الحج في أحاديث الإمام الخميني ره و إمام الخامنئي حفظه الله

نوع المستند : مقالة البحثية

المؤلف

المحقق الديني


الحجّ فی أحادیث الإمام الخمینی - قدّس سره -

بسم الله الرحمن الرحیم

الی حجاج بیت الله الحرام کافه ایّدهم الله تعالی.

بعد السلام ووافر التحیات.

الیوم، حیث نشِبت براثن الاستعمار الخبیثه - بسبب تهاون و تساهل الشعوب الإسلامیه - فی أعماق الارض المترامیة لأُمّة القرآن، لتنهب جمیع الثروات الوطنیة والخیرات الطائلة، ولتنشر الثقافة الاستعماریة المسمومة فی أعماق قری وقصبات العالم الإسلامیّ، ولتقضی علی ثقافة القرآن، وتجنّد الشباب أفوهجاً فی خدمة الأجانب والمستعمرین، وتطلع علینا کلَّ یوم بنغمة جدیدة وبأسماء خادعة تظلّل بها شبابنا. فی مثل هذه الظروف علیکم، یا أبناء الأُمّة الأعزاء المجتمعین لأداء مناسک الحجّ فی أرض الوحی هذه، أن تستثمروا الفرصة وتفکّروا فی الحلّ، وأن تتبادلوا وجهات النظر وتتفاهموا لحل مسائل المسلمین المستعصیة.

واعلموا أنّ هذا الاجتماع الکبیر الذی یعقد سنوّیاً، بأمر الله تعالی، فی هذه الارض المقدسة، یفرض علیکم - أنتم المسلمین - أن تبذلوا الجهود علی طریق االأهداف الإسلامیّة المقدسة، ومقاصد الشریعة المطهرة السامیة، وعلیطریق تقدم المسلمین وتعالیهم واتحاد المجتمع الإسلامیّ وتلاحمه.

لتشترک أفکارکم وعزائمکم علی طریق الاستقلال واقتلاع جذور سرطان الاستعمار.

اِسمعوا مشاکل الشعوب المسلمة من لسان أهل کل بلد، ولا تؤلوا جهداً فی اتخاذ أی اجراء لحل مشاکلهم.

علی اهالی کل بَلدٍ أن یشرحوا فی هذا الاجتماع المقدس مشاکل شعبهم للمسلمین. . .

فکّروا فی أمر الفقراء والمساکین فی العالم الإسلامیّ.

ابحثوا عن سبیل لتحریر أرض فلسطین الإسلامیّة من براثن الصهیونیة العدو اللدود للإسلام والإنسانیّة.

لا تغفلوا عن مساعدة الرجال المضحّین الذین یناضلون علی طریق تحریر فلسطین وعن التعاون معهم.

علی العلماء المشارکین فی هذا الاجتماع، من أی بلد کانوا، أن یصدروا - بعد تبادل وجهات النظر - بیانات صریحة واضحة لا یقاظ المسلمین، وأن یوزعوها فی مهبط الوحی بین أبناء الأُمَّة الإسلامیّة، ثم ینشروها فی بلدانهم بعد عودتهم.

وعلی العلماء أیضاً أن یطالبوا زعماء البلدان الإسلامیّة بوضع الإسلام نصبَ أعینهم، ویتجنّبوا الاختلافات، ویبحثوا عن علاج للتخلص من مخالب الاستعمار.

ولو أن زعماء البلدان الإسلامیّة کفّوا عن الاختلافات الداخلیة وتفهموا أهداف الاسلام السامیة، واتّجهوا نحوها، لما أصبحوا بهذه الحالة أسری ذلیلین بید الإستعمار.

ان اختلافاتهم، هی التی خلقت مشکلة فلسطین، وتحول دون حلّها. فلو أنّ سبعمائة ملیون مسلم، بأرضهم الغنیة المترامیة الاطراف، یمتلکون وعیاً سیاسیّاً، وکانوا متّحدین منتظمین فی صفّ واحد، لما أمکن للدول الاستعماریة الکبری أنْ تنفذ الی بلدانهم، فما بالک بحفنة من الیهود من عملاء الاستعمار. . .

أنا أشدُّ علی ید أبناء الأُمَّة الإسلامیّة وأحرار العالم علی طریق قطع جذور الاستعمار والمستعمرین، واستقلال البلدان االإسلامیّة وتحطیم قیود الأسر. وأسأل الله تعالی أن یدفع عنا شرّ الأنظمة المتجبّرة وأذناب الاستعمار القذرین، وأسأله أن یتقبل منکم أعمالکم ومناسککم.

Top of Form

الحج فی حدیث الإمام الخامنئی - حفظه الله -

بسم الله الرحمن االرحیم

الحمد لله ربّ العالمین. والصلاة والسلام علی سیدنا ونبیّنا محمّد وآله الطیبین الطاهرین.

قال الله الحکیم:

وإذ قال إبراهیم ربّ اجعل هذا البلدَ آمناً واجنُبنی وبنیّ أن نعبد الأصنام. ربّ إنهنّ أضللن کثیراً منن الناس فمن تبعنی فإنّه منّی ومن عصانی فإنّک غفور رحیم.

