«تعريف بکتاب» طريق الحجّ الأحسائى(1)

نوع المستند : مقالة البحثية

المؤلف

المستخلص

نظراً لمنهج مجلة «ميقات الحجّ»، وعنايتها بالشؤون الثقافية والتاريخية والسياسية والاجتماعية للحجّ ودائرته المباركة...، فتحت بابها لا فقط لاستقبال ما يتفضل به الكتّاب، ويبادر به العلماء والمحققون من بحوث ومقالات من أفكار وآراء حول عنايتها المذكورة، وإن لم تكتفِ بانتظار ما تجود به معرفتهم وأناملهم، بل راحت إدارتها تسمع وتقرأ وتلاحق ما يكتب هنا وينشـر أو يُلقى هناك؛ ما دام يصبُّ في دائرتها المعرفية؛ لإعطائه مساحة مناسبة في المجلة، حرصاً منها في إغناء مكتبتها الخاصة وتراثها المعرفي، ومشاركةً منها في نشر ما تصبو إليه من أهداف كبيرة؛ تتمدّد على مساحة واسعة من الحرمين المباركين مكة المكرمة والمسجد النبوي وما حولهما من طرق وأماكن ومواقع.[1]
إنّ هذا الکتاب «طريق الحج الأحسائي» لمؤلفه سماحة الشيخ محمدعلي الحرز ، كتاب جيد لما تتوفّر فيه من أهمية تاريخيّة وفوائد ميدانيّة ومعرفة لحدود هذا الطريق ومعالمه، و قديماً كان هذا طريقاً للحجاج الإيرانيين .
فطوبى لمؤلفه الشريف، الذي تحمّل كثيراً من المعاناة؛ لإيجاد هذا السفر القيّم، نسأله تعالى أن يؤجره أجراً كبيراً، ويؤجر سماحة الشيح حسين الواثقي، الذي اقترح أن يحتلّ هذا الكتاب مكانته في هذه المجلة.
* * *
جاء في مقدمة البحث :
«طالما راودتني فکرة التطرّق لموضوع الحج الأحسائي من الناحية التاريخية؛ والتعريف بالعلاقة الکبيرة بين الأحساء وبلاد الحجاز، وأهم الطرق التي يسلکونها في المسير لأداء فريضة الحج، والعقبات التي تواجه الحاج الأحسائي تحديداً من صعوبات ومعوِّقات، حاله حال الکثير من الحجاج في مختلف المنافذ المتجهة إلی مکة المکرمة، نظراً للتغافل الکبير من المهتمين بتاريخ الحج وطرق الحاج، وذلكلصعوبة البحث وندرة المصادر التي تناولت معالم هذه الطرق.
لذا اکتفی معظم الباحثين بتناول الطرق المشهورة والمعروفة؛ مثل الشامي والعراقي والمصري واليمني والعماني وغيرهم، دون تجاوز هذه العتبة خشيةً من وعورة الطريق والبحث في هذه النقطة المعتمة...».
[1] . جديد .
 

الكلمات الرئيسية


ابتدأ المؤلف کتابه هکذا:

... في الرواية عن الإمام جعفر بن محمد الصادق7: «من حجّ ثلاث حجج لم يصبه فقرٌ أبداً».[1]

فقد ورد في القرآن الکريم قوله تعالى: (وَالْباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً).[2]

وحفظهم من أهم حوائج ورغبات العبد، وتکفل رب العباد يحفظهم، فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق7 أنه قال: «إنَّ أدنى ما يرجع به الحاج الذي لا يقبل منه، أن يحفظ في أهله وماله، قال: فقلت: بأي شيء يحفظ فيهم؟، قال: لا يحدث فيهم إلّا ما کان يحدث فيهم وهو يقيم معهم».[3]

هذا النزر اليسير أردنا به إعطاء تصور عام عن الثمار التي يجنيها المسلم من هذه الشعيرة العبادية، علماً أنَّ الخوض في فضلها ومنزلتها بابٌ واسع صنّفت فيه عشـرات الکتب وکتبت فيه آلاف المقالات.

طريق الحج الإسلامي

اشتهر للحج الإسلامي خمس طرق يسير عبرها معظم المسلمين القادمين للديار المقدّسة عبر البرّ، وذلك من مختلف البلدان والنواحي والجهات.

وقد دوّن المؤرخون في مصنفاتهم تلك الطرق والمسالك بمزيدٍمن العرض والبسط، مع الإشارة إلى الخدمات التي تسهّل وتستقطب مرور الحجاج من حفر الآبار والأوقاف، إضافة إلى تأمين الحماية والرعاية وخدمات الحاج المختلفة.

وهذه الطرق الخمس المشهورة سنوردها تباعاً کما يلي:

الأول: طريق الحاج العراقي:

للحاج العراقي ومن يسير في رکبه أو على دربه طريقان، هما:

1ـ طريق حجّاج الکوفة، ويعرف بـ(درب زبيدة):

ويُعدُّ من أهمّ الطرق الذي تسير عليه جموع غفيرة من الحجّاج العراقيين،  فمن يسير عليه من سائر الحجّاج غير العراقيين حجاج أهل فارس وخراسان، والديلم.[4] وبخارى،[5] وما وراء النهر،[6] وإقليم الجبل،[7] مما جعل مسؤولية أمير الحاج کبيرة، خاصّة أنّه طريق موکب الخلافة العباسية والتي اعتنت خلال مسيرتها التاريخية بتوفير الخدمات اللوجستية التي يحتاجها المسافرون المارّون بهذا الطريق الحيوي، وذلك من خلال حفر الآبار وتوفير محطات توقف واستراحة.

ومما تجدر الإشارة له أنَّ هذا الطريق يعتبر من الطرق القديمة، ويعد من أهم طرق الحج والتجارة خلال العصر الإسلامي، وقد اشتهر باسم «درب طبيدة» نسبة إلى السيدة زبيدة،[8] بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور زوج الخليفة هارون الرشيد، لما قامت من إنشاء الموقوفات وحفر الآبار على هذا الطريق.

ويمتد درب زبيدة «طريق الحج الکوفي» من بغداد مروراً على مدينة الکوفة في العراق مروراً بالمملکة الشمالية ووسطها وصولاً إلى مکة المکرمة، ويبلغ طوله في أراضي المملکة أکثر من 1400 کلم، حيث يمر بخمس مناطق، هي: الحدود الشماليه، حائل، القصيم، المدينة المنورة، مکة المکرمة.

وهو يسير على عدد المحطات والمراحل العامرة بالمزارع والخيرات والمياه ليستطيع الحاج التزود بالمؤونة ولوازم الطريق.

خريطة طريق حاج الکوفة المشهور بـ «درب زبيدة».[9]

 

إحدى المعالم الأثريّة على درب زبيدة التاريخي

2ـ طريق حاج البصرة:

وينال هذا الطريق أيضاً أهمية بالغة من حيث الحج والتجارة، ويبدأ الطريق من البصرة مروراً بشمال شرق شبه الجزيرة عبر وادي الباطن مخترقاً عدة مناطق صحراوية أصعبها صحراء الدهناء، ثم يمر بنجد التي تعد من الأراضي الخصبة، وبعدها يتجه الطريق محاذياً لطريق الکوفة ـ مکة، حتى يلتقيا عند محطة أم خرمان أوطاس، والتي تقع على مسافة عشرة أميال من موقع ذات عرق.

يلتقي طريق البصرة بالطريق الرئيسي الممتد من الکوفة عند منطقة معدن النقرة التي يتفرع منها طريق يتجه إلى المدينة المنورة.

ويعدّ من الطرق المهمة التي يسلکها أهالي تلك المناطق إضافة للحجاج خوزستان وعبادان ومن لفَّ لفهم، وهو من حيث العدة والضخامة أقل من الطريق المنطلق من الکوفة إلّا أنه لا يقل عنه أهمية ومکانة لکثرة من يطرقه للأغراض المتعددة، والتي من أهمّها مرور قوافل الحج.

خريطة طريق الحاج البصري[10]

ثانياً: طريق الحاج الشامي:

ينطلق مرکب الحاج الشامي من دمشق مرکز تجمع الحجيج السائرة على هذا الدرب، وتتحرّك الجموع متهجة في أول مراحله إلى الصين، وهي قرية من أعمال دمشق، وهکذا متّجهة عبر عدد من المنازل والمراحل إلى الحَفير، وهو نهر بالأردن، بعدها يدخلون أرض الحجاز عبر منطقة سرغ،[11] وهي أول الحجاز وآخر الشام، متجهين نحو تبوك، ومنه إلى وادي القرى، ثم يسيرون في منازل متعددة إلى أن يصلوا إلى المدينة المنورة، ومن المدينة يکملون المسير إلى مکة المکرمة على الجادة المعروفة بين الحرمين الشريفين.[12]

والشيء اللافت والملاحظ على معظم الطرق التي يسلکها الحاج خلال مسيره اختلاف بعض المنازل بين الرحالة وقوافل الحجيج بعداً وقرباً، وذلك تبعاً للظروف المختلفة وخبرة الدليل والقائد للرحلة، وإن کانت تتفق في الوجهة والجهة مع تغيّر في القرى وأماکن الآبار.

 

خريطة طريق الحاج الشامي.[13]

ثالثاً: طريق الحاج المصري:

ويعدُّ من أهمّ الطرق إلى مکة المکرمة عليه تسير مواکب الحجّاج القادمة  من القارة الأفريقية، کالموکب المغربي وغيره، وينطلق الموکب من المنطقة المعروفة بـ (برکة الحاج)،[14]ثم ينطلق باتجاه قناة السويس، إلى أرض الجزيرة وصولاً إلى مکة المکرمة، وهو يمرّ عبر مجموعة من المراحل ذکرت في الکتب المفصلة.

ويعدّ المحمل المصري المرافق للموکب أهم المحامل وأخصّها،  حيث يصطحب معه في کلّ عام کسوة الکعبة الشريفة، وقد استمر ذلك من عهد المماليك إلى قريب منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وتحديداً عندما سيطر الملك عبد العزيز على الحجاز سنة 1342هـ، حيثُ توقفت عملية استجلاب الکسوة من مصر، على أن يتم صنعها في داخل الدولة السعودية کما سيأتي لاحقاً.

