مِيقَاتُ يَلَمْلَم (دراسة تاريخية وتحقيق ميداني)

نوع المستند : مقالة البحثية

المؤلف


 

 

مِيقَات يَلَمْلَم

 

 

  • تمهيد.
  • يَلمْلَم لغويًّا.
  • يَلمْلَم إداريًّا.
  • يَلمْلَم جغرافيًّا.
  • يَلَمْلَم حديثيّاً.
  • يَلَمْلَم فقهيًّا.
  • يَلَمْلَم حاليًّا.
  • يَلَمْلَم في الأدب العربي.
  • سؤالان محوريان.

 

 

تمهيد:

لا شكّ في أنَّ معرفة مواقع المواقيت المكانية،[1] التي وقَّتها رسول الله9 من أهمِّ مسائل الحجِّ؛ فقد أجمع المسلمون على وجوب الإحرام من أحدها؛ فلا ينبغي لحاجٍّ ولا لمُعْتَمِرٍ أن يُحْرِم قبلها ولا بعدها.[2]

ونظراً لتغير موقع الإحرام في غير ميقات لأسباب مختلفة، ومنها على سبيل المثال: صعوبة الوصول إلى المكان الأصلي الذي أحرم منه الحجاج في عصر النصّ كما حصل مع ميقات يَلمْلَم، وقد يكون السبب سياسي بحتاً كما حصل مع أول أمكنة ميقات العقيق.[3]

ولهذا فنحن ملزمون ـ كمسلمين ـ بدراسة واقع أمكنة المواقيت في عصـر النصّ وما تلاه من عصور وخصوصاً في عصـرنا الحالي حيث تشهد مواقيت الإحرام والطرق المؤدية لها تطوراً مُتسارعاً.

والدراسات حول المواقيت المكانية ـ بشكلٍ عامّ ـ وفيرة جدّاً إلّا أنّ الميدانية منها لم تكن بتلك الوفرة مع نظيرتها النظرية.

وفيما يخصّ الدراسات الميدانية حول ميقات يَلمْلَم الذي نحن بصدد دراسة واقعه الحالي ميدانياً فهي قليلة جداً إذا ما قُورِنتْ بمثيلاتها من الدراسات للمواقيت الأُخرى، ولعلّ أبرز دراستين ميدانيتين للموقع ـ خلال الخمسين سنة الماضية ـ الدراستان التاليتان:

  • دراسة الشيخ عبد الله البَسّام،[4] الميدانية التي قام بها عام 1401هـ بتكليف من الحكومة السعودية.
  • ودراسة سماحة سيدي الوالد1 الفقهية والميدانية التي قام بها عام 1409هـ.

والدراستان بلا شك من الدراسات القيمّة جداً نظراً لكون الشيخ البَسّام والعلّامة الفضلي جمعا بين الدراستين الدينية والأكاديمية ومن المُحقّقين البارزين في العصر الحالي.

وأخال أنَّ دراسة واقع ميقات يَلمْلَم الحالي تُحتِّم علينا معرفة واقعه في عصر النصّ وما طرأ عليه من تغيرات عبر العصور، وهذا يتطلب منا الإجابة عن عدد غير قليل من الأسئلة التي تثار حوله، ومنها على سبيل المثال: 

  1. هل يَلمْلَم: هو اسم جَبَلٍ مِن جِبَالِ تِهَامَة أم اسم وَادٍ،[5] من أودية تِهامَة؟[6]
  2. وهل ميقات أهل اليَمَن هو: خصوص جبل يَلمْلَم أم وادي يَلمْلَم بأكمله؟
  3. وهل الإحرام من قرية السَّعْدِيَّة ـ ثاني مكان أحرم منه أهل اليَمَن ـ أو من قرية سعيا ـ مكان الإحرام الحالي ـ يكون نصاً أو مُحاذاة؟[7]
  4. وأين يقع وادي يَلمْلَم، وما هي أبعاده، وكم تبلغ مساحته، وما هي أشهر القرى المطلة عليه؟
  5. وما هي الطرق المؤدية إلى وادي يَلمْلَم؟
  6. وأين يقع جبل يَلمْلَم وما هو حجمه وشكله؟
  7. وما هو واقع أمكنة الإحرام الثلاثة التي أحرم منها أهل اليَمَن عبر التاريخ -يَلمْلَم، والسَّعْدِيَّة، وسعيا - وما هي الطرق المؤدية إليها حالياً؟ وغيرها من الأسئلة.

ولأنَّ الأسئلة متنوعة ومتشعبة أصبح لزاماً علينا أن تُلم دراستنا بكُلِّ ما يتعلق بواقع يَلمْلَم: (لغوياً)، و(إداريًّا)، و(جغرافيًّا)، و(حديثيًّا)، و(فقهيًّا)، و(حالياً)، وما نُظم فيه من أبيات شعرية. 

ولأنّ السؤال الثاني ـ في تصوري ـ أهمّ الأسئلة المتقدّمة، ارتأيت أن أجعل له مبحثاً خاصاً به في خاتمة الدراسة، تحت عنوان: (رأيان محوريان)، أحدهما لفقيه من أهل السُّنة والآخر لفقيه إمامي.

ولأجل هذا كلّه فقد استعنتُ بالدراستين آنفتي الذكر، وبدراسات المُحققين الجغرافيين والباحثين الجيولوجيين المعاصرين.

أمّا بالنسبة لدراسة واقع وادي يَلمْلَم وأمكنة الإحرام الثلاثة ميدانياً فقد استعنتُ بالخرائط الجغرافية والصور الفضائية الحديثة لمنطقة مكة المكرمة بشكلٍ عامّ وبالجزء المتعلق منها بوادي يَلمْلَم بشكلٍ خاصّ.

وقمتُ في يوم الثلاثاء الثالث عشـر من شهر ديسمبر لعام2022م، برحلة ميدانية لموقع الدراسة، فانطلقت من مدينة جدة صباحاً بسيارتي ذات الدفع الرباعي عبر الطريق الساحلي السريع الرابط بين محافظة جدة ومحافظة الليث قاصداً وادي يَلمْلَم وأمكنة الإحرام الثلاثة، وكنت حريصاً أن أسمع من أحد أهالي قرية سعيا عن موقع مصب وادي يَلمْلَم أو نهايته، ولحسن الحظ فقد التقيت بالشـريف سامي الشنبري أحد شباب القرية المُلمين بواقع القرية والأودية المحيطة بها، فدلني ـ جزاه الله عنا كُلّ خير ـ على موقع (خبت الغصن)،[8] حيث يصب وادي يَلمْلَم سيله، وكان هدفي من السؤال هو أن أتأكد بنفسي إن كانت الخرائط التي تُشير إلى أنّ مسجد الميقات الحالي الواقع في قرية سعيا يقع داخل حدود وادي يَلمْلَم مطابق للواقع أم غير مطابق؛ لأنّ قرية سعيا بحسب الخرائط الجغرافية والجيولوجية تقع قبل مصب الوادي في خبت الغصن، فوجدت كلام الشريف سامي مطابقاً تماماً لما جاء في الخرائط.

ولأنّ بعض المصادر تذكر أنّ وادي يَلمْلَم يصب في البحر الأحمر فقد سألت الشريف سامي لكي أتأكد من المعلومة، فقال: نعم، إذا كان السيل قويًّا وجارفاً، وذكر أنّ هذا قد حصل فعلاً في عام 1416هـ.

وأخيراً:

لا بُدّ لي أن أتقدم بخالص الشكر للصديق العزير السيد عبد الهادي الهاشم الذي وَفَرَ لي ما أحتاج له من مصادر مطبوعة ومخطوطة، وأن أشكر الأخوة الأعزاء الذين رافقوني في رحلتي، وهم: الأستاذ مرزوق العمري الخبير بأودية تِهَامَة، والأستاذ خالد بن عويّض العلّاسي الخبير بالطرق المؤدية لوادي يَلمْلَم، والسيد الدكتور عادل الحسين الذي جادت قريحته بهذه الأبيات المعبرة:

لَـمْلَمْتُ إِحْرَامِي أُرِيدُ (يَلَمْلَمَا)

أَمضِي إِلَى مِيقَاتِهِ كَيْ أُحْرِمَا

فَوَقَفْتُ عِندَ جِبَالِهِ وَسُهُولِهِ

عَلِّي أَرَى بِئرًا تَمُدُّ المُحْرِمَا

 قَالُوا بِأَعْلَى قَرْيَةٍ فِي سَهْلِهِ

مَعْرُوفَةٍ بِ(يَلَمْلَمٍ) كَي تُرسَمَا

 وَالبَعْضُ قَالَ بِأَسفَلِ الوَادِي بِـ (سَعْيَا)

حَيثُ فِيهَا شَيَّدُوا ذَا المَحْرَمَا

 فَوَجَدْتُهَا (سَعدِيَّةً) مَملُوءَةً

بِالمَاءِ تَحكِي مَعلَمًا مُتَوَسَّمَا

 هَل يَا تُرَى الوَادِي بِأَكمَلِهِ يُعَدُّ

(يَلَمْلَمًا) فَلتَسأَلُوا مَنْ أَعلَمَا

 وَلتَسأَلُوا التَّارِيخَ وَالأَعلَامَ فِي

أَرجَائِهِ مَن أَحرَمُوا كَي يُحسَمَا

يَلمْلَم لغويًّا:

يَلمْلَم: من الفعل (لَمـْلَم): لملمَ يَلمْلَم، لملمةً، فهو مُلملِم، والمفعول مُلّمْلَم.

واللَّمُّ: مصدر لَمَّ الشيء يَلُمُّه لَمًّا، جمعه وأصلحه، ولَمَّ الله شَعَثَه: جمع ما تفرق من أموره وأصلحه.

واللُّمَةُ: الجماعةُ من الرِّجال والنِّساء أيضاً، وفي الحديث: جاءتْ فاطمة إلى أبي بكر في لُمَيمْةٍ من حَفَدها ونساء قَومها.[9]

وتقول: لَمـْلَمَ الشَّيءَ: أي جمَعَه، ولَمـْلَمَ حَوَائِجَهُ: أي جَمَعَهَا، وجَيْشٌ لَمـْلَمٌ، أَي: كَثِيرٌ مُجْتَمِعٌ.

وَيُقَالُ للكلمة: (أَلَمـْلَم، و يَرَمْرَم)،[10] و (مَلَمْلَم)،[11] و (المُسَلَّمُ)،[12] و(لَمـْلَم)،[13] و(أَرَمْرَم).[14]

والعرب تُطْلق على جنوب الكعبة يمن، وعلى ركني الكعبة الذي فيه الحجر الأسود، والركن اليماني مجتمعين بـ (الركنين اليمانيين)، و(رُكْنَيْ يَلَمْلَمَ)، ومنه:

قول عبد الملك،[15] لهارون الرشيد عندما أراد قتله: «فقد وَاللهِ سَهَّلْتُ لَكَ الوُعُورَ، وَجَمَعْتُ عَلَى طَاعَتِكَ الْقُلُوبَ فِي الصُّدُورِ، وَشَدَدْتُ أَوَاخِيَ مُلْكِكَ بأوثَقَ من رُكْنَيْ يَلَمْلَمَ...».[16]

وقول الشاعر اللبناني حسن قشاقش:

عَجِبتُ لَهُ كَالغُصْنِ نَاحِل خَصرِهُ

وَيَحْمِل من رد فِيهِ رُكنَي يُلَمْلِم

ولأهل المنطقة اليوم ثلاث لهجات، وهي: يَلَمْلَم، وأَلَمـْلَم، ومَلَمْلَم.

