ميقاتُ العقيق (1)

نوع المستند : مقالة البحثية

المؤلف

المستخلص

نظراً لما تتبنّاه مجلة ميقات الحجّ من منهجٍ ؛ عنايته بالشؤون الثقافية والتاريخية والسياسية والاجتماعية للحجّ ودائرته المباركة .. ، فتحت بابها لا فقط لاستقبال ما يتفضل به الكتّاب، ويبادر به العلماء والمحققون من بحوث ومقالات  من أفكار وآراء حول عنايتها المذكورة ، وإن لم تكتفِ بانتظار ما تجود به معرفتهم وأناملهم ، بل راحت إدارتها تسمع وتقرأ وتلاحق ما يكتب هنا وينشر أو يُلقى هناك ؛ ما دام يصبُّ في دائرتها المعرفية ؛ لإعطائه مساحة مناسبة في المجلة ، حرصاً منها في إغناء مكتبتها الخاصة وتراثها المعرفي ، ومشاركةً منها في نشر ما تصبو إليه من أهداف كبيرة ؛ تتمدّد على مساحة واسعة من الحرمين المباركين مكة المكرمة والمسجد النبوي وما حولهما من أماكن ومواقع ، وما فيهما من شخصيات إيمانية وجهادية وعلمية وأدبية ؛ سجلت مواقف مشهودة في تاريخنا الإسلامي ومراحل دعوته المباركة .. ،  وفي بثِّ كلّ ما يخصُّ فريضة الحج أحكاماً ومواقيت وآداباً ومفاهيم ،  ولهذا رأت إدارتها أن لا تغادر دراسةً تاريخيةً ، ولا تتجاوز تحقيقاً ميدانيًّا  لميقات العقيق للأستاذ جواد بن الشيخ عبدالهادي الفضلي ، عنوانه :
ميقَاتُ العَقِيق (دراسة تاريخية وتحقيق ميداني)
من الدمام في 4/7/1440هـ  3/3/2019م
 لما تحمله هذه الدراسة من أهمية تاريخية وجغرافية ، وفوائد ميدانية ، ومعرفة لهذا الميقات بحدوده وأحكامه ، ودوره في فريضة الحج وفي العمرة ، حتى عُدَّ واحداً من مواقيت الحج ، التي ينبغي الاطلاع عليها بنواحيها المتعددة وأحكامها وآدابها  والتي تبدأ بها فريضة الحج وكذا العمرة ، وبالتالي تصحُّ مناسك كلٍّ منهما وأولها الإحرام انطلاقاً من المواقيت ، وإن صحّ  الإحرام من المسجد الحرام للتوجه إلى موقف عرفات.
ولهذا جاء في ملخّص البحث : 
«تُعدُّ معرفة مواقع المواقيت المكانية التي وقَّتها رسول الله9 أحد أهمِّ مسائل الحجِّ؛ فقد أجمع المسلمون على وجوب الإحرام من أحدها؛ فلا يجوز لحاجٍّ أو مُعْتَمِرٍ تجاوزها.
وقد كتب حول مواقعها الجغرافية الكثير من الدراسات التاريخية والتحقيقات الميدانية، ونظراً لتغيّر تلكم المعالم عبر الزمن، فالأفضل قيام الباحثين بإعادة التحقيق بين فينة وأخرى لتكون رافداً للفقهاء في دراساتهم.
ويأتي بحثنا هذا حول ميقات العقيق، الذي وقع حوله خلاف بين فقهاء المسلمين، إن من ناحية التوقيت، أو من ناحية حدوده الذي نأمل أن يكون هو الآخر رافداً من تلكم الروافد».
 

الكلمات الرئيسية


والمؤلف يبيّن في مقدمته موضوع بحثه وأهميته ودوافعه ومراجعه ومحوره ومنهجه وخطته ، ذاكراً الرحلات الميدانية لموقع البحث ..

 إذن دعونا نعيش جوًّا تاريخيًّا جغرافيًّا ميدانيًّا  مع هذا البحث القيم من مقدمته حتى نهايته ، وبفصوله الثلاثة ، بدأً

بموضوع البحث:

وَرَدَ في أكثر من روايةٍ صحيحةٍ عن الإمام الصادق عليه السلام أنَّ أوَّلَ ميقات العَقِيقِ هو موضع (بَرِيد البَعْث)، وفي رواياتٍ أُخَر موضع (المَسْلَح)، كما ورد في بعض الروايات أنَّ آخره (غَمْرَة)، وفي رواياتٍ غيرها (ذات عِرْق)، وفي روايةٍ (أَوْطَاس).

 

قِفْ (بالْعَقِيق)،[1] سُوَيْعَةً يَا مَنْ أَتَيْـ

ـتَ تَشَوُّقًا تَبْغِي الحَطِيمَ وَزَمْزَمَا

فَإِذَا دَخَلْتَ (بَرِيدَ بَعْثِهِ)،[2] فَالْبَسِ الـ

حْرَامَ طُهْرًا طَاهِرًا مُتَرَنِّمَا

بِجَلَالِ رَبِّكَ خَاشِعًا فِي (غَمْرَةٍ).[3]

وَ(بِمَسْلَحِ)،[4] الوَادِي تُلَبِّي قَائِمَا.[5]

 

وقد وقع حَدَثٌ مَّا في العصر العباسي الأوّل -سنأتي على ذكره في ثنايا هذا البحث- أدَّى إلى اندثار موقع (بَرِيدِ البَعْثِ) واختفائه، وإِعْمَار موقع (المَسْلَح) وازدهاره.

والبحث سيعرض للأحداث التي حصلت حول ميقات العقيق في القرن الثاني الهجري بصفةٍ عامَّةٍ، وحول (بَرِيدِ البَعْثِ) -لكونه أوَّلَ أمكنةِ الإحرام الثلاثة - بصفةٍ خاصّةٍ، ما أدَّى -فيما أعتقد- لحصول ما قد يتصوَّرُه البعض تَعَارُضًا بين الروايات الشريفة الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام في هذا الموضوع.

أهمية موضوع البحث:

تأتي أهمِّية الموضوع، كون ميقات العقيق يُعد الميقات الوحيد الذي وقع حوله خلافٌ بين المسلمين، إن من ناحية توقيته، أو من ناحية حدوده وأمكنته.

يقول أخونا المهندس فؤاد (رض): «وهذه المواقع -يقصد المواقيت- يطرأ عليها تغيُّرُ المعالم سِعَةً وضِيقًا، ويتغيَّرُ المسمَّى، أو يُشْتَبهُ في الموقع؛ لوجود أكثر من موقعٍ يحملُ المسمَّى نفسه، وأحيانًا تندثر هذه المواقع وتنطمس معالمها الدَّالَّة عليها.

ففي كُلِّ هذه الحالات يصعب معرفتها وتحديدها دون تحقيقٍ ودراسةٍ. وقد يتسبَّبُ الخطأ في مَوْقعٍ ما بخللٍ في تطبيق الأحكام الشرعية، وقد يُؤَدِّي إلى بُطْلَانِها، كالخطأ في موقع الميقات أو محاذاته، وحدودِ الحرم وأدنى الحل ... وغيرها.

فلذلك يرى العلَّامة الفضلي=.[6] (1935م - 2013م)،  أنّه لا بُدَّ من إدخال هذه الدراسات في البحث الفقهي -كمنهجٍ يتبعه الفقيه- لمعرفة وتحديد جميع المواقع المتعلقة بالأحكام الشرعية، من عباداتٍ ومعاملاتٍ بشكلٍ دقيقٍ».[7]

دوافع البحث:

لقد كُتِبَ الكثيرُ عن جغرافيّة وتاريخ وشرعية المواقيت المكانية من قِبَلِ كُتَّابٍ كُثُر، ومن كُلِّ الطوائف الإسلامية. وقد حَظِيتْ (ذَاتُ عِرْق) كميقاتٍ لأهلِ المشرقِ عند بعض الفرق الإسلامية بأكثر من تحقيقٍ ميدانيٍّ قديماً وحديثاً، إلَّا أنَّ ما كُتِبَ عن العقيق كميقات عند (الإمامية) اقتصر على ما ذكره الفقهاء في رسائلهم العملية، أو في تعليقاتهم على العروة الوثقى للسيد اليزدي أو غيرها، ولم يحظَ هذا الميقات بتحقيقٍ ميدانيٍّ من قَبْلُ يعضد استدلال الفقهاء.

وأيًّا يكن، فنستطيع أن نلخِّص دوافع البحث بالنقاط التالية:

ـ معرفة منبع ومصب وادي العقيق.

ـ معرفة مبدأ ومنتهى ميقات العقيق.

ـ تعيين موضع (بريد البعث)،[8] جغرافيًا، باعتبارها أحد أمكنة ميقات العقيق المندثرة.

ـ بدء الحكومة السعودية بإنشاء طريق جديد يربط بين منطقة القصيم ومكة المكرمة،[9] ماراً بذات عرق.

ـ تتمّة لسلسلة التحقيقات الميدانية التي قام بها سماحة الوالد= لثلاثةٍ من مواقيت الحج وهي: (قرن المنازل، والجحفة، ويلملم).

مراجع البحث الرئيسة:

سنعتمد بشكلٍ رئيسٍ على الروايات الصحيحة الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام في موضوع البحث، وما جاء في مناسك الحربي،[10] من معلوماتٍ حول الموضوع.

مناسك الحربي:

أعتقد ـ والله أعلم ـ أنَّ ما كتبه الإمام الحربي بشأن جغرافية ميقات العقيق يُعَدُّ من أقدم وأفضل ما كُتِبَ في هذا الباب، وإنْ كان حديثه عن الميقات جاء في سياق وصفه لدرب الحاجِّ الكوفي.

وأعتقد كذلك أنَّ ما يميّز كتاب الإمام الحربي (مَنَاسِكُ الحَرْبِي) الذي حقّقَه العلّامة الشيخ حمد الجاسر (1328-1421هـ)،[11] عن سواه الدقَّة في وصف معالم طريق الحاجِّ الكوفي بعامَّة، والمواضع التي تمثِّل ميقات العقيق بخاصَّة.

وما لفت نظرنا أيضًا أنَّه ـ أعني كتاب الحربي ـ يُعد المصدر التاريخي الوحيد الذي جاء فيه ذِكْرٌ لموضع (بَرِيدِ البَعْث)، الوارد في الروايات عن الإمام الصادق عليه السلام، بالإضافة لذكره سبب تغيير (قَلْب، أو تحويل، أو حَرْف) سمٍّه ما شئت، مسار طريق الحاجِّ الكوفي من موضع (بَرِيدِ البَعْثِ) إلى (المَسْلَح)، وهذا بلا شكٍّ يثير انتباه الباحث؛ الأمرُ الذي يسترعي منه البحث في الموضوع بشكلٍ أعمق وأدقّ.

مخطوطة مناسك الحربي:[12]

يقول الشيخ المحقِّق حمد الجاسر عن نسخة الكتاب الوحيدة (المخطوطة) ـ في مقدمة تحقيقه للكتاب ـ ما نصُّه: «إنَّها من مقتنيات المكتبة الرضوية بمشهد، ورقمها (5751)، ويعود تملُّك المكتبة لها إلى عام (899هـ)، وعدد صفحاتها (116) صفحة، مقاس (23 * 18 سم)، وفي كلِّ صفحة (19) سطرًا.

ويعود الفضل في اكتشاف هذه المخطوطة إلى الدكتور حسين علي محفوظ (العالم العراقي المعروف)، ويضيف الشيخ الجاسر أنَّ المخطوطة لم يُذكَر فيها اسم مؤلِّفها، ولم تُذكَر فيها المنازل الخمسة الأولى من الطريق، والتي تقع داخل الأراضي العراقية.

وجديرٌ بالذكر أنَّ العلَّامة الجاسر، عند تحقيقه الكتاب عام (1387هـ)، نَسَبَهُ للإمام الحربي (ت 285هـ)،[13] لقرائنَ كثيرةٍ ذكرها في مقدِّمة التحقيق، إلَّا أنَّ الدكتور عبدالله الوهيبي.[14] (1348-1425هـ)، رأى أنَّ عنوان المخطوطة هو: (كتاب الطريق)، للقاضي وكيع (ت 306هـ)،[15] تلميذ الإمام الحربي، لِعدَّةِ قرائن ذكرها في مقدِّمة طبعةٍ أخرى للكتاب صدرت بإشرافه، من قِبَل دار اليمامة للبحث والترجمة، إلَّا أنَّه لم يقطع بنسبة الكتاب للقاضي وكيع.

وسواء نُسِبَ الكتاب للقاضي وكيع أو للإمام الحربي المعاصر للإمام أحمد بن حنبل وتلميذه، يبقى الكتاب من أهمِّ الكتب التي وصلت إلينا عن درب الحاجِّ الكوفي ومنازله ومتعشياته ومعالمه.

وعليه: فسنعتمد على نسخة التحقيق الموجودة بين أيدينا وهي (مناسك الحربي)، إلى أن تثبت نسبة الكتاب لأحدهما.

إنَّ تحقيق العلَّامة الشيخ الجاسر لهذه المخطوطة النفيسة، وبطريقةٍ نموذجيةٍ وموضوعيةٍ، يُعدُّ جُهْدًا جبَّارًا يُحسَبُ له؛ فلولاه لبقيت هذه النفيسة وغيرها حبيسة خزانات المكتبات، ولم يَعْرِفْ أحدٌ شيئًا عنها البتة.

محور البحث:

نظرًا لوقوع الأماكن التي عليها مدار البحث (بَرِيد البَعْث، والمَسْلَح، وغَمْرَة، وأَوْطَاس، وذَاتِ عِرْق)، على طريق الحاجِّ الكوفي، ما بين المنزل الرابع والعشرين (الأفيعية)، والسابع والعشرين (ذات عِرْق)؛ ارتأيتُ أن نُسَلِّطَ الضوء على هذه الأماكن الخمسة فقط.

منهج البحث:

لتحديد المنهج لا بدَّ ـ في البدء ـ أن نُحَدِّدَ لأيِّ حقلٍ من حقول المعرفة ينتمي موضوع البحث.