خريطة  طريق الحاج المصري.[15]

رابعاً: طريق الحاج اليمني:

للحاج القادم من اليمن عدة طرق، وهي کما يلي:

1ـ الطريق الساحل:

وهو طريق يمرّ بجوار البحر الأحمر محاذياً له من الشرق، ويبدأ من عدن فأَبْيَن مروراً بالمخنق، فإلى عارة، ثم عبرة،  فالسقيا، فباب المندب. فسماري، ثم الخوخة والأهواب وغلافقة. وهي فرضة زبيدة، ثم نبعة، فالحردة، ثم الزرعة، ثم الشـرجة. بعدها يسير الطريق من الشرجة إلى المفجر، فإلى القنيدرة، ثم عثر،  ثم بيض، ثم الدويمة، ثم حمضة، ثم ذهبان، ثم حلين، ثم قرما فدوقة، إلى السـرين، وهي ملتقى طريق الساحل مع طريق الداخل، ومنها يفترقان أيضاً کلّ في جهته، حيث يسير الساحلي صوب الليث فاشعيبة إلى جدة ومنها إلى مکة المکرمة.

2ـ الطريق الداخلي:

وهو التهامي، ويعرف باسم الجادة السلطانية. يبدأ الطريق من تعز ويمر بذات الخيف، فموزع، ثم الجدون، ثم حيس، ثم زبيد. إذ تتجمّع فيها القوافل التي تسلك طريق الجادة السلطانية، ومنها تنطلق في سيرها إلى مکة المکرمة مارةً بفشال والضنجاع، والقحمة، والکدراء والمهجم ومور والواديين، والساعد وتعشر وجازان والهجر وبيش إلى ضنکان، ومنها يتجه الطريق إلى المقعد فحلي العليا ثم يبه ثم قنونا، ثم عشم، ثم دوقة فإلى السرين حيث يلتقي بالطريق الساحلي، ومنها يفترق في مساره الداخلي إلى الليث، فالخضراء، ثم سعيا،  فيلملم ـ ميقات أهل اليمن ـ حتى مکة المکرمة.

3ـ الطريق الأعلى:

ويعرف باسم الطريق الجبلي، ومرکز انطلاقه صنعاء ويتجه الطريق إلى صعدة، ومنها إلى العرقة، ثم المهجرة، ثم أرينب، ثم سروم الغيض، ثم الثجة، ثم بيشة ومنها إلى تبالة، فالقريحاء ثم کرى، ثم تربة، ثم الصفن، ثم العنق، ثم رأس المناقب، وهي منتهى الطريق في اتجاه الشمال،  وينحرف في سيره صوب الغرب إلى قرن المنازل، وهو ميقات أهل اليمن الذين يمرون من تلك الجهة، ويتجهون محرمين صوب مکة مجتازين الزيمة، والطائف عن طريق السيل.[16]

 

خريطة طريق الحاج اليمني.[17]

خامساً: طريق الحاج العماني:

1ـ طريق عمان الساحلي:

وهو طريق ساحلي لحجاج عمان يتجه إلى فرق، ثم عوکلان،  ثم إلى ساحل هباه، وبعدها إلى شحر، ثم تتابع القوافل سيرها على أحد الطرق اليمنية الرئيسة المؤدية إلى مکة.

2ـ طريق عمان الداخلي:

لطريق الحج العُماني مساران: فأحدهما يتجه من عمان إلى يبرين، ثم إلى الأحساء. ومنها إلى اليمامة. ثم إلى ضرية.

وتشير المصادر الجغرافية إلى أن ضریة کانت لتلتقي حجّاج البصرة والبحرين، حيث يفترقون بعدها إذا انصرفوا من الحج، فيتجه حجاج البصـرة شمالاً؛ وحجاج البحرين باتجاه اليمين، وکما کان بإمکان القوافل القادمة من عمان اجتياز منطقة الأحساء لتلقتي بطريق اليمامة مکة المکرمة.

وهنا نجد الإغفال في المصادر التاريخية ـ إلّا القليل منها ـ لطريق الحج الأحسائي والذي تسلکه حشودٌ کبيرة من المسلمين سواء من الحسائيين أو من العابرين على الدرب الأحسائي في طريقهم إلى الديار المقدسة، وهو ما سنحاول کشف النقاب عن معالم هذا الطريق خلال الصفحات القادمة.

 

خريطة طريق الحاج العُماني.[18]

الأحساء نبذة تعريفيّة ، الأحساء في اللغة والاصطلاح:

الأَحساء بفتح الألف وإسكان الحاء وفتح السين المهملة، تعني الأرض الرملية التي يوجد تحتها طبقة سفلية من صخر صلد تمسك بماء المطر لوقت طويل، وهذا الماء يمکن الوصول إليه واستخراجه بسهولة ويسر، والحفرة من هذا النوع تسمى حسب المعاجم اللغويّة «حسي» وجمعها «إحساء»، ولکثرة الأحسية في هذا الموقع عرفت المنطقة بـ «الأحساء».

أمَّا الأحساء اصطلاحاً فهي محافظة سعودية تقع شرقي الجزيرة العربية، وتبعد عن العاصمة الرياض 328کلم. تبلغ مساحتها 379000 کلم،[19] أي ما يُعادل 20٪ من أراضي المملکة العربية السعودية،  وتُغطّي صحراء الربع الخالي نحو ثلاثة أرباع المحافظة.

وتنبع أهمية موقع الأحساء استراتيجيّاً کونها تربط بين المملکة في جزئها الشرقي بعدد من الدول المجاورة کالبحرين والکويت عمان والإمارات وقطر، کما تعد أقرب منفذ بحري لوسط الجزيرة العربية، ومن هنا فهي تعتبر محطة بارزة في طريق الحاج القادم من الشرق، کما تعد منطقةً تجارية هامة على مستوى الخليج [الفارسي].

أمّا الحدود فيحدها من الجنوب سلطنة عُمان، ومن الشرق خليج سلوى ومن الغرب صحراء الدهناء. وهي تتمثّل في مدينتي الهُفوف والمبرَّز، وأکثر من خمسين قرية مختلفة الحجم والکثافة السکانية، معظمها في الاتجاه الشرقي والشمالي من الأحساء.

خريطة الأحساء وحدودها الإداريّة.

* مقوّماتها الطبيعيّة:

تشتهر الأحساء بکثرة نخيلها التي تغطي مساحات هائلة من أراضيها وتزيد على ثلاثة ملايين نخلة، وتنتج أکثر من مائة ألف طن من التمور سنوياً، أي ما يُعادل 10٪ من إنتاج المملکة، وهي في الأصل واحة طبيعية، ومُصنّفة کأکبر واحات النخيل في العالم.

کما تمتلك الأحساء واجهة بحرية على الخليج [الفارسي] تبلغ مساحتها 133 کم، وکانت قديماً من أغني مناطق المملکة بالمياه الجوفية،  والعيون التي يتراوح عددها بين 60 و 70 نبعاً.

* تاريخها السياسي:

تعتبر الأحساء ـ بعمقها التاريخي الممتد ـ حاضرة جاذبة للتجمعات البشريّة، لما تمتلکه أرضها الغنّاء من أسباب للبقاء والديمومة، ما جعلها محطّاً للعيون، حيث تعاقب على حکمها منذ صدر الإسلام مجموعة کبيرة من الدول، کدولة القرامطة والدولة العيونية والجروانية ودولة بني عصفور وآل جبر، وانتهاءً بالعثمانيين والدولة السعودية في عهودها الثلاث.

وسنأتي تباعاً على ذکر المرتبط بتاريخ الحج منها لاتصاله ببحثنا في ثنايا البحث.

* المعالم الأثرية:

ضمّت الأحساء عشرات المعالم الأثرية الهامة منها:

ميناء العقير: يقع على ساحل الخليج [الفارسي] على بعد 60 کم من مدينة الهفوف، وهو أحد الموانئ الهامة، الذي يأتي عن طريقه الحجاج إلى الأحساء.

 

ميناء العقير التاريخي

مسجد جواثى: يقع على بعد نحو 20 کم شمال شرق مدينة الهفوف، وما تزال قواده قوائمة إلى وقتنا الحالي،  وترجع أهميته التاريخية بصفته ثاني مسجد أقيمت فيه صلاة الجمعة في الإسلام بعد مسجد رسول الله، قام بينائه بنو عبد القيس الذين کانوا يکنون الأحساء في تلك الفترة.

قصر محيرس: يقع في شمال المبرز على أعلی تلة من المدينة؛ وعلى بعد 14 کم شمال مدينة الهفوف، تم تشييده عام 1794م وذلك في أوائل العهد السعودي، وهو عبارة عن قلعة حربية تضم برجاً للمراقبة والرصد.

قصر إبراهيم: ويسمى أيضاً قلعة إبراهيم نسبة إلى إبراهيم باشا القائد العثماني الذي حکم محافظة الأحساء آنذاك، ويقع القصر شمال مدينة  الهفوف على مساحة تقدّر بـ16500م.

قصر صاهود: يقع في حي الحزم بمدينة المبرز على مساحة 1750م،[20] تمّ بناؤه في عام 1800م للدفاع عن المدينة وحماية الأراضي الزراعية ومراقبة مخيمات البدو الموسمية.

إضافة إلى العديد من المعالم الأثرية والتاريخية والطبيعية التي تستقطب السياح من مختلف أرجاء العالم.

هذا الموجز المقتضب عن الأحساء أوردناه ليتعرف القارئ الکريم على لمحة يسيرة عن مکانة وتاريخ هذه المنطقة الحيويّة.

في هذا الفصل سنتعرض إلى واقع طريق الحجّاج الأحسائيين في مراحل تعاقب الحکّام والدول على حکم منطقة الأحساء بدءًا من العصور الإسلامية الأولى وانتهاءً بالدولة السعودية الثالثة والتي نعيش في کنفها حالياً وهي کالتالي:

* العصور الإسلامية الأولي

* دولة القرامطة (281ـ469هـ)

* الدولة العيونيّة (469ـ636هـ)

* الدولة العصفوريّة (630ـ...)

* الدولة الجبريّة (820ـ930هـ)

* دولة آل مغامس (932ـ953هـ)

* الدولة العثمانيّة الإولی (957ـ1082هـ)

* دولة بني خالد (1080ـ1208هـ)

* الدولة السعودية الأولی (1157ـ1233هـ)

العصور الإسلاميّة الأولى

تبوأت الحجاز مکانة کبيرة في قلوب الهجريين، عمادها العلاقة الدينية والاقتصادية التي تعمقت بمرور السنين، فالهجريون منذ القدم ينظرون إلى الحجاز کبعد استراتيجي وديني لا غنی لهم عنه،  ففيها مهد الرسالة، وإليها تهفو القلوب الوالهة، وفي أعتابها تحت الخطايا.