أطل علینا موسم الحجّ، وملأت نغمة التلبیه المتصاعدة من قلوب المشتاقین؛ حرم الأمن الإلهی، وهرعت الشعوب الإسلامیّة من أرجاء المعمورة الی میعاد الذکر والاستغفار والقیام والاتحاد، وتلاقی الأُخوة المتباعدون. . . اتوجّه الی الله العزیز الحکیم شاکراً خاضعاً، وأحمده حمداً عظیماً عظمَ صفاته الحسنی، وأثنی علیه سبحانه ثناءً واسعاً سعةَ بحار رحمته، أن وفّق المسلمین المشتاقین مرّةً أخری لأداء هذه الفریضة، وأعلا - جلّ شأنه - بذلک رایةَ العزّة والعظمة علی رؤوس المسلمین فی بیته الآمن، واستضاف الحجاج الإیرانیین أیضاً علی مائدة الرحمة والعظمة. إنّ الإنسان لیعجز عن وصف هذه النعمة الکبری وقدرها وإن أُوتی فصاحة اللسان وقوة البیان. ولعلّ الله سبحانه ینیر قلوبکم المضیئة المشتاقة فتتجلّی فیها تلک الحقیقة المستغنیة عن وسائط القول والکلام.

أیّها االأخوة والأخوات من أی بلد کنتم والی أی شعب انتمیتم إنّ ما یهمّنی أن أقوله لکم هو أنّ الحجَّ نعمة إلهیّة مَنَّ بها الله سبحانه علی الأجیال المسلمة. وشکر هذه النعمة ومعرفة قدرها یزیدها، والکفران بها ونکران قدرها یسلبها من المسلمین وهو العذاب الإلهی الشدید: ولئن کفرتم إنّ عذابی لشدید.

واعلموا أنّ سلب نعمة الحجّ لیس فی عدم توجّه المسلمین لأداء هذه الفریضة، بل فی حرمان المسلمین من منافعه التی ال تحصی، وزیادة هذه النعمة لیس فی زیادة عدد الحجاج کلّ عام، بل فی استثمار منافعه: لیشهدوا منافع لهم.

جدیر بنا أن نفکّر جیداً، هل العالم الإسلامیّ استطاع أن یستثمر منافع الحج؟ وما هی هذه المنافع أساساً؟

الحج الصحیح یستطیع أن یحدث تغییراً فی المحتوی الداخلی لکلِّ فرد من أفراد المسلمین. یستطیع أن یغرس فی نفوسهم روح التوحید والارتباط بالله والاعتماد علیه، وروح الفرض لکلّ الأصنام الداخلیة والخارجیة فی وجود الکائن البشری، هذه االأصنام المتمثلة فی الأهواء والشهوات الدنیئة والقوی الطاغیة المسیطرة. الحجُّ یستطیع أن یرسّخ الإحساس بالقدرة والاعتمادَ علی النفس والفلاحَ والتضحیة. ومثل هذا التحوّل یستطیع أن یصنع من کلّ إنسان موجوداً لا یعرف الفشل ولا ینثنی أمام التهدید ولا یضعف أمام التطمیع.

والحجّ الصحیح یستطیع أن یصنع من الأشلاء الممزقة لجسد. الأُمة الإسلامیّة کیاناً واحداً فاعلاً مقتدراً، وأن یجعل هذه الإجزاء المتفرقة تتعارف وتتبادل الحدیث عن الآمال والآلام، والتطورات والاحتیاجات المتقابلة، والتجارب المستحصلة.

ولو أنّ الحجّ وضع ضمن إطار برنامج یتوخّی هذه الأهداف والنتائج وتتضافر علیه جهود الحکومات والعلماء، وأصحاب الرأی والکلمة فی العالم الإسلامیّ، لعاد علی الأُمّة الإسلامیّة بعطاء ثرّ لا یمکن مقارنته بأی عطاء آخر فی دنیا الإسلام. کما یمکن القول بکل ثقة: إن هذا التکلیف الإلهی وحده، لو استثمر استثماراً صحیحاً کما أرادته الشریعةُ الإسلامیّة، لاستطاع بعد مدة غیر طویلة أن یبلغ بالأُمّة الإسلامیّة ما یلیق بها من عزّة ومنعة.

لابُدَّ من أن نذعن بمرارة الی أن الفاصلة کبیرة بین الشکل الحالی لأداء هذه الفریضة الإلهیة والشکل المطلوب. الامام الراحل العظیم بذل جهوداً فعّالة فی هدا السبیل، ووضع نصب أعین الأُمّة الإسلامیّة تصویراً واضحاً عن الحجّ الإبراهیمی، حجّ العظمة والعزة، حجّ الرفض والتحوّل. وکان طرح هذا التصوّر بحد ذاته مبعث برکات وافرة فی العالم الإسلامیّ. غیر أنّ نشر هذه الفکرة وهذا المنهج العملی بین جمیع الشعوب المسلمة بحاجة الی جهود مخلصة ینهض بها علماء الدین، ووعی وتعاون یبدیه حکام کلِّ البلدان الإسلامیّة، وآمل أن تکون هذه المهمّة الحساسة موضع اهتمامهم و عملهم.