وبما أنَّ موضوعنا عبارة عن ظاهرةٍ حدثتْ في منطقة الحجاز، في القرن الثاني الهجري، وفي ذَاتِ الوقت هي مسألةٌ فقهيةٌ حصل حولها خلاف بين الفقهاء، ما يعني أنَّ الموضوع تتداخل فيه ثلاثة حقول معرفيَّة: (جغرافية، وتاريخية، وفقهية)، وهو ما يفرض علينا أن نسلك نوعين من مناهج البحث العلمي،[16] هما:

المنهج النقلي، ببعديه المكاني والزماني.

المنهج الاستنباطي (الاستدلالي).

ولمعرفة حدود وادي العقيق وأماكن الميقات؛ لا غنًى لنا عن التحقيق الميداني.

وأمّا سبب حصول هذه الظاهرة تأريخيًا؛ ـ فمن ناحيةٍ منهجيَّةٍ ـ يتوجَّبُ علينا أن نستقي المعلومات الأوَّلية من المصادر التي تحدَّثت عن الظاهرة في الحقبة الزمنية التي وقعت فيها، وهي كالتالي:

الروايات الشريفة المتعلِّقة بموضوع البحث.

الكتب التاريخية المعتبرة.

المعاجم والخرائط الجغرافية.

الصور الفضائية.

مُدوَّنات الرحَّالة القدماء.

الشعر العربي الذي قيل في العقيق.

ونظرًا لِقلَّةِ المصادر التي تناولت موضوع البحث قديمًا، فسنعتمد بشكلٍ رئيسٍ على المصدرين التاليين:

1) الروايات الصحيحة الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام بشأن ميقات العقيق.

2) وما ذكره الإمام الحربي بشأن ميقات العقيق؛ لدقَّةِ وصفهِ لطريق الحاجِّ الكوفي ومنازله ـ كما أسلفتُ ـ.

كما سنعتمد على المصادر الأخرى، ولكن بشكلٍ ثانوي، أمثال: (معجم البلدان) لياقوت الحموي، و(معجم معالم الحجاز) للبلادي، و(معجم ما استعجم) للبكري، وغيرها.

خطة البحث:

قُمْنَا بتقسيم هذا البحث إلى: مقدِّمةٍ، وتمهيدٍ، وثلاثةِ فصولٍ.

المقدِّمة: في بيان أهمية موضوع البحث، ودوافع الكتابة عنه، ولمحةٍ موجزةٍ عن كتاب مناسك الحربي، وخطَّة البحث.

التمهيد: في ذكر لمحةٍ موجزةٍ عن المواقيت، وتعريف لمفردتي (الميقات، والعقيق)، وسبب أهمِّية وادي العقيق جغرافيًا، بالإضافة لتعريفٍ مختصرٍ لبعض المصطلحات المتعلِّقة بالبحث.

الفصل الأول: التسمية والموقع قديمًا.

الفصل الثاني: التسمية والموقع حديثًا.

الفصل الثالث: دليل شرعية ميقات العقيق.

الرحلات الميدانية لموقع البحث:

قُمْنَا ـ بتوفيق من الله تعالى ـ بأربع زياراتٍ ميدانيةٍ لموقع وادي العقيق، والميقات، والطرق المؤدِّية لهما، في الشهرين الأول والثاني من عام (2019م)، ورافقنا في زيارتنا الأولى الأستاذ مرزوق العمري،[17] والابن المهندس بدر، وابن عمِّه الأستاذ حسن عهاد الفضلي.

أمَّا في الزيارة الثانية والثالثة فقد رافقنا الأستاذ مرزوق العمري، وابن أخينا الأديب محمد فؤاد الفضلي.

أما الزيارة الأخيرة فقد رافقنا فيها ابن أخينا محمد فؤاد الفضلي، وابن عمَّته الأستاذ علي حسين الفضلي.

وفي ختام هذه المقدِّمة لا بدَّ لنا من توجيه الشكر والعرفان إلى سماحة السيد عبدالله  الموسوي حفظه الله تعالى  لتفضله مشكوراً بإتاحة مكتبته لنا طيلة عملنا في البحث.

وكلٍّ من: السيّد عبدالهادي الهاشم؛ لرفده إيّانا بمراجع البحث أوَّلاً بأوَّلٍ من البداية حتى النهاية، وكذلك الأستاذة زينب المازني؛ لإعدادها جميع الخرائط الجغرافية والفضائية التي احتاج إليها هذا البحث.

تمهيد

المواقيت المكانية:

من الأمور الهامَّة التي يجب على الحاجِّ أو المُعْتَمِر معرفتها هي المواقيت المكانية التي عيَّنها رسول الله9.

فقد خصَّت الشريعة الإسلامية بعض العبادات بأوقاتٍ زمانيةٍ معيَّنةٍ، من قبيل: الصلاة، وصوم شهر رمضان، والعيدين، وغيرها، وبعضها زمانية ومكانية في آنٍ واحدٍ، كفريضة الحجِّ؛ ولذا قالوا: إنَّ مواقيت الحجِّ على قسمين: زمانية، ومكانية.

فالزمانية: هي أشهر الحجِّ : شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.

أمَّا المواقيت المكانية، فيوجد شيء من الاختلاف بين الفقهاء في عددها، فمنهم من قال: إنَّها خمسة، ومنهم مَنْ عدَّها ستة، وآخرون رأوا أنَّها سبعة، في حين عدَّها بعضهم عشرة ...إلخ.

وأيًّا كان العدد؛ فالمشهور منها ستة، كما في صحيحة معاوية بن عمار ـ الآتي ذكرهاـ.

يقول القائمون على الموسوعة الفقهية الإسلامية بشأن الميقات المكاني: «الميقات المكاني للحجِّ يختلفُ باختلاف مواقع الناس من مكة والحرم، واختلاف حالاتهم، حيث إنَّ المكلَّفَ قد يكون منزله داخل منطقة الحَرَمِ أو مكَّة، وقد يكون خارجًا عنها، ولكنَّه دون المواقيت التي وقَّتها رسول الله9 للناس ـ وسيأتي ذكرها ـ، وقد يكون قبل المواقيت، ويسمَّى بالآفاقي.

كما أنَّه يختلف حال المكلَّفِ من حيث: العلم والجهل، والنسيان، والعذر، ونحو ذلك، فباختلاف المواقع الثلاثة، واختلاف حالات المكلَّف؛ يختلف ميقات الإحرام للحجِّ».[18]

الميقات في اللغة:

عَرَّفت المعاجم اللغوية كلمة (مِيقَات) بصورةٍ تكاد تكون متشابهة، ولخَّصها سماحة الوالد العلّامة الشيخ عبدالهادي الفضلي=، بقوله: «المَوَاقِيتُ: جَمْعُ مِيقَات، والمُرَادُ بِهِ هُنَا: مَكَانُ الإِحْرَام. وهو على زِنَةِ (مِفْعَال)، وأصله (مِوْقَات) وقُلِبَتْ واوه ياءً لكسرة الميم قبلها.

والغالب على صيغة (مِفْعَال) في اللغة العربية أن تُستعملَ اسمَ آلةٍ، كمِفْتَاح، ومِنْفَاخ.

ولكن وَرَدَ استعمالها قليلاً اسم زمان واسم مكان، ومن ذلك: مِيعَاد، ومِيلَاد، ومِيقَات.

فمِيعَاد: تدلُّ على زمان الوعد ومكانه، تقول: مِيعَادُنَا غَدًا، والمَسْجِدُ مِيعَادُنَا.

ومِيلَاد: تدلُّ على زمن الولادة ومحلِّه، تقول: مكَّةُ مِيلَادُ رَسُولِ اﷲ صلى الله عليه وآله وسلم، وعَامُ الفِيلِ مِيلَادُ رَسُولِ اﷲ صلى الله عليه وآله وسلم.

مِيقَات: تدلُّ على الزمان والمكان؛ لأنَّها مأخوذة من مادة الوقت، والوقت يدلُّ عليهما، تقول: وَقْتُ سَفَرِنَا بَعْدَ صَلَاةِ الجمعة، وفي الحديث: «تَأْتِي الوَقْتَ فَتُلَبِّي»، و«أحْرَم من دون أن يأتي الوقت» أي: مكان الإِحْرَام.

وقد ورد استعمال كلمة (مِيقَات) في القرآن الكريم دالَّةً على الزمان، ومنه قوله تعالى: (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ). [سورة الدخان: 40].

وورد استعمالها فيه دالَّةً على المكان، ومنه قوله تعالى: (وَلَـمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ). [سورة الأعراف: 143]».[19]

ولا بأس ـ هنا ـ من ذِكْرِ بعض ما جاء في المعاجم اللغوية بشأن كلمة ميقات:

عَرَّفَ المعجم الوسيط (الميقات)، كالتالي:

الوَقْتُ المَضْرُوبُ لِلْفِعْلِ.

والمَوْعِدُ الذِي جُعِلَ لَهُ وَقْتٌ.

والمَوْضِعُ الذِي جُعِلَ لِلشَّيءِ يُفْعَلُ عِنْدَهُ.

وعرَّفت الموسوعة الفقهية الكويتية (المواقيت)، بما يلي:

المواقيت: «جمع مِيقَات، ولفظ مِيقَات مصدرٌ ميميٌّ، وهو يُطلق على الزمانِ والمكانِ.

فالميقات والموقوت بمعنًى واحدٍ، وهو الشيء المحدود زمانًا ومكانًا.

فمن أمثلته للزمان قوله تعالى:(إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا). [سورة النساء: 103]، أي مفروضًا، أو لها وقتٌ كوقتِ الحَجِّ.

ومن استعماله للمكان ما جاء في الحديث: أنَّ النبي 9 وقَّتَ لأهل المدينة ذا الحليفة».[20]

في حين عَرَّفَ ابن منظور (الميقات) بما يلي:

الميقات: الحدُّ، وهو ما حُدِّدَ ووُقِّتَ للعبادة، من زمانٍ أو مكانٍ.

والتوقيت: التحديد.

وميقات الحَجِّ: ما حَدَّده الشَّارعُ للإحرام من: المكان، والزمان.[21]

وعرَّفه معجم لغة الفقهاء، بالتالي:

الميقات: «المكانُ الذي لا يجوزُ لآفاقي حَاجٍّ ولا مُعْتَمِرٍ أنْ يتجاوزه إلَّا بإحرام».[22]

الأودية والمواقيت:

ورد في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «مِنْ تَـمَامِ الحجِّ والعمرةِ أنْ تُحرِمَ من المواقيت التي وَقَّتها رسول الله9، لا تُجاوِزْهَا إلَّا وَأَنتَ مُحْرِمٌ، فإنَّه9 وقَّتَ لأهلِ العراقِ ـ ولم يكن يومئذٍ عراق ـ بَطْنَ العقيقِ من قِبَلِ أهل العراق، ووقَّتَ لأهلِ اليمنِ يَلَمْلَم، ووقَّتَ لأهل الطائف قَرْنَ المنازل، ووقَّتَ لأهل المغرب الجحفة، وهي مهيعة، ووقَّتَ لأهل المدينة ذا الحليفة، ومَنْ كَانَ منزله خَلْفَ هذه المواقيت مِمَّا يلي مكة فَوَقْتُهُ منزِلُه».[23]

 

 

 

 

وجديرٌ بالذكر أنَّ جميع المواقيت التي وقَّتها رسول الله 9 تقع على ضفاف أودية،[24] على النحو التالي:

1) يَلَمْلَم: يقع أسفل وادٍ سُمِّيَ باسمه، على بعد مئة كيلومتر من مكَّة جنوبيها، على طريق اليمن- مكّة الساحلي القديم، المعروف بالطريق التهامي.

2) قَرْنُ المَنَازِل: اسم جبل سُمِّيَ الوادي الذي هو فيه باسمه، كما سُمِّيت القرية التي هو فيها باسمه أيضًا؛ فكان يقال لها: (القَرْن)، و(قَرْنُ المَنَازِل).

3) الجُحْفَة: وتقع على ضفاف وادي الحلق، على بعد عشرين كيلومترًا تقريبًا من رابغ.

4) ذو الحليفة: ويقع على ضفاف وادي العقيق الشهير بالمدينة المنورة.

5) مَكَّة: والمراد بها هنا مكَّةُ القديمة، التي كانت في عصر رسول الله 9، والتي حَدُّها من: عقبة المدنيين إلى ذي طوى، وهي ميقات حجِّ التمتُّع، وكانت عبارةً عن قريةٍ صغيرةٍ تقع في وادٍ جافٍّ، تُحيطُ بها الجبال من كلِّ جانبٍ.

6) العَقِيق:

وهو ميقات أهل نجدٍ والعراق، وكُلِّ مَنْ مَرَّ عليه مِنْ غيرهم، وقد ذَكَرَ المؤرِّخون أَنَّ في الحجاز،[25] أكثر من عَقِيق، منها: العَقِيقُ المعنيُّ هنا، وهو عَقِيق عُشَيْرَة[26]، وهو عبارةٌ عن مجرًى لسيلٍ يبلغ طوله (115 كيلومترًا تقريبًا)، ومنبعه من منطقةٍ تُسَمَّى (السيل الصغير) قرب الطائف، ومصبُّه في منطقة (فيضة المَسْلَح).[27] ـ رُبَّما ذُكِرَ هذا لوجود سدٍّ على وادي العقيق في تلك المنطقة ـ ، وذكر المؤرِّخ البلادي (1934/ 2010م).[28] أنَّه يصبُّ في قاع قرية (حاذة) جنوب مهد الذهب.[29]

ويبدو لي أنَّ ما جاء في وصف البلادي هو الأدقُّ؛ لأنَّه عند زيارتنا للمنطقة في الشهر الأول الميلادي من عام (2019م) -موسم الأمطار والسيول في الحجاز- حاولنا الوصول للمنطقة التي يقع فيها بريد البعث من جهة (حاذة) فلم نستطع؛ لأنَّ ماء السيل كان قد غَمَر كامل السبخة[30] الواقعة بين موقعي بريد البَعْث (المندثرة) وحاذة (العامرة).