ولم يکن البعد الاقتصادي ببعيد عن هذه العلاقة اللصيقة منذ العهد النبوي الشريف وإشراقة شمس الإسلام الساطعة، فالمصادر التاريخيّة تشير إلى هذه العلاقة الوطيدة، والتي يظهر أنها عريقة وقديمة تمتد إلى ما قبل العصـر الإسلامي، وذلك عندما کانت الصادرات الأحسائية من السلع الغذائية والمنتجات الحرفيّة المصنوعة على أيدي حرفييها المهرة ونساجها المشهورين تصدّر إلى باقي البلدان المحيطة من أقصي الجزيرة العربية إلى أقصاها من جميع الجهات، والتي منها الثياب والبرود والأدرعة، فقد کانت تستورد من الأحساء وتصدّر إلى الحجاز، ومنها مکة المکرمة، وقد اشتری رسول  الله9 منها بعض السراويل، کما يشير ابن سعد في طبقاته بأنه: بَعَثَ رَسُولِ  اللهِ9 سَلِيطَ بْنَ عَمْرِو الْعَامِرِيَّ إلى هَوْذَةَ بْنِ على الْحَنَفِيِّ يَدْعُوهُ إلى الْإِسْلَامِ وَکَتَبَ إلى النَّبِيِّ9: مَا أَحْسَنَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ وَأَجْمَلَهُ وَأَنَا شَاعِرُ قَوْمِي وَخَطِيبُهُمْ وَالْعَرَبُ تَهَابُ مَکَانِي فَاجْعَلْ لِي بَعْضَ الْأَمْرِ أَتَّبِعْكَ وَأَجَازَ سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو بِجَائِزَةِ وَکَسَاهُ أَثْوَاباً مِنْ نَسْجِ هَجَرَ.[21]

کما أنه وفي نفس العهد النبوي الشريف کان سماك بن حرب يشتري البز من مدينة هجر ويبيعها بالمدينة المنورة.[22]

هذه النماذج وغيرها تبين العلاقة الوشيجة بين هجر والدار النبوية بالمدينة المنورة من حيث الاستيراد والتصدير، الأمر الذي يتخلّله التواصل الديني وأخذ التعاليم الدينية في موسم الحج.

کما أنّ العلاقة لم تکن مقتصرة على الفترة الدينية وهي موسم الحج، وإنما تجعل العلاقة التجارية التي تبقيها على تواصل دائم بالحجاز وعلى الخصوص المدينة المنورة لأخذ التعاليم الدينية وللإجابة عن التساؤلات التي ترد أو تطرأ وفق الحاجة والظرف.

لذا لم يکن موسم الحج منذ القدم لدی التجار والحجاج الأحسائيين موسماً عباديّاً فقط، وإنما هو فرصة تجارية تتمثّل في نقل البضائع التي تتميز بها هجر وبلاد البحرين بصفة عامة وبيعها في موسم الحج.

لقد ذکرت المصادر أنه في عصر الخليفة عمر بن الخطاب بلغ خراج هذه البلاد في إحدى السنوات خمسمائة ألف دينار حملها أبو هريرة من هجر إلى المدينة المنورة کما کان تجار هذه البلاد يتردّدون بمتاجرهم على مدن الحجاز بعدة سلع، من أهمّها المسك والتمور والمنسوجات.[23]

کما أنَّ أهل البحرين کانوا يستفيدون من موسم الحج بالاتصال بالأئمة من آل  البيت: من أجل تلقّي الأحکام الشرعية والاستفسار عن أيّة مسائل عالقة لديهم.

ففي کتاب «اسد الغابة» يذکر ابن الأثير أنَّ الصحابييْن جابر بن عبيد، وأبنه عبدالله عندما حجّا، و کانا بمنى، مرّا على الإمام الحسن بن على بن أبي طالب: (ت:50هـ) للسلام عليه، فرحّب الإمام7 بجابر وأوسع له، وأجابه على سؤال فقهي کان قد سأل عنه، وجابر هذا ذکره ابن الأثير في ترجمته في کتابه «أسد الغابة»،[24] أنه کان يسکن البحرين، وأحد الذين وفدوا على رسول الله9 في الوفادة الأولى.[25]

وقد أولى الخلفاء في الدولة الإسلامية طريق الحج عنايةً خاصة، لما يشکّله الحج من أهمية دينية لدى المسلمين، ولما يکتنف هذا الطريق من مخاطر وصعوبات،  وما يقع فيه من اعتداءات على الحجاج أثناء التنقّل والترحال بين منزلٍ وآخر ومحطّةٍ وأخرى.

وکانت منطقة البحرين من المناطق التي أُوليت أهمية کبيرة بالعناية من قبل أمراء الحج بصفتهم أصحاب دراية وخبرة بشؤون الحج، وعلى علم واطلاع بما يکتنفه من صعوبات ومشاق وعثرات.

ففي سنة 135هـ کان أمير الحج لبلاد البحرين بجميع أجزائها سليمان بن علي بن عبدالله بن عباس (82 ـ 142هـ)، فقد ولّاه الخليفة العبّاسي أبو العباس السفّاح  ـ ابن أخيه ـ ولاية البصـرة وأعمالها وکور دجلة والبحرين وعمان سنة 133هـ، واستمرت ولايته حتى سنة 139هـ،[26] وفي هذه السنة 135هـ عيّنه أميراً على الحج، ومما لا شك فيه أن البحرين التي تحت إمرته شملها برکبه ومحمله.

ومن الحوادث اللافتة التي وقعت سنة 167هـ في عهد الخليفة المهدي العباسي، حين اعتدی عرب بادية البصرة بين اليمامة والبحرين، وانتهکوا المحارم، وحين بلغ الأمر الخليفة المهدي أرسل إليهم جيشاً لمقاتلتهم، ولکنهم تکاثروا على جيش الخليفة حتى انتصروا عليه وقتلوا عامّة عسکر الخليفة المهدي، فقويت بذلك شوکتهم وازداد شرّهم وساعدهم في ذلك معرفتهم لدروب الصحراء حيث کانوا يسکنون بها ولديهم الخبرة الکافية بمفاوزها.[27]

وهذا الطريق الذي کان يسلکه حجاج هجر قديماً يظهر أنه سلکه في تلك الحقبة معهم حجاج العراق في بعض رحلاتهم للحج، وهذا يعدّ من أقدم الاعتداء المباشر على قوافل الحجيج، مما يؤکد قدم المعاناة التي کان يلاقيها حجّاج البحرين في هذا الطريق من قطّاع الطرق التي کانت تستغل موسم الحج للسـرقة والسلب والنهب.

ولعلّ مثل هذه الحادثة وغيرها کان وراء ربط الخلفاء في الدولة العباسية بالخصوص بين إمارة البحرين الکبرى «هجر وأوال والخط» ومنطقة اليمامة، لما يعانيه الحاج بين هاتين المنطقتين من صعوبات ومشاکل في الطريق جعل الخلافة العباسية تلتفت لأهمية الربط بين الولايتين تحت إدارة واحدة تتولى شؤونهم وتحفظ الطريق بينهما،  حيث بلغ الأمر من الأهمية أن جعلت له ولاية تعني برعايته وحمايته من قطّاع الطرق والسُّرَّاق، «ففي عهد الخليفة العباسي الواثق أبي جعفر هارون بن محمد المعتصم (227ـ232هـ)، عام 231هـ، عُقِدَ لأحمد بن سعيد بن سلم الباهلي على الثغور والعواصم وأُوکل إليه ولاية اليمامة والبحرين وطريق مکة»،[28] ثم ولي المنصب بعدها أسحاق بن إبراهيم بن أبي خميصة والذي کانَ أيضاً والياً على اليمامة والبحرين وطريق الحج.[29]

وحيث أنَّ قطع طريق الحاج يعدّ من أهم المشاکل التي کانت بحاجة إلى ضبطها في خلافة الواثق العبّاسي، سواء على (الجادة) الکوفة مکة المکرمة، وطريق البصـرة الذي کان يضم إليه طريق اليمامة والبحرين ومنطقة نجد بصفة عامة من قبل قبائل بني سليم و غيرهم من الأعراب، وذلك في سنة 230هـ، إذ بلغ بهم الأمر الوصول إلى المدينة المنورة ونهبوا أسواقها وفعلوا بها الأفاعيل. بالإضافة إلى استحواذهم على المناهل والقرى الواقعة بالطريق الذي يربط بين الحرمين الشـريفين، ولم يتمکن من القضاء عليهم إلّا بعدما أرسل إليهم قائده الترکي بغا الذي يعد أحد أبرز القوّاد في الدولة العباسية حينها، وتوجه بعهدها إلى مکة المکرمة لأداء فريضة الحج وهناك التقى بأمير الحج فيها أمير الحرمين الشريفين محمد بن داود العباسي، وکان معه متولياً لأحداث الموسم إسحاق بن إبراهيم ابن مصعب بن خبيصة مولى بني قشير والذي کان يشغل منصب إمارة اليمامة والبحرين وطريق مکة المکرمة،[30] لتدور بينهم مباحثات ومشاورات حول کيفية إدارة شؤون الحاج وطريقه، أمام الاعتداءات المتکررة عليه.

وفي عهد الخليفة المتوکل جعفر بن محمد بن هارون (232ـ247هـ)، کذلك نصب محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مصعب على اليمامة والبحرين وطريق الحاج.[31]

وما لا شك فيه إنّ طريق الحج الأحسائي مشمول بهذه المسؤولية، خاصة وأنه ممتد من الأحساء إلى اليمامة إلى الديار المقدسة، مما يجعله في حالة إشراف مباشر على سلامة وأمن طريق الحاج أمام المشاکل التي تعترضه.

کما يؤکّد أنّ الخلافة العباسية کانت تعني بشکل مباشر بهذا الطريق لما وجدت له من أهمية ولکثرة من يرد على هذا الطريق من الحجاج من مختلف المناطق الشـرقية للجزيرة العربية، إضافةً إلى بعض الحجاج الذين يأتون إليها عن طريق البحر من الفرس والهنود وغيرها من المناطق المختلفة، حتى عدّ طريق حاج الأحساء «هجر» أحد الطرق الرئيسية إلى الحج، لأنه الطريق الرئيسي للقادمين من الجانب الشرقي.

