وصف الحرمین الشریفین في أوائل القرن الرابع الهجري؛ شهاب الدین أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي (ت 327هـ)

نوع المستند : مقالة البحثية

المؤلف


تمهید:

کان من أهمّ کتب المختارات والمحاضرات «العقد الفرید» لشهاب الدین أحمد بن محمد بن عبد ربّه بن حبیب القرطبي الأندلسي، مولی هشام بن عبد الرحمن بن معاویة بن هشام عبد الملك بن مروان بن الحکم الأموي. ولد سنة 246هـ ونشأ بقرطبه وتثقّف ثقافه عصره، وظهرت ثقافته الدینیة والأدبیّة في کتابه المشهور الذائع الصیت.

لازم الأمیر عبد الله الذي تولّی عرش قرطبة سنة 275هـ ونادمه زمناً وبعده لازم عبد الرحمن الناصر ومدحه، إلی أن توفي ابن عبد ربّه بالفالج سنة 327 هـ .

بما أنّ وصف الحرمین المبارکین في کتب القدماء کان من الطرائف النادرة، استللنا من هذا الکتاب القدیم القیّم ما کتبه في التعریف بالحرمین الشـریفین. وکان اعتمادنا علی طبعة دار الکتاب العربي في بیروت، سنة 1406هـ ، 6: 255 ـ 263.

 

صفة المسجد الحرام:

صحنه كبير واسع، ذرعه طولاً من باب بني جُمح إلى بابِ بني هاشم الذي يقابل دار العبّاس بن عبدالمطلب أربعمائة ذراع وأربع أذرع‏. وذرعه عرضاً من باب الصفا إلى دار الندوة لاصقاً بوجه الكعبة الشرقي ثلثمائة ذراع وأربع أذرع‏. وله ثلاث بلاطات مُحدقة به من جهاته كلّها، منتظم بعضها ببعض‏. وهي داخلة في الذرع الذي ذكرت، فوقها سماوتها مذهبة وحافاتها على عَمد رُخام بيض عددها في طوله من الشرق إلى الغرب مع وجه الصحن خمسون عموداً، وفي عرضه ثلاثون عموداً، بین کلّ عمودین مثل عشر أذرع.

وجملة عمد المسجد أربعمائة وأربعة وثلاثون عموداً، طول كلّ عمود منها عشـر أذرع ودَوره ثلاث أذرع‏. والمذهَّبة من رؤوس العمد ثلثمائة وعشرون رأساً‏. وسور المسجد كلّه من داخله مزخرف بالفسيفساء. وأبوابه على عَمد رخام ما بين الأربعة إلى الثلاثة إلى الاثنين، وهي ثلاثة وعشرون باباً لا غَلق عليها، يصعد عليها في عدّة من درج‏.‏

صفة الكعبة:

 وبيت الله الحرام بوَسط المسجد، كان ارتفاعه في عهد إبراهيم7 فيما يقال والله أعلم تِسع أذرع، وطوله في الأرض ثلاثون ذراعاً، وعرضه اثنتان وعشرون ذراعاً‏. وكان له ثلاثة سُقوف ثم بنته قريش في الجاهلية فاقتصرت على قواعد إبراهيم ورفعته ثمان عشرة ذراعاً، ونقصت من طوله في الأرض ستّ أذرع وشبراً تركته في الحِجر، فلمّا هدمه ابن الزبير ردّه على قواعد إبراهيم ورفعه سبعاً وعشرين ذراعاً، وفتح له بابين‏:‏ باباً إلى الشـرق و باباً إلى الغرب يدخل من الشرقي ويخرج من الغربي،‏ فكان كذلك حتّى قتل‏. فلما تغلّب الحـَجّاج على مكّة استأذن عبد الملك بن مروان في هَدم ما كان ابنُ الزبير زاده من الحِجر في الكعبة، فأذن له فردّه علی قواعد قریش، وسدّ الباب الغربی ولم ینقُص من ارتفاعه شیئاً.

ذرع البیت:

فذَرع وجهه القبلي اليوم من الركن الأسود إلى الركن اليماني عشرون ذراعاً ووجهه الجنوبي من الركن العراقي إلى الركن الشامي، وهو الذي يلي الحِجر إحدى وعشرون ذراعاً. ووجهه الشرقي من الركن الأسود إلى الركن العراقي خمس وعشرون ذراعاً. ووجهه الغربي من الركن اليماني إلى الركن الشامي خمس وعشرون ذراعاً.