ويصف سماحة الوالد العلّامة الفضلي= العقيق، فيقول: «وبه يمرُّ طريقا العراقين (البصرة، والكوفة) المتَّجهان إلى مكَّة المكرَّمة. يدخله طريق البصـرة عند (وَجْرة) بالجيم المعجمة، وهي أوَّلُ مَحْرَمٍ للقادمين إلى مكَّة عن هذا الطريق، وتبعد عن مكَّة بحوالي أربعين ميلاً.[31]

ويدخله طريق الكوفة عند (المَسْلَح)،[32] بالحاء المهملة من آخره وفتح ميمه وإسكان السين، وربَّما ذكره بعضهم بالخاء المعجمة، ويلفظه الآن سُكَّانُهُ وسكان منطقته بكسر الميم، وهي الآن قريةٌ عامرةٌ يمرُّ بها الطريق من عُشَيْرَة إلى مهد الذهب، وتعدُّ المَسْلَح أوَّل مَحْرَمٍ للقادمين إلى مكَّة عن هذا الطريق».[33]

 

خريطة للمنطقة التي يقع عليها وادي العقيق وأمكنة الميقات، حدَّدتُ فيها منبع ومصبَّ العقيق بحسب رواية الإمام الصادق7، وما ذكره المؤرِّخون، ومشاهداتنا، كما أدرجت على الخريطة موقع بريد البعث، وبركة العموسي، والمَسْلَح، وأَوْطَاس، وأم خُرْمَان، وذات عِرْق.

 

صورة فضائية حدَّدتُ عليها منبع ومصب وادي العقيق، بالإضافة لموقع بريد البعث، وبركة العموسي، والمَسْلَح، وأَوْطَاس، وأم خُرْمان، وذَاتِ عِرْق.

العقيق في اللغة:

عرَّف المعجم الوسيط العقيق بـ: «الوادي الذي شَقَّهُ السَّيلً قديمًا فَأَنْهَرَهُ».

وعرَّفه لسان العرب بـأنَّه: «مِنْ عَقَّ الشَّيء، أَيْ: شَقَّهُ، ويُقَالُ لِكُلِّ ما شَقَّهُ مَاءُ السيل في الأَرضِ؛ فأَنْهَرَهُ ووَسَّعه: عَقِيق، والجمع: أَعِقَّةٌ، وعَقَائِق».[34]

أمَّا في القاموس الوسيط، فجاء تعريفه: «كُلُّ مَسِيلٍ شَقَّهُ ماءُ السَّيْلِ».

وفي معجم البلدان: «العَقِيقُ: بفتح أوَّلهِ وكسر ثانيه، بينهما ياءٌ مثنَّاةٌ من تحت، وهو كُلُّ مَسِيلٍ شَقَّهُ ماءُ السَّيْلِ في الأَرضِ فأَنْهَرَهُ ووَسَّعه».

وعليه: فكلمة (العقيق) مرادفةٌ لكلمة (الوادي)،[35] وهي بهذا تكون اسم جنس، ما يعني أنَّه اسمُ مشتركٌ يُطلَقُ على أوديةٍ متعدِّدةٍ، فإذا أراد المتكلِّمُ أن يقصد بكلامه عقيقًا معيَّنًا فعليه أن يضيف لكلمة عقيق اسم المكان الذي يقع فيه، من قبيل قولنا: عقيق المدينة، وعقيق الباحة، وعقيق عُشَيْرَة (وهو المقصود في هذا البحث).

العقيق (عقيق عُشَيْرَة) في الشعر العربي:

ورد ذكر العقيق في الشعر العربي بكثرة، ولكنَّ أغلبه جاء في (عقيق المدينة المنوَّرة)؛ لأنَّه الأشهر بين أعقَّةِ الحجاز، وأمَّا ما ورد في (عقيق عُشَيْرَة) فهو قليل، ومنه:

- قول النابغة الجعدي عندما جاء للنبي9 مُسَلِّمًا، وأَنْشَدُهُ قَصِيدَتَهُ الرَّائِيَّة، وهي قصيدةٌ طويلةٌ نحو مئتي بيتٍ، ومنها هذا البيت:

وَكِنْدَةُ كَانَتْ بِالعَقِيقِ مُقِيمَةً

وَعَكُّ فَكُلاًّ قَدْ طَحَرْنَاهُ مَطْحَرَا.[36]

- مَا جَاءَ فِي قَوْلِ عَبَّاسِ ابْنِ مِرْدَاسٍ فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ:

خُفَافِيَّةٌ بَطْنُ الْعَقِيقِ مَصِيفُهَا

وَتَحْتَلُّ فِي الْبَادِينَ وَجْرَة وَالْعُرْفَا

- وقال توبة بن الحمير:

تَرَبَّعُ لَيْلَى بِالمُضَيَّحِ فَالحِمَى

وتَقْتَاظُ مِنْ بَطْنِ العَقِيقِ السَّوَاقِيَا.[37]

- وقال جرير:

فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ العَقِيقُ وَمَنْ بِهِ

وهَيْهَاتَ خِلٌّ بالْعَقِيقِ نُوَاصِلُـهْ

- وقال أبو تمام:

أَحْسِنْ بِأَيَّامِ العَقِيقِ وَأَطْيَبِ

والعَيْشِ في أَظْلَالِهِنَّ المُعْجِبِ

- وقال البحتري:

عِنْدَ العَقِيقِ، فَمَاثِلَاتِ دِيَارِهِ

شَجَنٌ يَزِيدُ الصَّبَّ في اسْتِعْبَارِهِ

- وقال ابن معتوق:

أمُّوا بِنَا نَحْوَ الْعَقِيقِ وَأَدْلِجُوا

وقفوا على تلكَ الربوعِ وعرّجوا

وَاثْنُوا الأَعِنَّة َ نَحْوَ سُكَّانِ اللِّوَى

وَالْوُوا بِأَعْنَاقِ الْـمَطِيِّ وَعَوِّجُوا

- وقال الشيخ محمد ابن الشيخ جواد ابن الشيخ تقي ملا كتاب الكردي النجفي مُهَنِّـئًا الشيخ رضا ابن الشيخ زين العابدين العاملي بعرسه:

أَلَمَّ بِنَا وَاللَّيْلُ مُرْخٍ ظَلَامَهُ

غَزَالٌ دَمِي ظُلْمًا أَبَاحَ حَرَامَهُ

رَشَأٌ قَدْ أَعَارَ الظَّبْيَّ جِيدًا وَمُقْلَةً

وَأَغْصَانُ بَانَاتِ العَقِيقِ قَوَامُهُ

العقيق في المعاجم: جاء ذِكْرُ (العقيق) في كثيرٍ من المعاجم اللغوية والجغرافية، ومنها:

ما جاء في لسان العرب: «وَفِي بِلَادِ العَرَبِ أَرْبَعَةُ أَعِقَّةٍ، وَهِيَ أَوْدِيَةٌ شَقَّتْهَا السُّيُولُ، عَادِيَّة، فمنها:

أ) عَقِيقُ عَارِضِ اليَمَامَةِ، وَهُوَ وَادٍ وَاسِعٌ مِمَّا يَلِي العَرَمَة، تَتَدَفَّقُ فِيهِ شِعَابُ العَارِضِ، وَفِيهِ عُيُونٌ عَذْبَةُ المَاءِ.

ب) ومنها عَقِيقٌ بناحية المدينة فيه عُيُونٌ ونًخِيلٌ، وفي الحديث : أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ إِلى بُطْحَانِ العَقِيقِ؟، قال ابن الأَثير : هو وادٍ من أَودية المدينة مسيل للماء، وهو الذي وَرَدَ ذِكْرُهُ في الحَدِيثِ أَنَّهً وَادٍ مُبَارَكٌ.

ج) ومنها عَقِيقٌ آخر يَدْفُق ماؤُه في غَوْرَي تِهَامةَ، وهو الذي ذكره الشافعي فقال: وَلَوْ أَهَلُّوا مِنَ العَقِيقِ كَانَ أَحَبَّ إِليَّ. وفي الحديث: أَنَّ رسول الله9 وقَّتَ لأَهْلِ العِرَاقِ بَطْنَ العَقِيقِ؛ قال اَ بُو مَنْصُور: أَرَادَ العَقِيقَ الذي بالقربِ مِنْ ذَاتِ عِرْق قَبْلَهَا بِمَرْحلة،[38] أَوْ مَرْحَلَتَيْن، وهو الذي ذكره الشافعي في المناسك.

د) ومنها عَقِيق القَنَانِ تَجْرِي إِلَيْهِ مِيَاهُ قُلَلِ نَجْدٍ وَجِبَالِهِ؛ وأَمَّا قول الفرزدق:

قِفِي وَدِّعِينَا، يا هُنَيْدُ، فإِنَّنِي

أَرَى الحَيَّ قَدْ شَامُوا العَقِيقَ اليَمَانِيَا

فَإِنَّ بَعْضَهُم قال: أَرَادَ شَامُوا البَرْقَ مِنْ نَاحِيَةِ اليَمَنِ.[39]

وذكر ياقوت الحموي في معجمه عددًا من الأعِقَّةِ في الحجاز، وما قاله عن العقيق -مدار البحث- ما يلي: «ومنها عَقِيقٌ آخرَ يَدْفَعُ سَيْلَهُ في غَوْرَي تِهَامَةَ، وَإِيَّاهُ عَنَى فِيمَا أَحْسَبُ أبو وَجْزَةَ السَّعْدِي بقوله:

يا صَاحِبَيَّ انْظُرَا هَلْ تُؤْنِسَانِ لَـنَا

بَيْنَ العَقِيقِ وَأَوْطَاسٍ بِأَحْدَاجِ

وهو الذي ذكره الشافعي فقال: لَوْ أَهَلُّوا مِنَ العَقِيقِ كَانَ أَحَبَّ إِليَّ».[40]

أمَّا المؤرِّخُ الحجازي (عاتق البلادي) فقد ذكر أنَّ عدد الأَعِقَّة في الحجاز سبعةٌ، فيقول: «أودية العقيق في الحجاز سبعة، ومنها:

(عقيق المدينة):

وهو الأشهر، والأكثر ذِكْرًا في كتب التاريخ.

و(العقيق الشرقي):

وكان يُعرَف بالشُّعبة.

و(عقيق الحسا): أحد أجزاع عقيق المدينة، يُطلَق على الناحية بين بئار الماشي إلى ذي الحُلَيْفَة، ويشتهر بالنعنع الحساوي.

و(عقيق الطائف): وادٍ يأخذ من جبل الغُمَيْر الذي يُظَلِّلُ الطائف وقت الأصيل، ثمَّ يمرُّ بطرف الطائف من الغرب والشمال.

و(عقيق): جنوب تربة، وقد يُسَمَّى عقيقَ غامد؛ لأنَّهم من سُكَّانِهِ.

و(العقيق): وادٍ يسيلُ من خثارق غرب مكة.

(عقيق عُشَيْرة)،[41]: وادٍ فحلٌ من أودية الحجاز الشـرقية، يأخذ أعلى مساقط مياهه من شمال الطائف؛ حيث يسيل وادي قُرَّان من شمال حويَّة الطائف، ثمَّ يتَّجِهُ العقيق مشملاً بين حرَّتي (بُسَّ)،[42] غربًا، ثمّ حرَّة الروقة، وحرَّة كشب شرقًا، حتى يدفع في قاع حاذة جنوب مهد الذهب...

وكلُّ ما قيل عن ذهاب سيل هذا الوادي إلى المدينة غير صحيح...، ولِعَقِيقِ عُشَيْرَة روافد كثيرة، منها: الغَمِيم، وقُرَّان، والحَسَك، وسدحة، والرصن، وغيرها...

وكلُّ وادي العقيق وَاقِعٌ في ديار عتيبة...

وقالت الخنساء ترثي أخاها:

وَقُولِي إِنَّ خَيْرَ بَنِي سُلَيْمٍ

وَفَارِسَهُمْ بِصَحْرَاءِ العَقِيقِ.[43]

وَذَكَرَ (دليل هواة الرحلات البرية في المملكة العربية السعودية)،[44] أشهر الأودية في المملكة، وما ذَكَرَهُ بخصوص وادي العقيق ـ مدار البحث ـ ما يلي:

طوله: 115 كم. متوسط انحداره: 4.8 م. منبعه: السيل الصغير.

مصبّه: قرب قرية فيضة المَسْلَح.

أهم روافده: (وادي القُرَّان)، و(وادي سلحة).[45]

وفي (معجم الأمكنة الوارد ذكرها في صحيح البخاري)،[46]: يقول الأستاذ سعد ما نصُّهُ: «هذا العقيق قريب من أَوْطَاس، وقد أصبح يُسَمَّى عقيق عُشَيْرَة؛ نسبةً إلى ماءٍ فيه، تأسَّستْ فيه قريةٌ عامرةٌ تابعةٌ لمحافظة الطائف على ماء عُشَيْرَة».

وفي كتاب (المشترك وضعًا والمفترق صقعًا) لياقوت الحموي: «في باب العقيق أحد عشر موضعًا، قال الأصمعي: الأعِقَّةُ: الأودية تَشُقُّها السيول. العقيق بالمدينة، وهو أشهرها وأذكرها، وأكثر ما يجيء ذكره في الشعر العربي ...، وفي كتاب هُذَيْل: العَقِيقُ: مَوْضِعٌ قُرْبَ الطائف في قول شاعر بني سُلَيْم:

لَعَمْرُكَ مَا خَشِينَ بَنِي قُرَيْمٍ

غَدَاةَ غَدَوْنَ مِنْ أَهْلِ العَقِيقِ

والعقيقُ وادٍ يَدْفقُ سَيْلُه في غَوْرِ تهامة.[47]

وقال الحربي (ت285 هـ) بعد أن تكلَّم عن (غَمْرَة) وأنَّها من بلاد هوازن، قائلاً: «وبها وادٍ عظيمٌ يصبُّ فيها ويجوزها، وهو وادي العقيق».[48]

 

الخريطة رقم (13) في دليل هواة الرحلات البرية في المملكة العربية السعودية، الصادر عن هيأة المساحة الجيولوجية السعودية، ويظهر عليها عدد من الأودية في الحجاز.

الفصل الأول :

تقسيم البحث:

لكي نضع تقسيمًا علميًا للبحث؛ لا بدَّ أوَّلاً أن نَعْرِفَ من أين اكتسب وادي العقيق (عقيق عُشَيْرَة) أهمِّيته. واعتقد ـ والله أعلم ـ أنّه اكتسبها نتيجة عوامل مختلفة، وأهمُّها ـ كما أتصوَّر ـ ما يلي:

العامل الديني: كونه أحد المواقيت.

العامل الجغرافي: وقوعه في طريق الحاجِّ العراقي.