يَلمْلَم إداريًّا:

ينصرف لفظ يَلَمْلَم تارة إلى جبل يقع في قرية يَلَمْلَم، وتارة أُخرى ينصـرف اللفظ إلى القرية يقع فيها الجبل والتي تطل على وادي يَلَمْلَم، وتارة ثالثة إلى الوادي الواقع في تِهَامَة والذي تقع على ضفافه القرية التي تضمّ الجبل، وهذا متعارف عليه عند العرب وهو من باب تسمية الشـيء باسم جزئه أو باسم مجاوره.

وكيف ما كان فالحديث عن يَلَمْلَم إداريًّا لابُدّ أن يكون عن القرية، والجبل، والوادي كلاً على حِدَة:

قرية يَلمْلَم: قرية صغيرة من قرى تِهَامَة تتبع إداريًّا محافظة الليث التابعة إلى منطقة مكة المكرمة، وتقع على بُعد 9 كم شمال مدينة الليث، و85 كم جنوب مدينة مكة المكرمة، وهي أوّلى قُرى محافظة الليث التي تواجه القادم من جهة مكة المكرمة ومدينة الطائف.

وهي من الأمكنة المعروفة قبل الإسلام، ففيها حصلت وقعة ذات نكيف،[17] كما أنها كانت مرحلة من مراحل طريق أهل اليَمَن إلى مكة.[18]

أمّا مع ظهور الإسلام فقد تميّزت بكونها أصبحت مَحْرماً لأهل اليَمَن والقادمين إلى مكة عبر طريق تِهَامَة الساحلي،[19] ومنها أهلَّ أميرالمؤمنين الإمام علي بن أبي طالب7 للحجّ،[20] ويُذكر أنّ إحدى سرايا النّبيّ9 لإزالة آثار الشـرك كانت إلى يَلمْلَم.[21]

واستمرت قرية يَلمْلَم مهلاًّ لأهل اليَمَن منذ عهد رسول الله9 وحتّى بداية القرن العاشر الهجري عندما تحوّل مكان الميقات إلى منطقة السَّعْدِيَّة، وحينها هُجِرتْ قرية يَلَمْلَم فلم تعد لا مَهلاًّ لأهل اليَمَن وسالكي الطريق التِهَامي، ولا مرحلة من مراحل الطريق.

وادي يَلمْلَم: وادٍ عظيم من أودية تِهَامَة يقع في منطقة مكة المكرمة في جنوب مكة بالتحديد، وأعلاه يتبع محافظة الطائف إداريًّا، ووسطه وأسفله لمحافظة الليث.

جبل يَلمْلَم: جبل متوسط الحجم من جبال تِهَامَة المُطلة على وادي يَلمْلَم ويقع بالتحديد في قرية يَلمْلَم، مقابل مركز القرية الإداري، وقمته تشبه إلى حدٍّ بعيد قمة جبل النور بمكة المكرمة، ويسمّى حالياً بجبل (الحرقفة).

 

 

شكل (3): خريطة منطقة مكة المكرمة وتظهر فيها موقع محافظة الليث.

 

 

شكل رقم (4) خريطة محافظة الليث ويظهر عليها موقع قرى: يَلَمْلَم، والسَّعْدِيَّة، وسعيا.

 

يَلمْلَم جغرافيًّا:

اختلف علماء الجغرافيا، والتاريخ، والجيولوجيا في المُراد من يَلمْلَم: هل هو اسم جَبَلٍ مِن جِبَالِ تِهَامَة أم اسم وَادٍ من أودية تِهامَة؟

  • فذهب فريق منهم إلى أنَّه: جَبَلٌ مِن جِبَالِ تِهَامَة.
  • وذهب فريق آخر إلى أنَّه: وَادٍ من أودية تِهَامَة.

أولاً: القائلون بأنه جَبَلٌ مِن جِبَالِ تِهَامَة.

  • قال البكري في معجمه: «يَلَمْلَم: جبل علىٰ ليلتين من مكة،[22] من جبال تِهَامَة».[23]
  • وقال الحموي في معجمه: «ألَـمْلَم، ويقال: يَلَمْلَم: جبل من جبال تِهَامَة على ليلتين من مكة».[24]
  • وقال العجيلي في حاشيته: «يَلَمْلَمُ، وَيُقَالُ لَهُ: ألَـمْلَمُ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَة عَلَى لَيْلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ». [25]
  • وجاء في المعجم الكبير: «ألَـمْلَم: جبل من جبال تِهَامَة علىٰ ليلتين من مكّة».[26]
  • وفي محيط المحيط: «ويَلَمْلَم أو ألَـمْلَم أو يَرَمْرَم: جبل علىٰ مرحلتين من مكة».[27]
  • وفي المصباح المنير: «وألَـمْلَم: جبل في تِهَامَة، علىٰ ليلتين من مكّة». [28]
  • وقال الحميري: «يَلَمْلَم: جبل أو قرية على ليلتين من مكة».[29]

ثانياً: القائلون بأنّه وَادٍ من أودية تِهَامَة.

  • قال التقي الفاسي (ت 832هـ): «يَلَمْلَم: وادٍ في جنوب مكة على ليلتين منها، وهو ميقات أهل اليَمَن».[30]
  • وقال المرزوقي: «يَلَمْلَم: جبل من الطائف على ليلتين أو ثلاث، وقيل: هو وادٍ هناك». [31]
  • وقال الإصفهاني: «يَلَملمُ: وادٍ ومنه يحرم أهل اليَمَن».[32]
  • وقال ابن السكيت: «يَلَملمُ وأَلَمْلَم: وادٍ من أودية اليَمَن».[33]
  • وقال الإسكندري: «يَلَمْلَم: وادٍ لا يزال معروفاً وقد يسمّى (السّعديّة)، ومنه ميقات إحرام أهل اليَمَن».[34]
  • وقال حميد الله: يلملم: وقد يقال: «ألَمـْلَم» وادٍ فحل، يمرّ جنوب مكة على مسافة مأة كم، فيه ميقات أهل اليَمَن ممن يأتي على الطريق التهامي.[35]
  • قال البلادي في معجمه: يَلمْلَم: وادٍ فحل متعدد الروافد من أودية الحجاز التِّهاميّة.[36]
  • وذكر مؤرخ اليَمَن الخزرجي في أحد مصنفاته أنّ أهل اليَمَن قد أحرموا من وادي يَلَمْلَم وهو يصف رحلة أحد سلاطين الدولة الرسولية للحجّ، فيقول: «... فكان وصوله وادي يَلَملمُ يوم الاثنين سلخ ذي القعدة. فأَمر السلطان بنصب الأحواض فنصبت وملئت ماء وطرح فيها من السويق والسكر ما شاء الله تعالى وسبلها للناس فشرب منها الصغير والكبير وتصدق على الناس بصدقة عظيمة من الدراهم والثياب للإحرام».[37]
  • وتقول الباحثة الجيولوجية: آمنة علاجي: «يَلمْلَم ويقال ألَـمْلَم ـ وأهل الديار لا يقولون إلّا يَلمْلَم ـ وادٍ فحل من أودية مكة المكرمة متعدد الروافد كثير المياه».[38]
  • ويقول الباحثان الجيولوجيان: الصبياني والبيومي: «يَلمْلَم: وادٍّ على بُعد 70 كم جنوب غرب مكة المكرمة».[39]

ولأنّ لفظ يَلَملمُ يطلق على أكثر من مكان، فيطلق تارةً ويراد به الجبل، وتارةً أخرى يراد به الوادي، وثالثة يراد به القرية التي تقع في الوادي، وما دام الحال هكذا فإنّ مُراد المتكلم من لفظ يَلَملمُ لا يُعرف إلّا بالقرينة التي تسبقه:

  • فإذا قلنا: قرية يَلمْلَم، فنعني: القرية التي تقع في وادي يَلَملمُ.
  • وإذا ما قلنا: وادي يَلمْلَم، فنعني: الوادي العظيم الواقع في تِهَامَة.
  • أمّا إذا قلنا جبل يَلمْلَم، فحتماً نعني: الجبل الواقع في وسط قرية يَلمْلَم.

وسيأتي الحديث عن المراد من لفظ يَلمْلَم في الروايات الشريفة بشكلٍ خاصّ وعن وادي يَلمْلَم بشكلٍ عامّ.

يَلَمْلَم حديثياً:

لا يخفى أنَّ الروايات الشريفة حول المواقيت ـ بشكلٍ عامّ ـ وفيرة جداً، وما ورد منها بشأن ميقات أهل اليَمَن ـ بشكلٍ خاصّ ـ ليس بالقليل، وهي على طائفتين:

  • طائفة أشارت إلى أنَّ ميقات أهل اليَمَن هو: (يَلَمْلَم)، ومن أمثلتها:

صحيح مُعَاوِيَة بْنِ عَمَّار: عَنْ أَبِي عَبْدِالله7، قَالَ: «مِنْ تَمَامِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ أَنْ تُحْرِمَ مِنَ المَواقيت التِي وَقَّتَهَا رَسُولُ الله9، لَا تُجَاوِزَهَا إِلّا وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؛ فَإِنَّهُ وَقَّتَ لِأَهْلِ العِرَاقِ ـ وَلَمْ‌ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ عِرَاقٌ ـ بَطْنَ العَقِيق مِنْ قِبَلِ أَهْلِ العِرَاقِ، وَوَقَّتَ لِأَهْلِ اليَمَن يَلَمْلَمَ، وَوَقَّتَ لِأَهْلِ الطَّائِفِ قَرْن المَنَازِل، وَوَقَّتَ لِأَهْلِ المَغْرِبِ الجُحْفَة وَهِيَ مَهْيَعَةُ، وَوَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُليفة؛ وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ خَلْفَ هذِهِ المَواقيت مِمَّا يَلِي مكَّة فَوَقْتُهُ مَنْزِلُهُ».[40]

  • وطائفة أشارت إلى أنَّ ميقات أهل اليَمَن هو: (قرن المنازل)، ومن أمثلتها: صحيح علي بن رئاب، قال: سألت أبا عبد الله (الصادق)7 عن الأوقات التي وقّتها رسول الله9 للناس، فقال: «إنّ رسول الله9 وقّت لأهل المدينة ذا الحُلَيْفَة وهي الشجرة، ووقّت لأهل الشام الجُحْفَة، ووقّت لأهل اليَمَن قرن المنازل، ولأهل نجد العقيق».[41]

ولا تنافي أو تعارض بين نصوص الطائفتين إذا ما علمنا بوجود طريقين للقادمين من اليَمَن إلى مكة: (طريق ساحلي وآخر داخلي. وسيأتي الحديث عن هذين الطريقين لاحقاً.