وکانت مهمة العناية بطريق الحاج في العصور الإسلامية الأولى توکل إلى والي اليمامة، فکان يقوم بتعيين عمال الطرق والمياه ومراقبة المسالك المنوطة به في طريق الحاج، وقد ظهرت هذه العناية في الدولة الإسلامية في وقت مبکر، وحظيت موارد المياه الواقعة عليه بالمراقبة، فقد طرحت إحدی القبائل العربية عاملاً لبني أمية اسمه «مجالد» أساء معاملتهم في قعر البئر ليلاً، فقال شاعرهم:  

نحن طرحناه بلا وسائدْ

بجمّةِ البئرِورغم القائدْ

وتوحي کلمة «قائد» بأن عامل الماء تصاحبه ثلة من الحرس بقائدها.[32]

ومن المهام التي توکل لوالي اليمامة حفظ الأمن والسلامة على طريق الحاج لما يتمتّع به هذا الطريق من أهمية قصوى للدولة الإسلامية، لذا تزوّد الدولة الوالي بالشرطة ورجال الأمن، ويکون له نظراء ومعرّفون وغيرهم مما يساهم وجودهم في انتشار الأمن، وکان على الوالي أن يندب من يجد فيه الحزم والکفاية على شرطة الطريق، فکان ممن ولي شرطة اليمامة عبد الله بن حکّام، وکان عليه تتبع اللصوص وقُطّاع الطرق والضرب على أيديهم.[33]

دولة القرامطة (281 ـ 469هـ)

نشأت الدولة القرمطية نشأةً قوية جعلها تمتد بنفوذها على رقعة کبيرة من جسد الدولة الإسلامية، في ظل ضعف الدولة العباسية وترهّلها، فقد انطلقت من الکوفة إلى الشام ومن الشام إلى اليمن ومن اليمن إلى عمان ومن عمان إلى الأحساء. هذا الامتداد الکبير والأثر الجسيم الذي خلّفته في مکة من قتل للحاج ومن سرقةٍللحجر الأسود، جعل دولة القرامطة جديرةً بالدراسة والبحث والتأمل بغرض فهم هذا المجتمع وما يعتوره من انحراف فکري کبير کانت غارقةً فيه.

لهذا کتبت حولها الدراسات والکتب التي تتناول النشأة والتطور والبنية الفکرية لها وعلاقتها بالدولة الإسماعيلية، التي طفا عليها التجاذب حيناً والتنافر حيناً آخر.

النشأة:

بدأت نشأتهم وفقاً لرأي معظم من کتب عنهم في سواد الکوفة، ثم توسّعوا وانتشروا لتطأ أقدامهم مناطق مختلفة کالشام والعراق واليمن وهجر وعمان و غيرها، وعن نشأتها يقول سعد القمي في کتاب: «المقالات والفرق»: «وتشعّب بذلك فرقة... ممن قال بإمامة محمد بن إسماعيل تسمى القرامطة، سُمّيت بذلك لرئيسٍ کان لهم من أهل السواد من الأنباط کان يلقّب بقرمطوية».[34]

بينما يقول ثابت بن سنان أنها نسبة إلى رجل: «کان في القرية رجل يدعی «کرميته» لحمرة عينيه، ... ثم خفف فقيل قرمط»،[35] ومن هذا الرجل اشتق اسم القرمطة».

أما أبن العديم في کتابه: «بغية الطالب» يقول: «وإنما سموا القرامطة: زعموا أنهم يدعون إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر بن علي، و نسبوا إلى قرمط، وهو حمدان بن الأشعث،  کان بسواد الکوفة، وإنما سمي قرمطاً لأنه کان رجلاً قصيراً وکان رجلاه  قصيرتين، وکان خطوه متقارباً، فسمي بهذا السبب قرمطاً».[36]

وعن مبدأ نشأتهم يقول ثابت بن سنان ابن قرة الصابئ (ت865هـ): «في سنة مائتين وثمانية وسبعين من الهجرة، فيها تحرّك بسواد الکوفة قومٌ يعرفون بالقرامطة، وکان مبتدأ أمرهم فيما ذکر أنّ زعيم هذه الطائفة قدم من بلدة من خوزستان إلى عاصمة الکوفة».[37]

بينما يذهب ابن القيم الجوزي في سبب تسميتهم بالقرامطة إلى ستة أقوال، منها إن أول من أشار لهم بذلك محمد الوراق المقرمط وکان کوفياً.[38]

والذي نستفيده من هذه الأقوال إنّ القرامطة کانت نشأتها بسواد الکوفة  سنة 278هـ، ثم توسعت إلى الشام، وقوت شوکتها في الأحساء التي هي محل ترکيزنا وبحثنا والذي يعنينا من تاريخ القرامطة وصلته بتاريخ الحاج الأحسائي.

ظهور القرامطة في هجر:

من الشخصيات التي علقت بذاکرة الأحساء السياسية خلال فترة حکم القرامطة والتي امتدّت لقرابة القرنيْن من الزمان (281 ـ 469هـ)، والتي کان لها دور بارز في صناعة  الأحداث التي شکّلت منعطفاً تاريخياً هامّاً ولافتاً لتلك المرحلة الحسّاسة... ما يلي:

أبوسعيد الجنابي:

بدأت القرامطة في البحرين على يد أبي سعيد الجنابي القرمطي الذي خرج في هجر سنة 281هـ، وجعلها منطلقاً لحرکته وهجماته،  واستطاع أن يکوِّن له جماعة تلتفّ حوله، بعدها شَرَع في تصفية  أعدائه أو من لا يؤمنون بدعوته، حتى بسط نفوذه عليها، بعدها انطلق إلى القطيف ليمارس معها نفس المنهج الدموي من القتل والسلب والنهب، حتى انضوت تحت سلطته، فبنى سلطته ودولته على بثّ الرعب في قلوب الآمنين عن طريق التصفية الجسديّة وهدم وتخريب الدور وحرق النسل والزرع مما جعل اسمه منبعثاً للرعب والهلع في القلوب، وقد رکّز جهة إرعابه على طريق الحجاج، لکونه المکان الذي يلتقي فيه الناس من جميع الأقطار، فقام بإنشاء عاصمة جديدة  لدولته في هجر سماها «المؤمنية»،  ثم أخذ في توسعة مملکته ليتجه شمالاً إلى البصرة ليستحوذ المناطق القريبة منها،  وهکذا علا صيته واشتهر اسمه، وأصبح محل خشية الجميع لسطوته وجبروته وقوة بطشه.

ففي أحداث سنة 287هـ، يقول ابن مسکويه:

«ودخلت سنة سبع وثمانين ومائتين وفيها غلظ أمر القرامطة بالبحرين وأغاروا على نواحي هجر وقرب بعضهم من نواحي البصرة، ولّي المعتضد العبّاس بن عمرو الغنوي اليمامة والبحرين لمحاربة أبي سعيد الجنابي والقرامطة، وضمّ إليه زهاء ألفيْ رجل، فشخص العبّاس إلى البصرة ومنها إلى البحرين واليمامة».[39]

هنا أدرکت الخلافة العباسية  مدی نفوذ الدولة القرمطية وأنها في توسع دائم وخطرها الجسيم عليها،  لذا عمد الخليفة  المعتضد إلى إحضار العباس بن عمرو الغنوي من بلاد فارس وتعيينه أميراً على البحرين واليمامة بغرض التصدي للقرامطة وکسـر شوکتهم.

ولإنجاح المعرکة استعان الغنوي بجندٍ من البصرة،  فانضم إليه ألف فارس منها وسار لمواجهة الجنابي، ولکن لم يحالفه الحظ وهزم ومني بخسارة کبيرة في الجند قبض على إثرها عليه وسلب جميع جيشه من قبل قرامطة هجر.

وفي سنة 301هـ، قُتِلَ أبوسعيد الحسن بن بهرام الجنابي على يد خادمه في الحمام.[40]

أبو طاهر سليمان الجنابي:

استطاع أبو طاهر سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي الاستيلاء على هجر والقطيف وسائر بلاد البحرين، بعد أن نحّي أخاه سعيد عن السلطة الذي لم يکن يرتضي النهج الذي سلکه والده من العدوان على الحجيج وسياسة النهب والسلب الأمر الذي جعله غير مرضي لدى القرامطة، فنُحِّي وَجُعِلَ أخوه الأصغر أبو طاهر سليمان مکانه.

وکان شخصيةً قوية يتمتع بذکاء حاد، وبطش شديد، ففي سنة 312هـ توجّه في جيش کبيرٍ إلى مکة المکرمة بعد انقضاء موسم الحج بغرض سلب الحاج أثناء رجوعهم من الديار المقدسة. يقول ثابت بن سنان: «تحرّك أبو طاهر القرمطي إلى الهبير، ومعه جيش عرموم، ليلقى الحج في رجوعه في مکة، فأوقع بقافلة تقدمت معظم الحاج، وکان فيها خلق کثير من أهل بغداد وغيرهم، فنهبهم».[41]

الأمر الذي أدخل الرعب في قلوب حاج العراق، فقرر من تأخر منهم تغيير الطريق متخذين طريق الکوفة، فما کان من أبي طاهر إلّا أن کمن لهم وأوقع بهم القرامطة وأخذوهم وأوقعوا فيه القتل، وساق أبو طاهر معه جميع جمال الحاج، وما أراد من الأمتعة والمال والنساء والصبيان، وساقهم معه إلى هجر، وترك من بقي من الحاج في موضعهم حتى مات معظمهم من الجوع والعطش وحرّ الشمس، وکان حينها عمر أبوطاهر سبع عشرة سنة.[42]

وهنا قد استشري شرّ القرامطة أيّما استشـراء، وعلى الخصوص أبو طاهر القرمطي، فعمد الخليفة کواحدة من الخطوات العملية لمواجهة قرامطة البحرين أن نصب يوسف بن أبي الساج على نواحي المشرق من هجر والخط واليمامة، وأذن له في جباية أموالها وصرفها على قواده وجنده، وسيره إلى واسط ليسير إلى هجر، لمحاربة أبي طاهر الجنابي، کما جعل له خراج قم وقاشان، وماه البصرة، وماه الکوفة، وماه سبذان ليجري منها نفقات تجهيز المعرکة.[43]

وهذا يعطي نظرة عن القوة التي بلغها القرامطة في البحرين من حيث القوة والعناد وکثرة  الجند ليکون الاستعداد لها بهذه الإمکانيات الکبيرة.

لتدور المعرکة رحاها سنة 315هـ،  فکانت الغلبة حليفةً لأبي طاهر الذي هزم جيش يوسف وقام بأسره، والکثير من أصحابه، وفي هذه السنة امتنع أهل العراق من الحج.