العامل التاريخي: بسبب تغيير مسار طريق أحد أمكنة الإحرام.

وعليه؛ سوف نُقسِّمُ البحث ـ كما ذكرنا ـ إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: يتعلَّق بالتسمية، ومواقع الميقات قديمًا.

القسم الثاني: عن التسمية والموقع حديثًا.

القسم الثالث: خُصِّصَ لدليل شرعية العقيق كميقاتٍ للإحرام.

التسمية والموقع قديمًا :

أوَّلاً : بريد البعث :

البَعْثُ في اللغة: كلمة بَعْث: مصدر بَعَثَ.

البَعْثُ: الرَّسُولُ، والجمع: بُعْثَانٌ.

البَعْثُ: بَعْثُ الـجُنْدِ إِلى الغَزْوِ.

البَعَثُ: القومُ المَبْعُوثُونَ المُشْخَصُونَ. وفي التنزيل العزيز: (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) [سورة الإسراء:5].

والبَعْثُ في كلام العرب على وجهين، أَحدهما: الإِرْسَال، كقوله تعالى: (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا) [سورة الأعراف:103]، معناه: أرسلنا.

والبَعْثُ: إِثَارَةُ بَارِكٍ أَوْ قَاعِدٍ، تقول: بَعَثْتُ البَعِيرَ فانبَعَثَ، أي: أثَرْتُه فَثَار.
والبَعْثُ أَيضًا: الإِحْياء من الله للمَوْتى، ومنه قوله تعالى: (ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة البقرة:56]، أَي: أَحْيَيْنَاكُم. وبَعَثَ المَوْتى: نَشَـرَهم لِيَوْمِ البَعْثِ. وبَعَثَ اللهُ الخَلْقَ يَبْعَثُهُم بَعْثًا: نَشَرَهم؛ من ذلك.[49]

ووَرَدَ اسم البَعْث كموقعٍ على سطح الأرض قديمًا ـ حسبما اطَّلعتُ عليه ـ في مصدرين فقط، هما:

1) الروايات الشريفة عن الإمام الصادق7.

2) وما ذكره الحربي أثناء وصفه لمنزلي الأفيعية والمَسْلَح من منازل درب الحجِّ الكوفي.

تحديد الإمام الصادق7 لموقع بريد البعث :

حدَّد الإمام الصادق7 موقع بريد البعث على بعد (6 أميال-12 كم) شمال المَسْلَح، وأنَّ المسافة من البعث إلى غَمْرَة بريدان (24 ميلاً)، ما يساوي (48 كم).

تحديد الحربي لموقع بريد البعث :

ذكر الحربي أنَّ بريد البعث تقع عند الميل الخامس من البريد،[50] يمنة الطريق.

أقول:

إنَّ تقدير الإمام الصادق7 للمسافة بين بريد البعث والمَسْلَح كان دقيقًا وواضحًا ولا يحتاج إلى مزيد بيان.

أمَّا تقدير الحربي فجاء في سياق وصفه للطريق، ولم يكن في صدد ذكر المسافة بين موضع البعث وبين الموضع الذي يليه أو الذي سبقه، وكأنَّه يريد أن يقول إنَّ بريد البعث ليست على الطريق ـ الذي تمّ حرفه عن مساره الأصلي ـ، وإنَّما يمكن الذهاب لها عند الوصول للميل الخامس من البريد تتجه لليمين، عندما ترى علمين يمنة الطريق، فوصفه كان دقيقًا أيضًا.

ثانيًا: المَسْلَح أو المَسْلَخ:

المَسْلَح في اللغة: من سَلح، وهو كلُّ مَوْضِعِ مَخَافَةٍ، يَقِفُ فِيهِ الجُنْدُ بِالسِّلَاحِ لِلمُرَاقَبَةِ والمُحَافَظَةِ.

يقول ابن منظور: «والمَسْلَحُ: مَنْزِلٌ،[51] عَلَى أَرْبَعِ مَنَازِلَ مِنْ مَكَّة».[52]

ويتَّفقُ الحربي مع أهل اللغة في كيفية نطق كلمة المَسْلَح، فيقول: «المَسْلَحُ، بفتح الميم المهملة ثمَّ سكون السين وبعدها اللام ثمَّ الحاء المهملة».[53]

المَسْلَخ في اللغة: من سَلَخ، والمراد منه هنا: نَزْعُ الثِّيَابِ وَخَلْعِهَا.

الأقوال في التسمية :

جاء في تسمية هذا الموضع قديمًا قولان، على النحو التالي:

القول الأول:

المَسْلَخ: بالحاء المعجمة، كما جاءت في الروايات الشريفة، وهو من سَلَخَ، أي: نَزَعَ، والمراد من الكلمة هنا: مَكَان نَزْعِ الثِّيَابِ وارْتِدَاء ثَوْبَي الإِحِرَامِ.

القول الثاني:

المَسْلَح: بالحاء المهملة، كما جاء في أقوال الجغرافيين والمؤرِّخين القدامى والمتأخِّرين، باعتبار أنَّ الموضع كان عبارةً عن مستودعٍ لأسلحةِ الجيشِ، أو مكانِ مرابطةٍ للشرطة التي تقوم بتوفير الأمن للحُجَّاج على الطريق.

وهناك خلافٌ بين أصحاب القول الثاني تمثَّلَ في فتح الميم أو كسـرها، فممَّن ذكرها بالفتح الحربي ـ هكذا وردت في كتابه ـ، أمَّا البكري فيرى أنَّها بالكسـر،[54] وكذلك الهمداني.[55]

ويبدو لي أنَّ تسميته بـ (المَسْلَح أو المَسْلَخ) كلاهما صحيح؛ فوجود حصنٍ بالمنطقة ـ كما بيّن ذلك المسح الأثري الذي قامت به الحكومة السعودية ـ يُعدُّ دليلاً على صحة تسميته بـ (المَسْلَح).

وبما أنَّ المَسْلَخ في أحد معانيه: مَكَان نَزْعِ الثِّيَابِ، والروايات الشـريفة وبعض المؤرِّخين أشاروا إلى أنَّ المَسْلَخ هو أحد أمكنة الإحرام؛ فيصحُّ أن يُقَال للموقع: (المَسْلَخ).

أمَّا موقع القرية قديمًا فيقع «عند الطرف الشمالي لوادي العقيق الذي يسيل من الجنوب إلى الشمال»،[56] شمال غَمْرَة على مسافة (17 ميل)، وجنوب بريد البعث بمسافة (6 أميال)، أنشأها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور؛ لِحَرْفِ (قلب) طريق حجاج بيت الله الحرام عن المرور ببريد البعث، ويذكر الحربي أنّ في المَسْلَحِ قَصْـرًا ومَسْجِدًا وبِرْكَةً وآبار، وأشار تقرير المسح الأثري إلى وجود حصنٍ في القرية، ووصفه بما يلي: «وأساسات عدَّةِ مبانٍ في الوادي، تحتوي على عدِّةِ غرفٍ، كما تضمُّ حِصْنًا، ومبنًى ذا أهميةٍ استنادًا إلى عرض جدرانه ودعائمه».[57]

وذكر التقرير أيضًا أنَّ الحصن المذكور يشـرف على الوادي في وسط الموقع، مستطيل الشكل بمقاسات (26 + 5، 17+5م)، وسمك جداره (1.5م).

يروي الحربي في مناسكه هذه الأبيات بشأن المَسْلَح:

ثُــمَّ أتَيْنَا مَنْــزِلاً بِالمَسْــلَـحِ

جُزْنَا عَلَيْهِ كُلّ خَرْقٍ أفيَحِ

عَلَى حَدِيدَاتِ العُيُونِ الطُمَّحِ

خُزْرٌ مَتَى تُحَدُّ تُرِحْ وَتَفْرَحِ

 

صورة من مخطوطة مناسك الحربي

 

صورة من مخطوطة الحربي يتحدث فيها عن سبب حرف الطريق عن بريد البعث

ثالثًا : غَمْرَة :

غَمْرَة: بفتح أوَّلهِ، وإسكان ثانيه، والجمع على عدِّة صيغٍ: (غمَرَات، وغَمْرَات، وغِمَار، وغُمَر)، وللكلمة أكثر من معنى، منها:

  1. الجَهَالَة، والضَّلَالَة، والغَفْلَة، كما في قوله تعالى: (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا) [سورة المؤمنون: 63].
  2. الشِّدَّة، كما في قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْموْتِ) [سورة الأنعام: 93].
  3. الزَّحْمَة، فعند قولك: غِمَارُ النَّاسِ، أي: جَمْعُهُم المُزْدَحِم، وعندما يقال: ضَاعَ فِي غَمْرَةِ الأَحْدَاثِ، أي: فِي زَحْمَةِ الأَحْدَاثِ.

وتقع غَمْرَةُ على الضفة الشرقية لوادي العقيق، على بعد (17 ميلاً) تقريبًا، جنوب قرية المَسْلَح، أي ما يعادل (34 كم) تقريبًا، وهي «فَصْلٌ بَيْنَ نَجْدٍ،[58] وَتِهَامَة،[59] من طريق الكوفة، كما أنَّ وَجْرَة فَصْلٌ بَيْنَ نَجْدٍ وتِهَامَة من طريق البصرة».[60]

قال البعيث:

أَزَارَتْكَ لَيْلَى وَالرِّكَابُ بِغَمْرَةٍ

وَقَدْ بَهَرَ اللَّيْلَ النُّجُومُ الطَّوَالِعُ

قال الشاعر الجاهلي: تميم بن أُبَيِّ ابن مقبل:

لقَدْ قَطَعَ الإِجْذَامُ عَنْهُ بغَمَرةٍ

بَواكي لا يَذْخَرْنَ دَمْعًا وعُوَّدَا

وينقل الحربي هذه الأبيات التي قيلت في غَمْرَة:

ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلاً بِالْغَمْرَةْ

مِنْهُ يُلَبِّي مَنْ أَرَادَ العُمْرَةْ

وَالحَجُّ لِلْرَّحْمَنِ، لَا لِلشُّهْرَةْ

وَافَتْهُ مِنَّا زُمْرَةٌ فَزُمْرَةْ

تغد سَيْرًا مَا لَهُ مِنْ فَتْرَةْ

نَتْبَعُ غَرَّاءَ لِخَيْرِ عِتْرَةْ

رابعًا : (أم خُرمان) أَوْطَاس :

اعتاد أهل بادية الحجاز على تسمية الجبال والأودية والسهول قديمًا وحديثًا بأسماء خاصَّةٍ بها، فقد يصادف أن يكون اسم جبلٍ مَّا، يقع على ضفاف وادٍ مَّا، في قريةٍ مَّا، ولكلِّ واحدٍ منها (الجبل، والوادي، والقرية) اسمٌ خاصٌّ به، وهو ما يلاحظ هنا في هذه المنطقة من الحجاز.

  1. أُمُّ خُرْمَان: اسم لِـجُبَيْلٍ صغيرٍ يقع بالقرب من بركة (البريكة)، التي أُنْشِئتْ إبَّان الحكم العباسي.
  2. أَوْطَاس: بفتح الهمزة تليها واو ساكنة ثمَّ طاء وسين مهملتين، وتُسمَّى أيضًا (أُم خُرْمَان)، وقد تُسمَّى كذلك (حزم أَوْطَاس)، وهي أرضٌ منبسطةٌ وواسعةٌ، تقع على ضفاف وادي سلحة الذي لا يزال يحتفظ بذَاتِ الاسم إلى يوم الناس هذا.
  3. وادي سلحة: وهو أحد روافد وادي العقيق الكثيرة.

يقول البلادي: «لعقيق عُشَيْرَة روافد كثيرة، منها: الغميم، وقرّان، والحسك، وسدحة، والرصن، وغيرها».

وهو وادٍ ينحدر من جبال الطائف، ويمرُّ بالقرب عُشَيْرَة، وينعطف غربًا، وعلى مسافة عشرة أميال من موقع ذَاتِ عِرْق، وذُكِرَتْ أَوْطَاس على أنَّها
 المتعشَّى،[61] بين غَمْرَة وذَاتِ عِرْق، وبها يلتقي طريقا العراقين (البصرة، والكوفة) المتجهان إلى مكَّة المكرَّمة.

ووصف الحربي أَوْطَاس بقوله: «وعلى ثمانية أميال من غَمْرَة عند الحادي عشـر من البريد يسرة، قبل البريد أُمُّ خُرْمَان، ومنه يعدل أهل البصرة، وهو الجبل الذي عليه علم ومنظرة، وعنده بركة أَوْطَاس، وآبار ومنازل، وأم خُرْمَان امرأةٌ كانت في هذا الموضع، يُسَمَّى ذلك الجبل باسمها...، وأَوْطَاس بها قصور وأبيات وحوانيت وبركة، يسرة، ويقال إنَّ النبي9 كان يرضع في تلك الناحية».[62]

وقال البكري: «بفتح أوَّلهِ وبالطاء والسين المهملتين، وادٍ في ديار هوازن».[63]

وفي بلاد العرب: «وبأَوْطَاس يلتقي طريق البصرة والكوفة...، ويجتمع طريق البصرة والكوفة بأم خُرْمَان وهي أَوْطَاس».[64]

وقال ياقوت: «أَوْطَاس: وادٍ في ديار هوازن».[65]

أمَّا البلادي فوصفها بالتالي: «أَوْطَاس: سَهْلٌ يقع على طريق حاج العراق إذا أقبل من نجدٍ قبل أن يصعد الحرة،[66] فالحاجُّ (حاج البصرة)  إذا تسهل من كشب مرَّ بطرف وَجْرَة الشمالي ثمَّ في غَمْرَة، وبها بِرْكَة تُنْسَبُ إلى زُبَيْدَة، ثمَّ يجزع وادي العقيق -وليس هذا بعقيق المدينة - ثمَّ يسير ساعةً، فهي ضفَّة العقيق اليسرى، ثمَّ يصعد الحرَّة فَيَرِدُ الضريبة الميقات، فهي شمال شرقيِّ مكَّة، وشمال بلدة عُشَيْرة، وتبعد عن مكة قرابة (190) كيلاً على طريق متعرِّجة، وكان حاجُّ العراق يخرج من مكَّة على طريقٍ واحدةٍ هي طريق المُنقَّى، فإذا وصل إلى أَوْطَاس افترق، فذهب البصريُّ يمينًا والكوفي ثمَّ البغدادي يسارًا».[67]

وفي تقرير لوكالة الأنباء السعودية عن ميقات ذَاتِ عِرْق: «أمَّا مَكَانُ (أوْطَاس)، فقد شهد فصولاً من معارك الرسول9 ضِدَّ هوازن، فبعد أن انتصـر جيش المسلمين عليهم في معركة (حنين) في السنة (8) للهجرة، أرسل الرسول 9 سريَّةً عُرِفَتْ بـ (سريَّةِ أوْطَاس)، بقيادة أبي عامر الأشعري، عمِّ أبي موسى الأشعري، إلى أن توجَّه إلى (أوْطَاس) من فلول جيش هوازن فلحق بهم وقاتلهم في هذا الموقع حتى انتصر جيش المسلمين».[68]

ووصف العلَّامة الفضلي= طريقي الحاجِّ العراقي، بقوله: «وحينما مُصّـِرَتِ البصرةُ ثمَّ الكوفة، كان هناك طريقان منهما إلى الديار المقدَّسة في الحجاز: طريق البصرة ـ مكَّة، وطريق الكوفة ـ مكَّة.