وكيف ما كان فقد اتَّفَقَ الفقهاء على أَنَّ (يَلَمْلَمَ) و(قَرن المَنازل) مِن المَوَاقِيت الـمَكَانِيَّةِ التِي لَا يَجُوْزُ لِـمُرِيدِ النُّسُكِ أَن يَتَجَاوَزَهَا إِلَّا مُحْرِمًا، وَأَنَّهُما مِيقَاتٌ لِأَهْلِهِما وَلِمَن مَرَّ بِهِما أَوْ حَاذَاهُما مِن غَيْرِهِم.

وعليه:

  • تكون الأحاديث التي ذكر فيها (يَلَمْلَم) أُريد بها من يسلك الطريق الساحلي المار بميقات يَلَمْلَمَ.
  • وأمّا الأحاديث التي ذكر فيها (قرن المنازل)، فأُريد بها من يسلك أحد الطرق الداخلية الثلاثة المارة بميقات قرن المنازل.

وبهذا تكون الأحاديث بمجموعتيها قد غطّت جميع الطرق من اليَمَن إلىٰ مكّة المكرّمة.

 

المَوَاقِيت الخَمْسَة التِي لاَ يَجُوز تَجَاوُزُهَا لِقَاصِدِ الحَجِ وَالعُمْرَةِ إِلاَّ مُحْرِماً

يَلَمْلَم فقهيًّا:

في البدء لابُدّ من الإشارة إلى أنّه لا خلاف بين فقهائنا حول شرعية الإحرام من يَلَمْلَم، والخلاف الوحيد الذي حصل بينهم هو ذات الخلاف الذي حصل بين علماء الجغرافيا في كون يَلَملمُ اسم جبل أم اسم واد.

وإذا ما تتبعنا أقوال الفقهاء منذ عصـر الشيخ المفيد1 وحتى عصرنا هذا، فيمكننا تقسيم اقوالهم إلى أربع طوائف:

  1. طائفة لم تحدد كون يَلمْلَم جبلاً أو وادیاً، ومن أمثلتها:

* قول الشيخ المفيد (ت413هـ) في المقنعة: «ووقّت لأهل اليَمَن يَلَمْلَم».[42]

* وقول الشيخ الطوسي (ت460هـ) في الجمل والعقود: «ولأهل اليَمَن يَلَمْلَم».[43]

* وقول ابن زهرة (ت585هـ) في الغنية: «ولمَن حجّ على طريق اليَمَن يَلَمْلَم».[44]

* وقول المحقّق الحلّي (ت676هـ) في نكت النهاية: «ولأهل اليَمَن يَلَمْلَم».[45]

* وقول العلّامة الحلّي (ت726هـ) في الإرشاد: «ولأهل اليَمَن يَلَمْلَم».[46]

* وقول الشهيد الأول (ت786هـ) في شرح الإرشاد: «ولأهل اليَمَن يَلَمْلَم».[47]

*  وقول الشهيد الثاني (ت965هـ) في: «ويَلَمْلَمُ لأهل اليَمَن».[48]

* وقول المقدس الأردبيليّ (ت993هـ) في مجمع الفائدة والبرهان: «ولأهل اليَمَن يَلَمْلَم».[49]

* وقول الحرّ العامليّ (ت1104هـ) في هداية الأُمّة: «وَأَهْلُ اليَمَن مِن يَلَمْلَم».[50]

 

 

  1. وطائفة قالت بأنّ يَلمْلَم اسم جبل أو واد، ومن أمثلتها:

* قول أحد شُراح الإرشاد: «وميقات اليَمَن يَلَمْلَم، وهو وادٍ يُعرف الآن بالسَّعْدِيَّة، وقيل: إنّه اسم الجبل الذي هناك، فالاحتياط إيقاع نية الإحرام مرة بالوادي وأخرى بالجبل».[51]

* قول صاحب الجواهر (ت1266هـ): «ووقّت لأهل اليَمَن جبل أو وادٍ، يقال له: يَلَمْلَم، وألمـْلَم، ويَرَمْرَم وهو على مرحلتين من مكّة».[52]

* وقول الآملي (ت1391هـ) في مصباح الهدى: «الرابع يَلَمْلَم: وهو لأهل اليَمَن‌ وهو جبل من جبال تهامة أو واد من الأودية وقد يقال ألمْلَم أو يَرَمْرَم».[53]

* وقول السيد صادق الروحاني (ت1444هـ) في مناسك الحجّ: «يَلَمْلَم: اسم وادي أو جبل بين مكة واليَمَن».[54]

 

  1. وطائفة قالت بأنّ يَلَمْلَم اسم جبل، ومن أمثلتها:

* ابن إدريس في السرائر: «ووقّت لأهل اليَمَن جبلاً يقال له: يَلَمْلَم».[55]

* العلّامة الحلّي في القواعد: «ولليمن جبلاً يقال له: يَلَمْلَم».[56]

* السيد الخوئي في المناسك: «الرابع: يَلَمْلَم، وهو مِيقَات من أراد الحجّ عن طريق اليَمَن، ويَلَمْلَم اسم لجبل».[57]

* السيد السبزواري في الذخيرة: «يَلَمْلَم: ميقات اليَمَن جبل على مرحلتين من مكة».[58]

* الشهيد الصدر في الموجز: «الرابع: يَلَمْلَم، وهو جبل من جبال تِهَامَة، ويقال إنّ بُعده عن مكّة يقدر بأربعة وتسعين كيلومترًا».[59]

* السيد الخامنئي في المناسك: «يَلَمْلَم، وهو ميقات أهل اليَمَن وكُلّ من يَمُرّ عليه، وهو اسم جبل، ويجزي الإحرام من جميع مواضعه».[60]

  1. وطائفة قالت بأنّ يَلَمْلَم اسم واد، ومن أمثلتها:

* قال فخر المحقّقين (ت771هـ) في حاشية الإرشاد: «يَلَمْلَم: وادٍ يقال له يَلَمْلَم، وألَـمْلَم وهو من اللمم وهو الجمع».[61]

* وقال الشيخ الخطيّ (ت قبل1231هـ)،[62]: «الرابع يَلَمْلَم: وهو ميقات أهل اليَمَن ومن والاهم، ويقال له: يَرَمْرَم، وألَـمْلَم والمشهور أنّه اسم جبل وإن كان كلام أهل اللُّغة أنّه اسم للوادي، وهو على مرحلتين من مكة والظاهر أنّه اسم الوادي والجبل بعض منه أو أنّه اسم للجبل ثُمّ استُعمل اسماً للوادي كبدر فإنّه اسم للبئر ثُمّ أُطلق على الوادي والمُعتمد على كلام أهل اللُّغة حيث لم يرد في التعيين نصّ من الشارع».[63] 

* ويقول الشيخ محمد السند: «يَلَمْلَم: اسم لجبل والمراد به واديه».[64]

* ويقول الشيخ الدكتور أحمد الخليل ـ من أهل السُنّة ـ: «يَلمْلَم: وادي في طريق القادم من اليَمَن إلى مكة».[65]

* ويقول الشيخ اللنكراني في شرح تحرير الوسيلة: «المحكيّ عن شرح الإرشاد للفخر أنّه واد، وهو الظاهر المناسب للميقاتية لصعوبة الإحرام من الجبل»[66]

 

ملاحظتان هامتان:

ذكر سماحة سيدي الوالد1 في بحثه الميداني حول ميقات يَلَمْلَمَ، ملاحظتين: أحدهما تتعلق بعبارات الفقهاء حول ميقات أهل اليَمَن، والثانية: تتعلق بالمسافة بين ميقات يَلَمْلَم ومكّة المكرمة.

الملاحظة الأُولى:

يقول سماحة سيدي الوالد1: «أنَّ الفقهاء قَصـَروا مِيقَات أهل اليَمَن علىٰ يَلَمْلَم، والأمر ليس كذلك ـ كما رأينا في الروايات الشـريفة ـ؛ لأنَّ لليمن طُرقًا أخرىٰ لا تمرّ علىٰ يَلَمْلَم، وإنّما تسلك طريق الطائف حيث يكون المِيقَات قرن المنازل، والمَحرم المُحاذي له (وادي مَحرم). ولأنّ الفتاوىٰ ـ عادّة ـ يُفتىٰ بها ليعمل المُقَلِد علىٰ وُفقِها، كان علىٰ المُفتي تَعَرُف طُرق اليَمَن أولّاً والمنازل التي تمرّ بها إلىٰ مكّة، ثُمّ الإفتاء في ضوء هذا. فكان الذي ينبغي أن يُعبّر به للإفتاء أن يقال: يَلَمْلَم: مِيقَات من يسلك طريق اليَمَن التِهَامي أو الساحلي مارًا به ـ سواء كان من أهل اليَمَن أو تِهَامَة أو غيرهما ـ. وليس هذا الأمر من الإطلاق في التعبير قاصرًا علىٰ فقهاء الإمامية، فقد رأيت فيما لدي من كُتب الفقه السُّني ما يشارك كتبنا الفقهية في هذا، ومنه: ما جاء في (المُحلى) لابن حزم 7: 70 ولمن جاء علىٰ طريق اليَمَن منها أو من جميع البلاد: يَلَمْلَم، وهو جنوب مكّة، ومنه إلىٰ مكّة ثلاثون ميلاً. وفي (الرَّوض المُربِع)، للبهوتي: ومِيقَات أهل اليَمَن: يَلَمْلَم، بينه وبين مكّة ليلتان. وفي كتاب الفقه علىٰ المذاهب الأربعة: والمِيقَات لأهل اليَمَن والهند: يَلَمْلَم ـ بفتح اللامين وسكون الميم بينهما ـ، وهو جبل من جبال تِهَامَة علىٰ مرحلتين من مكة، 1: 640.

وفي (فقه السنة) لسيد سابق: ومِيقَات أهل اليَمَن: يَلَمْلَم، جبل يقع جنوب مكّة، بينه وبينها 54 كم.

وفي (التحقيق والإيضاح) لابن باز: الرابع: يَلَمْلَم، وهو مِيقَات أهل اليَمَن.

نعم، يستثنىٰ من هذه الملاحظة الإمام الشافعي فقد تنبه لذلك، وكانت عباراته وافية بالمطلوب، وشاملة لطرق اليَمَن جميعها، وقد يرجع هذا إلىٰ أنه ابن مكّة، فهو أعرف من سواه بالطرق المؤدية إليها.

