌ مجیب، والحمد لله ربِّ العالمین، وصلّی الله علی محمّد وآله وصحبه المیامین.

الهوامش:

(١) معالم مکة التأریخیّة والأثریّة: ١٨٢، البلادی (عاتق بن غیث) ، مکّة المکرّمة، دار مکّة، ١۴٠٠ه‍- - ١٩٨٠م.

(٢) الوسائل: ١٠، الباب٩ من أبواب إحرام الحاجّ، الحدیث١، وذیل الحدیث باب من أبواب إحرام الحاجّ، الحدیث١.

(٣) نفس المصدر، الباب١٠، الحدیث۶.

٧۴(۴) نفس المصدر، الباب١٠، الحدیث۴.

(۵) هامش کتاب الإرتسامات اللِطاف، أرسلان (الأمیر شکیب بن حمود ١٣۶۶ه‍-) ، تعلیق عبدالرزّاق محمّد سعید حسن (الطائف: مکتبة المعارف) : ۵٨ - ۶۵، عن هدایة الناسکین، تحقیق الدکتور الفضلی: ١٧۵.

(۶) الوسائل ٨، الباب٢ من أبواب أقسام الحجّ، الحدیث٣.

(٧) مجلّة العرب السعودیّة، الجزء ۵، السنة السادسة، ١٣٩١ه‍- - ١٩٧٢م، تحت عنوان تحدید عرفات، عن هدایة الناسکین: ١٧٣.

(٨) نفس المصدر: ٢۶٩.

(٩) جواهر الکلام، الجزء١۵:١٩.

(١٠) الوسائل الجزء١٠، الباب١٠ من أبواب الإحرام بالحجّ والوقوف یعرفة، الحدیث٨.

(١١) جواهر الکلام فی شرح شرائع الإسلام، للمحقّق صاحب الجواهر٢٣:١٩.

(١٢) مستدرک الوسائل، الباب٧ من أبواب إحرام الحجّ، احدیث.

(١٣) نفس المصدر٢٠:١٩.

(١۴) نفس المصدر٢٠:١٩و٢٣ - ٢۴.

(١۵) نفس المصدر: ٢۶، ٢٧.

(١۶) معجم معالم الحجاز٩٢:٩.

(١٧) و (١٨) جاء ذلک فی قرار اللجنة الحکومیّة السعودیّة المنشور فی مجلّة العرب السعودیّة، الجزء ۵، السنة السادسة، ١٣٩١ه‍- - ١٩٧٢م، من الصفحات ٣٧۵ - ٣٨۴، تحت عنوان: تحدید عرفات عن هدایة الناسکین: ١٧٢. (١٩) هکذا جاء فی قرار اللجنة الحکومیّة السعودیّة المنشور فی مجلّة العرب، عن هدایة الناسکین.

(٢٠) المجاز بین الیمامة والحجاز، ابن خمیس: ٢٩٠

(٢١) معجم معالم الحجاز، البلادی، الجزء الثانی: ١۶۶.

(٢٢) هدایة الناسکین، للدکتور الفضلی: ١۶٩.

(٢٣) راجع مجلّة العرب السعودیّة، الجزء ۵، السنة السادسة، ٣٧۵ - ٣٨۴.

(٢۴) نفس المصدر.

(٢۵) أخبار مکّة، الأزرقی١٩١:١.

(٢۶) راجع المجاز بین الیمامة والحجاز، لابن خمیس: ٢٨۴.

٧۵(٢٧) جواهر الکلام١٨:١٩.

(٢٨) کتاب الوافی للفیض الکاشانی١٠٢١:١٣.

(٢٩) معجم معالم الحجاز۶٩:٩.

(٣٠) انظر المجاز، لابن خمیس: ٢٨٧.

(٣١) مجمع البحرین، للطریحی، مادّة أراک.

(٣٢) هدایة الناسکین: ١۶٩.

(٣٣) الوسائل١٠، الباب١٠ من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، الحدیث۵.

(٣۴) نفس المصدر، الحدیث١.

(٣۵) نفس المصدر، الحدیث١.

(٣۶) شرح اللمعة الدمشقیّة٢٧۶:٢.

(٣٧) الوسائل١٠، الباب۴ من أبواب الوقوف بالمشعر، الحدیث۵.

(٣٨) نفس المصدر، الحدیث١.

(٣٩) نفس المصدر، الحدیث٢.

(۴٠) نفس المصدر، الحدیث۴.

(۴١) نفس المصدر، الحدیث۵.

(۴٢) نفس المصدر، الحدیث٣.

(۴٣) معجم معالم الحجاز، البلادی۴٢:٨.

(۴۴) المجاز، لابن خمیس: ٣٠١.

(۴۵) جواهر الکلام١٢:١٩.

(۴۶) الوسائل١٠، الباب٨ من أبواب الوقوف بالمشعر، الحدیث٧.

(۴٧) نفس المصدر، الباب١۵ من أبواب الوقوف بالمشعر، الحدیث٢.

(۴٨) نفس المصدر، الباب٨ من أبواب الوقوف بالمشعر، الحدیث٣.

(۴٩) نفس المصدر، الباب٩ من أبواب الوقوف بالمشعر، الحدیث١.

(۵٠) جواهر الکلام١٠٠:١٩.

(۵١) راجع مجمع البحرین، مادّة مِنی.

(۵٢) الوسائل١٠، الباب۶ من أبواب إحرام الحجّ، الحدیث٣.

(۵٣) مجلّة العرب، السنة الثامنة٧٨:١ - ٨٠، عن هدایة الناسکین: ١۶۴.

(۵۴) نفس المصدر، عن هدایة الناسکین: ١۶٣.

(۵۵) نفس المصدر، عن هدایة الناسکین: ١۶۴.

(۵۶) الوسائل١٠، الباب١١ من أبواب إحرام الحجّ، الحدیث۴.