يخرج الطريق الأوَّل من البصرة، والطريق الثاني من الكوفة، ويسير كلُّ واحدٍ منهما باتجاهٍ خاصٍّ به، فيدخل طريق البصرة وادي العقيق عند (وَجْرَة) ـ بالجيم المعجمة ـ، وهي أوَّلُ مَحْرَمٍ للقادمين إلى مكَّة عن طريق البصرة، وهي ـ أيضًا ـ الحدُّ الفاصل بين نجدٍ وتِهَامَة عن طريق البصرة، وتبعد عن مكَّة بحوالي أربعين ميلاً.

ويدخل طريق الكوفة وادي العقيق عند (المَسْلَح) -بالحاء المهملة، وربَّما ذكره بعضهم بالخاء المعجمة- وهو أوَّلُ مَحْرَمٍ للقادمين إلى مكَّة عن طريق الكوفة.

ثمَّ يسير طريق الكوفة من (المَسْلَح) إلى (غَمْرَة) ـ بالغين المعجمة ـ، وهي المَحْرَم الثاني لسالكي طريق الكوفة، وهي ـ أيضًا ـ الحدُّ الفاصل بين نجدٍ وتِهَامَة عن طريق الكوفة، وبين المَسْلَح وغَمْرَة سبعة عشر ميلاً.

ثمَّ يسير طريق الكوفة من غَمْرَة حتى يصل بعد ثمانية أميالٍ إلى أُمِّ خُرْمَان (أوْطَاس)، فيلتقي عندها بطريق البصرة، فيتوحَّدانِ في طريقٍ واحدٍ، يسير إلى مكَّة المكرمة مَارًّا بـ (ذَاتِ عِرْق)، وهي آخر مَحْرَمٍ من محارم العقيق الثلاثة».[69]

واجتماع الطريقين في أُم خُرْمَان (أوْطَاس) بسبب أنَّ الطريق بعد هذه المنطقة يمرُّ بأوديةٍ وشِعَابٍ تنحدر بين الجبال، ما يجعل من الصعوبة سلوك أكثر من طريق في هذه الأماكن الوعرة.

وقد كانت النار توقد فوق أعلى جبل أمِّ خُرْمان؛ لكي تهدي سالكي كِلا الطريقين.

واللطيف أنَّ أسماء بعض مناطق درب الحاجِّ العراقي غريبة حقًا!، من قبيل (أمُّ خُرْمان)، ولهذا لم يُفوِّت الظرفاء من الحُجَّاج أن يتغنّوا بهذا الجُبَيْل في أراجيزهم التي يُرددِّونها لتمضية الوقت وحثِّ الإبل على المسير:

يَا أُمَّ خُرْمَانَ ارْفَعِي الوَقُودَا

تَرَيْ رِجَالاً وَجِمَالاً قودَا

وَقَدْ أَطَالَتْ نَارُكِ الـخُمُودَا

أَنِمْتِ أَمْ لَا تَجِدِينَ عُودَا؟

وأنشد الهذلي يقول:

يَا أُمَّ خُرْمَانَ ارْفَعِي ضَوْءَ اللَّهَبْ

إِنَّ السُّوَيْقَ وَالدَّقِيقَ قَدْ ذَهَبْ.[70]

جبل أمِّ خُرْمَان

خامسًا: ذَاتُ عِرْق:

قيل: عِرْق هو اسم جبل.

جاء في معجم البلدان: «العِرْق هو الأرض التي أحياها قوم بعد أن كانت دثرة. والأصل في الأرض السبخة التي تنبت الطرفاء ونحوه، وذَاتُ عِرْق مهل العراق وهو الحدُّ بين تِهَامَة ونَجْد».

مسجد الميقات القديم :

لم يعد للمسجد القديم أيُّ أثرٍ سوى بئرٍ كبيرةٍ نسبيًا أصبحت داخل فناء المسجد الجديد.

الطريق المؤدِّي لميقات العقيق قديمًا :

تُعد الطرق البرية ما بين الحجاز وبلاد الرافدين من أقدم الطرق التي كانت تربط بين الحجاز والعراق، والطريق الرابط بينها سُمِّيَ قديمًا بطريق (الحيرة ـ مكة).

 

وفي عصر صدر الإسلام استخدمت الجيوش الإسلامية الطريق في ذهابها لتحرير بلاد فارس.

وعندما مُصِّرَت العراق وتأسَّست مدينة الكوفة وانتقلتْ العاصمة الإسلامية إلى بغداد ازداد الاهتمام بهذا الطريق حتى بات يُعرف بـ (طريق الكوفة ـ  مكة).

وهو ذات الطريق الذي سلكه الإمام الحسين عليه السلام أثناء خروجه من مكَّة قاصدًا الكوفة عام (60هـ)، ومن هنا تشرَّفت بعض محطَّات الطريق بنزوله فيها، حيث اقترنت بأهمِّ حدثٍ في التاريخ الإسلامي (واقعة كربلاء)، واستشهاد ابن بنت نبي هذه الأمة9. والمحطَّات كما ذكرها الطبري في تاريخه هي كالتالي: (الحاجر، الثعلبية، زبالة، واقصة، القادسية).[71]

الحقبة الذهبية لدرب الحاجِّ الكوفي

تُعدُّ فترة القرن الأوَّل الهجري إلى القرن الثالث الحقبة الذهبية لهذا الطريق، وقد شهد تطوُّرًا ملحوظًا في العصر العباسي الأوَّل؛ حيث سلكه عدد من الخلفاء العباسيين الأوائل في رحلتهم إلى الحج، مثل: أبي جعفر المنصور، وهارون الرشيد.

وتشير المصادر التاريخية إلى أنَّهم شيَّدُوا قصورًا لهم في أغلب محـطَّات الطـريق، وحفروا الآبار، وعملوا بِرَكَ الميـاه الضخمة، وإقامـوا الأعـلام،[72] (أحـجار المسـافـة)، [73] وقد قامت زوج الرشيد بإنشاء البِرَكِ على طول الطريق حتى بات يُعرف بـ (درب زُبَيْدَة).

وفي أواخر القرن الثالث الهجري وبداية القرن الرابع، تعرَّض الطريق لهجمات القبائل؛ فتعرَّضت بعض محطَّاته للتخريب والتدمير، ونجم عن ذلك اندثار معالمه وتوقَّف الحُجَّاج عن استخدامه إلَّا في حالاتٍ توفَّرت فيه الحماية لسالكيه.

وبعد سقوط بغداد على أيدي المغول عام (656هـ/1258م)، تعطَّل الطريق واندثرت معظم محطَّاته وأصبحت مجرَّد أطلال، ويبلغ طوله (1400 كم) تقريبًا، بدءًا من مدينة الكوفة جنوب العراق وصولاً لمكَّة المكرَّمة في الحجاز، ويحتوي الطريق على عددٍ من المحطَّات ـ تمّ اختيارها بعنايةٍ ودقَّةٍ ـ ؛ لتميُّزها بوفرة المياه فيها، ولهذا نجد أنَّ المسافات بين المنازل والمتعشيات غير متساوية.

ومحطَّات الطريق على نوعين، فمنها: المحطات الرئيسة، وعددها (27) محطَّة، وتُسَمَّى (المنازل)، ومثلها محطَّات ثانوية تلي كلَّ منزلٍ، وتُسَمَّى (المتعشيات)، وهي استراحة تقام بين كلِّ محطَّتين رئيستين.

وخمسة المنازل الأولى تقع داخل الأراضي العراقية حاليًا، وما بعدها فهي تقع داخل الأراضي السعودية، وعددها اثنان وعشرون منزلاً.

المسافات بين منازل درب الحاجِّ الكوفي في المعاجم

بما أنَّ البحث يتعلَّق ببعض الأماكن التي يقع عليها ميقات العقيق من درب الحاج الكوفي؛ فقد اقتصرتُ على ما جاء في مناسك الحربي ـ كما أسلفت ـ، إلَّا أنَّني خلال البحث وجدتُ جدولاً يختصر على الباحث الكثير من الجهد، فقد قام الدكتور سيّد عبدالمجيد بكر بعمل جدولٍ وضع فيه المسافات بين منازل درب الحاجِّ الكوفي لدى أشهر المؤرِّخين في كتابه المعنون بـ (الملامح الجغرافية لدروب الحجيج)، والمؤرّخين الذين ذكرهم الدكتور بكر، هم:

الإمام الحربي.

ابن خرداذبة.

المقدسي.

ابن قدامة.

ابن رستة.

موزل.

لم تذكر الأميال بين الكوفة والقاع في كتاب المناسك الميل العربي في تقدير موزل (1.7كيلومترًا)، التشابة في ذكر الأميال فيما سجله كل من ابن خرداذبة وغيره قد يكون نتيجة النقل عن بعضهم البعض مجموع الكيلومترات المرجَّح يقترب من نتيجة تحويل مجموع الأميال في تقدير ابن رستة في الأعلاق. يوجد خلطٌ في ذكر المنازل بين الربذة والأفيعية عند كلٍّ من: ابن خرداذبة والمقدسي وابن قدامة؛ لهذا أهملتُ ذكر الأميال بين هذه المواضع.

 

اسم المنزل

تقدير

الحربي.

م.

تقدير ابن

خرداذبة

.م.

تقدير المقدسي

.م.

تقدير

ابن قدامة

.م .

تقدير

ابن رسته

.م.

تقدير موزل

.كم.

المرجح

كم

الكوفة

-

15

-

-

-

27

-

القادسية

-

6

-

15

15

8

27

العذيب

-

24

-

6

6

34

8

المغيثة

-

32

-

14

24

42

34

القرعاء

-

24

22

32

32

46

42

واقصة

-

29

24

24

24

50

46

العقبة

-

24

29

29

29

47

50

القاع

-

24

24

24

24

43

47

زبالة

18

21

24

24

24

39

36

الشقوق الشحيات

17

29

21

18

21

50

39

بطـــان

22.5

29

29

29

29

50

50

الثعلبية

22.5

32

29

29

29

60

45

الخزيمية زرود

23

24

32

33

32

60

46

الأجفر

20.5

36

24

24

24

72

41

فيد

27

31

36

36

36

64

61

توز التوزي

24.5

20

31

33

31

-

64

سميرا

15.5

33

20

16

20

-

30

الحاجر

23.5

34

33

33

34

-

56

النقرة

27.5

33

34

27

34

-

56

مغيشة الماوان

27

24

33

27

34

-

56

الربذة

20

-

24

24

24

-

59

السليلة

23.5

-

-

-

26

-

47

العمق

18

-

-

-

21

-

40

معدن بنى سليم

22

-

-

-

19

-

44

الأفيعية

26.5

-

-

-

32

-

53

المسْلَح

26

24

24

34

28

-

52

غمرة

17

18

18

18

18

-

34

ذَاتُ عِرْق

20

26

-

26

29

-

40

بستان بن معمر

21

22

-

-

22

-

42

مكة المكرمة

28

24

-

-

24

-

56

 

 المجموع: 745 ميلاً  -  1266.5 كيلومترًا تقريبًا  /  1301 كيلومترًا تقريبًا

جدول المسافات بين منازل درب الحاج الكوفي

درب الحاجِّ الكوفي كما جاء في كتاب المناسك للحربي :

سنسلِّط الضوء في هذا المطلب على منازل درب الحاجِّ الكوفي بشكلٍ موجزٍ كما ذكرها الحربي، ونركِّز على ما ذكره من معلوماتٍ حول الأماكن التي تمثِّل ميقات العقيق حسبما جاء في الروايات الشريفة، وهي: (بريد البعث، والمَسْلَح، وغَمْرَة، وأَوْطَاس، وذَاتُ عِرْق).

وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ بداية الطريق في مخطوطة الحربي تبدأ من منزل القاع (المنزل السادس)، الذي يقع حاليًا داخل الحدود السعودية، وذلك لأنَّ جزءًا من المخطوطة مفقودٌ كما ذكر المحقِّق.[74]

المنزل السادس: (القاع)، والمسافة بينه وبين (زُبَالة): 18.5 ميلاً.

المنزل السابع: (زُبَالة)، والمسافة بينها وبين (الشقوق): 17 ميلاً.

المنزل الثامن: (الشقوق)، والمسافة بينه وبين (بطان): 22.5 ميلاً.

المنزل التاسع: (بطان)، والمسافة بينه وبين (الثعلبية): 22.5 ميلاً.

المنزل العاشر: (الثعلبية)، والمسافة بينها وبين (الخزيمية): 23 ميلاً.

المنزل الحادي عشر: (الخزيمية)، والمسافة بينه وبين (الأجفر): 20 ميلاً.

المنزل الثاني عشر: (الأجفر)، والمسافة بينه وبين (فيد): 27 ميلاً.

المنزل الثالث عشر: (فيد)، والمسافة بينه وبين (توز): 24.5 ميلاً.

المنزل الرابع عشر: (تـوز)، والمسافة بينه وبين (سميراء): 15.5 ميلاً.

المنزل الخامس عشر: (سميراء)، والمسافة بينها وبين (الحاجر): 23.5 ميلاً.

المنزل السادس عشر: (الحاجر)، والمسافة بينه وبين (النقرة): 27.5 ميلاً.