قال في (الأُم):.. وكذلك قوله في أهل نجد واليَمَن لأنَّ كُلّ واحد منهم خارج من بلده وكذلك أول ميقات يمرون به، وفيه معنى آخر أنّ أهل نجد واليَمَن يمرون بقرن، فلما كانت طريقهم لم يكلفوا أن يأتوا يَلمْلَم وإنما ميقات يَلمْلَم لأهل غور اليَمَن تهمها ممن هي طريقهم.[67]

ويقول زين الدين العراقي: المُرَادُ بِكَوْنِ يَلَمْلَم مِيقَاتَ أَهْلِ اليَمَن، بَعْضُ اليَمَن: وَهُوَ تِهَامَةُ. وأَمَّا نَجْدٌ فَإِنَّ مِيقَاتَهُ قَرْنٌ ـ يعني قرن المنازل ـ وَذَلِكَ لِأَنَّ اليَمَن يَشْمَلُ نَجْدًا وَتِهَامَةَ فَأَطْلَقَ اليَمَن وَأُرِيدَ بَعْضُهُ وَهُوَ تِهَامَةُ مِنْهُ خَاصَّةً. وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ نَجْدٌ تَنَاوَلَ نَجْدِ الحِجَازِ وَنَجْدُ اليَمَن فَكِلَاهُمَا مِيقَاتُ أَهْلِهِ قَرْنٌ.[68]

ويقول البُجَيْرَمِيّ المصـري الشافعي (ت 1221هـ): وَمِيقَاتُ الْـمُتَوَجِّهِ مِنْ تِهَامَةِ اليَمَن يَلَمْلَمُ، وَهُوَ مَوْضِعٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ. وَمِيقَاتُ الْـمُتَوَجِّهِ مِنْ نَجْدِ اليَمَن وَنَجْدِ الْحِجَازِ قَرْنٌ، وَهُوَ جَبَلٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ.[69]

الملاحظة الثانية:

أمّا بخصوص الملاحظة الثانية، فيقول سماحة سيدي الوالد1: إنّ تقدير المسافة بين يَلمْلَم ومكة بــ (54 كم) أو (94 كم) لا تصدق علىٰ الطريق السالك بينهما في عصرنا هذا، وإنّما المُراد بها الطريق القديم الذي يَمُرّ بيَلَمْلَم مباشرة قبل اندثاره. ولأنَّ المناسك والكتب الفقهية التي ذكرت فيها هذه التقديرات لفقهاء معاصرين، كان ينبغي لهم تقدير المسافة وفق واقعها الحاضر، فالطريق المقصود في أقوال الفقهاء هو (الطَّرِيق الساحلي أو التِّهَامِيّ)، ومنازله ـ كما في مناسك الحربي ـ، هي: صنعاء ï جازان ï الليث ï يَلَمْلَم ï مكّة.[70]

يَلمْلَم حالياً:

إذا ما توخينا معرفة واقع يَلمْلَم في عصرنا الحالي بدقة فلابُدّ لنا من الحديث عن وادي يَلمْلَم ـ بشكلٍ عامّ ـ وعن الأمكنة التي أحرم منها الحجّاج القادمون إلى مكة عبر الطريق الساحلي (التِهَامي) منذ عهد النّبيّ9 وحتّى يوم الناس هذا.

وكيف ما كان فقد تغيرت أمكنة الإحرام ـ عبر التاريخ ـ ثلاث مرات، ويمكن ترتيبها على النحو التالي:

  • الميقات الأقدم، ويقع في: (قرية يَلمْلَم).
  • والميقات القديم، ويقع في: (قرية السَّعْدِيَّة).
  • والميقات الحالي، ويقع في: (قرية سَعيا).

وجميع هذه القُرى (الأمكنة أو المراكز) تقع داخل حدود وادي يَلمْلَم، وتتبع محافظة الليث التابعة لمنطقة مكة المكرمة إدارياً، وتأتي أهمية محافظة الليث من إشرافها على هذا الميقات بأمكنته الثلاثة. انظر شكل رقم (2)، ورقم (3)، ورقم (4).

ولكي تكون دراستنا لهذا الميقات متسلسلة، ارتأيت أن نبدأ الحديث عن وادي يَلمْلَم، ومن ثُمّ عن أمكنة الميقات الثلاثة مبتدئين بالأقدم، فالقديم، فالحالي.   

 

وادي يَلَمْلَمُ:

وادي يَلمْلَم: وادٍ عظيم من أودية تِهَامَة يبلغ طوله 94 كم تقريباً، يسيل من أعلى جبال الشفا على ارتفاع 2500 متر فوق سطح البحر،[71] ثم ينساب بين الجبال،[72] ماراً بقرى وهجر عديدة، ومنها قرى: يَلمْلَم والسَّعْدِيَّة وسعيا إلى أن يصب في خبت الغصن وقد يصب في البحر الأحمر إذا كان سيله جارفاً.

والمسافة بين أمكنة الوادي المأهولة بالسكان والتي يمكن الوصول إليها ـ يَلمْلَم، والسَّعْدِيَّة، وسعيا ـ 60كم تقريباً.

أبرز قرى وادي يَلمْلَم:

تُعدُّ قرى: يَلَمْلَمُ، والسَّعْدِيَّة، وسَعيا من أبرز قرى وادي يَلَمْلَمُ. انظر شكل رقم (3).

وتنتشر في الوادي أشجار: السَلم، والسمر، وضهيَان، والعُشـر، والمرخ.[73]

سكان وادي يَلمْلَم:

لا يخفى أنّ للجانب القبلي في الجزيرة العربية دوراً هاماً في استقرار القبائل في هذه البقعة من الأرض أو تلك، وسكان تِهَامَة بشكلٍ عامّ وسكان وادي يَلَمْلَم بشكلٍ خاصّ لم يشذوا عن هذه القاعدة، فالتكتل القبلي واضح في الأماكن المأهولة من الوادي.

وكيف ما كان فالقبائل التي سكنتْ ولا تزال تسكن وادي يَلمْلَم، ما يلي:

  1. قبيلة بني سفيان، وتسكن في قرية الشفا الواقعة في طرف الوادي الشمالي.
  2. قبيلة فَهْم، وتسكن في قرية يَلمْلَم الواقعة جنوب قرية الشفا وشمال قرية السَّعْدِيَّة.
  3. قبيلة الجحادلة، وتسكن في قرية السَّعْدِيَّة الواقعة طرف الوادي الجنوبي.
  4. أشراف الشنابرة، ويسكنون في قرية سَعيا الواقعة في أقصى طرف الوادي الجنوبي.

ويعمل أهل الوادي في تربية المواشي، والزراعة، وعمل الفحم إلّا أنّ الكثير منهم اتجهوا للعمل في محافظات: مكة المكرمة، والطائف، وجدة، والليث، بسبب قلّة فرص العمل.

والجدير بالذكر ـ هنا ـ أنّ الشاعر الجاهلي ثابت بن جابر المعروف بـ (تأبط شراً) ينتمي إلى قبيلة فهم.

 

آبار وادي يَلَمْلَم:

يوجد في وادي يَلمْلَم آبار كثيرة، ولعلّ أشهرها بئر (حميمة) وهي مفيدة لعلاج الحساسية، وبئر (غمرة) يقال إنّها من أقدم الآبار بالمنطقة وماؤها صالح للشرب وهي البئر التي كان يستخدمها حجاج بيت الله الحرام، ولا يُستبعد أن تكون إحدى الآبار التي حفرها الإمام علي7؛ لأنَّه7 كان قد عقد نية الحجّ في يَلمْلَم.[74] ولا يُستبعد أن تكون هي البئر التي ذكرها المؤرخ الخزرجي وهو يصف رحلة أحد سلاطين الدولة الرسولية: «ثم ارتحل السلطان فأَمسى على بئر علي7 أول ليلة من ذي الحجة فاصبح يومه هنالك ثم سار فكان وصوله مكة ليلة الأربعاء الثاني من ذي الحجة فدخل مكة عشاءً».[75]

جبال وادي يَلمْلَم:

يحيط بوادي يَلمْلَم سلسلة من الجبال ومن جهتيه، ولعلّ أشهرها جبل يَلمْلَم ويسمّى جبل الحرقفة أيضاً، ومن جبال وادي يَلمْلَم، ما يلي: جبال الحَمرِيّة[76]، وجبال هبهب، وجبال طلان، وجبال الصعب، وجبال الأساير، وجبل وقر، وجبل العارض، وغيرها.

أصول وادي يَلمْلَم:

تسيلُ أصول وادي يَلمْلَم من أعلى جبال تِهَامَة (جبال السـروات) على ارتفاع 2500 متر فوق سطح البحر ومن منطقة الشفا وبلاد هُذيل بالتحديد، وهي في الأعلى على شكل رقم سبعة، ولهذا له أصلان:

  • أحدهما ينحدر من منطقة الشفا بالطائف على بُعد 60 كم من مكة.
  • والثاني يقع شمالا عن منطقة الشفا بحدود 10 كم في بلاد هُذيل، أي على بُعد 50 كم من مكة.

ثم يجتمع هذان الأصلان (الواديان) في وادي واحد فينهمر بين جبال مُقْفِرَة موحشة (عقبة الحرف) إلى أن يصل قرية يَلمْلَم ثُمّ يتجه إلى قرية السَّعْدِيَّة ثُمّ قرية سعيا إلى أن يصب في الرمال الساحلية (خَبْت الغُصْن)، ولأنّ المنطقة رملية فمن النادر أن يصل البحر الأحمر. انظر شكل رقم (2)، ورقم (5).

فأصل أو أعلى أو بداية هذا الوادي من (مركز الشفا، وبلاد هُذيل) في محافظة الطائف، وأسفله أو نهايته في منطقة تُسمّى (خَبْت الغُصْن) إلى أن يصب في البحر الأحمر في منطقة تُسمّى المجيرمة.[77]

وفي منتصف المسافة ـ تقريباً ـ بين أعلى الوادي وأسفله يقع (مركز أو قرية يَلمْلَم) وهي: مَحرم حجاج أهل اليَمَن في عهد رسول الله9.

ولهذا يُعد ميقات يَلمْلَم أقرب المواقيت إلى مكّة بالنظر للمسافة بين أعلاه (مركز الشفا، وبلاد هُذيل) وبين مكة.

بقي أن أشير ـ هنا ـ إلى أنّ القائلين بأنّ المسافة بين ميقات يَلمْلَم ومكة تساوي مرحلتين (100كم) نظروا للمسافة بين قرية يَلَمْلَم ومكة، لا المسافة بين طرف الوادي العلوي ومكة البالغة 60 كم تقريباً، ولا المسافة بين طرف الوادي السفلي ومكة البالغة 125كم تقريباً. انظر الشكل رقم (1).

روافد وادي يَلمْلَم:

لأنّ وادي يَلمْلَم من أودية تِهَامَة الطويلة فمن الطبيعي جداً أن تكون له روافد كثيرة وهي ما تجعل من سيله جارفاً، ويتكون وادي يلملم من ثلاثة أودية رئيسية:

وادي حُثُن: ويُسمّى في أعلاه وادي الحَوِيَّة، وفي وسطه وادي المُرَّة، وفي أسفله وادي الصَّوْح،[78] ووادي وَدْيان، ووادي الأزْحَاف.

ويرفد وادي يَلمْلَم من جهة اليسارـ على سبيل المثال ـ: وادي الحشا، ووادي نَيان، و وادي الرّضعة، و وادي الرنيفة، و وادي المضيق،  و وادي ضحا، و وادي الفُرعة، و وادي نجُل، وغيرها.