الاعتداء على مکة المکرمة:

وکان الاعتداء الأکبر للقرامطة على الديار المقدسة في مکة سنة 317هـ، وقد خرج رکب الحاج من بغداد وأمير الحاج حينها منصور الديلمي، فلحقهم القرامطة يوم «التروية» يقول ثابت بن سنان: «فلحقهم أبو طاهر القرمطي بمکة يوم التروية، أي قبل طلوعهم عرفات بساعاتٍ قليلة، فقاتلهم أمير مکة ومن معه، ولم يکن إلّا القليل حتى هزمهم، وأعمل فيهم السيف، ونهب الحجيج، وقتل الحجاج حتى في المسجد الحرام، وفي البيت نفسه، ورمى القتلى في بئر زمزم حتى امتلأت بجثث القتلى، وخلع باب الکعبة ووقف يلعب بسيفه على باب الکعبة، وينشد ويقول:

أنا باللهِ وباللهِ أنا

يخلق الخلقَ وأفنيهم أنا

وصعد رجل ليخلع ميزاب البيت، فوقع صريعاً ميتاً،  ودفن باقي القتلی في المسجد الحرام بدون تکفين، ولا صلّي عليهم، وأخذ کسوة الکعبة فقسّمها بين أصحابه،  ونهب دور أهل مکة، وخلع الحجر الأسود من البيت، فوضعه على سبعين جمل، فسيّرهم به... إلى هجر».[44]

وظلّ الأمر في يد القرامطة مما جعل الحجّاج يتهيبون من الذهاب إلى مکة، يقول ابن خلدون بعد سنة 320هـ:

«وانقطع الحج من العراق بعدها إلى أن کاتبَ أبو علي يحيى الفاطمي سنة سبع وعشرين من العراق أبا طاهر القرمطي أن يطلق السبيل للحجاج على مکسٍ،[45] يأخذه منهم، وکان أبوطاهر يعظّمه لدينه ويؤمله فأجابه إلى ذلك وأخذ المکس من الحجاج ولم يعهد مثله في الإسلام وخطب في هذه السنة بمکة  للراضي بن المقتدر وفي سنة تسع وعشرين لأخيه المقتضي من بعده ولم يصل رکب العراق في هذه السنين من القرامطة، ثم ولي المستکفي بن المکتفي سنة ثلاث وثلاثين على يد توروز أمير الأمراء ببغداد، بخرج الحاج في هذه السنة لمهادنة القرامطة بعد أبي طاهر ثم خطب للمطيع ابن المقتدر بمکة مع معز الدولة سنة أربع وثلاثين، وذلك عندما استولى معز الدولة ببغداد وقلع عين المستکفي واعتقله ثم تعطل الحج بسبب القرامطة، وردوا الحجر الأسود سنة تسع وثلاثين بأمر المنصور العلوي صاحب إفريقية وخطابه في ذلك لأميرهم أحمد بن أبي سعيد ثم جاء الحاج إلى مکة  سنة ثنتين وأربعين مع أمير من العراق وأمير من مصر».[46]

يصف «ناصرخسرو» مدينة الأحساء في القرن الخامس الهجري فيقول:

«ومن اليمامة إلى الحسا أربعون فرسخاً، ولا يتيسّر الذّهاب إليها إلّا في فصل الشتَاء حِين تتجمّع مياه المطر فيشرب الناس منها،  ولا يکون ذلك في الصَّيف، والحسا مَدِينَةٌ فِي الصحراء، ولبلوغها من أَي طريق ينبغي اجتياز صحراء واسعة والبصـرة أقرب البلاد الإسلامية التي بهَا سلطنة إلى الحسا وبينهما خمسون ومائة فَرسَخ وَلم يقصد سلطان من البصرة الحسا أبداً، والحسا مدينة وسواد أيضاً وبها قلعة ويحيط بهَا أربعة أسوار قوية متعاقبة من اللَّبن المُحکم البناء بين کل اثنين منها مَا يقرب من فَرسَخ، وفي المدينة عيون مَاء عظيمة تکفي کل منها لإدارة خمس سواق ويستهلك کل هذا المَاء بهَا فلا يخرج منها ووسط القلعة مدينة جميلة بها کل وسائل الحياة التي في المدن الکبيرة وفيهَا أَکثر من عشرين ألف محارب، وقيل إِنّ سلطانهم کان شريفاً وقد ردّهم عن الإسلام، وقال إني أعفيتکم من الصلاة والصوم ودعاهم إلى أنّ مرجعهم لَا يکون إلّا إليه وإسمه أَبُو سعيد وَحين يسألون عَن مذهبهم يقولون: إنا أبوسعيديون! وهم لا يصلون ولا يصومون ولکنهم يقرّونَ بمحمدٍ المصطفی9 وبرسالته،  وقد قال لهم أبوسعيد: إني أرجع إليکم، يعني بعد الوفاة وقبره داخل المدينة».[47]

ثم يصف ناصر خسرو في «سفرنامه» من کان قد نذر نفسه لتعهد الحاج في دولة القرامطة رغم ما يحفّ الأمر من مخاطر، فيقول:

«وليس في مدينة الحسا  مسجد جمعة ولا تقام بها صلاة ذو خطبة إلّا أَن رجلاً فارسياً اسمه علي بن أحمد بنی مسجداً وهو مسلم حاجٌ غنِيٌ کَانَ يتعهد الحجاج الذين يبلغون الحسا».[48]

ومثل هذا الوصف الذي ذکره ناصر خسرو لا يمکن القبول به بالمطلق وحمله على المسلّمات، والحکم على تاريخ منطقة ذات تاريخ إسلامي حافل بهذه السطحية والفکر الساذج، وأنهم يصبحون بين ليلة و ضحاها کفّاراً لا يقيمون الصلاة ولا يصومون متناسين تاريخاً إسلامياً حافلاً سطّرته قبيلة عبد القيس في التاريخ الإسلامي، وإنما يمکن حمل قوله إنّ ناصرخسرو جاء في حقبة رعب وخوف شديد کان الناس يتستّرون على معتقداتهم ودينهم خشية القرامطة الشديدة الفتك بکلّ معارض لها و لمنهجها.

کما أنَّ نظرة ناصرخسرو يمکن حملها على أنه احتكّ بفلول القرامطة الوافدين على المنطقة، وليس الأهالي الوادعين و من دخل آبائهم في الإسلام طواعية غير مکرهين ولا مجبرين، فسطّروا تاريخاً مشرّفاً في صفوف القتال بين يدي رسول  الله9 ومن جاء بعدها من الخلفاء، عبر مشارکتهم في الفتوحات الإسلامية في مختلف الأقطار.

وهکذا استمر القرامطة في تماديهم نحو الديار المقدسة بالقتل تارة والنهب والسلب تارة أخرى، ورغم اختلاف النظرات حول القرامطة ودورهم وانتمائهم الفکري،  تبقي بصمتهم السيئة واضحة وقويّة على بلاد الحرمين، لم يغسلها إلّا القضاء عليهم إلى الأبد على يد البطل الأحسائي عبد الله بن علي العيوني ليؤسّس لدولة جديدة فتية عرفت بالدولة العيونية نهضت على أنقاض الدولة القرمطية.

الدولة العيونيّة (469ـ636هـ)، نبذة تاريخيّة:

قامت الدولة العيونية على أنقاض الدولة القرمطية بعد آن ثار عليها الأمير عبدالله بن علي العيوني، وذلك مع بداية اتمام 461هـ، يدعمه في ذلك أبناء عمّه من قبيلة عبد القيس وأبناء عشيرته العيونية، وقد قام بشنّ عدّة هجمات على الأحساء، إلّا أنه لم يظفر بها، حتى استعان بالدولة العباسية التي أمدته بجيشِ قوامه سبعة آلاف مقاتل، بعد آن وافق السلطان السلجوقي جلال الدولة  أبو الفتوح ملکشاه على إرسالها لحرب القرامطة بقيادة إکسلار الذي توجه إلى الأحساء عام 469هـ.

وهکذا استمر في شنّ الهجمات بغرض الاستيلاء على القطيف والأحساء إلى استطاع السيطرة عليهما، ونصَّب نفسه حاکماً على بلاد البحرين؛ في تفاصيل ذکرتها الکتب، لتحظی المنطقة بسلطة وحکومة جديدة.

أبرز الحکّام العيونيين:

تعاقب على حکم الدولة العيونية والتي استمرّت قرابة 167 عاماً أکثر من عشرين حاکماً عيونيّاً، وذلك ابتداءً من تأسيسها عام 469هـ على يد أميرها عبد الله بن علي العيوني وحتی اضمحلالها إثر الأخطار الخارجيّة والنزاعات الداخليّة في عهد الأمير عماد الدين محمد بن مسعود بن أحمد سنة 636هـ.

وفي خضم هذه السنوات الطويلة للدولة العيونية وما شابها من وقائع وأحداث هامّة  بأمکاننا أن نلحظ تذبذبها بين القوة وبسط النفوذ والضعف والترهل من خلال تسليط بعض الضوء على أبرز حاکها الذين لا يمکن تجاوزهم خلال دراسة الدولة العيونيّة نظراً للوقائع التي حدثت أبّان تسنّمهم کرسي الإمارة، وما استتبع ذلك من تداعيات سياسيّة واعتبارات مجتمعيّة فرضتها الأحداث آنذاك.

من أولئك الحکّام العيونيين ما نستعرضه في هذا الإيجاز، وهم ثلاثة أسماء شکّلت مساحة کبيرة على خارطة التاريخ للدولة العيونيّة، وهم:

الأمير عبدالله بن علي العيوني (470ـ520هـ)

وفي تفصيل موجز عن الأمير الشجاع عبدالله بن علي العيوني، إنه خلال القرن الخامس الهجري شهدت الدولة القرمطية ضعفاً کبيراً نتيجة تخلي بعض حلفائها عنها منها فتور العلاقة التي کانت تجمعها بالدولة الفاطمية، وبالتالي فُقدت حليف قوي.

کما شهدت صراعات داخلية بين أفراد الأسرة على السلطة مما شجع المعارضين للوجود القرمطي في بلاد البحرين للثورة عليهم والعمل على تقويض نفوذ هذه الدولة.

ففي بلاد البحرين بجزيرة أوال تحرك أبو البهلول العوام بن محمد الزجاج، بمحاولة الانشقاق من نفوذ القرامطة والاستقلال عن السلطة العليا في الأحساء لهم، وقد استطاع أن يحدث لهم جلية قوية.

وفي القطيف کان تحرك يحيى بن العياش من عبد القيس الذي استطاع إسقاط حکم القرامطة في القطيف وقيام إمارة آل عياش في العقد السادس من القرن الخامس الهجري، والذي اتصل بالدولة العباسية طالباً النصرة على القرامطة.

في نفس الوقت بدأ تحرك الأمير العيوني في الأحساء، والذي استطاع استثمار الأحداث لصالحه والاستفادة منها بعد أن أخذ يتهاوى ويتزعزع سلطان القرامطة في دولة مترهلة فاستطاع خلال عمل متواصل ودؤوب استمر لمدة سبع سنوات من العمل على تقويض أرکان القرامطة في المنطقة،[49] بعد أن استعان بمختلف الأطراف المعارضة للقرامطة کالدولة العباسية والدولة السلجوقية، بل وحتی الفاطميين الذين أصبح لديهم نقمة على القرامطة، ودخل معهم في معارك عديدة بدأ بالقبائل الحليفة للقرامطة کبني عامر وفلول القرامطة في المناطق المحيطة حتى حصـر من بقي منهم في الأحساء.