المنزل السابع عشر: (النقرة)، والمسافة بينه وبين (مغيثة الماوان): 27 ميلاً.

المنزل الثامن عشر: (مغيثة الماوان)، والمسافة بينها وبين (الربذة): 20 ميلاً.

المنزل التاسع عشر: (الربذة)، والمسافة بينها وبين (السليلة): 23.5 ميلاً.

المنزل العشرون: (السليلة)، والمسافة بينه وبين (العمق): 18 ميلاً.

المنزل الحادي والعشرون: (العمق)، والمسافة بينه وبين (معدن بني سليم): 22 ميلاً.

المنزل الثاني والعشرون: (معدن بني سليم)، والمسافة بينه وبين (أفيعية): 26.5 ميلاً.

المنازل التي يقع عليها ميقات العقيق :

المنزل الثالث والعشرون: (الأفيعية)، والمسافة بينها وبين (المَسْلَح): 26.5 ميلاً، أي ما يعادل (53 كم تقريبًا).

قال الحربي في وصف الأفيعية: «أنَّها سُمِّيت الأفيعية بكثرة حيَّاتها (الأفاعي)...، وهي لقومٍ من آل أبي بكر، وآل الزبير ولقومٍ من بني سليم، وبها بركة ماءٍ مربَّعةٍ تُعرف ببركة الوادي، وبركة مدوَّرة، وهي أعلى الجبل، على مقدار ميلٍ من المنزل بركة هرار، ولها مصفاة، وبأفيعية من الآبار جماعة آبار غليظة الماء».[75]

بريد البعث قديمًا :

لم أعثر في المصادر التاريخية القديمة ـ في حدود ما اطَّلعت عليه ـ  على ذِكْرٍ لـ (بَرِيدِ البَعْثِ)، سوى ما ذكره الحربي في مناسكه.

فهي قريةٌ صغيرةٌ تقع في الحجاز على درب الحاجِّ الكوفي (القديم) في أوَّل بطن العقيق، من جهة العراق، ويبدو أنَّها كانت قائمةً وعامرةً حتى بداية الثلث الثاني من القرن الثاني الهجري، الوقت الذي تسلَّم فيه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور السلطة في بغداد، والذي استمرَّت فترة خلافته اثنين وعشـرين عامًا (136- 158هـ)، وإصدار أوامره بِحَرْفِ مسار الطريق عنها إلى المَسْلَح.

وتقع قرية البَعْث بعد بِرْكَة العموسي بمسافة (4 أميال تقريبًا) ما يساوي (8 كم)، ودُونَ منزل المَسْلَح بِسِتَّةِ‌ أَمْيَالٍ مِمَّا يَلِي الْعِرَاقَ (12 كم تقريبًا)، بحسب ما جاء في أكثر من روايةٍ عن الإمام الصادق7، وما ذكره الحربي في مناسكه.

والقرية حسب الظاهر كانت المنزل الذي يلي الأفيعية، في بداية إنشاء هذا الطريق، وبحسب ما جاء في مناسك الحربي فقد كان بعض الحُجَّاج يُحْرِمُون منها، ثمَّ حُوِّلَ مكانُ الإحرامِ منها وأعني قرية البَعْث إلى قرية المَسْلَح كما سيأتي.

ويبدو أنَّه حتى بعد أن حُوِّلَ الطريق عن بريد البَعْث استمرَّ بعض الحُجَّاج يُحْرِمُون منها.

الطريق المؤدِّي لبريد البعث قديمًا :

أمَّا طريق الحجَّاج قديمًا لبريد البَعْث قبل أن يتمَّ تحويله ناحية المَسْلَح من قِبَلِ الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور فهو كالتالي:

من الأفيعية (أفاعية) إلى أمِّ الغيران:

الأفيعية (هضبة أفاعية)، وهي عبارة عن جبلٍ ناريٍّ أحمر اللون، ويقع في الجنوب الشرقي منه جبالٌ داكنةٌ تُسمَّى جبل هدان، وكلا الجبلين لا يزالان يحتفظان بنفس الاسم، ويمرُّ بينهما وادٍ كبيرٌ يُسمَّى وادي السر (انظر الخريطة المرفقة).

وفي الطريق سيرى الحاجُّ جبلاً سمَّاه الحربي «جبل الراكب»؛ (يشبه رجلاً يركب جملاً).

وبعد أفيعية (هضبة أفاعية)، وعلى مسافة (10 كم تقريبًا) يرتفع الطريق قليلاً ليكون الحُجَّاج أمام منظرٍ مهيبٍ؛ فأمامهم أرضٌ مستويةٌ، وهي عبارة عن سبخةٍ عظيمةٍ تُسمَّى (سبخة أرن)، فيسلكون الطريق وعلى يمينه السبخة يسير في السهل المستوي المسمى «الحبيض»، باتجاه الجنوب الشرقي حتى يصلون قرية تسمَّى أمَّ الغيران ـ يبدو أنَّها لم تكن موجودة قديمًا ـ تقع على بعد (20 كم تقريبًا) من الأفيعية، وهي قرية صغيرة، شاهدنا فيها مسجدًا للملك عبدالعزيز مسوَّرًا بطابوق، يبلغ ارتفاعه مترًا واحدًا تقريبًا، وبدون سقف (انظر: الخريطة المرفقة وصورة حديثة للمسجد).

ومن أمِّ الغيران إلى الكبوانة (المتعشى): تبلغ المسافة من أم الغيران إلى الكبوانة (5 كم تقريبًا).

يقول الحربي في مناسكه: «وعلى اثني عشر ميلاً ونصف من أفيعية قريب من المشرق يسرة، بِرْكَةٌ تُسمَّى الكبوانة، وهي المتعشى، وعندها قصر، وأبيات، وحوانيت خَرِبَة، وعندها آبار كثيرة الماء»،[76] وأفاد الحربي أنّها تقع على بعد (12.5 ميل) ما يعادل (25 كم تقريبًا)، جنوب الأفيعية، بمنتصف الطريق بين الأفيعية والمَسْلَح تقريبًا.

وعلَّق الشيخ حمد الجاسر في الهامش، بأنَّ الكبوانة تسمى الآن كبوان «وهو جبل يقع شمال المَسْلَح بمَيلٍ نحو الشرق، ويقع غرب حَرَّة كُشُب، وشرق حَرَّة بني سليم».[77]

والآثار في هذه المنطقة شبه مندثرة.

ومن الكبوانة إلى بركة العموسي (بركة شعر) :

على بعد (12 كم) من الكبوانة (37 كم) من أفيعية أنشأت الحكومة السعودية بِرْكَةً جديدةً مستطيلةَ الشكلِ، وبالقرب منها يوجد أثرٌ لبركةٍ دائريةٍ صغيرةٍ تسمَّى بركة العموسي كما ذكرها الحربي، وسمَّاها تقرير المسح الأثري (بركة شِعر) نسبة للجبال الواقعة شرقًا منها.

ومن بِرْكَة العموسي (بركة شعر) إلى قرية البَعْث، ومن ثمَّ إلى غَمْرَة:

ويضيف الحربي: «وعلى ستة عشر ميلاً من أفيعية بِرْكَة تُسمَّى العموسي...».[78]

وللوصول لقرية البَعْث يتطلَّب ألَّا نسلك درب الحاجِّ الكوفي الحالي؛ وذلك لأنَّ الطريق قد حُوِّل عنها، فعلينا إذًا سلوك الطريق السابق -قبل تحويله للمسلح- (انظر: الخريطة والصورة المرفقتين لموقع بريد البَعْث وما قبلها من مواقع وما بعدها).

فعلى بعد (8 كم تقريبًا) من بركة العموسي (بركة شعر) باتجاه الجنوب الشرقي حسب وصف الحربي يوجد يمنة الطريق جُبيل ليس بالمرتفع، وعن يسار الطريق جبل مستطيل.

ففي هذه المنطقة الرملية الواسعة بين جُبَيْل البعث والجبل المستطيل يقع بريد البَعْث.

والجدير بالذكر هنا هو أنَّ المنطقة التي تضمُّ (بركة العموسي) و(قرية البَعْث) هي عبارة عن مجموعة جبالٍ تمتدُّ لمسافةِ عشـرة كيلومترات أو أكثر، وتُسمَّى جبال شعر.

أقوال المؤرِّخين المتأخِّرين عن بريد البَعْث:

يقول سيِّد عبدالمجيد بكر: «وكان الحُجَّاج ينزلون البَعْث أسفل المَسْلَح قُرْبَ بِرْكَةٍ احتفرها عيسى بن علي، ثمَّ تحوَّل إلى المَسْلَح في عهد المهدي العباسي...».[79]

ويقول الدكتور رفاعي في تعليقه بالهامش عن موضع المَسْلَح ما نصُّه: « ... وكان الطريق القديم على موقعٍ يُقَال له (البَعْث)، وهو أسفل المَسْلَح، وأوَّل من نزله عيسى بن علي، حفر فيه بِرْكَةً يُقَال لها (بِرْكَة عيسى)، وبنى به قصرًا، ولمَّا حجَّ المنصور طلب منه البركة أن يهيِّئها له، فقال له: إنَّها صدقة على ابن السبيل، فحفر المنصور بِرْكَةً في بطن الوادي تُعْرَفُ بِبِرْكَةِ أمير المؤمنين، وقلب الطريق عن البَعْث إلى المَسْلَح، فحُوِّل به القرية وعمرت...».[80]

وأمَّا الدكتور الراشد، فيقول: «... ويفيدنا الحربي بأنَّ طريق الحجِّ كان في القديم يمرُّ على مكانٍ يُسَمَّى بالبَعْث إلى الشرق من موقع المَسْلَح.

ويُفْهَمُ من نصِّ الحربي بأنَّ المَسْلَح عمر في عهد الخليفة أبي جعفر المنصور، وقُلِبَ الطريق عن البَعْث إلى المَسْلَح، فَحُوِّلَ به القرية، وعمرت، فغالبية القرية لقريش، لولد طلحة بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر ولبني سليم وغيرهم».[81]

ملحوظة:

يبدو لي أنَّ سبب عدم شمول المسح الأثري لهذه المنطقة، هو كونها لا تقع على طريق الحاجِّ الكوفي الحالي مباشرة.

وَصْفُ الحربي لبريد البَعْث :

وَصَفَ الحربي موقع (بريد البَعْث)، فقال: «وعند الميل الخامس من البريد يمنةً، علمان. وهو طريق البَعْث، يأخذ فيه من لا يريد المَسْلَح. وطريق المَسْلَح يمنة.

و(البَعْثُ) جُبَيْل ليس بالمرتفع يمنة. وعن يسار الطريق جبل مستطيل.

ويقال: إنَّ طريق أوَّل بَطْنِ العقيق، وهو مارًّا اللفة، وبعض الناس يُحرم منه.

وأوَّل من حفر بالبعث بِرْكَةً هو عليُّ بن عيسى، وبنى فيه قصرًا، فبِه يُعْرَف.

وحفر أبو جعفر بالوادي بِرْكَةً تُعْرَفُ بِبِرْكَةِ أمير المؤمنين. والقرية لولد طلحة بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر».[82]

كيف حُوِّلَ الطريق عن بريد البعث؟

من خلال وصف الحربي للمنطقة المحصورة بين منزلي الأفيعية والمَسْلَح؛ يتَّضحُ لنا أنَّ أبا جعفر المنصور قد حَوَّلَ (قَلَبَ أو حَرَفَ) الطريق عن بريد البعث مِنْ عِنْدِ بِرْكَةِ العموسي (بِرْكَة شعر)، فَبَدَلَ أنْ تتجه قوافل الحجيج إلى قرية البعث ومِنْ ثمَّ مباشرةً إلى غَمْرَةَ؛ أصبحت تتجه من بِرْكَةِ العموسي نحو قرية المَسْلَح ثمَّ إلى غَمْرَة.

 

مسجد الملك عبدالعزيز في قرية أم الغيران الواقعة في سبخة أرن.

 

صورة فضائية بُيِّنتْ عليها مواقع الأماكن التي دار حولها البحث

 

 

صورة فضائية لـ بركة العموسي (بركة شعر)

  الآثار المتبقية من بركة العموسي (بركة شعر)

 

 

علما الحربي وخلفهما جُبَيْل البَعْث (أخذت الصورة من مسافة بعيدة)

 

جُبَيْل البَعْث من جهة طريق الحاجِّ الكوفي، وبريد البَعْث تقع خلف هذا الجُبَيْل

 

 

جُبَيْل البَعْث وتبدو أعلام الطريق بوضوح يمنة الطريق ويسرته

 

بريد البَعْث ويظهر في الصورة جُبَيْل البَعْث

 

 صورة حديثة لبريد البَعْث

 

الجبل المستطيل الذي ذكره الحربي

المنزل الرابع والعشرون: (المَسْلَح)، والمسافة بينه وبين (غَمْرَة): 17 ميلاً.

رواية الحربي عن قرية المَسْلح :

يقول الحربي عن (المَسْلَح): «كان المَسْلَح أوَّلُه لبني سُلَيْم، وكان الحُجَّاج ينزلون (البَعْث)، يسلكون أسفل المَسْلَح بينه وبين مطلع الشمس، وكان أوَّل من نزل هذا الغائط عيسى بن علي، فحفر فيه بِرْكَة يقال لها (بِرْكَة عيسى)، وبنى به قصرًا، ثمَّ ورد عليه أبو جعفر، فطلب منه البِرْكَةَ أن يَهَبَهَا له، فقال: إنَّها صدقةٌ على ابن السبيل، وهي بأسفل المَسْلَح، فلمَّا أبى أن يَهَبَهَا له، استشار على بَلَدٍ يحفر فيه بِرْكَةً، فأشاروا عليه ببطن الوادي،[83] فحفر فيه بركة تُعْرَفُ بِبِرْكَةِ أمير المؤمنين، وقَلَبَ الطريق عن البَعْث إلى المَسْلَح، فحُوِّل به القرية، وعُمرت، فغالبة القرية لقريش، لولد طلحة بن عبدالرحمن بن أبي بكر وبني سُلَيْم وغيرهم.