ويرفده من جهة اليمين ـ على سبيل المثال ـ: وادي نيات، و وادي هروب، و وادي ذي البراك، وغيرها.

أبعاد وادي يَلمْلَم:[79]

  1. يبلغ طول الوادي 94 كم تقريباً.
  2. ويبلغ محيط الوادي 243 كم تقريباً.
  3. وتبلع مساحة الوادي 1639 كم تقريباً.

أمكنة مِيقَات يَلمْلَم:

يضم وادي يَلمْلَم ثلاثة أمكنة أحرم منها الحجّاج ـ عبر التاريخ ـ، وهي:

  1. قرية يَلمْلَم: وهي أوّل مكان أحرم منه حجّاج اليَمَن، وفيه يقع جبل يَلمْلَم، وتبلغ المسافة بين هذه القرية ومكة المكرمة 108 كم تقريباً.
  2. قرية السَّعْدِيَّة: وهي ثاني مكان أحرم منه حجّاج اليَمَن، وتبلغ المسافة بين هذه القرية ومكة المكرمة 100 كم تقريباً.
  3. قرية سَعيا: وهي المكان الذي يُحرم منه الحجّاج حالياً ويقع مسجد المِيقَات الحالي على يمين الطريق الساحلي للقادم من اليَمَن، وتبلغ المسافة بين هذه القرية ومكة المكرمة 127كم تقريباً.

ولأنّ قرى يَلمْلَم، والسَّعْدِيَّة، وسَعيا جميعها تقع داخل حدود وادي يَلمْلَم، فالإحرام من جميعها يكون نصًّا لا مُحاذاة على مبنى القائلين بأنّ الوادي بأكمله ميقات. انظر شكل رقم (1 و2 و5 و6).

أولاً: قرية يَلمْلَم:

يَلمْلَم: قَرْيَة صغيرة تتبع إلى محافظة الليث إدارياً التابعة لإمارة منطقة مكَّة المكّرمة، تقع على بعد 94 كم شمال محافظة الليث، و104 كم جنوب مدينة مكة المكرمة، وبها مجمعان تعليميان للبنين والبنات، ومركز صحي، ومكتب للبريد، وجمعية البر الخيرية، ومحطّة وقود وبعض المطاعم والبقالات والورش الصغيرة والبيوت المتناثرة هنا وهناك.

ويتبع قرية يَلَمْلَم باعتبارها مركز عدد من القرى، ومنها: قرى الرنيفة، ونيات، والحمراء، ووديان، والأزحاف، وقرنا، وأبوان.

والجدير بالذكر هنا أنّ القَرْيَة لم تَعد في وقتنا الحالي مَحرمًا إلّا لأهلها ولأبناء القرىٰ والأرياف حواليها، بعد أن تحوّل مكان الإحرام إلى قرية السَّعْدِيَّة ومن ثمّ إلى قرية سعيا.

 

 

شكل رقم (1): الموقع الجغرافي لوادي يَلمْلَم ويظهر على الخريطة الطريق الساحلي المار بأسفل الوادي، وقرى: الشفا، ويَلمْلَم، والسَّعْدِيَّة. مصدر الخريطة: دراسة الباحث: علي صبياني.

 

 

شكل رقم (2) يظهر في الخريطة موقع الميقات الحالي (سَعيا) في أسفل وادي يَلمْلَم. مصدر الخريطة: دراسة الباحثة آمنة.

 

شكل رقم (5): يظهر فيها موقع (خَبْت الغُصْن)، والطريق الساحلي المار بالقرب من الميقات الجديد، الواقع على الطرف الجنوبي لوادي يَلمْلَم. مصدر الخريطة: (هيئة المساحة الجيولوجية السعودية).

 

شكل رقم (6) صورة فضائية يظهر فيها الطريق المُعبد بين قرى يَلمْلَم، والسَّعْدِيَّة، وسَعيا. ويظهر في الصورة أيضاً طريق عقبة الحرف،[80] الرابط بين قرية الشفا التابعة لمحافظة الطائف وقرية يَلَمْلَم التابعة لمحافظة الليث.

 

 

جبل يَلمْلَم (الحرقفة)

 

 

 

 

قرية يَلمْلَم ويظهر في الصورة مسجد الميقات.

 

 

 

بئر غمرة

 

وادي يَلمْلَم

 

 

صورة عفوية حديثة يظهر فيها ما يشبه قوافل الحجاج قديماً وهي تقطع وادي يَلمْلَم باتجاه مكّة المكرمة.

ثانياً: قرية السَّعْدِيَّةِ:

السَّعْدِيَّةِ: قرية صغيرة من قرى قبيلة الجحادلة تقع في أسفل وادي يَلَمْلَم جنوب مكة تقع على بُعد 85 كم شمال شرق محافظة الليث و100 كم جنوب مدينة مكة المكرمة،[81] ويتبعها قريتان، هما: طفيل: وتقع على بُعد 18 كم غرب المركز. وعواها: وتقع على بُعد 12 كم شمال شرق المركز.

وموضع السَّعْدِيَّة كان مَحْرمًا لأهل اليَمَن من القرن العاشر الهجري إلى نهاية القرن الرابع عشر.

يقول المؤرخ التركي أيوب صبري باشا في كتابه مرآة جزيرة العرب، بعد أن وصف تنظيم الوزير مصطفىٰ باشا والي اليَمَن لموكب المَحْمِل الشريف باسم مَحْمَل صنعاء اليَمَن سنة 963ﻫ وكيف كان يُستقبل المحمل عند وصوله إلىٰ مكّة المكرّمة، والقرى التي يعبرها المحمل: «ثُمّ تصل مرحلة (سَعديّة) التي تُعد مِيقَات سكان تِهَامَة اليَمَن. وتعتبر مرحلة سَعديّة هذه من أكثر المراحل ماءً، وتبعد عن منزل يَلَمْلَم ثمّانية عشر ميلاً». [82]

وإلى هذا يشير الشاعر اليَمَني ابن اسحاق الصنعاني (ت1266هـ) في قوله:

وبـــعـــدَهُ ســـرنـــا إلى يَلَمْلَم

مــيــقـاتـنـا فـي قـصـدنـا لِلحـرم

وهــو يُــســمّــى الآن بــالسَّعــديّه

بـــاســـمِ بـــئرٍ عَـــذبـــةٍ هـــنــيَّه

ومن أشهر معالم السَّعْدِيَّة: مسجد المِيقَات، وبئر السَّعْدِيَّةِ، وجبلا شامة وطفيل.

مسجد ميقات السَّعْدِيَّة: ويسمى مسجد المِيقَات القديم، ومسجد معاذ بن جبل، وهو المكان الذي كان يُحْرم منه سالكو طريق اليَمَن التِهَامي منذ بداية القرن العاشر الهجري وحتّى بداية القرن الخامس عشر الهجري.

بئر السَّعْدِيَّة: وهي بئر قديمة عليها مضخة كهربائية تنقل الماء إلىٰ خزان منصوب علىٰ حافة الوادي اليسرى، وقيل إنَّ العامر لهذه البئر أو الآمر بها الإمام علي صلوات الله عليه،[83] وقيل إنّ العامر لها محمد بن علي خان أحد سلاطين الهند عام 1211هـ، استناداً للوحة عُثر عليها ملصقة على الجدار الداخلي للبئر.

والراجح عندي أنّ العامر للبئر الإمام علي7 وأنّ سلطان الهند

قد أعاد تعميرها، وما يرجح ذلك بئر البيضاء الموجودة في وادي يَلَمْلَم التي قيل إنَّها من تعمير الإمام علي7 أيضاً.

جبلا شامة وطفيل: من أشهر جبال وادي يَلمْلَم، وهما اللذان ذکرهما بلال بن رباح، بقوله:

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَن لَيْلَةً       بِفَخّ وَحَوْلِي إذْخِرٌ وَجَلِيلُ

وَهَلْ أَرِدَن يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنّةٍ            وَهَلْ يَبْدُونْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ

 

 

بئر السَّعْدِيَّة التي قيل إنَّ العامر لها الإمام علي7 ويظهر في الخلف مسجد الميقات أو مسجد معاذ بن جبل.

 

 

 

صورة حديثة لبئر السَّعْدِيَّة ومسجد الميقات

 

ثالثاً: قرية سَعيا:

سَعْيَا: بفتح السين وسكون العين ثم ياء مفتوحة بعدها ألف، قرية صغيرة تقع في أسفل وادي يَلَمْلَم على بُعد 60 كم شمال مدينة الليث، وعلى بعد 125 كم من مكّة، وهي بالأصل وادٍ للأشراف الشنابرة جنوب ميقات يلملم، ليست به زراعة وأرضه كثيرة الساقي لقربه من البحر، ومن أشهر معالمها مسجد المِيقَات الحالي. انظر الشكل رقم (2).

والقرية من قرى وادي يَلَمْلَم القديمة فقد ورد ذكرها في الشعر الجاهلي، وفي هذه القرية كان يعيش الشاعر الجاهلي تَأبَّط شرّاً.

 

قالت جنوب الهذلية ترثي أخاها عمرو بن العجلان الكاهلي:

أَبلِغ بَني كاهِلٍ عَنّي مُغَلغَلَةً

وَالقَومُ مِن دونِهِم سَعيا وَمَركوبُ

أَبلِغ هُذَيلاً وَأَبلِغ مِن يَبَلِّغَها

عَنّي رَسولاً وَبَعضُ القَولِ تَكذيبُ

بِأَنّ ذاَ الكَلبِ عَمراً خَيرُهُم نَسَباً

بِبَطنِ شَريانَ يِعوي عِندَهُ الذيبُ.[84]

فَلَم يَرَوا مِثلَ عَمرٍو ما خَطَت قَدَمٌ

وَلَن يَرَوا مِثلَهُ ما حَنَّتِ النِيَبُ

فَاِجزوا تَأَبَّطَ شَرّاً لا أَبا لَكُم

صاعاً بِصاعٍ فَإِنَّ الذُلَّ مَعتوبُ

 

ويقول ساعدة بن جؤية الهذلي يصف غَيْثاً:

 

لما رأى نَعْمان حَل بِكُرْفِىء

عَكْرٌ كما لبخ البَزُول الأرْكَبُ

فالسدر مختلجٌ وأُنزل طافياً

ما بين عين إلى نباتى الأثابُ

والأثل من سَعْيا وحَلْيَة منزلٌ

والدَّومُ جاء به الشجون فعُلْيَبُ

 

صورة حديثة لمسجد المِيقَات الحالي في قرية سَعيا ويظهر في الصورة رفيقا الرحلة السيد الدكتور عادل والأستاذ مرزوق ويتوسطهما الشريف سامي الشنبري.

 

الطرق إلى ميقات يَلَمْلَم:

تعددت طرق الحجّ اليَمَنية واختلفت مساراتها، وتعددت كذلك المدن التي تسير منها، ولعل أهم المدن اليَمَنية التي كانت تنطلق منها جموع الحجاج اليَمَنيين إلى مكة هي عدن، وتعز، وصنعاء، وزبيد، وصعدة.