وبناءً على ذلك قام بمحاصرتهم و تضييق الخناق عليهم مما جعلهم يتحصنون في الأحساء، وجعل الخيار في المفاوضات وتوقيع معاهدة مقابل السماح لهم بمغادرة البلاد، واستطاع بذلك سنة 469هـ، من الدخول قصر الإمارة، لتبدأ دولته مرحلة الاستقرار سنة 470هـ.

بعد أن قام الأمير عبد الله بالقضاء على دولة القرامطة خوّله ليکون مقبولاً لدى الخلافة العباسية من جهة والسلجوقية من جهة أخرى، ولربها استخدمته الدولة العباسية کعنصر ضغط على القبائل المنتشرة بين البصرة وبلاد البحرين التي کانت مصدراً للقلالقل؟ والفتن في جنوب العراق وعلی طول طرق الحج،[50] لما کان يتمتع به من منعه وقوة بعد قضائه على القرامطة.

الأمير محمد أبو سنان العيوني (520 ـ 538 هـ)

تولّی أبو سنان محمد العيوني السلطة في بلاد البحرين في أعقاب اغتيال والده الفضل، فقد اشتهر هذا الأمير العيوني الشجاع ببسالته ونشاطه في القضاء على المفسدين والمعتدين في أصقاع الجزيرة العربية وعلی الخصوص المعترضين طريق الحاج، حتى قال في شأنه علي بن المقرب العيوني:

منَّا الذي أصحب المجتازَ من حلب

إلى العراقِ إلى نجدٍ إلى أَدَمَا.[51]

فقد کانت القوافل التي تقطع الطريق بين الأحساء إلى نجد إلى مکة المکرمة تعاني من مشاکل قطّاع الطرق الذين ينهبون أمتعة العابرين ويسرقونها دون رادعٍ من دين أو خشيةٍ من سلطان، فکان له اليد الطولي في مواجهتهم والتصدّي لهم والقضاء عليهم.

يقول شارح الديوان:

«في الحديث عن محمد بن أبي سنان العيوني أنه کان على صلاتٍ قوية مع الخليفة العباسي الناصر لدين الله، واشتهر بقضائه على قطاع الطرق الذين يتعرضون الحجاج في طريقهم إلى مکة، وأخذ على أيدي مفسدي العرب حتى صار الراکب يسير إلى عمان من الأحساء وإلی العراق وإلی نجد وإلی الشام فلا يفزعه أحد، وکذلك القافلة أين أدرکها الليل باتت لا تخاف من أحد».[52]

أثر مقتل أبي سنان العيوني:

مقتل الأمير محمد بن الفضل أبوسنان سنة 538هـ، يعدّ بمقام الضربة القوية للدولة العيونية، وبداية تفکك أجزاء الدولة العيونية، ففي الأحساء تولی الأمير علي بن عبدالله العيوني مقاليد الحکم والذي بايعه أهلها لکونه أکبر أفراد البيت العيوني، في حين تمکن الأمير الحسن بن عبدالله العيوني من السيطرة على جزيرة أوال بعد معرکة الأحساء، أما القطيف فقد بايع أهلها الأمير غرير بن الفضل شقيق الأمير أبي سنان بن الفضل العيوني.[53]

الأمر الذي نجم تفکك الدولة العيونية إلى ثلاث دويلات، مما فتح المجال أمام البدو والقبائل المحيطة بها أن تستغل هذا الضعف لصالحها، غير عابئة بتاريخ العلاقة الطيبة بينها والدولة العيونية السابقة، طالما وجود فرصة لصالحها لممارسة النهب والسلب.

فعلی سبيل المثال العلاقة التي بين العيونيين وأمراء ربيعة تحولت من حالت الحبّ والودّ إلى العداء بعدما خرج أمراء ربيعة عن طاعة الدولة العيونية ونفوذها، وأصبحوا يهدّدوا طرق التجارة والحجيج.[54]

ولم تهدأ تلك الفوضی إلّا مع إطلالة عام 587هـ، بصعود الأمير محمد بن أحمد العيوني الذي أعاد للدولة العيونية مجدها وکان بمثابة المؤسس الثاني للدولة العيونية.

الأمير محمد بن أحمد العيوني (587ـ605هـ):

هو الأمير محمد بن أبي الحسين أحمد بن محمد بن الفضل بن عبدالله العيوني، ثاني أبرز شخصية في تاريخ الدولة العيونية بعد المؤسس الأمير عبدالله بن علي العيوني لما قام به من تثبيت دعائم الدولة، وتنظيم إدارتها، فقد استطاعت الدولة العيونية في عهده أن تحافظ على مکانتها وسمعتها في الجزيرة العربية کقوة حامية عن الحجاج وطرق الحاج ضد قطاع الطرق واللصوص المنتشرين في ربوع الجزيرة العربية والذين کانوا يثقلون کاهل الحجاج بالضرائب، وسلب المال، وقد يصل إلى القتل أحياناً.

لذا شجع الخليفة العباسي الناصر أمير البحرين محمد بن أحمد العيوني على قمع بعض القبائل العربية القاطنة في بلاد البحرين وجنوب العراق التي تشکل خطراً على طرق القوافل الممتدة من العراق عبر الجزيرة العربية، وعهد إليه حماية أرياف البصـرة وخفارة الحاج.

ومقابل ذلك فرض له الخليفة السلجوقي الناصر لدين الله: «کلّ سنة من ديوان الزمام ببغداد ألفاً ومائتي ثوب من معمول مصر وخوارزم وأکثرها أبريشم، وفرض له في البصرة ألفاً وخمسمائة حمل حنطة وشعيراً وأرز وتمر مدة حياته».[55]

وهذا يؤکّد متن العلاقة بين الخليفة الناصر والأمير العيوني الذي اثبت وجوده، وللمصالح المشترکة بين الطرفين.

وقد تجلَّی دول الأمير الأحسائي في أحداث سنة 598هـ، بالتصدّي لتحالف قبل من بني ربيعة بزعامة دهمش ابن أجود وزعماء آخرين، وشارکتهم بعض بطون طيئ و زبيد. ويبدو أنّ من أسباب قيام الأمير العيوني بهذا العمل قيام تلك القبائل بمهاجمة أراضي عقيل في جنوب العراق وفي منطقة الفرات.

وکانت قبائل عقيل متحالفة مع الأمير العيوني، بل قيل: إنّ الأمير محمداً کانت له الزعامة على تلك القبائل، ولهذا فقد بعثوا إلى الأمير العيوني يستنهضونه على محاربة قبائل ربيعة وحلفائهم.

غير أنّ سبباً آخر ربما کان الدافع الرئيس لأمير البحرين لمحاربة تلك القبائل، فقد اشتکی الحاج من بطش قبائل طيئ بقوافل الحج ونهبها، فأرسل الخليفة الناصر رسولاً إلى الأمير العيوني يحثّه على النهوض للتصدي لهم وقتالهم، فاستجاب أمير البحرين لذلك، وجمع جيشاً عظيماً من قبائل البحرين، وزحف بهم شمالاً في اتجاه مواطن طيئ وخلفائهم بعد أن انضمت إليه بطون عقيل، والتقی الأمير العيوني التحالف القبلي بالقرب من الکوفة، واستطاع الأمير محمد أن يلحق بهم هزيمةً مريرة اضطر زعيمهم دهمش للالتجاء إلى قبر الإمام علي7 بالنجف، فحاصره الأمير العيوني، ثم قبض عليه، وأرسله إلى الخليفة العباسي الذي طلب منه عدم التعرّض للحاج، فاستجاب لذلك، فاطلق سراحه.[56]

ولم يکتفِ الأمير بالقتال والمواجهة وإنما سعی لتسهيل طريق الحاج وحماية القوافل قام بکسب وجذب القبائل التي تقطن الصحراء ومنهم بنو عامر بن صعصعة وعائذ وخفاجة وقبيلة قيس وقبيلة ربيعة.[57]

وهؤلاء القبائل کانت لهم سيطرة تامة على صحراء الأحساء والطريق المتجه نحو تهامة وعمان، وهذا دليل على نفوذ وسيطرة الدولة العيونية في عهد هذا الأمير يقول الحميدان: «لذا فقد وصف ابن المقرب في إحدي قصائده بلاد البحرين بأنها أرض عامر لأنهم أهل البادية وأصحاب خفارتها.

إنّ خضوع الحکّام العيونيين لمطالب بني عامر مؤشر واضح على عجزهم عن إخضاعهم بالقوة لذا فقد فضلوا اتباع سياسة لاترضية معهم. وأنّ ذلك يمکن أن يترجم على أنّ بني عامر قد أصبحوا يتحملون مسئولية حماية  أرياف البحرين وقوافل التجّار والحجاج مقابل مبالغ معينة يحصلونها من المزارعين والتجّار والسلطة الحاکمة».[58]

ولعلّ من أبرز معالم نهضة وقوة الأمير محمد أنَّه استطاع فرض نفوذه وسيطرته على جنوب العراق، ونجد وبعض بادية الشام، کما وحّد البحرين وجعل القبائل القاطنة في باديتها طوع أمره، وقد خشي الجميع مواجهته أو عصيانه، فاستطاع بذلك الحفاظ على أمن المدن والقرى في بلاد البحرين التي عانت فيما مضی من هجوم تلك القبائل وتحرشها بالبساتين والزروع.

ما استطاع الأمير تأمين طريق الحج الذي يأتي من العراق أو ينطلق من البحرين إلى بيت الله الحرام حيث خضعت تلك المنطقة لنفوذه وسيطرته، مما زاد من علاقات الودّ مع الخليفة العباسي.[59]

کما يمکن القول إنّ من أفضل مميزات عصر الأمير محمد، تمتع حجاج بيت الله الحرام بالأمن والطمأنينة في ذهابهم أو قدومهم من البيت الحرام، حيث عمل الأمير على توفير سبل السلامة وتأمين الطرق من القبائل العابثة بالحجاج، فلم تجرؤ أي قبيلة على المساس بروّاد بيت الله حتى مات الأمير محمد.[60]

الإمارة العصفورية (630هـ ـ خلال القرن الثامن الهجري)

يرجع نسب الإمارة العصفورية إلى زعيمهما الشيخ عصفور بن راشد بن عميرة بن سنان بن غفيلة (عقيلة) بن شبانة بن قديمة بن شبانه بن عامر.[61]

فکانت القطيف أول محطات سيطرتهم على المنطقة، فقد خضعت لسلطتهم سنة 630هـ، ثم کان لهم السيطرة على الأحساء بعد دخولها دخول الفاتحين على يد زعيمها الشيخ عصفور بن راشد بن عميرة، وذلك بعد أن تواطأ أيان؟ الأحساء واتفقوا على تسلم المدينة لزعيم بني عامر القوي عصفور بن راشد.