فحدَّثني عبدالله بن بشر، عن إسحق بن يعقوب البشري، قال: أخبرني يعقوب بن قُرَّة السُّلميُّ أنَّ المهدي العباسي طلب من (عيسى بن علي)،[84] بِرْكَتَهُ التي أسفل المَسْلَح، فقال: يا أمير المؤمنين تصدَّقتُ بها على الحاجِّ. فقال للربيع،[85]: ويحك، أيش الحيلة فيها يا ربيع؟! قال يا أمير المؤمنين: تعمل بِرْكَةً بين الأكمتين، تَسُدُّ بها السبيل إلى تلك، لا شيء يُفْعَلُ غير هذا».[86]

أقوال المورِّخين القدامى حول المَسْلَح :

يقول ابن خرداذبة (المتوفى نحو 280هـ): «ثمَّ إلى المَسْلَح، فيها بِرَكٌ وآبارٌ، وهي مِيقَاتُ أهل العراق».[87]

ويصف أبو علي أحمد بن عمر ابن رسته (ت 290هـ) قرية المَسْلَح بقوله: «وهي منزلٌ خصيبٌ كثيرُ الماءِ في البِرَكِ والآبارِ، ومن هذا المنزل يُحْرِمُ الحاجُّ، إلَّا الحمَّالين فإنَّهم يُحْرِمُون من ذاتِ عِرْق والمتعشَّى القصر على (8 أميال)...».[88]

أمَّا ياقوت الحموي فيصفها بقوله: «المَسْلَح: بالفتح ثمَّ السكون، وفتح اللام، والحاء مهملة: اسمُ مَوْضِعٍ من أعمال المدينة...».[89]

أقول:

يُفهَمُ من كلام ابن خرداذبة أنَّ الحُجَّاج كانوا يُحْرِمُون من (المَسْلَح) آنذاك، فَلَمْ يَقُلْ بعض الحُجَّاج يُحْرِمُون منها، خصوصًا إذا عَلِمْنَا أنَّها تقعُ قبل غَمْرَة، وقبل ذَاتِ عِرْق، أي بمسافة (37 ميلاً تقريبًا)، وهو ما يعادل (74 كيلاً تقريبًا)، واللافت في كلامه أيضًا أنَّه عند تطرُّقِهِ للحديث عن (ذَاتِ عِرْق) لم يُشِرْ إلى أنَّها مِيقَاتٌ أو خلافه، واكتفى بالقول: «ثمَّ إلى ذَاتِ عِرْق فيها بِئْرٌ كثيرةُ الماء، ستة وعشرون ميلاً، والمتعشَّى أَوْطَاس على اثني عشر ميلاً».[90]

 

بركة أبي جعفر المنصور في المَسْلَح

المنزل الخامس والعشرون: (غَمْرَة)، والمسافة بينها وبين (ذَاتِ عِرْق): 20 ميلاً، أي ما يعادل (40 كم تقريبًا). أمَّا ابن خرداذبة فذكر أنَّ المسافة 26 ميلاً.

أقوال المؤرِّخين عن غَمْرَة:

يقول الحربي: «وبها قصرٌ ومسجدٌ، وهي لبني هلال بن عامر وهوازن، وبها بِرْكَتَان مربَّعتان، وتُعْرَف واحدةٌ بالرشيد، والآخرى بعيسى بن علي، وثلاثُ آبارٍ عِذَابٍ، وبها وادٍ عظيمٌ يصبُّ فيها ويجوزها، وهو وادي العقيق».[91]

وقال ابن رستة (ت نحو 300هـ): «ومن الغَمْرَة إلى ذَاتِ عِرْق اثنا وعشرون ميلاً، وهو مِيقَات أهل العراق، وهو منزلٌ كثيرُ الأهل كثيرُ الشَّجرِ، والماءُ فيه كثيرٌ، وفيه بِئْرٌ كثيرةُ الماء...».[92]

ويقول اليعقوبي: «ثمَّ أفيعية، ثمَّ المَسْلَح، ثمَّ غَمْرَة، ومنها يُهَلُّ بالحجِّ، ثمَّ ذَاتُ عِرْق...».[93]

ويصفها ياقوت الحموي، بقوله: «... وهو منهلٌ من مناهلِ طريق مكَّة ومنزلٌ من منازلها، وهو فصلٌ ما بين تِهَامَةَ ونَجْدٍ...».[94]

ويقول المطهَّر المقدسي بشأن غَمْرَة: «ثمَّ أفيعية، ثمَّ المَسْلَح، ثمَّ الغَمْرَة، ومنها يُحْرِمُ النَّاسُ، إلَّا الجمَّالين، فإنَّهم يُحْرِمُون من ذَاتِ عِرْق...».[95]

ويصفها البكيري: «غَمْرَة: بفتح أوَّلهِ وإسكان ثانيه، هي فصلٌ بين نَجْدٍ وتِهَامَة من طريق الكوفة، كما أنَّ وَجْرَة فصلٌ بين نَجْدٍ وتِهَامَة من طريق البصرة، وأنشَدَ للبعيث:

أَزَارَتْكَ لَيْلَى وَالرِّكَابُ بِغَمْرَةٍ

وَقَدْ بَهَرَ اللَّيْلَ النُّجُومُ الطَّوَالِعُ».[96]

ويقول أحد الشعراء عن غَمْرَة[97]:

ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلاً بِالْغَمْرَةْ

مِنْهُ يُلَبِّي مَنْ أَرَادَ العُمْرَةْ

وَالحَجُّ لِلْرَّحْمَنِ، لَا لِلشُّهْرَةْ

وَافَتْهُ مِنَّا زُمْرَةٌ فَزُمْرَةْ

تَغُذُّ سَيْرًا مَا لَهُ مِنْ فَتْرَةْ

نَتْبَعُ غَرَّاءَ لِخَيْرِ عِتْرَةْ

ويقول الشيخ حمد الجاسر: «وفي (بلاد العرب)، قال أبو جعفر: أهل الكوفة يُحْرِمُون بـ (غَمْرَة)، وأهل البصرة بـ (وَجْرَة)...، وهما يتراءان وبينهما نحوٌ من ثلاثة فراسخ، بينهما جبل يقال له: الكراع. ويجتمع طريق البصرة والكوفة بـ (أم خُرْمان)، وهي (أوْطَاس)، وقال: ومنهلٌ يُقال له (الغمير): إذا خرجت من (غَمْرَة) أو (وَجْرَة) فأردتَ أن تجعل إلى مكَّة مرحلتين، فالمرحلة الأولى (الغُمير)، ومن جعلها ثلاثًا فمرحلة (ذَاتِ عِرْق)، ثمَّ (البستان)، ثمَّ مكَّة».[98]

 

بركة غَمْرة المدرجة (بركة العقيق)

 

مدخل الماء القادم من المسيل لبِرْكَةِ غَمْرَة (بِرْكَة العَقِيق)

 

[1]. العَقِيق: من أودية الحجاز المشهورة، ويُعرف باسم (عقيق عُشَيْرَة).

 

[2]. بَريِدُ البَعْث: قرية صغيرة اندثرت، وهي تمثِّل بداية ميقات العَقِيق.

 

[3]. غَمْرَة: قرية صغيرة تُسَمَّى حاليًا (بِرْكَة العَقِيق)، وهي نهاية ميقات العَقِيق.

 

[4]. المسْلَح: قرية تقع بين بَرِيدِ البَعْثِ وَغَمْرَة، تُعدُّ أوَّلَ أمكنة ميقات العقيق الثلاثة، بحسب بعض الروايات عن الإمام الصادق7.

 

[5]. لم أعثر ـ حسب تتبّعي ـ على بيت شعرٍ واحدٍ يصف العقيق كميقات، لا قديمًا ولا حديثًا. نعم، ورد ذكره كمكانٍ لِلِقَاء الأحبَّة، كذلك لم ينظم أيُّ شاعرٍ مِنْ قَبْلُ بيتًا واحدًا في موضع (بَرِيدِ البَعْث) كمكانٍ من أمكنة الإحرام، فَنَظَمْتُ هذه الأبيات لهذا الغرض.

 

[6].  فقيه إمامي وعالم موسوعي، جمع بين الدراستين الحوزوية والأكاديمية، له العديد من المؤلَّفات في القرآن وعلومه، والفقه وأصوله، واللغة العربية وآدابها، بالإضافة للعديد من التحقيقات الميدانية.

 

[7]. انظر: مقدِّمة غدير خم، العلّامة الفضلي، دارة الغريين للدراسات، الصفحة:5.

 

[8]. البَعْثُ (بالباء الموحدة والعين المهملة والثاء المثلَّثة): اسمٌ لأحد منازل طريق الحاجِّ الكوفي، قبل أن يتمَّ قلب الطريق إلى قرية المسْلَح، وقد ورد ذكره في أكثر من رواية عن الإمام الصادق7، وكذلك ذكره الإمام الحربي (المعاصر للإمام أحمد بن حنبل) في كتاب المناسك.

 

[9]. تمَّ اعتماد المرحلة الأولى من طريق (القصيم-مكة المكرمة) ضمن ميزانية عام (1432-1433هـ). انظر: صحيفة الجزيرة العدد:2 (1397) بتاريخ الخميس 24 محرم 1432هـ.

 

[10]. مخطوطةٌ تصف طريق الحاج العراقي بدقَّة، تنسب للإمام الحربي (من فقهاء أهل السنَّة في القرن الثالث الهجري)، قام بتحقيقها العلامة الشيخ حمد الجاسر.

 

[11]. عالمٌ وباحثٌ ومحقِّقٌ سعودي معروفٌ على مستوى العالم العربي، اشتهر بتخصُّصه في علوم اللغة العربية، والتاريخ، والجغرافيا، والأنساب.

 

[12]. تفضَّل علينا مشكورًا الصديق العزيز الباحث السيَّد عبدالهادي الهاشم برفدنا بصورةٍ عن المخطوطة، كما وفَّر لنا العديد من المصادر الفقهية، فجزاه الله عزَّ وجلَّ خير الجزاء.

 

[13]. أبو إسحاق إبراهيم الحربي، لُقِّبَ بالحربي نسبةً لمنطقة (الحربية في بغداد)، وليس للقبيلة العربية المشهورة، (ت285هـ)، تلميذ الإمام أحمد بن حنبل، وترجم له العلَّامة الجاسر ترجمةً مطوَّلةً ووافيةً في مقدِّمة تحقيقه لكتاب (مناسك وأماكن طرق الحجِّ ومعالم الجزيرة).

 

[14]. أستاذ جامعي: وصفه الدكتور عبدالله بن علي الزيدان في مقالٍ له في صحيفة الرياض الصادرة في يوم الأحد 28 ذي القعدة 1425هـ الموافق 09 يناير 2005 م، في العدد رقم (8/1334)، بقوله: «من الذين أرسوا دعائم التعليم النظامي الرسمي في المملكة، ثمَّ في جامعة الملك سعود مسؤولاً، ثمَّ عضو هيأة تدريس بعد أن تخرَّج في إحدى أعرق الجامعات البريطانية، ثمَّ أمينًا عامًا للجامعة».

 

[15]. القاضي وكيع (198-285هـ)، عَدَّهُ العلَّامة حمد الجاسر من تلامذة الإمام الحربي، فقال في ترجمته له: هو محمد بن خلف بن جيان بن صدقة بن زياد الضبِّي المعروف بـ (وكيع)، وصفه الخطيب فقال: كان عالـمًا فاضلًا عارفًا بالسير وأخبار الناس وأيَّامهم، وله مصنَّفاتٌ كثيرةٌ، وكانيتقلَّدُ القضاء على كُور الأهواز كلِّها، ومن مؤلَّفَاته: كتاب القضاة وتواريخهم، كتاب الأنواء، كتاب الشريف، كتاب الصرف والنقد والسكة، كتاب الطريق.

 

[16]. خلاصة أصول البحث، الباحث، (مخطوط).

 

[17].   الأستاذ مرزوق: من أهل الحجاز، رعى في صباه الإبل، وهو ما كوَّن لديه خبرةً في كيفية سير القوافل قديمًا، وأيّ الطرق التي تسلكها الإبل، وله معرفةٌ تامَّةٌ بجغرافية المنطقة ولهجات أهلها وقبائلها، وقد أفدت منه كثيرًا في هذا البحث.

 

[18]. موسوعة الفقه الإسلامي (طبقًا لمذهب أهل البيت:)،6: 450 .

 

[19]. هداية الناسكين، عبدالهادي الفضلي :85، دارة الغريين للدراسات والنشر، بيروت.

 

[20]. الموسوعة الفقهية الكويتية، ج2.

 

[21]. لسان العرب، مادة (وقت).

 

[22]. معجم لغة الفقهاء، محمد رواس قلعة جي، دار النفائس، بيروت، لبنان.

 

[23]. وسائل الشيعة، الحر العاملي11: 307، باب المواقيت، ح2.

 

[24]. انظر: بحوث فقهية معاصرة، العلَّامة الفضلي، مركز الغدير للدراسات، بيروت.

 

[25].  عرَّف الأصفهاني الحجاز بقوله: «سُمِّيَ الحجازُ حجازًا؛ لأنّه فصل بين الغور، والشام، وبين البادية، أو لأنَّه حجز بين تهامة ونجد»، بلاد العرب، الاصفهاني، ص12. أمَّا البكري فهو أكثر دقة في رسم حدود نجد، إذْ يقول: «ما احتجز به في شرقية من الجبال، وانحاز إلى ناحيته بين الجبلين (آجا وسلمى) إلى المدينة، ومن بلاد مذحج تثليث، وما دونها إلى ناحية فيّد، فذلك كلّه الحجاز»، معجم ما استعجم، البكري، ج1، ص11.

وذكر الإمام الحربي: «أنَّ العرب سمَّته حجازًا؛ لأنَّه حجز بين الغور -تهامة- وهو هابط، وبين نجد وهو ظاهر»، الحربي، المناسك، ص532.

[26]. عُشيرة: تصغير (عشر)، وهو شجر بري معروف يكثر في وادي العقيق.

 

[27]. دليل هواة الرحلات البرية في المملكة العربية السعودية الصادر عن هيأة المساحة الجيولوجية السعودية.

 

[28]. مؤرخ ونسَّابة وجغرافي وأديب من المملكة العربية السعودية، بلغت عدد مؤلفاته أكثر من (41) كتابًا، تنوَّعت بين كتب جغرافية، وتاريخية، وأدبية، وكتب أنساب.