ويُعتبر الطريق الساحلي الدولي الذي يربط اليَمَن بالسعودية من جانب والسعودية بالأردن من جانب آخر من أسهل الطرق من اليَمَن وجنوب المملكة إلى سعيا حيث يوجد مسجد الميقات الحالي.

وكيف ما كان فالطرق من اليَمَن إلى مكة ـ بشكلٍ عامّ ـ عبارة عن أربع طرق: أحدها ساحلي ويَمُرّ بميقات يَلَمْلَم، والطرق الأُخرى داخلية وتمر بميقات قرن المنازل: 

الطَّرِيق الساحلي المار بميقات يَلَمْلَم: يبدأ من منفذ الطوال ـ منفذ المملكة مع شمال اليَمَن ـ ويتجه شمالاً بمحاذاة ساحل البحر الأحمر ماراً بمدينة جازان، ومدينة القنفذة، ومدينة الليث حتّى يصل ميقات يَلَمْلَم الحالي الواقع بقرية سَعيا ومنه إلى مكة.

الطرق الداخلية المارة بميقات قرن المنازل (السيل الكبير): وهي عبارة عن طريقين أحدهما للقادم من جنوب اليَمَن والآخر للقادم من شمال اليَمَن:

الطريق الاوّل: يبدأ من منفذ الوديعة ـ شرورة ـ تثليث ـ بيشة ـ الطائف ـ السيل الكبير ـ مكة.

الطريق الثاني: يبدأ من منفذ الطوال ثُمّ ينقسم إلى مسارين على النحو التالي: 1. المسار الأوّل: أبها ـ الباحة ـ الطائف ـ السيل الكبيرـ مكة. 2. المسار الثاني: خميس مشيط ـ بيشة ـ الطائف ـ السيل الكبيرـ مكة. أنظر شكل رقم (7).

 

شكل رقم (7) صورة فضائية حديثة للطرق الرابطة بين اليَمَن والسعودية، ويظهر فيها الطرق الداخلية المارة بميقات قرن المنازل، والطريق الساحلي المار بميقات يَلَمْلَم.

بقي أن أشير إلى أنه يوجد طريق تُـرابي يُعرف بطـريق عقبة الحرف ـ طريق جبلي وعر وخطير جدّاً ـ يربط بين قرية الشفا في الطائف وقرية يَلمْلَم ويبلغ طوله 20 كم تقريباً.

 

يَلَمْلَم في الأدب العربي:

بعد هذا التطواف العلمي حول وادي يَلَمْلَم الذي يحتضن ميقات يَلمْلَم لابُدّ من الترويح بتطوافة أدبية نذكر فيها بعض الشعر العربي، فقد تغنىٰ الشعراء العرب بوادي يَلَمْلَم مثله مثل غيره من أودية الحجاز، ومنه:

قول حسان بن ثابت:

وَلَو وُزِنَت رَضوى بِحِلمِ سَراتِنا

لَمالَ بِرَضوى حِلمُنا وَيَلَملَمِ

 

وقول العجلاني:

فمداريجها يَلَمْلَم فالعُمـ ... ــــــق فتلكَ السواحل اليَهمَاء

 

وقَولَ صَخْرُ الغَيِّ الهذلي يصف سحاباً:

فأَصْبَحَ مَا بَيْنَ وَادِي القُصُو ... رِ حَتَّى يَلَمْلَم حَوْضاً لَقِيفَا

 

وَقَالَ قَيْسُ بنُ زُهيْرٍ العبْسِيُّ:

كَأَنِّي إِذ أَنَخْتُ إِلى ابْنِ قُرْطٍ

عقَلْتُ إِلى يلَمْلَمَ أَوْ نَضَادِ

 

وقَول عَبَّاس بن مِردَاس يَمْدَحُ رَسُولَ الله9:

أَطَعْنَاك حَتَّى أَسلَمَ النَّاسُ كُلُّهُم

وَحَتَّى صَبَحنَا الجَمعَ أَهلَ يَلَمْلَمَا

وقول أبي دَهْبل الجُمَحي يصف ناقةً له:

خَرَجْتُ بِها مِنْ بَطنِ مكَّة بَعدَما

أصَاتَ المُنَادي لِلصَلاة وَأعْتَما

فَمَا نَامَ مِنْ راَعٍ وَلا ارْتَدَّ سَامِرٌ

مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى جَاوَزَتْ بي يَلَمْلَمَا

وقول سَلْمى بن المُقَعد القُرمي:

إنَّا نَزَعْنا مِنْ مَجالِسِ نَخْلَةٍ

فنُجيزُ من حُثُنٍ بَيَاضَ ألمْلَمَا

 

وقول طُفيل الغنوي:

وسَلهَبَة ٌ تَنضُو الجِيادَ كأنَّها

رادة تدلتْ من فروع يَلَمْلَمِ

 

وقول ابن مُقبل:

تُراعي عنودًا في الرداة كأنها

سُهَيْلٌ بَدَا في عَارِضٍ مِنْ يَلَمْلَمَا

 

وقول السيد جعفر الحلّي:

والليلُ يَشهدُ لي بأنيَّ ساهرٌ

إن طابَ للناسِ الرُّقادُ فهوَّموا

مِنْ قُرحَةٍ لَوْ أنها بيَلمْلَمٍ

نَسِفَتْ جوانِبَهُ وساخَ يلَملَمُ

 

وقول أبي تمام:

وَلَقَد جَهَدتُم أَن تُزيلوا عِزَّهُ

فَإِذا أَبانٌ قَد رَسا وَيَلَملَمُ

 

وقول السيد حيدر الحلّي:

أما وساعتك التي بيَلمْلَم

زالت وما أعنى سواك يَلمْلَما

 

وقول أديب مكة عبد العزيز الزمزمي:

ألمت بنا الأفراح لما تباشر

وصاحت حداة الركب هذي (يَلَمْلَم)

أنيخوا المطايا وانزلوا وتغسلوا

وصلوا ولبوا خاضعين وأحرموا

 

وقول الشاعر المعروف أبي العلاء المعري:

تَمَنّيتُ أنّي من هِضابِ يَلمْلَم

إذا ما أتاني الرُّزْءُ لم أتَلَمْلَمِ

 

وقول السَّيِّد المرتضى:

وَلَك المدائنُ والسفائنُ كلُّها

وَله يلمْلَم والجنوبُ إِلَى قَرَنْ

 

وقول الشريف الرضي يرثي والده:

اليوم أغمدتُ المُهندَ في الثَرى

ودَفَنتُ هَضْبَ مَتالع ويَلَمْلَم

 

وقوله الآخر:

إنّي وإن ضرب الحِجابُ بطودِه

أو حَال دُونك يذبلٌ ويَلمْلَم

 

وقول الوزير أبي منصور محمد بن الحسن:

إلىٰ كم تَصبّاني الغواني وبينها

وبيني عفاف مثلُ طود يَلَمْلَم

 

 

وقول ابن المنجم المصري:

تمُرّ سفيهاتُ الرياحِ عواصفاً

فهل زعزعتْ ضَعْفاً نبات يَلَمْـلَـمِ

 

 

وقول ابن إسحاق الصنعاني (ت 1266هـ):

وبـــعـــدَهُ ســـرنـــا إلى يَلَمْلَم

مِيقَاتـنـا فـي قـصـدنـا لِلحـرم

وهــو يُــســمّــى الآن بــالسَّعــديّه

بـــاســـمِ بـــئرٍ عَـــذبـــةٍ هـــنــيَّه

 

وقول الشيخ محمد حسين شمس الدين يرثي ابن عمّ له:

يا طود هاشم كيف صدعك الردى

وذراك امنع من هضاب يَلَمْلَم

 

وقول الشيخ أحمد بن مهدي الخطي القطيفي:

فلا صلح حتى يستزل يَلَمْلَم

وحتى يعود القارضان لمن يرى

 

 

 

رأيان محوريان:

بعد هذا التطواف العلمي حول يَلَمْلَم، يبقى السؤال الأهم:

هل ميقات أهل اليَمَن هو: خصوص جبل يَلمْلَم أم وادي يَلمْلَم بأكمله؟

أخال أنّ الإجابة عن السؤال تقتضـي من ناحية منهجية الرجوع أولاً للروايات الشريفة حول المواقيت ـ بشكلٍ عامّ ـ لمعرفة إذا ما جاء فيها ذكر يَلمْلَم على وجه الإطلاق أم مُقيداً.

وإذا ما دققنا النظر في الروايات الشريفة سوف نلاحظ أنّها لم تُقيد الإحرام من يَلَمْلَم بموضوع محدد كما هو الحال في ميقات ذي الحُلَيْفَة عندما قيدته بمسجد الشجرة، أو في ميقات العقيق عندما قيدته ببريد البعث والمسلح وغمرة، وفي هذا دلالة واضحة على أنّ وادي يَلَمْلَم بأكمله يصحُّ أن يكون مَحْرَماً وليس سفح جبل يَلَمْلَم فقط.

وطبيعي جدّاً أن تكون المواقيت هي الأودية بأكملها مكاناً للإحرام خصوصاً إذا ما علمنا أنّ القافلة الواحدة قديماً كانت تضمّ الآلاف من الحجّاج، والمئات من الإبل التي كانت تقلهم مع أمتعتهم إلى مكة المكرمة، والتاريخ يذكر هكذا قوافل وما كانت تتعرض له هذه القوافل من سلب وقتل.

وهذا العدد الكبير من الناس والإبل من المؤكد أنهم بحاجة لمكان واسع ومريح ـ يسمى عند أهل الحجاز بالمراح ـ وسفح جبل يَلَمْلَم كما شاهدناه لا يشكل مراحاً بالنسبة لهذا العدد الكبير.

والقوافل قديماً تفضل أن تسلك أيسر الطرق ولأنّ قرية السعدية تقع داخل حدود وادي يَلَمْلَم والوصول لها أسهل أصبحت مَحرماً لأهل اليَمَن ومن يَمُرّ على الطريق الساحلي بدلاً من قرية يَلَمْلَم.

ومراد أهل تِهَامَة من يَلَمْلَم هو الوادي وليس الجبل، وهذا ما سيتضح من قول الشيخ البسّام ورأي السيد العاملي.

 

رأي الشيخ البسّام (ت 1423هـ):

يقول الشيخ البَسّام:.. وبعد التجول في المنطقة ـ يعني المنطقة التي يقع فيها وادي يَلَمْلَم ـ والمشاهدة وتطبيق كلام العلماء وسؤال أهل الخبرة والسكان تقرر لدينا: أنَّ مسمّى يَلمْلَم الوارد في الحديث الشـريف ميقاتاً لأهل اليَمَن ومن أتى عن طريقهم هو كُلّ هذا الوادي المعترض لجميع طرق اليَمَن الساحلي وساحل المملكة العربية السعودية، وأنَّ الاسم عليه من فروعه في سفوح جبال السراة إلى مصبِه في البحر الأحمر، وأنه لا يحلّ لمن أراد نُسكاً ومرّ به أن يتجاوزه بلا إحرام من أي جهة من جهاته وطريق من طُرقِه.