الدرجة المجصّصة‏:

وحول البيت كلّه إلّا موضع الركن الأسود درجة مُجصّصة، يكون ارتفاعها عظم الذراع في عرض مثله، وقاية للبيت من السيل.

باب البیت:‏

وباب البيت في وجهه الشرقي على قدر القامة من الأرض، طولُه ستّ أذرع وعشـر أصابع، وعرضه ثلاث أذرع وثمان عشرة إصبعاً. والبابان من ساج، غِلظ كلّ باب ثلاث أصابع، ظاهرهما مُلبّس بالذهب وباطنهما بالفضّة في كلّ باب ستّ عوارض، ولها عُروتان يُضرب فيهما قُفل من ذَهب، وحواجبُه كلّها مذهّبة ما عدا الحاجبَ الأيمن، فإن العَلَوي الثائر لما تغلّب على مكّة قلع ذهبه، فتُرك على حاله. وتحت العتبة العُليا عَتبة مذهّبة والبابان من ورائهما، والعتبة السفلى مَستورة بالدّيباج إلى الأرض.

الملتزم:‏

وبين الرّكن الأسود والباب خمس أذرع أو نحوها، وهو الملتزم فيما يذكر عن ابن عباس‏.‏

الحجر الأسود:

والحجر الأسود على رأس صخرتين من وجه الأرض قد نحت من الصخر مقدار ما أدخل فيه الحجر وشُقّت الصخرة الثالثة عليهما مثل إصبعين. والحـَجر أملس مجزَّع حالك السواد في قَدر الكفّ المحنية، قد لُزّ من جوانبه بمسامير الفضّة. وفيه صدوع،[1] وفي جانب منه صفيحةُ فضَّة تحسبها شظيّة منه شُظيت فجُبرت بها. وصخر الرّكن الأسود أحرش أكبر من صخرنا قليلاً‏.

سقفا البیت و روازنه:

وللبيت سقفان سقف دون سقف، وفيهما أربع روازن،[2] ينفذ بعضها إلى بعض للضوء، وللسقف الأسفل ثلاث جوائز من ساج منقّشة مذهَّبة. وفي داخل البيت في الحائط الغربي قُبالة الباب الجزَعة على ستّ أذرع من قاع البيت وهي سوداء مخطّطة ببياض، طولها اثنتا عشرة إصبعاً في مثل ذلك، وحولها طَوق من ذهب عرضُه ثلاث أصابع. ذكر أن النبي9 ‏جعلها على حاجبه الأيمن حين صلّى في البيت.

الحجر:

والحجر بجوفيّ البيت محجور من الركن العراقي إلى الركن الشامي تحجيراً محنّياً غير مرتفع، قد انقطع طرفاه دون الركنين اللذين يليانه بمثل ذراعين للدخول والخروج، يكون ما بين مُوسطة جنبي التحجير والبيت كما بين الركنين، وارتفاع التحجير مثل نصف قامة، وهو ملبَّس بالرخام من داخله وخارجه وأعلاه، وجعل بين كلّ رخامتين عمود من رصاص لزازاً لهما، و قاع الحِجر كلُّه مفروش بالرخام، ومصبّ الميزاب فيه وقبلتنا إليه.[3]

المیزاب:

والميزاب مُوسطة أعلى جدار الكعبة خارجاً عنه مثل أربع أذرع في سعته، وارتفاع حيطانه ثمان أصابع، ملبّس ظاهره وباطنه بصفائح الذهب، والصفائح مسمّرة بمسامير مروَّسة من ذهب.

کسوة الکعبة:‏

والبيت كلّه مستور إلّا الركن الأسود، فإن الأستار تُفرج عنه مثل القامة ونصف، وإذا دنا وقت الموسم كُسِي القباطي، وهو ديباج أبيض خراساني، فيكون بتلك الكسوة ما كان للناس مُحرمين. فإذا حلَّ الناس وذلك يوم النحر حلَّ البيت فكسي الديباج الأحمر الخراساني. وفيه دارات مكتوبة فيها حَمد الله وتَسبيحه وتكبيره وتعظيمه، فيكون كذلك إلى العام القابل. ثم يُكسى أيضاً على حال ما وصفتُ. فإذا كثرت الكسوة فخشـي على البيت من ثقلها خُفّف منها، فأخذ ذلك سدنةُ البيت وهم بنو شيبة.‏ وذكر بعض المصريين أنّه حضـر كشف البيت سنة خمس وستّين فرأى بلاطه الزعفران واللوبان.‏

الحجر الأسود:

وذكر أيضاً عن بعض المكيّين حديثاً يرفعونه إلى مشايخهم، أنهم نظروا إلى الحجر الأسود إذ هَدم ابن الزبير البيت وزاد فيه، فقدّروا طوله ثلاث أذرع، وهو ناصع البياض فيما ذكروا إلّا وجهه الظاهر، واسوداده فيما ذكروا ـ والله أعلم ـ  لاستلام أهل الجاهلية إيّاه ولطخه بالدم.