 

[29]. معجم معالم الحجاز، عاتق بن غيث البلادي، ج6، ص128-136، دار مكة للنشر والتوزيع، ط1، سنة (1401هـ-1981م).

 

[30]. السبخة: أرضٌ رخوةٌ مشبعةٌ بالماء المالح الذي تبخَّر وبقي ملحه (مكسوة باللون الأبيض).

 

[31]. المِيلُ: اختلف القدامى من جغرافيين وفقهاء في تحديد مقدار الميل، وبما أنَّ البحث يدور حول مقدار الميل المستعمل في درب الحاجِّ الكوفي؛ فقد وجد في بعض الأمكنة منه علامات تشير إلى أنَّ مقدار المِيل يساوي (2000متر تقريبًا).

 

[32]. ذكر سماحة الوالد العلامة الفضلي = أنَّ طريق الحاجِّ الكوفي يدخل العقيق عند (المسْلَح) وهذا صحيح، قبل حَرْفِ (تحويل) الطريق عن قرية البَعْث من قبل الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، كما أشار لذلك الحربي في مناسكه، ما يعني أنَّ طريق الحاجِّ الكوفي كان يدخل العَقِيق في البدء من قرية البَعْث.

وعليه: تكون قرية البَعْثِ أَوَّلَ مَحْرَم للقادمين إلى مكَّة على هذا الطريق.

[33]. هداية الناسكين من الحُجَّاج والمعتمرين، لصاحب الجواهر، تحقيق العلَّامة الدكتور عبدالهادي الفضلي، ص85، دارة الغريَّين للنشر، 2018م، بيروت.

 

[34]. لسان العرب، مادة (عقق).

 

[35]. الوادي: أُخْدُودٌ كبيرٌ بين الجبال، تسيلُ فيه روافدُ عديدةٌ؛ فيؤدِّي ماؤها إلى فضاءٍ أوسعَ، أو إلى البحر.

 

[36]. يقال: إنَّ العقيق كان لقبيلة كندة، وأخرجتهم منه قبيلة هوازن .

 

[37]. ليلى الأخيلية أشهر شاعرات العرب بعد الخنساء، عاشت في عصر صدر الإسلام والعصر الأموي، ويبدو أنَّ توبة كان يعشق ليلى .

 

[38].  المرحلة: وحدة قياس، تقدر كذلك بالمسير لمدة ليلة، وهي ما بين 40 و 50 كيلاً .

 

[39].  لسان العرب، مادة: عقق .

 

[40]. معجم البلدان، ياقوت الحموي 4 : 140 .

 

[41]. عُشَيْرَةُ: بُلَيْدَةٌ في صدر وادي العقيق المعروف باسمها (عَقِيق عُشَيْرَة)، وهو عقيق الميقات العراقي، وتقع شرقي مكَّة، يمرُّ بها الطريق الشمالي من مكَّة إلى نجد، ولها طريق إلى الطائف أيضًا، وفيها مدرسةٌ وإمارةٌ تابعة للطائف، وتبعد عن مكَّة بحوالي (159 كم) على طريق الزيمة فالسيل. (انظر: معجم معالم الحجاز، 6: 110، ط1).

 

[42]. حرّة: هي امتداد حرّة الحجاز العظيمة وآخرها من الجنوب الشرقي، تشرف على بلدة عُشَيْرَة شمال الطائف على (40 كيلاً تقريبًا)، تشرف على البلدة من الشمال، يطيف بها وادي (عَقِيقُ عُشَيْرَة) من الجنوب والشرق، وكلُّ مياهها فيه، وهما حرَّتان متصلتان، بس الجنوبية، وبس الشمالية، بينهما وادٍ يصبُّ شرقًا في العقيق، وسكَّانها اليوم من عتيبة. (انظر: معجم معالم الحجاز، 1: 220، ط1).

 

[43]. معجم معالم الحجاز، عاتق بن غيث البلادي 6: 128ـ136، دار مكَّة للنشر والتوزيع، ط1، سنة (1401هـ-1981م).

 

[44]. من إصدارات هيأة المساحة الجيولوجية السعودية، الطبعة الثانية 1424هـ، الرياض .

 

[45]. وادي سلحة: هو الوادي الذي تقع على ضفته قرية أَوْطَاس، والتي تسمَّى حاليًا (حزم الصريم).

 

[46]. معجم الأمكنة الوارد ذكرها في صحيح البخاري، سعد بن جنيدل:442، من إصدارات دارة الملك عبدالعزيز، الرياض 1419هـ .

 

[47]. المشترك وضعًا والمفترق صقعًا، ياقوت الحموي :394 .

 

[48]. مناسك الحربي، تحقيق حمد الجاسر :346 .

 

[49]. لسان العرب، مادة (بعث) .

 

[50]. البريد: وحدة قياسٍ كانت تستعمل قديمًا لتقدير المسافة بين نقطتين، قدَّره الفقهاء والجغرافيون المسلمون بأربعة فراسخ (12 ميلاً)، وقُدَّر الميل على درب الحاج الكوفي بـ (2 كم) .

 

[51]. المنزل: هو عبارة عن محطَّة استراحة على الطريق، تضمُّ جميع الخدمات التي يحتاج لها الحاج أثناء سفره قديمًا من الكوفة إلى مكَّة لأداء مناسك الحجِّ، وفيها ينزل الحجاج للجلوس والراحة بعد أن ساروا مسافة بريدين تقريبًا .

 

[52]. لسان العرب، ابن منظور، مادة (سلح) .

 

[53]. مناسك الحربي : 344 .

 

[54]. معجم ما استعجم، البكري .

 

[55]. صفة جزيرة العرب، الهمداني، تحقيق محمد بن علي الأكوع :256، مكتبة الإرشاد، صنعاء .

 

[56]. أطلال ـ حولية الآثار العربية السعودية، العدد 3، : 51 .

 

[57]. م.ن .

 

[58]. نجد: هضبة تقع في وسط شبة الجزيرة العربية، وهي أكبر إقليم جغرافي في جزيرة العرب، وفي المملكة العربية السعودية اليوم، وترتفع ما بين (700 إلى 1500) متر فوق سطح البحر، وتشمل المناطق الواقعة ما بين جبال السروات في الحجاز غربًا إلى الدهناء شرقًا. وفي اللغة هي: أ. «ما ارتفع من الأرض، وما خالف الغور أي تهامة»، مناسك الحربي، ص532. ب. «ما ارتفع عن بطن الرمة فهو نجد، إلى أطراف العراق وبادية السماوة»، صفة جزيرة العرب، الهمداني : 48. ج. وقسَّم الأصفهاني نجد إلى قسمين: (نجد العالية، ونجد السافلة، أمَّا العالية فما ولي الحجاز وتهامة، وأمّا السافلة فما ولي العراق»، بلاد العرب، الإصفهاني :236.

 

[59]. تهامة: أ. هي: «الأرض الممتدة، وتبدأ من مكَّة شمالاً إلى صنعاء جنوبًا»، أحسن التقاسيم، المقدسي :87. ب. وسميت تهامة «لشدَّةِ حرِّها وركود ريحها»، معجم البلدان، ياقوت الحموي2: 63ـ64. ج. وتسمَّى أيضًا «الغور؛ لانخفاض أرضها عن نجد»، مناسك الحربي:533. وانظر أيضًا: أحسن التقاسيم، المقدسي:69. د. و «يتألَّف إقليم تهامة من عدَّة ِتهائم، منها: ما يدخل في اليمن، ومنها ما يدخل في الحجاز»، الاصطخري، مسالك:20ـ21.

 

[60]. معجم ما استعجم، للبكري 3: 1004.

 

[61]. المتعشَّى: لَفْظٌ أُطْلِق على المكان الذي تستريح فيه قوافل الحجِّ جزءًا من الليل، وعادةً ما يكون هذا المكان في منتصف المسافة بين منزلين .

[62]. مناسك الحربي، 346 ـ 347. والحربي في هذا النص كان دقيقًا؛ فهو لم يجزم بأنَّ النبي9 كان يرضع في منطقة أَوْطَاس، ولذا فقد استعمل كلمة (يُقال)، وللأستاذ راشد الأحيوي، كتاب في أنساب العرب، بعنوان: (بنو سعد بن بكر هوازن) يرى فيه أنَّ ديار بني سعد بن بكر تقع جنوب الطائف وليس شمالها، والله أعلم.

 

[63]. معجم ما استعجم، البكري1: 212 .

 

[64]. بلاد العرب : 375 .

 

[65]. معجم البلدان: ياقوت الحموي1 :281 .

 

[66]. الحرّة: هيكلٌ حجريٌّ مستطيل، يُرَى من بعيدٍ كالمسطرة استقامةً، له وسقة مستريحة يُسمُّونها (القرى)، حجارتها سوداء صلبة، ولا تسمَّى حرّة إلّا ذات الحجارة السوداء، وتسمَّى الظاهرة .

 

[67]. معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية، عاتق البلادي، ص34، دار مكة للنشر، 1402هـ.

 

[68]. تقرير وكالة الأنباء السعودية، نُشِرَ حديثًا على موقعها الإلكتروني، بعنوان: (الطائف ملتقى طرق القوافل ودروب الحج قبل 1277 عامًا)، وتاريخ 1/12/1438هـ الموافق 23/08/2017م.

 

[69]. انظر: مبادئ علم الفقه، الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي، ج3، كتاب الحج، باب المواقيت. مركز الغدير للدراسات والنشر، بيروت.

 

[70]. معجم البلدان، ياقوت الحموي1: 251 .

 

[71]. انظر: تاريخ الطبري 5 :394 ـ 398 .

 

[72]. الأعلام: جمع علم، وهو عبارة عن نصب حجري، غالبًا ما يكون على شكلٍ دائري. يقول الدكتور سعد الراشد في كتابه القيِّم (درب زبيدة) عن أعلام درب الحاج الكوفي: «ترتفع على سطح الأرض نحو ثلاثة أمتار، والمسافة بين العلم والآخر محدَّدة بنحو الميل (2 كم تقريبًا)، وفي بعض الأماكن تقترب الأعلام بعضها من بعض، نحو نصف الميل (1 كم تقريبًا)، كما أنّ الأعلام تزداد بالقرب من المحطات الرئيسة التي تتجمَّع فيها الطرق أو تتفرَّع إلى جهاتٍ أخرى، أو بالقرب من مواضع الآبار والبرك. ويمكن مشاهدة عشرات الأعلام على امتداد الطريق، وقد تساقط البعض منها على أشكال أكوام حجرية».نظم ابن الحاجب:

إِنَّ البـــَرِيدَ مِنَ الفَرَاسِخِ أرْبَعُ                  وَ لِفَرْسَخٍ فَثَلَاثُ أمْيَالٍ ضَعُوا

وَالمِيلُ ألْفٌ، أيْ مِنَ البَاعَاتِ قُلْ               وَ البَـــاعُ أرْبَــعُ أذْرُعٍ فَتَتَبَّعُوا

ثُـمَّ الذِّرَاعُ مِنَ الأَصَابِعِ أرْبَــعٌ                 مِنْ بَعْدِهَا العُشْرُون ثُمَّ الإِصْبَعُ.

[73]. أحجار المسافة: (الأميال المكتوبة)، التي تحدّد المسافات بقياس وحدات: (البريد)، و(الميل)، و(الفرسخ) . 

 

[74]. عند اطلاعي على نسخة المخطوطة وجدتها كما قال العلامة الجاسر تبدأ بوصف الطريق بدايةً من القاع .

 

[75]. مناسك الحربي :341 .

 

[76]. مناسك الحربي :342 .

 

[77]. بلاد العرب، هامش :404 .

 

[78]. مناسك الحربي : 343 .

 

[79]. الملامح الجغرافية لدروب الحجيج، سيَّد عبدالمجيد بكر، دار تهامة للنشر، جدة 1981م .

 

[80]. نظام البريد في الدولة العباسية حتى منتصف القرن الخامس الهجري، رسالة دكتوراه، طلال جميل عبدالعاطي رفاعي 2: 1، كلية الشريعة، جامعة أمّ القرى، مكَّة المكرَّمة .

 

[81]. درب زبيدة، الدكتور سعد الراشد، ص274، دار الوطن للنشر والإعلام، الرياض، 1414هـ .

 

[82]. مناسك الحربي، ص343، منشورات دار اليمامة، الرياض، 1389هـ-1969م.

 

[83]. أثناء تجوالنا في قرية المسْلَح وجدنا أنَّ بركة أبي جعفر المنصور قد حُفِرَت في بطن الوادي (داخل الوادي) .

 

[84]. (عيسى بن علي): من المظنون قويًا أنَّه عمُّ أبي العباس السفَّاح وأخيه (أبي جعفر المنصور)، ومن هنا فلا غرابة في رفضه إعطاء البركة المذكورة لابن أخيه أبي جعفر المنصور، وإلَّا مَنْ يجرؤ على رفض طلب المنصور الذي عُرِفَ بقوَّةِ شخصيته .

 

[85]. (الربيع بن يونس): كان وزيرًا في عهد المنصور، والمهدي، والهادي. وقد ولد في مدينة الخليل عام 138هـ، وتوفي عام 208هـ .

 

[86]. انظر: كتاب (المناسك) وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة، تحقيق حمد الجاسر: 344، منشورات دار اليمامة، الرياض، 1389هـ/1969م .

 

[87]. انظر: المسالك والممالك، لأبي القاسم عبيدالله بن عبدالله أبن خرداذبة مولى أمير المؤمنين:132، مطبعة بريل، ليدن، سنة 1889م .

 

[88]. الأعلاق النفيسة : 179، مطبعة بريل، مدينة ليدن، 1891م .

 

[89]. معجم البلدان 5 :128 .

 

[90]. م.ن .

 

[91]. مناسك الحربي :346 .

 

[92]. ابن رستة، الأعلاق النفيسة : 163، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان .

 

[93]. انظر: كتاب البلدان، لليعقوبي :97، مطبعة بريل في ليدن، سنة 1890م .

 

[94]. معجم البلدان 4: 212 .

 

[95]. البدء والتاريخ، المطهر المقدسي .

 

[96]. معجم ما استعجم3 :1004.

 

[97]. مناسك الحربي :554، منشورات دار اليمامة، الرياض، 1389هـ/1969م.

 

[98]. مناسك الحربي :346، منشورات دار اليمامة، الرياض، 1389هـ/1969م .