ويضيف:.. وجميع مواقيت الإحرام أودية عظام ولذا فإنّ الاحتياط أن يُحْرِم الحاج أو المُعتمر من الضفة التي لا تلي مكّة من الوادي لئلا يُعتبر متجاوزاً للميقات. [85]

 

رأي السيّد العاملي (ت 1139هـ):[86]

لا يرى السيّد العاملي المكي قصر الميقاتية على جبل يَلَمْلَم، وذلك لعدة أسباب، منها:

  1. لأنّ يَلَمْلَم في عُرف أهل تِهَامَة هو: اسم وادٍ عظيم ممتدّ تحت ذلك الجبل وفيه قرية هي منزل من منازل اليَمَن ويسمّى الآن بالسَّعْدِيَّةِ، ويطلقون عليها أهل البادية وأعراب تلك الجهة اسم يَلَمْلَم تسمية باسم الجبل، كما سُمّي قرن المنازل: وهو وادي باسم جبل صغير هناك.

2.ولإجماع الناس على الإحرام من هذا الوادي المُسمّى بيَلَمْلَم وبالسَّعْدِيَّةِ، ولم ينقل عن أحدٍ من الفقهاء ولا غيرهم ذكر اختصاص الميقاتية بالجبل، كما ذكروا ذلك في مسجد الشجرة من ذي الحُلَيْفَة.[87]

  1. ولأنّ نصوص أهل اللُّغة تدلّ على صدق يَلَمْلَم على المنزل والوادي، ففي نهاية ابن الأثير: (وهو ميقات أهل اليَمَن، بينه وبين مكة ليلتان).[88] وهو ظاهر في إرادة المنزل، ولو كانت الميقاتية مُختصة بالجبل لذَكره، وكذا لو كان في عهد النبيّ9.[89]

وأخال أنّ تبني السيّد العاملي القول بأنّ يَلَمْلَم وادٍ من أودية تِهَامَة يعود إلى كونه عاش في مكة فترة طويلة من حياته إلى أن توفّي بها، فهو ابن مكة وأهل مكة أدرى بشعابها ـ كما يعبرون ـ.

 

والراجح عندي أنّ المُراد من يَلمْلَم ـ كموقع جغرافي على سطح الأرض ـ هو وادٍ من أودية تِهَامَة.

 

نتائج الدراسة:

  1. يَلَمْلَم: اسم وادٍ من أودية تِهَامَة العظام.
  2. جبل يَلَمْلَم: جبل من جبال وادي يَلَمْلَم.
  3. يبلغ طول وادي يَلَمْلَم 94 كم تقريباً.
  4. أنَّ قريتي السَّعْدِيَّة، وسَعيا (موضع الميقات الحالي) تقعان داخل حدود وادي يَلَمْلَم.
  5. أنّ الإحرام من قرى يَلَمْلَم، والسَّعْدِيَّة، وسَعيا يكون نصًّا لا محاذاة باعتبار أنّ وادي يَلَمْلَم ميقات بأكمله وليس خصوص الجبل الواقع في قرية يَلَمْلَم.
  6. أنّ قرى يَلَمْلَم، السَّعْدِيَّة، سَعيا وما حواليها من قرى تمثل الجزء المأهول من وادي يَلَمْلَم، والمنطقة الواقعة بين قرية الشفا في الطائف وقرية يَلَمْلَم (عقبة الحرف) الجزء غير المأهول من وادي يَلَمْلَم.

وأخيراً:

بما أنَّ وظيفة الفقيه هي بيان الحُكم الشـرعي، وأنّ وظيفة المُكلّف تشخيص موضوع الحُكم، أرى أن يقتصـر الفقيه في منسكه على بيان الحكم الشـرعي ويحيل موضوع الحكم إلى مراكز دراسات الحجّ؛ لأنّه من الصعب عليه أن يُلم بكُلّ ما طرأ ويطرأ على مواقع المواقيت من تغيرات، فبعض المواقيت تغيرت أمكنتها عبر الزمن غير مرة ولغير سبب، والطرق المؤدية إليها تتغير أيضاً وباستمرار خصوصاً في عصـرنا الحالي.

والحمد لله ربّ العالمين

 

[1] . المواقيت: جمع ميقات، والمراد منه الأمكنة المعينة ـ شرعاً ـ للإحرام.

[2]. الوسائل، 11: ، الباب الأول من أبواب المواقيت، صحيح أبوحسن الحلبي.

[3]. ينظر دراستنا الميدانية لميقات العقيق الصادرة عن دار الولاء في بيروت، والمنشورة في العدد 159من موسوعة الموسم الهولندية، وفي العددين55و56من مجلة ميقات الحج الصادرة في قم المقدسة.

[4]  الشيخ البَسّام (ت1423هـ): فقيه ومؤرخ سعودي، رئيس محكمة التمييز بمكة المكرمة من 1400هـ وحتى عام 1417هـ، وله العديد من المؤلفات الفقهية.

[5] . الوادي: أُخْدُودٌ كبيرٌ بين الجبال، تسيلُ فيه روافدُ عديدةٌ؛ فيؤدِّي ماؤها إلى فضاءٍ أوسعَ، أو إلى البحر. وتختلف الأودية من ناحية السعة والضيق والطول، والعمق، وتبعاً لذلك تختلف كمية المياه المتجمعة في الأماكن المنخفضة منها أو في جوفها أيضاً، وللاستفادة من مياهها في فصل الصيف فقد عمد العرب قديماً إلى تعمير الآبار وعمل البرك قرب الأودية والسكن بقربها. ولهذا نجد أنّ الأودية تضم العديد من القرى والهجر، فعندما يقول أحدهم، على سبيل المثال: وادي فاطمة، أو وادي الفرع، أو وادي القاحة، أو وادي الجُحفة، أو وادي الأبواء فإنّهم يعنون بذلك الوادي نفسه والقرى التابعة له.    

[6]. تِهَامَة: الأرضٌ المنخفضةٌ بين ساحل البحر والجبال، والمراد منها هنا: الأرضٌ المنخفضةٌ التي تبدأ من مكَّة شمالاً إلى صنعاء جنوبًا، والجمع: تَهائمُ، ولهذا يصحّ القول بأنّ: يَلمْلَم وادٍ من أودية تِهَامَة، ويصحّ كذلك القول بأنّ: يَلمْلَم جبل يَلمْلَم من جبال تِهَامَة، والنسبة إِلى تِهَامَة: تِهاميٌّ،ٍ ومنه قولنا: النّبيّ التِهاميّ9؛ لأنّ النبيّ9 من مكة المكرمة ومكة من مدن تِهَامَة.

يقول الشاعر البرعي: تصلى الحنينَ إلى غويرِ تهامة ٍ… هيهاتَ منكَ تهامة ٌ يا منجدُ

[7] . المُحَاذاة: في اللغة تعني الموازاة، وفي المصطلح الفقهي هي مكان للإحرام في الحجّ والعمرة فإذا وقف الحاج أو المعتمر مقابل الكعبة الشريفة يكون الميقات عن يمينه أو شماله مع عدم البعد الكثير.

[8] . الخبت: الأرض الرملية الواسعة، والغصن: نبات بري.

[9]  معجم العين،  8 : 323.

[10]  قال الزبيدي في التاج: «ويَلَمْلَمُ أوْ ألَمـْلَمُ أوْ يَرَمْرَمُ، الثَّانِيَةُ على البَدَلِ: (مِيقَاتُ) أَهْلِ (اليَمَن) لِلإحْرامِ بالحَجِّ، وَهُوَ (جَبَلٌ على مَرْحَلَتَيْن منْ مَكَّة)، وَقد وَرَدْتُه». وعلَّق الشيخ عبد الله البَسّام القاضي بمحكمة التمييز في مكّة المكّرمة على كلام الزبيدي، بقوله: والغريب أنَّ الزُبيدي شارح القاموس: مُحْرِمٌ من هذا الوادي ـ كما ذكر ـ ولكنه لم يبسط عليه ولم يُفدنا عنه رحمه الله وسامحه. مجلة العرب، العدد 18، سنة 1983م.

[11]. يقول سماحة سيدي الوالد1: «سمعتُ عند زيارتي للمنطقة من بعض أفراد قبيلة (فَهْم) القاطنين في أرض (الوَدْيان) من مركز يَلَمْلَم ثلاث لهجات، هي: يَلَمْلَم وألَمـْلَم، ومَلَمْلَم»، ينظر: بحوث فقهية معاصرة، :91، مركز الغدير للنشر، بيروت.

[12] . الحاوي الكبير، للماوردي، 4: 67.

[13] . صفة جزيرة العرب، للهمداني، :326.

[14] . حاشية الجمل على شرح المنهج، للعجيلي الأزهري المعروف بالجمل، 2: 402.

[15] . عبد الملك بن صالح بن العباس: أمير من بني العباس، ولاه الهادي إمرة الموصل سنة 169 هــ، وعزله الرشيد سنة171هـ، ثم ولاه المدينة، وبلغه أنه يطلب الخلافة، فحبسه ببغداد سنة 187هـ، ولمـّا مات الرشيد أطلقه الأمين وولّاه الشام فأقام بالرّقة أميراً إلى أن توفّي.

[16] . الكامل في التاريخ، لابن الأثير، 6: 182.

[17] . نكيف: كوصيف، ويوم نكيف أو ذي نكيف وقعة حصلت بين قريش وكنانة، وكان قائد قريش يومئذ المطلب بن عبد مناف، معجم البلدان 8: 315.

[18] . تقدر المرحلة أو الليلة بــ (50 كم) وقد تنقص أو تزيد قليلاً؛ نظرًا لاختلاف سرعة وسائل النقل وسهولة أو وصعوبة الطرق التي كانت تسلك قديمًا.

[19] . قلنا: (عبر طريق تهامة)؛ لأنّ لليمن طريقين إلى مكة ـ كما سيتّضح لاحقاً ـ.

[20] . موسوعة التاريخ الإسلامي، اليوسفي الغروي، 3. 595.

[21] . التنبيه والإشراف، للمسعودي، 1: 233.

[22] . تقدر الليلة أو المرحلة بــ (50 كم) وقد تنقص قليلاً؛ نظرًا لاختلاف سرعة وسائل النقل وسهولة أو وصعوبة الطرق التي كانت تُسلك قديمًا.

[23] . معجم ما استعجم، للبكري،  2: 1398.

[24] . معجم البلدان، للحموي،  5: 411.

[25] . حاشية الجمل على شرح المنهج، للعجيلي الأزهري المعروف بالجمل، 2: 402.

[26] . المعجم الكبير، مادة أَلَمـْلَم.

[27]  محيط المحيط، مادة لملم.

[28] . المصباح المنير، مادة ألم.

[29] . الروض المعطار في خبر الأقطار،  1: 619.