ذکر القلقشندي نصّاً يدلُّ على سيطرة العصفوريين على الأحساء في تلك الفترة حيث قال: «وقد ملکوا البحرين بعد بني أبي الحسين، غلبوا عليها تغلباً، قال ابن سعيد: «وکان ملکهم في نحو الخمسين من المائة السابعة، ملکها منهم عصفور وبنوه»، ثم زاد القلقشندي في موضع آخر، وقال: «وهم أصحاب الأحساء وهي دار ملکهم».[62]

قامت الدولة العصفورية في أعقاب نهاية الدولة العيونية، وفي هذه المرحلة لم نعرف الکثير عن دورهم في قيادة الحجاج إلى بلاد الحرمين، سوى ما ذکره ابن خلدون (ت808هـ)، عن بن سعيد أنه التقى برکب البحرين في المدينة النبوية فسألهم: «سألت أهل البحرين حين لقيتهم بالمدينة النبوية سنة إحدى وخمسين وستمائة عن البحرين، فقالوا الملك فيها لبني عامر بن عوف بن عامر بن عقيل، وبنو تغلب من جملة رعاياهم، وبنو عصفور منهم أصحاب الأحساء».[63]

وبالرغم من ندرة المعلومات عن إمارة العصفوريين في الأحساء، فضلاً عن معالم الحج الأحسائي في عصرهم، إلّا أننا نستطيع أن نتکهّن إنّ الحج نَعُمَ بالأمن فترة العصفوريين، لا أقلّاً من البدو والأعراب في المناطق المحيطة والواقعة بين الأحساء واليمامة، وذلك بعد أن بسطوا نفوذهم إلى اليمامة وخضعت المنطقة لسيطرتهم وحمايتهم.

وقد امتدت سيطرة الدولة العصفورية على إقليم نجد وأرض اليمامة من بني کلاب،[64] يدلّ على خضوع إقليم اليمامة (نجد) لسيطرة العصفوريين حوالي عام650هـ، والجدير بالذکر هنا أنّ ابن سعيد ـ الذي أشار إلى نفوذ العصفوريين ـ زار الشرق بين عامي 648 ـ 652هـ، ومن تلك المدن التي زارها المدينة المنورة عام 651هـ، ووصف ابن سعيد الحياة في نجد وبلاد البحرين وصفاً دقيقاً من خلال الأشخاص المقيمين في تلك المناطق، والذين قابلهم في مدينة الرسول، وکتب ما دوّنه بناءً على وصفهم، فکان مما دوّنه قوله: «بين القطيف واليمامة مجالات بني عامر، ولم يبق معهم لأحد من العرب عز في بلاد اليمامة والبحرين، ومنهم الآن ملوك الصقعين»، وذلك في إشارة إلى تمدّد ملکهم وقوتهم في المنطقة، وهذه المنطقة هي محل طريق الحاج الأحسائي بالمناطق التابعة لها، ومما يؤکّد هذا الکلام أنَّ الحقبة العصفورية عرفت بالرفاه الاقتصادي، وهو أمر يتطلّب الاستقرار الأمني من قطّاع الطرق واللصوص التي تتربص بالقوافل المارة ذهاباً وإياباً، والحج کفريضة دينية کانت محل عناية واهتمام في تذليل الصعاب.

وهذا الأمر لم يستمر للعصفوريين لفترة طويلة، فقد تمَّ طردهم من جنوب نجد من بيشة بقوات حاکم إقليم عسير، وبقيادة أحد ولاته وهو الوالي محمد بن سعد الشرقي، الذي أجلا القبائل النجدية عن بيشة، بل واستطاع أيضاً السيطرة على مدينة «أوضاح» جنوب نجد، والتي تقع على طريق التجارة والحجيج والتي أهتم بها العصفوريون نظراً لحرصهم الشديد على حفظ الحجيج، وتنشيط التجارة وإخضاع أهم المدن الواقعة على طرق التجارة لسيطرتهم وذلك من أجل منفعتهم الاقتصادية التي بنوا عليها قوتهم السياسية والعسکرية.[65]

مما يؤکد ما وصل إليه العصفوريون من قوة اقتصادية تکوينهم علاقة اقتصادية بدولة المماليك في مصر والشام، يقول ابن فضل الله العمري عن تلك العلاقة في کتابه: «التعريف بالمصطلح الشريف» حيث قال: «وأما عرب البحرين فهم قوم يصلون إلى باب السلطان وصول التجار، ويجلبون جياد الخيل، وکرام المهاري، واللؤلؤ وأمتعة من أمتعة العراق والهند ويرجعون بأنواع الحباء والأنعام والقماش والسکر، وغير ذلك ويکتب لهم بالمسامحة فيردّون ويصدّون».[66]

وهذا النص فيه عدّة  دلالات هامة من أبرزها «فيردون ويصدون» في إشارة إلى تکرار الرحلة وأنّ الصفقات الاقتصادية بينهما طويلة، وأمر آخر «من أمتعة العراق والهند» التي يحتمل أنّ بعضها کان يردهم عن طريق الحجاج الذين يصلون الديار المقدسة من طريق الأحساء، فيکون کنوع من التمويل والتجارة مبادلة البضاعة الأحسائية بيضاعة هندية أو عراقية،  فيکون منها من الوفرة أن يستفاد منه للتجارة مع المناطق الأخرى.

والجدير بالذکر أنّ الأمير العصفوري محمد بن أحمد العقدي، کان يذهب بنفسه إلى مصر لتدعيم أواصر الصداقة مع السلطان المملوکي الظاهر بيبرس.[67]

ولم تکن العلاقة العصفورية المملوکية اقتصادية بعيدة عن القدرة العصفورية على طريق الحج والسيطرة عليه سواء عن طريق الأحساء لمن يأتون عبر البحر، أو طريق الحاج العراقي الذي کانت لهم سيطرة عليه.

يقول الدکتور محمد محمود خليل: «و لابدّ هنا من الإشارة إلى أنّ سلاطين المماليك کانوا حريصين أيضاً على تدعيم علاقتهم مع الأمراء العصفوريين، لکسب مزيد من النفع والنفوذ العسکري والاقتصادي عن طريق ما للعصفوريين من نفوذ على طريق الحجيج والتجارة في العراق والخليج الفارسي وبلاد البحرين، وما تمتعت به الإمارة العصفورية من قوة عسکرية تستطيع حماية مصالح المماليك، خاصة بعد ما دخل العصفوريون في حلف مع آل جروان أصحاب الأحساء.

ويؤکد ذلك ما أورده المقريزي في کتابه السلوك، بأن العصفوريين کانوا يتعرّضون للقوافل التجارية وقوافل الحجيج التي تسير تحت راية الدولة المغولية، وذلك لإضعاف النفوذ المغولي من ناحية ولکسب رضا السلطان المملوکي من ناحية أخرى، وذلك بناءً على أوامر من السلطان الناصر محمد بن قلاوون الذي أراد إضعاف الهيمنة المغولية في شبه الجزيرة العربية، وخاصة في المناطق الخاضعة لحلفائه العصفوريين.

ويبدو لنا أنّ السلطان المغولي أبا سعيد کان يعي ذلك الوضع جيداً لذا دخل ذلك السلطان المغولي مع السلطان المملوکي الناصر محمد بن قلاوون في صلح سنة 720هـ، وقد ذکر ذلك الصلح المؤرخ أبو الفدا في تاريخه حيث قال: «وفيها 720هـ في يوم الاثنين تاسع ذي الحجة، وصل إلى إسماعيل السلامي، رسول من جهة أبي سعيد ملك التتر، ومن جهة جوبان، وعلي شاه بهدية جلية، وتحف ومماليك وجواري مما يقارب قيمته خمسين تمانّا، والتمان هو البدرة، وهي عشرة آلاف درهم، وسار بذلك إلى السلطان [الناصر محمد بن قلاوون]».

ويبدو أنّ السلطان قلاوون بو سعيد عندما اطمأن على إصلاح العلاقات مع السلطان المملوکي قلاوون سارع بتسيير القوافل التجارية وقوافل الحجيج عبر الأراضي الخاصة لبني عصفور أحلاف المماليك.

ويوضّح المؤرخ المقريزي تلك الأحداث حيث يقول: «إنّ قافلة الحجيج العراقية خرجت من البصرة سنة 721هـ، تحت راية المغول، فقام العصفوريون وحلفاؤهم من العرب باعتراضها،  کما جرت العادة بذلك، حيث خرج العصفوريون بألف فارس من أجل نهب تلك القافلة ذات الراية المغولية.

فما کان من رئيس قافلة الحجيج العراقي إلّا أن سارع بإخبار العصفوريين ومن معهم من أحلاف، بأنّ تلك القافلة خرجت بموافقة السلطان المملوکي الناصر محمد بن قلاوون، وأنه في حالة وفاق وصلح مع السلطان المغولي أبو سعيد، ونتيجة لذلك أخلا العصفوريون سبيل تلك القافلة وتنحوا جانباً عن طريقها،  بل بالغوا في الأمر وقالوا: لأجل الناصر نخفرکم بغير شيء، فبلغت قافلة الحجيج مکة بسلام، وعندما بلغ أمر تلك القافلة السلطان المملوکي الناصر محمد بن قلاوون، سرَّ وابتهج من فعل العصفوريين وقولهم، وبالغ في الإنعام على بني عصفور».[68]

وهذا النص يبيّن مدى اتساع السيطرة التي بلغها العصفوريون على طريق الحاج في الأحساء والعراق، وأنهم يشکلون قوة ضاربة أمام المعتدين والمخالفين لهم.

لذا و إن خفيت عنا معالم الحج الأحسائي في هذه الحقبة، لکن ندرك قدر الأمن والرحة الذي وصل إليه الحاج الأحسائي ومن يسير ضمن رکبه خلال الحقبة العصفورية.

وبالرغم من کلّ شيء يبقى تاريخ الدولة العصفورية يکتنفه الکثير من الغموض، والتساؤلات عن الموقع الجغرافي لدولتهم في مقابل الدول التي حکم الأحساء في نفس الفترة، وعن طبيعة العلاقة التي تربطهم ببعضهم البعض، ثم هل مارس العصفوريون قطع طريق الحاج أو کانوا يفرضون ضريبة على قوافل الحجيج مقابل تأمين الحماية لوصولها، وغيرها من الجوانب المختلفة، فلا زالت المصادر شحيحة عن جوانب تاريخ هذه الدولة الأحسائية التي کان لها نفوذ قوي وسلطة واسعة على أطراف الجزيرة العربية.

 

 

 

[1]. الوسائل8 : 91.

 

[2]. سورة الکهف: 46.

 

[3]. الوسائل8 : 67.