مقام إبراهیم7:‏

والمقام بشرقي البيت على سبع وعشرين ذراعاً منه، وجه المصلّي خلفه مستقبِل البيت إلى الغرب، والركن العراقي على يمينه، والباب والركن الأسود على يساره، وهو فيما ذكر من رآه حجر غيرُ مرفوع يكون ذراعاً في ذراع، وفيه أثر قدم إبراهيم7 وطول القدم مثل عظم الذراع. والحجر موضوع على منبر لئلّا يمرّ به السيل، فإذا كان وقت الموسم وضع عليه تابوت حديد مثقّب لئلّا تناله الأيدي.‏

سوار حول البیت:

وحول البيت كلّه سوارٍ ستّ غلاظ مربّعة من حديد مذّهبة ورؤوسها مذهبة أيضاً، يوقد عليها بالليل للطائفين، بين كلّ عمود منها والبيت نحو ما بين المقام والبيت.‏

زمزم:

وزمزم بشرقي الركن الأسود بينهما مثل الثلاثين ذراعاً، وهي بئر واسعة تنُّورها من حجر،[4] مطوق أعلاه بالخشب وسقفها قبو مزخرف بالفسيفساء على أربعة أركان، تحت كلّ ركن منها عموداً رخام متلاصقان، قد سُدّ ما بين كلّ ركنين منها بشرجب خشب، ورّد إلى باب من جهة المشـرق. وحول القبو كلّه رفّ مثل البُرطلة،[5]

وبشرقي زمزم بيت مقدّر سقفه قبو مُزخرف بالفُسيفساء أيضاً مقفّل عليه، وشرقيّ هذا البيت بيت كبير مربع له ثلاثة أقباء، وفي كلّ وجه منه باب‏.

حمام المسجد:‏

وحمام المسجد كثير أنيس، يكاد الإنسان أن يطأه بقدمه لأنسه بالناس، وهو في لون حمام الأبرجة عندنا إلّا أنه أقدر منه، وليس منها حمامة تجلس على البيت ولا تطير عليه.‏ ولقد همّني ذلك فرأيتها حين تكاد أن تحاذي البيت، وهي مُستعلية في طيرانها ذلك عكست،[6] حتى تصير دونه، وأخذت عن يمينه أو يساره، وذَرقها ظاهر بارز على البيوت التي في المسجد إلّا بيت الله الحرام فإنه نَقيٌّ ليس فيه ولا عليه منه أثر، فسبحان معظّمه ومقدّسه ومطهّره وتعالى علوّاً كبيراً.

الصفا:‏

وبين باب الصفا ـ وهو بقبليّ البيت ـ والصفا الشارع وهو بطن الوادي، وبعد الشارع فناء غير كبير فيه الباعة، ثمّ الصفا في أصل جبل أبي قبيس قد أحدق بها البناء إلّا من الوجه الذي يرقى إليها منه، والرقيّ إليها على ثلاث درج مبنية بالصخر. والواقف على الصفا مستقبل الجوف ینظر إلى البيت من باب الصفا‏.‏

المروة:

والمروة بشرقيّ المسجد وهي من الصفا بين المشرق والمغرب، قد أحدق بها البناء أيضاً إلّا من وجه المصعد إليها، وهو من أعلى القصور، بينها وبين المسجد الحرام الزقاق الضيق، فالواقف على المروة مُستقبل البيت تجاه الفرجة يرى الميزاب وما اتصل به من البيت، وبين الصفا والمروة شبيه بما بين السّقاية والمسجد الجامع.