[30] . شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، أبو الطيب المكي الحسني الفاسي،  1: 38. ويعد هذا الكتاب من المصادر الأصلية بعد كتاب الأزرقي صاحب أخبار مكة، والفاكهي صاحب كتاب تاريخ مكة.

[31] . معجم البلدان، للحموي، 5: 411.

[32] . بلاد العرب، محمد حسن الأصفهاني، 1: 22.

[33] . إصلاح المنطق، لابن السكيت، 1: 122.

[34] . الأمكنة والمياه والجبال والآثار ونحوها المذكورة في الأخبار والآثار، نصر بن عبدالرحمن الإسكندري، 2: 227.

[35] . المعالم الأثيرة في السنة و السيرة، محمد حميد الله،  1: 301.

[36] . معجم معالم الحجاز،  10: 28ـ 29. (بتصرف قليل). ويتحسر المؤرخ البلادي لما حلّ بميقات يَلَمْلَم الأصلي، بقوله: «وإنَّهُ ليَحزُّ في النَّفْس أن يُنسى دربُ اليمن القديم الذي كان مهلاًّ وملبّىً لوفود بيت الله منذ أن أُذِّنَ أنّ البيت محجوج، وهو يَمُرّ بقرى أصبح أهلها يرحلون لينزلوا على الطَّرِيق الجديد في مواضع ليس فيها ما يصلح للنُزل إلّا هذا الأسفلت الذي أصبح في الصحراء يشبه ماء الحياة. وسيندثر مَحْرَم يَلَمْلَم قريباً فيصبح كالجُحْفَة أثراً بعد عين، وستموت محطّات سعيا والخضـراء وغيرها».

[37] . العقود اللؤلؤيه في تاريخ الدوله الرّسوليه، للحسن بن علي الخزرجي، تحقيق: محمد بن علي الأكوع، 2: 66.

[38] . ينظر: دراسة الماجستير المقدمة من الطالبة آمنة بنت أحمد علاجي إلى قسم الجغرافيا بجامعة أُمّ القرى، بعنوان: تطبيق نظم المعلومات الجغرافية في بناء قاعدة بيانات للخصائص المورفومترية ومدلولاتها الهيدرولوجية في حوض وادي يَلمْلَم.

[39] . ينظر: دراسة باللغة الإنجليزية للباحثين: علي صبياني، وطارق بيومي من كلية علوم الأرض بجامعة الملك عبد العزيز، بعنوان: (Physiographical and Hydrological Analysis of Yalamlam Basin).

[40]. الوسائل، 11: ، الباب الأول من أبواب المواقيت، ح 2، :307.

[41]. الوسائل، 11: ، الباب الأول من أبواب المواقيت، ح 6 و7.

[42] . المقنعة، للشيخ المفيد، : 395.

[43] . الجمل والعقود في العبادات، للشيخ الطوسي،  1: 132. وانظر: المبسوط في فقه الإمامية، 1: 313.

[44] . غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع، لابن زهرة الحلبي، تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري، 1: 115.

[45] . نكت النهاية، للمحقّق الحلّي، 1: 467.

[46] . إرشاد الأذهان، للعلّامة الحلّي، تحقيق: الشيخ فارس الحسون، 1: 315. وانظر: تذكرة الفقهاء، تحقيق: مؤسسة آل البيت: لإحياء التراث، 7: 190. وانظر: مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، 4: 44.

[47] . غاية المراد في شرح نكت الإرشاد، للشهيد الأوّل، تحقيق: الشيخ رضا المختاري، 1: 389.

[48] . رسائل الشهيد الثاني، تحقيق: الشيخ رضا المختاري، 1: 339.

[49] . مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان، للمقدس الأردبيلي، تحقيق: الشيخ مجتبى العراقي، 6:179.

[50] . هداية الأُمّة إلى أحكام الأئمة، للحرّ العاملي، 5: 73.

[51] . نقلاً عن كشف اللثام، للفاضل الهندي، 5: 215.

[52] . الجواهر،  18: 113.

[53] . مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى، للشيخ محمد تقي الآملي، 12: 399.

[54] . مناسك الحجّ، للسيد صادق الروحاني، 1: 95.

[55] . السرائر، 1: 529.

[56] . القواعد، 1: 416.

[57] . مناسك الحجّ، للسيد الخوئي، 3: 73.

[58] . ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد، للسيد السبزواري، 1: 576.

[59] . مشكاة النهج إلى موجز أحكام الحجّ، للشهيد الصدر، تحقيق: جواد الفضلي، : 123، دار الولاء للنشر، بيروت.

[60]  . مناسك الحجّ، للسيد الخامنئي : 27، مسألة رقم 108.

[61] . حاشية إرشاد الأذهان، محمد بن الحسن بن المُطهر الحلّي الشهير بفخر المُحقّقين، (مخطوط) من مخطوطات مكتبة الإمام الحكيم العامة بالنجف الأشرف برقم 467 وعدد صفحات المخطوطة 374.

[62] . الشيخ محمد بن الشيخ حسن المعروف بأبي مجلي الخطي (ت قبل 1231هـ)، من أعلام القرن الثالث عشر الهجري، وأسرته من الأسر العلمية المعروفة، وكان والده قد هاجر من القطيف إلى مكة واستقر في وادي الفرع وتوفّي ودفن في وادي القاحة وقبره معروف عند أهل الوادي.

[63] . توضيح المسالك إلى أحكام المناسك، للشيخ محمد بن حسن المعروف بأبي مجلي الخطي (مخطوط)، فرغ من تأليفه 6 رمضان 1202 هـ. والنسخة المنقول عنها من نسخ: صالح بن طعان البحراني، بتاريخ 1261هـ، : 19.

[64] . سند السالكين، للشيخ محمد السند، 1: 125.

[65] . شرح زاد المسقنع، الدكتور الشيخ أحمد الخليل، 3: 58.

[66] . تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، للشيخ محمد الفاضل اللنكراني،3: 44.

[67] . الأُمّ، للشافعي، 1: 152.

[68] . طرح التثريب في شرح التقريب، زين الدين العراقي، 5: 11.

[69] . تحفة الحبيب على شرح الخطيب = حاشية البُجَيْرَمِيّ على الخطيب، سليمان بن محمد بن عمر البُجَيْرَمِيّ المصري الشافعي، 2: 443.

[70] . مناسك الحربي، :634.

[71] . تقع جبال الشفا على قرابة ٣٠ كم جنوب غرب الطائف.

[72] . جبال موحشة، وخالية من العمران تسمّى (عقبة الحرف)، وتفصل بين الشفا وقرية يَلمْلَم ويبلغ طولها20كم تقريباً.

[73] . للحصول على صور لهذه الأشجار ومعلومات مُفصلة عنها، ينظر كتاب: الغطاء النباتي للمملكة العربية السعودية، من إصدارات: المركز الوطني لبحوث الزراعة والثروة الحيوانية، تأليف: الدكتور شوكت علي شودري، والأستاذ عبد العزيز   عباس الجويد، الطبعة الثانية، 2013م.

[74] . موسوعة التاريخ الإسلامي، اليوسفي الغروي، 3: 595.

[75] . العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرّسولية، الحسن بن علي الخزرجي، تحقيق: محمد بن علي الأكوع، 2: 66.

[76] . جبال الحَمْرِيَّة: من اطول الجبال الشامخة في اعالي وادي يَلمْلَم تقع بين الرنيفة بفرع وادي الحشا ودقم العويد بفرع وادي نيات وهما اعلى فروع وادي يَلمْلَم.

[77] . ينظر: دليل هواة الرحلات البرية في المملكة العربية السعودية، الصادر عن هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، ط 2،  سنة 2004 م.

[78] .  وادي الصوح: وادٍ ضيق، يصل بين وادي حُثُن الواقع في ديار هُذيل شمالاً ووادي يَلمْلَم جنوباً، وله مخارج تصب غرب قرية يَلمْلَم الأثرية قريباً من معبر هدان الذي كان الحاج يجتازه قديماً، وهو على بُعد ١٠٠ كيلو جنوب مكة، وهو من الأودية الجميلة جداً وقد زرته في رحلتي التحقيقية الميدانية لميقات يَلمْلَم.

[79] . المعلومات عن أبعاد وادي يَلمْلَم مستقاة بشكلٍ عام من دراستين: الدراسة الأُولى: رسالة ماجستير للطالبة آمنة بنت أحمد علاجي، من قسم الجغرافيا بجامعة أُمّ القرى، بعنوان: (تطبيق نظم المعلومات الجغرافية في بناء قاعدة بيانات للخصائص المورفومترية ومدلولاتها الهيدرولوجية في حوض وادي يَلمْلَم). والدراسة الثانية: باللغة الإنجليزية للباحثين: علي صبياني، وطارق بيومي من كلية علوم الأرض بجامعة الملك عبد العزيز، بعنوان: (Physiographical and Hydrological Analysis of Yalamlam Basin).

 

[80] . العَقَبَةُ: المَرْقَى الصَّعب من الجبال، والجمع: عِقَابٌ، وفي تِهَامّة الكثير من العقبات وفي منطقة مكة المكرمة منها بالتحديد عدد غير قليل من العقبات الصعبة، ومنها على سبيل المثال: عقبة الحرف، وعقبة الهدا التي تربط الطائف بمكة، وعقبة المحمدية التي تربط الشفا بساحل البحر الأحمر وغيرها.

 

[81] . ينظر: المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية، حمد الجاسر، 2: 112ـ 720.

[82] . مرآة جزيرة العرب، 2: 246، بداية المحمل اليمني وانقطاعه، ترجمة الدكتور أحمد فؤاد متولي والدكتور الصفصافي أحمد المرسي. 

[83] . ينظر: كتاب رحلة الحجّ من صنعاء إلى مكة المكرمة للعلّامة إسماعيل جغمان الخولاني الصنعاني ـ رحلة العلّامة إسماعيل للحجّ كانت عام1241هـ ـ، تحقيق وتعليق الدكتور محمد الثنيان، الكتاب التاسع من إصدارات دارة الملك عبد العزيز، 1426هـ، وعنوان الكتاب قبل التحقيق: نيل الوطر في أحوال السفر إلى الحرم الأزهر والنّبيّ الأنور9، وعدد ورقات المخطوط 80 ورقة، وتوجد نسخته الوحيدة في مكتبة الجامع الكبير في صنعاء.

[84] . شريان: جبل من جبال وادي يَلمْلَم وأحد أودية الوادي أيضاً.

[85] . تيسير العلام شرح عمدة الأحكام، عبد الله البَسّام، تحقيق: محمد صبحي، :362، مكتبة الصحابة، الشارقة 2006م.

[86] . السيد محمد بن حيدر العاملي المكي: فقيه إمامي، وأديب وشاعر من جبل عامل بلبنان، هاجر إلى مكة فنُسب إليها، وتوفّي ودفن بها.

[87] . شرائع الإسلام، 1: 241.

[88] . النهاية لابن الأثير، 5: 299.

[89] . إظهار ما عندي بمنسك الفاضل الهندي، للسيد محمد العاملي المكي،  1: 71، (بتصرف).