 

[4]. الديلم أو الديالمة: هم إحدى الشعوب الإيرانية التي عاشت في شمال الهضبة الإيرانية، وقد جاء ذکرهم على ألسنة المؤرخين حتى حقبة بدايات انتشار الإسلام. للاستزادة: انظر ويکيبيديا على شبکة الإنترنت.

 

[5]. بخارى: مدينة في جمهورية أوزبکستان.

 

[6]. بلاد ما وراء النهر: هي منطقة تاريخية وجزء من آسيا الوسطى، تشمل أراضيها أوزبکستان والجزء الجنوب الغربي من کازاخستان والجزء الجنوبي من قيرغيزستان. للاستزادة انظر: ويکيبيديا على شبکة الإنترنت.

 

[7]. کمال، سليمان صالح، إمارة الحج في العصر العباسي من سنة 132هـ إلى سنة 247هـ، بإشراف الدکتور السيد محمد أبو العزم داود، رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في جامعة أم القرى 1408هـ ـ 1988و. غير منشورة: 128.

 

[8]. السيدة زبيدة: هي الأميرة  أم جعفر زبيدة بنت جعفر بن أبو جعفر المنصور (149ـ216هـ)، زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، وحفيدة مؤسس الدولة العباسية الخليفة أبو جعفر المنصور من خلال ابنه جعفر، تعتبر من أهم نساء الدولة العباسية وأکثرهم شهرة مما کان لها من دور في أمر الخلافة، فهي أمُّ الخليفة الأمين. من أهم أعمالها بناء أحواض للسقاية للحجاج في دربهم من بغداد إلى مکة فيما عرف بدرب زبيدة.

 

[9]. المغلوث،  سامي بن عبدالله بن أحمد: أطلس الحجّ والعمرة، العبيکان للنشـر، الرياض، الطبعة الأولى 1431هـ / 2010م، :101.

 

[10]. أطلس الحجّ والعمرة، مصدر سابق، ص: 104.

 

[11]. سرغ حالياً تسمى المُدَوَّرة، وهي تقع في أقصي جنوب الأردن بالقرب من الحدود السعودية على طريق تبوك.

 

[12]. عيسى، هيام علي: الحج إلى الحجاز في العصر المملوکي (646هـ / 1250م ـ923هـ / 1517م)،  جامعة القديس يوسف، أطروحة دکتوراه، 1431هـ ـ 2010م: 142.

 

[13]. أطلس الحجّ والعمرة،  مصدر سابق، ص: 106.

 

[14]. العبدلي، عائشة مانع عبيد: إمارة الحج في عصر الدولة المملوکية وأثرها على الأوضاع الداخلية بمکة المکرمة (648ـ923هـ) / (1258ـ1517م) دراسة تاريخية ـ تحليلية، جامعة أم القرى: مکة المکرمة، الطبعة الأولى:  1426هـ ـ 2005م: 14.

 

[15]. أطلس الحجّ والعمرة، مصدر سابق، :116.

 

[16]. انظر: إمارة الحج في العصر العباسي،  مصدر سابق: 163.

 

[17]. أطلس الحجّ والعمرة، مصدر سابق، ص: 111.

 

[18]. أطلس الحجّ والعمرة، مصدر سابق، :108.

 

[19]. خريطة الأحساء وحدودها الإداريّة .

 

[20]. قصر صاهود بالمبرز .

 

[21].  ابن سعد، محمد: الطبقات الکبري، دار صادر: بيروت،  الطبعة الأولى: 1988م: 1 : 258.

 

[22]. العامر، طاهر معتوق ميناء: العقير ودوره في اقتصاد الجزيرة العربية، الدار الوطنية الجديدة: الخبر، الطبعة الأولى: 1437هـ ـ 2016م: ص: 111.

 

[23]. آل ملا، عبدالرحمن بن عثمان، تاريخ الإمارة العيونية في شرق الجزيرة العربية، مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري:  الکويت، الطبعة الأولى: 2002م: 74.

 

[24]. ابن الأثير،  عز الدين، أسد الغابة، دار الفکر: بيروت،  ط: 1429هـ ـ 1989م: 3 : 89.

 

[25]. الجنبي، عبد الخالق: تاريخ التشيع لأهل البيت في إقليم البحرين القديم، دار المحجة البيضاء: بيروت، الطبعة الثانية: 1436هـ ـ 2015م: 370، أسد الغابة، مصدر سابق: 1 : 308.

 

[26]. عناد، أ. م. د. وجدان فريق، إمارة الحج في عهد الخليفة أبي العباس السفاح (132ـ136هـ)، مرکز أحياء التراث العملمي العربي: جامعة بغداد، (د.ت): 6.

 

[27]. إمارة الحج في العصر العباسي من سنة 132 إلى سنة 247هـ، مصدر سابق: 178.

 

[28]. الوشميم، الدکتور صالح بن سليمان الناصر: ولاية اليمامة دراسة في الحياة الاقتصادية والجتماعية حتى نهاية القرن الثالث الهجري، مکتبة الملكعبدالعزيز العامة: الرياض، الطبعة الأولى: 1412هـ: 116.

 

[29]. ولاية اليمامة، مصدر سابق: 117.

 

[30]. إمارة الحج في العصر العباسي،  مصدر سابق: 186ـ187.

 

[31]. ولاية اليمامة، مصدر سابق: 117.

 

[32]. ولاية اليمامة، مصدر سابق: 140.

 

[33]. ولاية اليمامة، مصدر سابق: 141.

 

[34]. القمي،  سعد بن عبد الله الأشعري: کتاب المقالات والفرق، سححه وقدم له و علق عليه، د. محمد جواد مشکور، مطبعة حيدري: طهران، الطبعة الأولى: 1341هـ: 83.

 

[35]. زکار، جمع و تحقيق ودراسة د. سهيل: أخبار القرامطة في الأحساء والشام والعراق واليمن، دار الإحسان: دمشق. الطبعة الثانية: 1402هـ ـ 1982م: 84.

 

[36]. أخبار القرامطة في الأحساء والشام والعراق واليمن: مصدر سابق: 44.

 

[37]. أخبار القرامطة: مصدر سابق: 30.

 

[38]. الجوزي، عبدالرحمن بن على بن محمد: القارمطة، تحقيق: محمد الصباغ، المکتب الإسلامي: بيروت، الطبعة الخامسة: 1401هـ ـ 1981م: 38.

 

[39]. ابن مسکويه (ت421هـ)، أحمد بن محمد: تجارب الأمم وتعاقب الهمم،  تحقيق: سيد کسروي حسن، دار الکتب العلمية: بيروت: الطبعة الأولى: 2003م ـ 1423هـ: 4 : 382.

 

[40]. أخبار القرامطة، مصدر سابق: 35.

 

[41]. أخبار القرامطة، مصدر سابق: 37.

 

[42]. أخبار القرامطة، مصدر سابق: 37.

 

[43]. أخبار القرامطة، مصدر سابق: 45.

 

[44]. أخبار القرامطة، مصدر سابق: 53.

 

[45]. المَکْس: الضريبة، وجمعه:  مکوس.

 

[46]. المغربي، عبدالرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي المتوفي سنة 808هـ: تاريخ ابن خلدون، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات: بيروت، الطبعة الأولى: 1391هـ 1971م: 5 : 100.

 

[47]. علوي، ناصر خسرو: سفرنامة، ترجمة: د. يحيى الخشاب، الهيئة المصرية العامة للکتاب: القاهره، الطبعة الثانية: 1993م: 142.

 

[48]. سفرنامه، ناصر خسرو، مصدر سابق: 143.

 

[49]. المديرس، د. عبدالرحمن بن مديرس: الدولة العيونية في البحرين 469هـ / 1076م ـ 1238م، دارة الملك عبد العزيز: الرياض، الطبعة الأولى: 1422هـ: 85.

 

[50]. الدولة العيونية في البحرين، مصدر سابق: 107.

 

[51]. أدما: هي قرية لبنانية من قري قضاء کسروان في محافظة جبل لبنان.

 

[52]. قوافل الحج المارة بالعارض، راشد بن محمد عساکر، مجلة الدرعية، السنتان السادسة والسابعة، العدادن: الرابع والخامس والعشرون، ذوالحجة 1424هـ، ربيع الأول 1425هـ، فببراير ـ مايو:  200م: 67.

 

[53]. خليل، د. محمد محمود، تاريخ الخليج وشرق الجزيرة العربية المسمي إقليم بلاد البحرين في ظل حکم الدويلات العربية (469ـ963هـ / 1076ـ1555م)، مکتبة المدبولي: القاهرة، الطبعة الأولى: 2006م: 171.

 

[54]. تاريخ الخليج[الفارسي] وشرق الجزيرة العربية، مصدر سابق: 293.

 

[55]. الدولة العيونية في البحرين، مصدر سابق: 131.

 

[56]. الدولة العيونية في البحرين، مصدر سابق: 132، المناعي، سامي جاسم عبدالعزيز، ابن مقرب العيوني شاعر الخليج العربي في العصور الإسلمية حياته و شعره، جامعة قطر: الدوحة، الطبعة الألي 1414هـ ـ 1982م: 15.

 

[57]. تاريخ الخليج [الفارسي] وشرق الجزيرة العربية، مصدر سابق: 211.

 

[58]. إمارة العصفوريين ودورها السياسي في تاريخ شرق الجزيرة العربية، عبداللطيف الناصر الحميدان، مجلة کلية الآداب في جامعة البصرة، س13، ع15، 1979م: 83.

 

[59] . تاريخ الخليج [الفارسي] وشرق الجزيرة العربية، مصدر سابق: 217.

 

[60] . تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء في القديم والجديد، محمد بن عبدالله آل عبدالقادر: 1 : 104.

 

[61] . الظاهري، أبو عبد الرحمن بن عقيل: أنساب الأسر الحاکمة في الأحساء، تقديم حمد الجاسر، دار اليمامة: الرياض، الطبعة الأولى: 1403هـ: 116.

 

[62] . تاريخ الخليج [الفارسي] وشرق الجزيرة العربية، مصدر سابق: 364.

 

[63] . الدولة العيونية في البحرين، مصدر سابق: 148.

 

[64] . الدولة العيونية في البحرين، مصدر سابق: 148.

 

[65] . تاريخ الخليج [الفارسي] وشرق الجزيرة العربية، مصدر سابق: 375.

 

[66] . تاريخ الخليج [الفارسي] وشرق الجزيرة العربية، مصدر سابق: 379.

 

[67] . تاريخ الخليج [الفارسي] وشرق الجزيرة العربية، مصدر سابق: 380.

 

[68] . تاريخ الخليج [الفارسي] وشرق الجزيرة العربية، مصدر سابق: 384ـ386.