‏والساعي بينهما إذا هَبط من الصفا يريد المروة سلك في الشارع وهو بطن الوادي، عن يمينه القصور، وعن يساره المسجد، ثمّ يتعرضه بطن وادٍ إذ انصبّت قدماه فيه أرقَلَ حتى يخرج عن آخره،[7] وله علمان أخضـران في جانبي الوادي، أحدهما وهو الأول خلف باب الصفا لاصقاً بالسور، والثاني أمامه بائن عن السور، جعلا ليفهم بهما حدّ الوادي الذي يُرمل فيه.‏

منی والجمرات:

ومنى قرية بشرقيّ مكة تنحو إلى القبلة قليلاً، خارجة عن الحرم على نحو الفرسخ منها، وفيها بنيان وسقايات، وأوّل ما يلقى منها الخارج من مكّة إليها جَمرة العقبة ثمّ الجمرتين اللّتين تُرميان مع جمرة العقبة بعد يوم النحر أيّام التشريق. وبها مسجد أكبر من جامع قرطبة وهو مسجد الـخَيف، له مما يلي المحراب أربع بلاطات معترضة، سقفها من جرائد النخل، وعمدها مجصّصة، والمنبر عن يسار المحراب والباب الذي يخرج منه الإمام عن يمينه، وفي مُوسَطة صحن المسجد منارة، وفي كلّ جانب منها سقيفة.

الـمُزدلفة:

والمزدلفة وهي المشعر الحرام بين منى وعرفة، وهي من منى على نحو الميلين، ولها مسجد مُصحر لا بناء فيه إلّا الحائط الذي فيه المحراب، وليس بها ساكن.

عرفة:

وعرفة بشرقيّ منى على نحو الفرسخين منها، ليس بها ساكن ولا بناء إلّا سقايات وقَنوات يَجري فيها الماء، وليس بمسجدها بنيان إلّا الحائط الذي فيه المحراب. وموقف الناس يوم عرفة بعرفة في الجبل وما يليه ممّا تحته، والجبل بين المشرق والجوف من مسجدها، وفي الموضع الذي يقف فيه الإمام،[8] ماء جارٍ‏، ومحراب منی وعرفة والمزدلفة إلى نحو المغرب.‏

 

صفة مسجد النبي9

بلاطاته في قبلته معترضة من المشرق إلى المغرب، في كلّ صفّ من صفوف عَمدها سبعة عشـر عموداً، ما بين كلّ عمودين منها فجوة كبيرة واسعة، والعَمد التي في البلاطات القبلية بيض مجصّصة شاطَّة جداً،[9] وسائر عمد المسجد رُخام، والعمد المجصّصة على قواعد عظيمة مربعة ورؤوسها مذهبة عليها نجف،[10] منقشة مذهبة، ثم السموات على النجف وهي أيضاً منقّشة مذهّبة‏. وقبالة المحراب مُوسَطةَ البلاطات،[11] بلاط مذهب كلّه شقت به البلاطات من الصحن إلى أن ينتهي إلى البلاط الذي بالمحراب ولا يشقّه، وفي البلاط الذي يلي المحرابَ تذهيب كثير، وفي مُوسطته سماء كالترس المقدر مجوف كالمـحار،[12] مذهب، وقد أخذ وجه السور القبلي من داخل المسجد بإزار رُخام من أساسه إلى قدر القامة منه، وكفّ على الإزار بطوق رخام في غلظ الإصبع، ثمّ من فوقه إزار دونه في العرض مخلَّق بالخلوق، ثمّ فوقه إزار مثل الأول، فيه أربعة عشر باباً في صفّ من الشرق إلى الغرب في تقدير كوى المسجد الجامع بقرطبة منقشة مذهبة، ثم فوقه إزار رخام أيضاً فيه صنيفة سماوية فيها خمسة سطور مكتوبة بالذهب بكتاب ثخين، غلظه قدر أصبع من سُور قصار المفصّل، ثمّ فوقه إزار رخام مثل الأول الأسفل، فيه تَرِسَة من ذهب منقشة وبين كل ترسين منها عمود أخضر في حافاته قضبان من ذهب، ثم فوقه إزار رخام فيه صنيفة منقشة عرضها مثل عَظم الذراع، لها قضبان وأوراق من ذهب ثم فوقه إزار فسيفساء عريض، ثم السماوات عليه‏. والمحراب في مُوسَطة السور القبلي، على قوسه قُصَّة من ذهب ناتئة غليظة، في وسطها مرآة مربعة ذكر أنها كانت لعائشة‏.‏

قبو المحراب:

قبو المحراب مقدر جداً، وفيه دارات بعضها مذهّبة وبعضها حُمرٌ وسود، وتحت القبو صنيفة ذهب منقشة، تحتها صفائح ذهب مثمنة، فيها جزعة في مثل جمجمة الصبي الصغير مسمرة، ثم تحتها إلى الأرض إزار رُخام مخلَّق بالخلوق، فيه الوتد الذي كان النبي9 يتوكّأ عليه في المحراب الأول، عند قيامه من السجود فيما ذكر. والله أعلم‏.‏

وعن يمين المحراب باب يدخل منه الإمام ويخرج، وعن يساره باب صغير شطرنجيّ قد سُدّ بعوارض من حديد، وبين هذين البابين والمحراب مَمشى مسطح لطيف.‏

المقصورة:

والمقصورة من السور الغربي لاصقة بالباب إلى الفصيل اللاصق بالسور الشـرقي، ومن هذا الفصيل يصعد إلى ظهر المسجد، وهي قديمة مختصرة العمل، لها شرفات وأربعة أبواب، وخارج المقصورة قريباً منها عن يسار المحراب سرب في الأرض يهبط فيه على درج فيفضي منها إلى دار عمر بن الخطاب.

المنبر:

والمنبر على يمين المحراب في أوّل البلاط الثالث من المحراب في روضة مفروشة بالرخام محجور حولها به. وله درج، وسمر في أعلاه لوح لئلّا يجلس أحد على الدرجة التي كان رسول الله9 يجلس عليها، وهو مختصـر ليس فيه من النقوش ودقّة العمل ما في منابر زماننا الآن، والجذع أمام المنبر، وبشرقي المنبر تابوت يستر به مقعد رسول الله9.‏

قبر الرسول9:

وقبره صلوات الله عليه وسلامه بشرقي المسجد في آخر مسقفه القبلي مما يلي الصحن بينه وبين السور الشرقي مثل عشر أذرع، قد حظر حوله بحائط بينه وبين السقف مثل ثلاث أذرع، وله ستّة أركان، ولُبِّس بإزار رخام أكثر من قامة، وما فوق الرخام مخلَّق بالخلوق.‏

قال رسول الله9‏:‏‏ «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على ترعة من ترع الجنة».‏

وعلى ظهر المسجد حذاء القبر حِجر محجور لئلّا يمشى عليه والبلاطات الجوفية خمسة والغربية أربعة منتظم بعضها ببعض في طولها مع وجه الصحن من القبلة إلى الجوف ثمانية عشر عموداً، وحنايا المسجد كلّها مما يلي الصحن مشدودة من جهاتها الأربع إلى مناكب العمد من داخله، مزخرفة بخشب منَقَّش، وللمسجد ثلاث منارات، اثنتان في الجوف، وواحدة في الشـرق، وحيطان المسجد كلّها من داخله مزخرفة بالرخام والذهب والفسيفساء أولها وآخرها، وله ثمانية عشر باباً عتبها مذهّبة، وهي أبواب عظيمة لا غلق عليها، أربعة منها في الجوف، وسبعة في الشرق وسبعة في الغرب. و قاع المسجد كلّه مفروش بالحصـى وليس له حصـر، ووجه سور المسجد كلّه من خارج منقَّش بالكذّان،[13] وكذلك الشرفات.

آداب من یدخل المسجد:‏

فينبغي للداخل في المسجد أن يأتي الروضة التي قال فيها رسول الله9‏:‏ «إنها روضة من رياض الجنة».‏ فيصلّي فيها ركعتين، ثم يأتي قبر النبي9 من قبل وجهه فيستدبر القبلة ويستقبل القبر، ويسلّم عليه9 وعلى أبي بكر وعمر، ولا يلصق بالقبر فإنّه من فعل الجهال، وقد كره ذلك فإذا فعل ما ذكر استقبل القبلة ودعا بما أمكنه بعد الصلاة على النبي9 وعرفنا به، ورزقنا شفاعته برحمته، آمين.‏..

 

[1]. ن: «صدع».

[2] . الروازن: جمع روزنة، بالفتح، وهی الکوّة والنافذة.

[3] . أي: قبلة قرطبة إلی حجر إسماعیل.

[4] . في اللسان: «وکلّ مفجر ماء تنور». ن: «من صخر».

[5] . البرطلة: المظلة، ولامه مخففة وقد تشدد.

[6] . في بعض النسخ: «غطست».

[7] . أرقل: أسرع. ن «حتی یخرج عنه».

[8] . أي: أمیر الحجّ.

[9] .شاطة: عالیة مرتفعة.

[10] النّجف جمع النجيف: السهم العريض النصل.

[11]. موسطة الشيء، بضمّ المیم وفتح السین: ماکان في وسطه.

[12] . المحار: الصدف.

[13]. الکذان: الحجاره الرخوه النخره.